|
|
التاريخ: حزيران ٣, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
معلومات عن استخدام فريق عون التغيير الحكومي لـ {التهويل} على دياب |
مخاوف لبنانية من «قانون قيصر» وبحث لطريقة التعامل مع تداعياته |
بيروت: محمد شقير
قال وزير سابق إن لبنان يستعد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك التي كانت سائدة أثناء ولادة حكومة الرئيس حسان دياب، ورأى أنها لا تتعلق بالتداعيات المترتبة على بدء تنفيذ «قانون قيصر» في النصف الأول من هذا الشهر الذي يراد منه تضييق الخناق الاقتصادي والسياسي على النظام في سوريا، ومن خلاله على كل من يتعامل معه، وإنما تعود إلى وجود شعور عارم لدى الأغلبية التي تشارك في الحكومة بأن هذه الحكومة أصيبت بأعطال يصعب إيجاد الحلول لها، وبالتالي لا مفر من البحث في تشكيل حكومة جديدة.
لكن الأجواء التي تتحدث عن احتمال تغيير الحكومة وإن كانت بدأت تدقّ أبواب المعارضة، فإن الأخيرة أخذت تتصرف وكأنها غير معنية بكل ما يقال عن وجود نية للمجيء بحكومة جديدة.
واعتبر مصدر نيابي أن الفريق المؤيد للرئيس ميشال عون يمكن أن يوظف ما يروَّج عن وجود نية لتغيير الحكومة للضغط على رئيسها لدفعه للتسليم بشروط باسيل، وبالتالي التهويل عليه أو صرف الأنظار عن تفاقم الخلاف بين «حزب الله» وباسيل الذي ينصرف كلياً إلى تطبيع علاقاته بواشنطن وتمتين تواصله مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا بعد أن سدّد أول فاتورة تمثّلت في الإفراج عن المتعامل السابق مع إسرائيل عامر فاخوري.
وترى مصادر أن باسيل يستخدم ورقة التطبيع هذه لابتزاز «حزب الله» بغية أن ينتزع منه تأييده المسبق له في معركة الرئاسة، رغم أن الحزب وإن كان يتجنّب في العلن الدخول في سجال مع «التيار الوطني» فإن جلسات العتاب بينهما لا تزال مستمرة بعيداً عن الأضواء.
ولفت الوزير السابق الذي ينتمي إلى الفريق السياسي الداعم للحكومة إلى أنها لم تعد قادرة على مواجهة الاستحقاقات، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنها تستمد استمراريتها من تعذّر تأمين البديل لها إلا إذا أُعيد خلط الأوراق باتجاه العودة إلى المربع الأول الذي سبق تكليف دياب تشكيلها ومعاودة البحث مع الرئيس سعد الحريري من أجل التوصُّل إلى تفاهم لتأليف حكومة إنقاذية.
وشكا الوزير الذي فضّل عدم ذكر اسمه من أن الحكومة أسقطت نفسها في حالة من الإرباك والتخبُّط، وعزا السبب إلى أمرين، الأول مرده إلى أن اختيار الوزراء لم يكن في مستوى التحدّيات التي يواجهها لبنان. والثاني يتعلق بتعدُّد المستشارين وبعضهم من يفتقد إلى الخبرة وتعامَلَ مع الحكومة على أنها حقل للتجارب ودخلوا في مبارزة في غير محلّها، إضافة إلى أنه لا يعرف الأسباب التي أملت على دياب تخصيص دور فاعل لنائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع الوطني زينة عكر، التي تكاد تتدخّل في كل شاردة وواردة.
وكشفت مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» أن صديقاً مشتركاً لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري وللفريق السياسي الفاعل لدى رئيس الجمهورية ميشال عون كان بادر إلى فتح قنوات للتواصل بين الأخير وزعيم تيار «المستقبل» الذي أبلغه بأن المشكلة بينهما لم تكن شخصية وإنما سياسية بامتياز، وبالتالي فإن الأمور لا تزال على حالها ولم تتبدّل.
وفُهم بأن مهمة الصديق المشترك لم تتوصل إلى إقناع الحريري بوجوب معاودة التواصل بعد أن قال كلمته يوم عُرض عليه تشكيل الحكومة واعتذر عن تشكيلها لعدم التجاوب مع رؤيته لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي قبل أن يجتاح وباء فيروس «كورونا» العالم.
لذلك، فإن وضع «قانون قيصر» على نار حامية لتطبيقه سيزيد من الأعباء الملقاة على الحكومة التي لا تستطيع - كما تقول مصادر نيابية - أن تدير ظهرها له رافضة الأخذ بمضامينه.
وعليه، فإن الموقف الجامع لحركة «أمل» و«حزب الله» وتيار «المردة» يتقاطع لجهة توافقهم على أن هناك مشكلة تهدّد الحكومة بسبب الإرباك الذي أصابها، وأن إمكانية استمرارها بوضعيتها الراهنة لم تعد مقبولة وباتت في حاجة إلى أن تعيد النظر في تعاطيها مع الملف الاقتصادي والمالي.
وفي هذا السياق، لا بد من تسليط الأضواء على موقف رئيس الجمهورية ومن خلاله رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الذي يتحمّل من وجهة نظر القوى السياسية الداعمة للحكومة مسؤولية مباشرة حيال إخفاقها في إعداد خطة متكاملة لوقف التدهور، وكان هو من أطلق عليها رصاصة الرحمة، التي حوّلتها إلى مجلس إدارة يتولى تصريف الأعمال.
مخاوف لبنانية من «قانون قيصر» وبحث لطريقة التعامل مع تداعياته
بيروت: كارولين عاكوم
مع بدء العدّ العكسي لدخول «قانون قيصر» الأميركي حيز التنفيذ، يترقّب لبنان مفاعيله التي بدأت معالمها تظهر وستشكّل ضغطاً مضاعفاً على الحكومة في موازاة مفاوضاتها الشاقة مع صندوق النقد الدولي سعياً للحصول على مساعدات تشترط بشكل أساسي تطبيق الإصلاحات، وأبرزها في المعابر غير الشرعية مع سوريا.
ويرجّح أن يبحث «قانون قيصر» في مجلس الوزراء غداً من خارج جدول الأعمال، حسبما لفتت مصادر وزارية. وكانت الحكومة قد أصدرت بياناً قالت فيه إنها بصدد دراسة تأثير هذا القانون على لبنان والهوامش التي يمكن للحكومة العمل فيها من دون حدوث ارتدادات سلبية على البلد، نافية أن يكون قد حدث أي التزام أو نقاش لهذا القانون في الجلسة السابقة، كما ذكرت بعض وسائل الإعلام.
وكان الكونغرس الأميركي قد أقر قانون «قيصر» في ديسمبر (كانون الأول) 2019، وهو ينص على معاقبة كل من يقدّم أي مساعدة أو أي دعم أو أي تواصل مع النظام في سوريا.
وفي حين قال وزير الصناعة عماد حب الله، أمس، قبيل جلسة مجلس الوزراء إنه «لا يجب أن يكون هناك تأثير لـ(قانون قيصر) على الحكومة»، قالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط»: «لا شكّ في أن لهذا القانون مفاعيله على لبنان؛ البلد الأقرب إلى سوريا مع حدوده المفتوحة عليها، لكن علينا ترقب كيف سيكون التنفيذ، وعلى ضوء ذلك سيتم تحديد الموقف اللبناني».
ويؤكد اللبناني نزار زكا، المعتقل السابق في إيران، والذي يعمل اليوم ضمن فريق «قانون قيصر»، لـ«الشرق الأوسط» أن عقوبات القانون ليست موجّهة ضد لبنان؛ «إنما هي تطلب من لبنان التعاون لتفادي أي إجراءات ضد الدولة في وقت لاحق، وتحديداً في العلاقات المالية والمصرفية بين بيروت ودمشق، ووقف التهريب بشكل نهائي». وفيما يلفت إلى عقوبات متوقعة ضد شخصيات لبنانية حليفة لـ«حزب الله» والنظام السوري، يشدّد على أن هذا القانون «سيكون الأمل الأخير للبنانيين المفقودين في السجون السورية والذين يقدّر عددهم بـ630 شخصاً منذ الحرب اللبنانية، ويرفض النظام الاعتراف بوجودهم»، مؤكداً العمل بشكل حثيث لإنهاء هذه القضية ومعرفة مصيرهم، مشيراً إلى أن أحد الشهود السوريين كشف للفريق الذي يعمل على القانون عن أنه التقى عدداً منهم في سجن بسوريا قبل سنة ونصف السنة.
ويلفت زكا إلى أن الحكومة اللبنانية «ستكون ملزمة بمكافحة التهريب الذي يزداد في المرحلة الأخيرة إلى سوريا، وإلا تعدّ متواطئة، وستكون معرضة للعقوبات».
وعن العقوبات المتوقعة ضد شخصيات حليفة للنظام السوري و«حزب الله»، يقول زكا: «من الآن فصاعداً؛ لن يكون مقبولاً أي حجج لتبرير علاقات البعض، لا سيما التجارية والمالية، مع (حزب الله) والنظام السوري، وهؤلاء سيكونون معرضين للعقوبات التي سيعلن عنها على 4 دفعات من 17 يونيو (حزيران) حتى آخر شهر أغسطس (آب)». ويحذّر كل المؤسسات والأشخاص الذين سبق لهم أن بدأوا أعمالهم ونشاطاتهم في سوريا تحت ما تسمى «إعادة الأعمار»، مؤكداً أن هؤلاء سيكونون أيضاً إذا استمروا في خططتهم، عرضة للعقوبات.
ويؤكد مدير «معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» سامي نادر أن لبنان «سيكون في صلب تداعيات (قانون قيصر) إذا لم يلتزم بضبط المعابر غير الشرعية والشرعية على حد سواء؛ حيث التهريب إلى سوريا يتم دون حسيب أو رقيب»، مشيراً في الوقت عينه إلى «انعكاسات هذا القانون، الذي يطال أركان النظام السوري، المالية والعسكرية، وبالتالي ستكون في مرماه أيضاً المصارف اللبنانية الموجودة في سوريا، والعمليات المالية بين لبنان ودمشق، وهو ما سيرتّب على لبنان إجراءات جديدة وحاسمة».
ويطرح نادر علامة استفهام حول مصير «المجلس الأعلى اللبناني - السوري»، وما سيحل به نتيجة العقوبات، ويرى أن الحكومة الحالية «أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما الالتزام بهذا القانون، وإما تجويع الشعب اللبناني». |
|