|
|
التاريخ: أيار ١٤, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
حرب الكاظمي على الفساد تصل إلى البرلمان العراقي |
القضاء يعلن إطلاق جميع المتظاهرين... وتحذير أممي من هشاشة الاقتصاد |
بغداد: «الشرق الأوسط»
طرقت الحرب التي أعلنها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على الفساد، الأسبوع الماضي، بعد تسلُّمه منصبه، أبواب البرلمان، أمس، فيما أعلن القضاء إطلاق سراح جميع المتظاهرين المعتقلين.
ووصف الكاظمي حكومته بأنها «حكومة التحديات الصعبة»، متعهداً «مواجهة الأزمات، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتنويع الاقتصاد».
وبعد أيام من الحملة التي أطلقها الكاظمي ضد الفساد، أعلن مجلس القضاء الأعلى في بيان، أمس، إنه أصدر مذكرات برفع الحصانة عن 20 نائباً في البرلمان العراقي للتحقيق معهم، في قضايا تتعلق بالفساد المالي والإداري.
وفي خطوة أخرى ضمن الوعود التي قطعها الكاظمي، أعلن مجلس القضاء الأعلى، أمس، أن «آخر البيانات المرفوعة من المحاكم العراقية كافة إلى إدارة المجلس تفيد بعدم وجود أي موقوف أو محكوم من المتظاهرين السلميين، باعتبار أن التظاهر حق مكفول دستورياً»، بحسب بيان نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».
وكان الكاظمي وجّه، السبت الماضي، الأجهزة الأمنية بإطلاق سراح كل المعتقلين الذين شاركوا في المظاهرات، وطلب من مجلس القضاء الأعلى التعاون في إطلاق سراح المتظاهرين ممن ارتكبوا قضايا بسيطة، باستثناء من تورَّط بالدم.
وكان رئيس الوزراء الذي يواجه تحديات سياسية واقتصادية صعبة، بما فيها عدم استكمال حكومته التي لا تزال تنقصها 7 حقائب وزارية، أعلن في ثاني اجتماع لمجلس الوزراء الجديد أن «هذه الحكومة هي حكومة التحديات الصعبة، وأهمها التحدي الاقتصادي ومحاربة الفقر والبطالة لدى الشباب والتوزيع العادل للثروات». وأضاف: «لن نجامل على حساب كرامة المواطن ومصلحة الوطن. ونعمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ومواجهة الأزمات وتنويع موارد الدولة».
وأعلن المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح أن بغداد تتجه إلى الاقتراض الداخلي والخارجي، من أجل تجاوز العجز المالي الذي تعانيه الخزينة. وقال صالح في تصريح صحافي إن «الحكومة قدمت مشروع قانون إلى البرلمان من أجل تخويلها الاقتراض من مصادر التمويل الداخلية والخارجية، بغية سدّ العجز وتعزيز السيولة المالية العامة عند الضرورة». وأضاف أن «الاقتراض جاء بسبب العسرة المالية التي تمر بها البلاد وبغية سد فجوة العجز في الإيرادات إزاء نفقات ثابتة، ولا سيما في الموازنة التشغيلية».
وأوضح أن «الغطاء القانوني لم يوفر للحكومة الاقتراض الداخلي والخارجي بسبب عدم صدور قانون الموازنة العامة الاتحادية للعام 2020». ولفت إلى أن «القروض الخارجية ستذهب باتجاه دعم المشاريع الاستثمارية واستكمال المتوقفة منها والحاجة الماسة لانطلاقها، فيما ستخصص القروض الداخلية باتجاه الموازنة التشغيلية واحتياجات الحكومة من تأمين الرواتب وغيرها».
إلى ذلك، اعتبر ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت تشكيل الحكومة الجديدة وتعيين الكاظمي «تطوراً طال انتظاره». وقالت في تقرير قدمته إلى مجلس الأمن عبر الفيديو من بغداد، إنه بات من المهم «أن تثبت الحكومة العراقية أنها قادرة على إنجاز المهام الضرورية مثل حفظ النظام والقانون وتقديم الخدمات العامة»، لافتة إلى أن «هناك حاجة ملحّة للعدالة والتحقيق حول المسؤولين عن قتل وجرح المتظاهرين الذين خرجوا في الأشهر الماضية في بغداد وعدد من المحافظات». ورأت أن «الوضع الاقتصادي الحالي كشف مجدداً الثغرات في الاقتصاد العراقي نتيجة اعتماده على النفط بشكل أساسي». وأشارت إلى عدد من النقاط الرئيسية التي يتعين على العراق أخذها بعين الاعتبار، بغية توسيع قاعدة إيرادات الدولة والوضع الاقتصادي ومن بينها «تقليل الاعتماد على النفط، وإصلاح البنية التحتية وتطويرها، ومحاربة المحسوبية والمحاباة والفساد، وبناء مؤسسات دولة تخدم المواطنين وقابلة للاستمرار».
وتوقعت «انكماش الاقتصاد العراقي بنسبة 9.7 في المائة خلال العام الجاري مع ازدياد معدلات الفقر إلى قرابة 40 في المائة». وشددت على أن «الفساد ربما يكون أكبر مصدر للخلل في العراق، ويعمل ضد مصلحة الشعب ويؤدي إلى ابتعاد الجهات المانحة والمستثمرين».
وأكدت المسؤولة الأممية أن «التطورات الأمنية المحلية والإقليمية تؤثر سلباً على العراق»، محذرةً من «استمرار استخدام العراق وأراضيه كساحة حرب بالوكالة بين الدول». وشددت على «ضرورة العمل لمحاربة ظهور التطرف العنيف والحيلولة دون عودة تنظيمات كـ(داعش) لزيادة أنشطتها».
واعتبر أستاذ الأمن الوطني الدكتور حسين علاوي أن التحدي الأبرز الذي يواجه حكومة الكاظمي يتمثل بأن «هناك صراعاً بين مسارين من مسارات الحياة في العراق؛ بين الحياة المدنية والحياة المرتكزة على قيم الإسلام السياسي». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «قوى الإسلام السياسي تريد أن تبقي على قواعد اللعبة السياسية التقليدية لإدارة البلاد، بينما القوى المدنية تريد تغيير قواعد اللعبة السياسية من أجل كسر حواجز العملية السياسية وتحويلها من أسلوب السلطة المغلقة إلى السلطة المفتوحة وفتح المجال للمجتمع الأهلي لترشيح قيادته الاجتماعية للمشاركة في إدارة مفاصل الحكومة والدولة».
وأضاف علاوي: «يبدو أننا الآن نسير نحو بناء تفاهمات أولية قد تنقل العراق نحو أفق متوازن بين المسارين، ولذلك يمثل الكاظمي نقطة تحول وتشكيل مسار وطني جديد بجميع الغايات والأهداف والاستراتيجيات لإنتاج عراق متحول نحو انتخابات جديدة تنتج طبقة سياسية وتغير خريطة التفاعل السياسي وتعطي الضوء الأخضر للانتقال من المحاصصة وتقاسم السلطة إلى التكنوقراط السياسي، بما يضع العراق أولاً».
ورأى أن «من يريد إفشال رئيس الوزراء ومنهاجه الوزاري مخطئ لأن مسار الكاظمي هو مسار وطني ويعمل على إعادة تشكيل طريق ثالث بين المسارين التقليدي والمعاصر... هناك محور يتشكل لكن مساراته ترتبط بسياسة الكاظمي ما بعد الأيام المائة الأولى من عمر الحكومة، والتي تلقى دعماً كبيراً داخلياً من قبل قوى الاعتدال في جميع المكونات التي بدأت تنظر إلى الدولة العراقية باعتبارها ضرورة وليست اختياراً». |
|