| | التاريخ: أيار ١٣, ٢٠٢٠ | المصدر: جريدة الشرق الأوسط | | الغنوشي يحل المكتب التنفيذي لـ«النهضة» التونسية | تونس: المنجي السعيداني
فاجأ قرار راشد الغنوشي، رئيس «النهضة» التونسية (إسلامية)، بحل المكتب التنفيذي للحركة ليلة أول من أمس الساحة السياسية برمتها، وخلف تساؤلات كثيرة حول خفايا هذا القرار وأسبابه، ومدى ارتباطه بالتحضير للمؤتمر الـ11 لـ«حركة النهضة» المؤجل، وأيضاً مدى ارتباطه بالظروف السياسية المتوترة في تونس، وبخلافات «النهضة» المتعددة مع أكثر من طرف سياسي، سواء داخل الائتلاف الحكومي، وفي علاقتها مع الأحزاب المعارضة، وعلى رأسها الحزب الدستوري الحر. علاوة على الخلافات الداخلية القائمة بين القيادات المخضرمة والشابة حول طريقة إدارة الهياكل، وتجميع السلطات بين يدي رئيس الحركة الغنوشي، مما أدى إلى استقالات لقيادات وازنة في الحركة، قبل عقد مؤتمرها الحادي عشر في وقت لاحق من هذا العام، والذي تتصدر عناوينه مستقبل الغنوشي، الزعيم التاريخي للحزب على رأس الحركة.
ومن المنتظر إعادة تشكيل مكتب تنفيذي جديد مطلع شهر يونيو (حزيران) المقبل، في خطوة عُدّت «محاولة من رئيس الحركة لتجاوز عدد من الخلافات والصراعات الداخلية، التي حالت دون تواصل العمل بين أعضاء المكتب التنفيذي الحالي». وبعد صدور هذا القرار، دعا الغنوشي جميع أعضاء المكتب إلى مواصلة أعمالهم، إلى حين إنجاز التغييرات الضرورية ودخولها حيز التنفيذ.
ويمكّن النظام الداخلي لـ«حركة النهضة» رئيس الحزب من إعفاء، أو قبول استقالة، أي عضو من أعضاء المكتب التنفيذي من مهامه، شريطة إعلام «مجلس الشورى» بذلك. ويعدّ المكتب التنفيذي للحركة، الذي يضم 28 عضواً و4 مستشارين و4 مكلفين مهام ومقرراً واحداً، مركز صنع القرارات السياسية للحركة، وهو يعدّ إلى جانب «مجلس الشورى» أهم مصادر قرارات الحزب الإسلامي.
وقال عدد من المحللين السياسيين إن قرار حل المكتب التنفيذي اتخذ منذ يوم الأربعاء الماضي، لكن لم يتم الإعلان عنه إلا مساء أول من أمس، وأرجعوا ذلك إلى نقطة خلافية تتعلق بـ«خليفة» الغنوشي، بحسبان أن القانون الداخلي للحركة يمنع ترشحه لدورة جديدة، بعد أن ترأس الحزب لدورتين متتاليتين. وبهذا الخصوص، قال محمد خليل البرعومي، المكلف الإعلام بالمكتب التنفيذي لـ«حركة النهضة»، إن رئيس الحركة أعلن أن المكتب التنفيذي الحالي سيتولى تصريف الأعمال، مبرزاً أن الغنوشي «بصدد النظر في تركيبة المكتب المقبل، وسيتولى عرضها على مجلس شورى الحركة، وفقاً لمقتضيات القانون الأساسي للحزب». علماً بأن تزكية أعضاء المكتب التنفيذي تتم بشكل فردي، وحسب المهام المقترحة لهم، وبأغلبية أعضاء مجلس الشورى (يضم 150 عضواً)، فيما يقترح رئيس الحزب على مجلس الشورى أعضاء المكتب التنفيذي، بمن فيهم الأمين العام، ونائب أو نواب له.
ويؤكد مراقبون لمسار الحركة الإسلامية وجود خطين سياسيين متصارعين داخل «النهضة»، الأول يمثله راشد الغنوشي الشيخ المؤسس. أما الخط الثاني فيمثله أبناء التنظيم وقاعدته الانتخابية، ممن أعلنوا معارضتهم توجهات الغنوشي وفريقه في محطات عدة سابقة، من بينها التحالف مع «حركة نداء تونس»، والتوافق على تقاسم السلطة، ومغادرة الحكم نهاية 2013 تحت ضغط الشارع، رغم شرعية وجودها على رأس السلطة، بفضل فوزها بالمركز الأول في انتخابات المجلس التأسيسي التي جرت سنة 2011.
على صعيد آخر، قدمت الكتلة الديمقراطية (تملك 41 مقعداً برلمانياً)، ممثلة في حزبي «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب»، المنضمين إلى الائتلاف الحاكم، وعدد من المستقلين، شكوى للمحكمة الإدارية ضد تفويض رئيس البرلمان راشد الغنوشي رئيس ديوانه الحبيب خذر التوقيع على جميع الوثائق التي تدخل في حدود مسؤولياته، باستثناء القرارات ذات الصبغة الترتيبية.
وأوضحت الكتلة أن هذا التفويض يتعلق بالترخيص للوزراء وكتاب الدولة بتفويض حق التوقيع، عادةً أن رئيس البرلمان ليس وزيراً ولا كاتب دولة حتى يمنح لنفسه تفويض حق التوقيع لغيره من المساعدين. وأكدت أن الغنوشي خالف بذلك النظام الداخلي للبرلمان، بحسبان أن تفويض جزء من الصلاحيات لا يمنح سوى لنائبي رئيس البرلمان.
يذكر أن رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ فوض جزءاً من صلاحياته إلى محمد عبو، وزير الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري، وهو ما خلف جدلاً كبيراً حول خفاياه، ومن ذلك حسبانه «ضمن اتفاق سابق لتقاسم السلطة».
«قلب تونس» يعرض «مبادرة إنقاذ وطني»
تشمل تشكيل {حكومة وحدة} لتجاوز الأزمة السياسية وتداعيات الوباء
الثلاثاء 12 مايو 2020
دعا حزب «قلب تونس» المعارض في تونس لتشكيل «حكومة وحدة وطنية» تتسع لأكبر عدد ممكن من الأحزاب السياسية، وذلك في إطار مبادرة «إنقاذ وطني» يعتزم طرحها لتجاوز الأزمة السياسية الناجمة عن الدعوات المطالبة بإسقاط حكومة إلياس الفخفاخ وحل البرلمان، وأيضاً لتجاوز تداعيات انتشار فيروس «كورونا».
وقال أسامة الخليفي، رئيس كتلة حزب «قلب تونس» البرلمانية المعارضة، إن حزبه انتهى من بلورة مبادرة وطنية بعنوان «ميثاق وطني لإنقاذ البلاد من الفقر والبطالة والإفلاس» وهو يستعد لعرضها على الأحزاب السياسية بهدف «ضمان هدنة سياسية واجتماعية، والوصول إلى حلول جدية للملفات الاجتماعية والاقتصادية خلال الخمس سنوات المقبلة».
واعتبر الخليفي أن مبادرة حزبه تستبق الأحداث، وتقدم حلولاً فعالة لتجاوز أزمات ما بعد انقشاع وباء «كورونا». وأكد أن حزب «قلب تونس» أشرك عدداً من خبراء المجتمع المدني وقيادات اقتصادية من حزبه برئاسة عياض اللومي، رئيس لجنة المالية في البرلمان، في إعداد المبادرة، وهو ما يضفي عليها كثيراً من الجدية.
كما اعتبر الخليفي أن الحزام السياسي لحكومة الفخفاخ هش وغير متجانس، ومن المنتظر أن ينكشف كثير من العوائق أمامه بمجرد أن تنتهي فترة الوحدة الوطنية التي فرضتها جائحة «كورونا».
وتأتي هذه المبادرة إثر بدء النيابة العامة النظر في دعوات لإسقاط الحكومة وحل البرلمان. وجرى اتهام أحزاب من اليسار وتلك التي خسرت الانتخابات بالوقوف وراء تلك الدعوات. ونفى تحالف الجبهة الشعبية اليساري الذي يتزعمه حمة الهمامي مزاعم وقوفه وراء تلك الدعوات، مؤكداً أنه يقبع في صفوف المعارضة التي من حقها انتقاد الحكومة والدعوة لإسقاطها، ودعا إلى ضرورة احترام حق التظاهر السلمي.
وانتقد الخليفي رفض الفخفاخ تشكيل حكومة وطنية بمشاركة حزب «قلب تونس» خلال مرحلة التفاوض حول تشكيل الحكومة، وهذا ما أثر على المشهد البرلماني والسياسي الحالي، إذ إن عملية التصويت والمصادقة على عدد من القوانين دون «قلب تونس» غير ممكنة، وهو ما يطرح تحديات إضافية أمام الحكومة بمجرد أن تنتهي فترة التفويض البرلماني المقدرة بنحو شهرين، لإصدار مراسيم حكومية دون الرجوع إلى البرلمان.
ودعا الخليفي رئيس الحكومة التونسية الحالية، إلى الانخراط في المبادرة الوطنية ودعمها، وهو ما يؤسس لوحدة وطنية سياسية تعتمد على برنامج اقتصادي اجتماعي بالأساس، على حد قوله.
ويرى الخلفي أن المبادرة لا تبتعد عن تصور «قلب تونس» للعمل السياسي، فقد بنى نبيل القروي المرشح المثير للجدل للرئاسة حملته الانتخابية على مقاومة الفقر والخصاصة، وصرَّح في أكثر من مناسبة سابقة بأن هدفه من العمل السياسي هو «ضمان صحن معكرونة لكل تونسي»، على حد تعبيره. غير أن خصومه السياسيين اعتبروا أنه لعب على مشاعر الفقراء بتوزيعه مساعدات غذائية ومالية لمدة قاربت الثلاث سنوات، قبل انتخابات 2019، وهو ما ضمن له المرتبة الثانية في المشهد البرلماني بـ38 مقعداً في المركز الثاني وراء حركة «النهضة»، كما أن تلك السياسة قادته إلى خوض الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، قبل أن يخسرها بفارق كبير أمام قيس سعيد رئيس الجمهورية الحالي الذي حاز أكثر من 70 في المائة من الأصوات.
في غضون ذلك، أوضح جمال بن تعزايت، آمر مطار جربة جرجيس الدولي (جنوب شرقي تونس) في تصريح إعلامي، أن طائرة روسية كانت قادمة من النيجر نزلت في المطار للتزود بالوقود ثم واصلت رحلتها في اتجاه روسيا، كما توقفت الطائرة نفسها في رحلتها من روسيا باتجاه النيجر، وهو ما خلَّف جدلاً سياسياً حول تواتر الطائرات الأجنبية التي تحط بأقرب مطار تونسي مع الحدود الليبية. وكان نزول طائرة تركية نهاية الأسبوع الماضي وهي تحمل مساعدات طبية موجهة إلى أحد أطراف النزاع في ليبيا قد أثار الجدل نفسه. | |
|