| | التاريخ: أيار ١٣, ٢٠٢٠ | المصدر: جريدة الشرق الأوسط | | حزب يستنكر ضمّ {أحزاب بوتفليقة} لمناقشة تعديل الدستور الجزائري | الجزائر: بوعلام غمراسة
احتجت «جبهة العدالة والتنمية» الإسلامية، على ضم أحزاب مساندة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إلى مسعى تعديل الدستور الجزائري، المطروح للنقاش منذ الخميس الماضي. وفي غضون ذلك لمّح مسؤول حقوقي تابع للحكومة الجزائرية إلى إدخال تغييرات على مسودة مراجعة الدستور، بعد الانتقادات الكثيرة التي طالتها.
وانتقدت «جبهة العدالة»، التي يقودها الشيخ عبد الله جاب الله، أحد رموز التيار الإسلامي في الجزائر، في بيان «عدم الإشارة (في مسودة الدستور) للعزل السياسي للفاسدين، والمساهمين في الفساد والتزوير الانتخابي، وما إشراك الأحزاب التي ناشدت الرئيس المخلوع الترشح للعهدة الخامسة، وكانت أدوات لنشر الفساد السياسي والمالي خلال العشرين سنة الأخيرة، إلا إشارة جد سلبية اتجاه الهبة الشعبية التي طالبت بمحاسبتها». في إشارة إلى أحزاب «جبهة التحرير الوطني» الذي كان يرأسه بوتفليقة، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«الجبهة الشعبية الجزائرية»، و«تجمع أمل الجزائر»، التي يوجد كل قادتها في السجن بتهم فساد.
وأكد البيان أن وثيقة الدستور، التي ستعرض على الاستفتاء، «تنم عن تثبيت الحكم الفردي، وتثبيت الانفراد والأحادية، وتحصينه من كل مسؤولية سياسية أو جنائية، وتحمل في ثناياها كذلك إرادة لتمييع الحياة السياسية، والإبقاء على مسببات شيوع الفساد وتكسير الحياة الحزبية. كما تناولت عدداً من القضايا الرئيسية بغموض، قد يتسبب في تهديد وحدة الشعب، واستقرار بنيانه الاجتماعي والسياسي، ووحدته الترابية».
وأفاد الحزب الإسلامي بأن لديه تحفظات على «لجنة خبراء القانون» الـ15. الذين أعدوا التعديلات بطلب من تبون، وقال إن «أغلبهم ينتمي إلى تيار آيديولوجي واحد، مما يقف عائقاً أمام بناء دستور توافقي حقيقي، ويحتم ضرورة النظر الجاد لتصحيح هذا التوجه». في إشارة إلى أن الخبراء علمانيون وفرنكفونيون.
في سياق ذلك، قال بوزيد لزهاري، رئيس «المجلس الوطني للحقوق الإنسان»، في تصريحات صحافية أمس، إن مسودة الدستور «ما هي إلا أرضية مطروحة للنقاش، موجهة للفاعلين السياسيين والمجتمع المدني وغيرهم، وهي وثيقة أعدها أساتذة ومختصون في المجال الدستوري». وفهم من كلام لزهاري أن رئاسة الجمهورية، التي يتبعها، مستعدة لتحوير المسودة بعد الملاحظات السلبية الكثيرة، التي لقيتها من طرف أحزاب وشخصيات سياسية.
وأكد لزهاري أن «الغاية من الدستور الجديد الذهاب إلى دولة ديمقراطية، تقوم على مبادئ حقوق الإنسان. فالدستور الحقيقي هو الذي يستجيب لظروف المرحلة التي وضع فيها لأن الشعب بات اليوم مُصراً على التغيير الحقيقي، كما أن الحراك الشعبي كرس المطالبة بالتغيير». ودعا البرلمان، الذي سينبثق عن انتخابات مبكرة، تعهد الرئيس عبد المجيد تبون بإجرائها قبل نهاية العام، إلى أن يكون «العين الساهرة على جميع القرارات، وأن يلعب دوراً قوياً في الأزمات وحماية حقوق الإنسان والحريات».
وتعد تصريحات لزهاري أول رد فعل لمسؤول قريب من الحكومة على الانتقادات الواسعة لمسودة الدستور، التي تركزت خصوصاً على احتفاظ رئيس الجمهورية بالصلاحيات والسلطات، التي يمنحها له الدستور الحالي، الموروث عن فترة حكم فردي للرئيس السابق بوتفليقة.
وكان منتظراً أن تتضمن الوثيقة تنازل الرئيس عن صلاحياته للبرلمان في مجال التشريع، ولرئيس الحكومة في قضايا التعيين والإقالة في المناصب وتسيير الاقتصاد. كما كان منتظراً من مسودة الدستور أن تكرس أحد أهم مطالب الحراك الشعبي، وهو استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية، وذلك بأن يتخلى عن رئاسة «المجلس الأعلى للقضاء»، غير أن ذلك لم يتم.
وبررت مسودة الدستور عدم تقليص صلاحيات الرئيس بأن ذلك من شأنه أن يحدث تغييراً في طبيعة النظام السياسي، في حين أن ذلك، حسبها، «غير ممكن في الوقت الحالي».
إرجاء محاكمة رموز في نظام بوتفليقة لرفضهم «التقاضي عن بُعد»
الثلاثاء 12 مايو 2020
احتدم أمس في محكمة بالعاصمة الجزائرية، جدل حول تنظيم محاكمة رجل الأعمال البارز علي حدّاد مع مسؤولين حكوميين بارزين في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بسبب تباين مواقف المحامين بين مؤيد ورافض لإجراء التقاضي عن بُعد، وفق ترتيبات التباعد الجسدي في إطار الأزمة الصحية، مما دفع بالقاضي إلى تأجيلها إلى 15 من الشهر المقبل.
وقال محامون لـ«الشرق الأوسط» إن حدّاد، المتهم الرئيسي في القضية، رفض المحاكمة انطلاقاً من سجنه، عن طريق الفيديو «لاعتقاده أن ذلك سيهضم حقه في حكم عادل، وهو يرى أن المحكمة لم تنصفه في القضيتين السابقتين»، في إشارة إلى الحكم عليه في سبتمبر (أيلول) الماضي بـ4 سنوات سجناً مع التنفيذ، في القضية الشهيرة بـ«التمويل الخفيّ» لحملة ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لفترة خامسة. وقبلها حكم عليه بـ6 أشهر مع التنفيذ في قضية «تزوير جواز سفر»، تعود وقائعها إلى فبراير (شباط) 2019 عندما اعتقلته الشرطة بالمركز الحدودي المشترك مع تونس، حاملاً جوازي سفر ومبلغاً كبيراً بالعملة الصعبة.
أما مصادر من «محكمة سيدي امحمد»، التي تكفل قضاتها التحقيق في القضية، فأكدت في اتصال بها، أن المحاكمة لم تكن ممكنة بسبب عدم التحضير فنياً لإجرائها عن بُعد. وذكر المحامون أنفسهم أن رئيسي الوزراء سابقاً، أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، ووزيري الصناعة سابقاً يوسف يوسفي ومحجوب بدة، ووزير التجارة سابقاً عمارة بن يونس، ووزير الأشغال العمومية سابقاً عمر غول، وهم متهمون في القضية، كانوا مترددين حول الموافقة على المحاكمة، علماً بأن القانون يعطي للمتهم الحق في تأجيل معالجة قضيته مرتين على الأقل، كما يتيح للقاضي رفض التأجيل إذا لم يقتنع بالأسباب، وأن ينظم المحاكمة حتى لو رفض المتقاضي.
ويتابع حدّاد (54 سنة) في هذه القضية بتهم تتعلق بـ250 صفقة في مجال المقاولات والأشغال العمومية، حصلت عليها شركته بفضل قربه من الرئيس السابق وعائلته، حسبما جاء في الملف. وقد استفاد من مزايا وتسهيلات وفّرها له أويحيى وسلال وبقية الوزراء المتابعين، عندما كانوا في مواقع المسؤولية، وتم إبعاد رجال أعمال آخرين عن المشاركة في المناقصات. كما يتضمن الملف حصول حدّاد على قروض بنكية كبيرة، بفضل تدخل وزراء، لتمويل مشروعاته بمناطق عديدة بالبلاد.
ويتابع في هذه القضية، غيابياً، وزير الصناعة سابقاً عبد السلام بوشوارب المقيم بفرنسا، والذي حكم عليه القضاء في وقت سابق، بـ20 سنة سجناً، في قضية «الفساد في نشاط تركيب السيارات». وحكم القضاء أيضاً على أويحيى بـ15 سنة سجناً، وسلال بـ12 سنة سجناً، والعديد من الوزراء ورجال الأعمال، بأحكام تراوحت بين 3 و5 سنوات، في قضايا فساد.
وطالب المحامون خلال محاكماتهم التي جرت العام الماضي، باستدعاء الرئيس السابق بوتفليقة لسماعه لأن غالبية المتهمين، خصوصاً سلال، أكدوا أنهم كانوا ينفذون توجيهاته في مجال تسيير الاستثمار، غير أن القضاة رفضوا. وطالب سياسيون من جهتهم، باتهامه هو أيضاً على أساس أنه المسؤول الأول عن الفساد. واستقال بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان) 2019، تحت ضغط انتفاضة شعبية كبيرة، بعد أن قضى 20 سنة في السلطة.
إلى ذلك، نظم عدد كبير من الأشخاص أمس، بوسط مدينة تيزي ووزو (100 كلم شرق العاصمة)، مظاهرة للاحتجاج على استدعاء كثير من المنخرطين في الحراك، للاستجواب بمقر الشرطة المركزي.
ورفع المحتجون لافتات كتب عليها: «لا للقمع... لا للملاحقات البوليسية»، وندد البعض بـ«الانتقام من نشطاء الحراك في ظل الجائحة». وتم استدعاء نحو 20 شخصاً لمساءلتهم حول منشورات لهم بشبكة التواصل الاجتماعي، تعدّها السلطات «مَسّاً بالوحدة الوطنية» و«تحريضاً على العنف».
وظهر بعض المتظاهرين يحملون الراية الأمازيغية، التي سجن بسببها العشرات من الناشطين الصيف الماضي، وقد أفرج عن بعضهم، فيما لا يزال آخرون رهن الحبس الاحتياطي.
مسودة الدستور الجزائري تثير جدلاً حول الهوية
أكثر من 8 ملايين يعيشون في «منطقة ظل» تحت خط الفقر
الاثنين 11 مايو 2020
كشفت الحكومة الجزائرية عن إحصاء 8 ملايين ونصف مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر، وأكدت إطلاق ألفي مشروع خاص بالإنماء والبنى التحتية واستحداث مناصب شغل لفائدتهم. في غضون ذلك، بدأت أحزاب «قوى البديل الديمقراطي» المعارضة، اجتماعات، لبحث مسودة التعديل الدستوري التي لقيت تأييدا كبيرا من جانب أحزاب موالية للسلطة. وقال وزير الداخلية كمال بلجود، في تصريحات أمس، إن جزائريين مصنفين تحت خط الفقر يعيشون في 15 ألف «منطقة ظل». و«مناطق الظل» مفهوم تحدث عنه الرئيس عبد المجيد تبون لأول مرة بعد وصوله إلى الحكم قبل 5 أشهر، ويرمز إلى أماكن تكاد تكون معدومة من ناحية التنمية، لم تهتم بها السلطات منذ عشرات السنين. وتقع هذه المناطق في أنحاء البلاد الأربع.
وأكد بلجود أن الحكومة خصصت 126 مليار دينار (982 مليون دولار) لتمويل ألفي مشروع لتنمية المناطق الفقيرة جدا، من دون إعطاء تفاصيل عن هذه المشروعات. مشيرا إلى أن الحكومة «تملك رؤية حول هذه المناطق، وعلى المسؤولين المحليين أن يدركوا ما يجري بها»، في إشارة إلى أنهم يتحملون مسؤولية متابعة المشروعات المرتقبة لتحقق هدفها، وهو إخراج «مناطق الظل» من تخلفها. ودعا الوزير إلى «إشراك المواطن في مراقبة المشروعات بمناطق الظل، فالكل عليه احترامه، والجميع مطالب بأن يفعل الرقابة الشعبية»، لكنه لم يوضح كيف يتم ذلك، مع العلم أن البلديات تستعين بتنظيمات محلية في تنفيذ مشروعات التنمية. وتواجه الجزائر شحا حادا في الموارد المالية بسبب انخفاض أسعار النفط، الذي يمثل، إلى جانب الغاز، المصدر الرئيسي للمداخيل بالعملة الصعبة. وقد زادتها الأزمة الصحية التي سببها فيروس «كورونا»، تعقيدا.
إلى ذلك، بدأت أحزاب «قوى البديل الديمقراطي» اجتماعات لصياغة موقف من مسودة تعديل الدستور التي طرحتها الرئاسة للنقاش. ومن حيث المبدأ يرفض التكتل الحزبي المعارض كل مشاريع السلطة. ويتكون هذا التجمع أساسا من ثلاثة أحزاب: «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» و«حزب العمال» و«الحركة الديمقراطية والاجتماعية». وتقترح المسوَدة استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية، ومشاركة الجيش البلاد في عمليات لحفظ السلام خارج الحدود، وتبديل منصب رئيس الحكومة بوزير أول، مع التأكيد على أن الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية، صماء غير قابلة للتعديل. وقد أثار ذلك جدلا كبيرا حول «الهوية» و«معالم الشخصية الجزائرية»، بين العروبيين المتحمسين لأن تكون العربية اللغة الوحيدة المعتمدة في معاملات الدولة،
وبين مناضلي الثقافة الأمازيغية المدافعين عن «التمكين لها في الإدارة الحكومية والتعليم».
وانتقد أحمد الدان أمين عام الحزب الإسلامي «حركة البناء الوطني»، صياغة مسودة الدستور من طرف «لجنة خبراء القانون» المكلفة بذلك، باللغتين العربية والفرنسية، دوناً عن الامازيغية. وقال: «لقد بررت اللجنة ذلك بتجنب أخطاء الترجمة»، مبديا عدم اقتناعه بذلك. وقال أيضا «مع أن الأمازيغية لغة رسمية ووطنية في الدستور الحالي، لكن اللجنة أغفلت استعمالها في كتابة مسودة الدستور، ثم رافعت لبقائها رسمية ووطنية. لماذا أيتها اللجنة الموقرة هذا الإقصاء ولصالح من؟ أم أن الأمازيغية في نظرهم غير مؤهلة للدفاع عن نفسها؟ أم أن الرسالة لجهات أخرى؟». وأضاف الدان «لا توجد معركة بين العربية والأمازيغية لأنهما شقيقتان، ولكن يوجد صراع متجدد بين لغة نوفمبر (تشرين الثاني) (الشهر الذي اندلعت فيه ثورة الاستقلال) وباديس (عبد الحميد بن باديس رمز الإصلاح في خمسينات القرن الماضي) وثقافة الفريق الحاكم في عهد الرئيس السابق بوتفليقة، وباريس (التي ترمز إلى هيمنة الثقافة الفرنسية على النخبة الحاكمة)» .
من جهته، ذكر الحزب الإسلامي الكبير «حركة مجتمع السلم» في بيان، أن الوثيقة «لم تفصل في طبيعة النظام السياسي، إذ أبقته هجينا لا يمثل أي شكل من أشكال الأنظمة المعروفة في العالم (الرئاسية أو البرلمانية أو شبه رئاسية)، إذ تحرم الوثيقة الأغلبية من حقها في التسيير، ولا تُلزم تسمية رئيس الحكومة من الأغلبية وهو أمر يناقض كلية معنى الديمقراطية التمثيلية، ويلغي جزءا أساسيا وجوهريا من الإرادة الشعبية المعبر عنها في الانتخابات التشريعية، علاوة على حالة الغموض المتعلقة بمنصب نائب الرئيس من حيث دوره وصلاحياته وطريقة تعيينه».
يشار إلى مسودة تعديل الدستور تنص على أن رئيس الحكومة لا ينبثق عن الأغلبية التي تفوز في الانتخابات، وإنما يختاره الرئيس وينهي مهامه. وأكدت الرئاسة أن التعديلات التي تقترحها «قابلة للتغيير». وعرفت الوثيقة انتقادا شديدا، حسب ردود الفعل التي صدرت منذ الإعلان عنها الخميس الماضي. في المقابل لقيت الوثيقة تأييدا كبيرا من طرف أحزاب موالية للسلطة، هي «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي» (أغلبية برلمانية)، و«التحالف الوطني الجمهوري». | |
|