التاريخ: نيسان ٢٨, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الدولار والانقسام يعيدان اللبنانيين إلى الشارع
بيروت: «الشرق الأوسط»
تجددت المظاهرات في الشارع اللبناني ضد الحكومة، أمس، للمرة الأولى منذ أكثر من شهرين، ودخل عليها عامل جديد منحها قوة أكبر مما كانت عليه في الأشهر الماضية، تمثل بالانقسام السياسي، واتساع رقعة المعارضة من داخل النظام للحكومة، إلى جانب الأسباب المعيشية التي تمثلت بارتفاع سعر الدولار إلى 4 آلاف ليرة، ما حرم كثيرين من القدرة على التسوق.

وتحت عنوان «ثورة الجياع»؛ خرج المئات في مناطق لبنانية عدة، بالتوازي مع تصاعد الحملات السياسية ضد الحكومة من قبل المعارضة، قبل أن يدخل على الخط عامل جديد تمثل في مواجهة جديدة بين رئيس الحكومة حسان دياب والبطريركية المارونية. وبعد أن عدّ أن الفساد في لبنان يتمتع بحماية السياسيين والمرجعيات الطائفية، قالت مصادر مارونية لـ«الشرق الأوسط» إن البطريرك بشارة الراعي «ممتعض من موقف رئيس الحكومة»، لافتة إلى أن دياب «يبدو أنه لم يقرأ بتأنٍ العِظَة التي قدمها البطريرك» أول من أمس.

ولفتت المصادر إلى «ضرورة أن يستدرك دياب موقفه ويراجع ما صدر عنه»، مشددةً على أن «(بكركي) حريصة على منع أي شرخ، وتجنّب التوترات السياسية».
واجتمعت العوامل السياسية والاقتصادية مع الضغوط المعيشية، فإلى جانب فشل الحكومة حتى الآن بإعداد خطة اقتصادية إنقاذية للبلاد، تتنامى الضغوط الاقتصادية مع ارتفاع سعر الدولار، فيما لم يستطع المصرف المركزي حتى الآن إيجاد آلية لضبط سعر السوق. وفي ظل تقلص وجود الدولار في السوق، قال مصدران مصرفيان إن بنوكاً لبنانية حددت سعر صرف عند 3 آلاف ليرة للدولار للسحب من الحسابات بالدولار هذا الأسبوع، وهو ما يقل بنحو 50 في المائة عن القيمة الرسمية المربوطة بها العملة. وقال مصدر في البنك المركزي إن مصرف لبنان حدد سعر صرف الليرة عند 3800 للدولار، على أن تطبقه شركات تحويل الأموال بدءاً من أمس. وبدأ المحتجون منذ الصباح الباكر بقطع طرقات، كان أبرزها أوتوستراد زوق مصبح في شمال بيروت، حيث تجمّع عدد كبير من المتظاهرين على جهتي الأوتوستراد، في محاولة لقطع الطريق مستخدمين إطارات مشتعلة، إلا أن الجيش استطاع مع القوى الأمنية منعهم، بعد تدافع بين الطرفين.

وتسبب التجمّع بزحمة سير على الأوتوستراد بالاتجاهين، بعدما شكّل الجيش حاجزاً بشرياً على طوله. كما قطع عدد من المحتجين الطريق عند جسر يسوع الملك باتجاه بيروت، وحصل تدافع مع عناصر الجيش اللبناني الذين تدخلوا لإعادة فتحها، ما تسبب بزحمة سير خانقة على الأوتوستراد.

وتكررت محاولات قطع الأوتوستراد بالاتجاهين، لكن عناصر الجيش سرعان ما تدخلوا لإعادة فتحه وتفريق المتظاهرين. كذلك قُطع السير على أوتوستراد المنية بالقرب من البلدية، وأقدم محتجون على قطع أوتوستراد الناعمة في الاتجاهين.

وقام عدد من المحتجين، أمس، بقطع الطريق عند مدخل دوحة عرمون والشويفات، جنوب بيروت، بالإطارات المشتعلة، احتجاجاً على الأوضاع المعيشية السيئة، وارتفاع سعر صرف الدولار. وحضرت القوى الأمنية وعملت على إزالة الإطارات المشتعلة من وسط الطريق، وأعادت الوضع إلى طبيعته.

وأقدم عدد من الشبان على قطع الطريق في منطقة البيرة - القبيات ومنطقة جبيل في جبل لبنان. ويطالب المحتجون بـ«إسقاط الطبقة الحاكمة»، وانتخابات نيابية مبكرة، وقضاء مستقل، وإعادة «الأموال المنهوبة». وكانت طرق عدة في بيروت وشرق لبنان وشماله وجنوب العاصمة قد قطعت ليل الأحد، احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار وأسعار المواد الغذائية.

وتزامن ذلك مع ضغوط سياسية إضافية على الحكومة، فقد رأى رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، في حديث تلفزيوني، أن «ما يحصل الآن في لبنان هو مزيد من الإطباق من قبل (حزب الله) و(التيار الوطني الحر) على الدولة اللبنانية، في محاولة منهما لحرف الانتباه عن المشكلات الأساسية التي يعاني منها لبنان، وتنفيذاً لسعي مستمر من قبلهما، ومن قبل حلفائهما، من أجل إيجاد كبش محرقة، وتحميله المسؤولية عما جرى ويجري، وكأن المشكلات كلها تقع على عاتق مصرف لبنان، وهذا أمر غير صحيح».

وقال إن «هناك مشكلات عدة تراكمت على مدى سنوات نتيجة الاستعصاء من قبل الحكومات والمجالس النيابية والأحزاب السياسية عن القيام بالإصلاحات الضرورية لمعالجة المشكلات المالية المتفاقمة، وبالتالي عدم المبادرة إلى خفض العجز في الموازنة والخزينة. وفي مقدم تلك المشكلات تأتي الكهرباء، وبالتالي فقد كان ذلك الاستعصاء، والإصرار على عدم الاستماع لكل النصائح والتنبيهات التي كنا نوجهها من أجل ترشيق الدولة، والحد من الإنفاق، والعمل على تعزيز الإيرادات لخزينة الدولة اللبنانية، هو ما يتسبب بتفاقم العجز».