التاريخ: نيسان ٢٣, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
عامان من «التصفية» يقودان كبار جنرالات الجزائر إلى السجن
الحكومة تستنكر «حملات وقحة» تستهدف رئيسها
الجزائر: بوعلام غمراسة
بدأت مؤسسة الجيش الجزائري، التي تعد العمود الفقري للنظام، قبل عامين ملاحقة وسجن كبار الضباط العسكريين من أركان الجيش، وجهاز المخابرات والحرس الجمهوري وسلاح الدرك الوطني، أغلبهم متهمون في قضايا فساد، وبعضهم بـ«التآمر على الدولة»، و«التخابر مع جهة أجنبية».

ففي 21 من سبتمبر (أيلول) 2019، أدان القضاء العسكري المديرين السابقين للمخابرات الفريق محمد مدين، الشهير بـ«توفيق»، واللواء بشير طرطاق بــ15 سجنا، بتهمتي «التآمر على سلطة الجيش» و«التآمر على الدولة»، وبعد ثلاثة أشهر ثبتت محكمة الاستئناف الحكم.

واعتقل الجنرالان الكبيران بأوامر من قائد الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، الذي توفي العام الماضي، بحجة أنهما كانا يخططان لعزله في اجتماعات أدارها السعيد بوتفليقة، شقيق ومستشار الرئيس آنذاك عبد العزيز بوتفليقة، والذي حكم عليه بنفس العقوبة. لكن دفاع الضابطين الساميين نفى أن يكونا متورطين في أية وقائع تضر بالدولة وجيشها.

وعدت القضية من طرف مراقبين «تصفية حساب شخصي وسياسي»، من طرف قايد صالح، الذي كان وراء عزل الرئيس بوتفليقة من الحكم في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، بعد أن ركب موجة السخط الشعبي التي قامت ضد ترشحه لولاية خامسة.

ويرى جل المتابعين للوضع السياسي في الجزائر أن مجرد تصور متابعة الجنرال توفيق قضائيا، كان يعد «ضربا من الخيال»، قياسا إلى النفوذ الكبير الذي كان يتمتع به منذ توليه قيادة المخابرات عام 1990، حتى عزله عام 2015، وإحالته على التقاعد. كما كان وراء عودة بوتفليقة إلى الحكم عام 1999، وسجن مناضلين سياسيين إسلاميين خاصة، وحل أحزاب معارضة، منها «الجبهة الاسلامية للإنقاذ» عام 1992.

وأدانت المحكمة العسكرية في نفس القضية رئيس أركان الجيش ووزير الدفاع السابق، اللواء خالد نزار، بتهمتي «التآمر»، و«إهانة هيئة نظامية»، بسبب تغريدات على «تويتر» وتصريحات في الإعلام، هاجم فيها قايد صالح بحدة، ووصفه بأنه «شخص متهور سيقود البلاد إلى الهلاك»، ودعا ضباط الجيش إلى عزله. وقد أطلق هجومه من إسبانيا، حيث يقيم مع نجله المدان قضائيا أيضا، وبناء عليه أصدر القضاء العسكري مذكرة اعتقال دولية ضده. لكن المراقبين يستبعدون تسليمه إلى الجزائر لوجود احتمال أن يكيف القضاء الإسباني القضية على أنها سياسية تتعلق بمعارض للنظام.

وضمن «لائحة» الجنرالات الملاحقين وضع القضاء منذ أسبوعين اللواء واسيني بوعزة، مدير الأمن الداخلي في الحبس الاحتياطي، بتهمة «سوء تسيير» المخابرات، وذلك بعد عزله في نفس اليوم، وهو محسوب على الجنرال صالح.

وخلال العام الماضي تم عزل ومتابعة وإدانة مسؤولين كبار بمؤسسة الجيش وأذرعها، وهم اللواء بوجمعة بودواور، مدير الشؤون المالية بوزارة الدفاع، واللواء عبد الرزاق شريف، قائد «الناحية العسكرية الرابعة» (جنوب)، واللواء سعيد باي، قائد «الناحية العسكرية الثانية» (غرب). إضافة إلى اللواء عبد الغني هامل، قائد الحرس الجمهوري ومدير الشرطة سابقا، واللواء مناد نوبة، قائد سلاح الدرك.

وقد حكم على هؤلاء الضباط الخمسة بـ15 سجنا، بتهم فساد خطيرة كـ«الثراء الفاحش والتربح غير المشروع، واستغلال الوظيفة والنفوذ لتحقيق منافع شخصية». ويعد هامل الوحيد من بين الخمسة من تابعه القضاء المدني، الذي حكم أيضا بالسجن النافذ ضد زوجته وأبنائه الثلاثة.

أما اللواء حبيب شنتوف، قائد «الناحية الأولى»، فيوجد في حالة فرار من القضاء، وهو متابع بتهم فساد أيضا، وقد غادر البلاد بعد أيام قليلة من عزله، ويقع تحت طائلة أمر دولي بالقبض، ويعتقد أنه لاجئ في بلد أوروبي.

كما طالت المتابعات أيضا اللواء مهنا جبار، مدير أمن الجيش السابق، الذي يوجد في الحبس الاحتياطي منذ قرابة عامين، ويواجه تهمة «مخالفة تعليمات القيادة العسكرية العليا»، و«الثراء غير المشروع». إضافة إلى اللواء علي غديري، مدير الموارد البشرية بوزارة الدفاع سابقا، المحبوس على ذمة تحقيق، وهو متابع في القضاء المدني، ويعد الوحيد من بين الجنرالات الملاحقين من يواجه متاعب بسبب مواقفه ونشاطه السياسي، إذ إنه متهم بـ«التخابر مع جهة أجنبية».

وورد في ملفه القضائي بأنه «باع معلومات اقتصادية استراتيجية لقوة أجنبية»، الأمر الذي ينفيه بشدة محاموه، الذين يؤكدون أنه «دفع ثمن معارضته لرئيس أركان الجيش السابق»، قايد صالح، الذي شن حملة اعتقال وإقالات غير مسبوقة في مؤسسة الجيش، بعد أن منح لنفسه صلاحيات كبيرة، إثر تنحي بوتفليقة.

الحكومة تستنكر «حملات وقحة» تستهدف رئيسها
انتقدت غوتيريش لفشله في فرض لعمامرة ممثلاً له في ليبيا

الأربعاء 22 أبريل 2020 
استنكرت الحكومة الجزائرية «حملات تستهدف رئيسها» عبد المجيد تبون، وصفتها بـ«الوقحة»، وقالت إنها «قادرة على الرد بالمثل، لكن نوفر طاقتنا لما يبني بلادنا». كما انتقدت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بعد أن رفضت الولايات المتحدة ترشيحه وزير الخارجية السابق رمضان لعمامرة كممثل له في أزمة ليبيا.

ولم يوضح الوزير المستشار المتحدث باسم الرئاسة، محمد السعيد، صاحب هذه التصريحات، والذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي بالعاصمة، أول من أمس، من كان يقصد بـ«الحملات الوقحة ضد الرئيس»، لكن فهم من كلامه انتقادات أحزاب بالمعارضة، وتنظيمات حقوقية محلية ودولية، ضد الرئيس تبون، بسبب ملاحقة نشطاء الحراك، وسجنهم وحجب صحيفتين إلكترونيتين وإذاعة تبث على الإنترنت. كما وصف الرئيس بأنه «يعاني من نقص الشرعية»، بحجة المقاطعة الكبيرة للاستحقاق الذي جاء به إلى الحكم نهاية العام الماضي.

وسئل محمد السعيد عن سجن نشطاء الحراك ومناضلين سياسيين وصحافيين، فقال إن الحكومة «تشجع حرية الصحافة، إذ لا توجد أية دولة تملك كل هذا العدد من الفضائيات الخاصة، والمواقع الإلكترونية والمنصات الإعلامية، الذي يوجد بالجزائر». مشيرا إلى أن «الدولة تتحمل الانتقادات لأن الديمقراطية تحتاج للصوت الآخر».

وتم قبل يومين حجب الصحيفة الإلكترونية الإخبارية «إنترلاين»، بسبب «خطها غير المهادن للسلطة»، حسب تصريحات مديرها بوزيد إشعلالن. فيما يستمر حجب «ماغريب إيمرجنت»، والإذاعة التابعة له «راديو.إم»، للأسبوع الثاني.

وكان وزير الإعلام الناطق باسم الحكومة، عمار بلحيمر، قد أكد أن الحكومة هي من تقف وراء ذلك، لأن مدير الصحيفة قاضي إحسان هاجم الرئيس تبون في مقال بمناسبة مرور مائة يوم على ممارسته الحكم.

وأفاد محمد السعيد بأن رئيس الجمهورية «يشجع حرية الصحافة بكل قوة، ويشجع تكوين الصحافيين والاحترافية، لكن في حدود القانون واحترام الأخلاق، واحترام الآداب العامة. ومن خرج عن هذه الحدود سيشمله تطبيق القانون العام كسائر المواطنين». ويوجد في السجن صحفيان هما خالد درارني، مراسل «مراقبون بلا حدود» الذي يقبع في الحبس الاحتياطي منذ نهاية الشهر الماضي، وسفيان مراكشي مراسل فضائية لبنانية، حكم عليه بثمانية أشهر سجنا، ستنقضي الشهر المقبل. وبينما قال محامون إنهما في السجن بسبب نشاطهما الصحافي، ذكرت الحكومة أن متابعتهما «تمت في إطار القانون العام، بعيدا عن جرائم الصحافة».

وبخصوص سحب وزير الخارجية السابق رمضان لعمامرة، ترشيحه بشأن خلافة غسان سلامة، كمبعوث للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، ذكر السعيد أنه «لم يطلب الترشح، بل رشحه الأمين العام». مشيرا إلى «وجود أطراف رأت في هذا الترشح فشلا للجزائر (في مساعيها لحل أزمة ليبيا)، ولذلك أطالب منها تصحيح حكمها. فهذا فشل للأمين العام للأمم المتحدة، الذي لم يستطع فرض اختياره رجلا كفؤا مشهودا له بأسلوبه المتميز والبسيط في حل الأزمات». مشيرا إلى أن «كون الأمين العام الأممي فكر في جزائري لهذه المهمة، فذلك شيء يزرع فينا الفخر والاعتزاز بما أنجبته الدبلوماسية الجزائرية. لكن إذا لم يحظ هذا الترشح بقبول أحد أعضاء مجلس الأمن، فذلك قد يعود لاعتبارات محلية تمليها بعض الأنظمة، ليس لها مصلحة في حل مشكلة الشعب الليبي». وفي هذا السياق، شدد المسؤول الجزائري على أنه «لا يمكن أن يتم أي شيء في ليبيا دون موافقة الجزائر أو ضد الجزائر، وسنواصل أداء دورنا الوطني النزيه، غير المرتبط بالحسابات التي تتاجر بدماء الأبرياء في ليبيا».
وبخصوص التغييرات الكبيرة، التي حدثت في جهاز المخابرات الأسبوع الماضي، وذلك بعزل مديري جهازي الأمن الداخلي والخارجي، أوضح محمد السعيد أنها «تندرج ضمن تصور الرئيس لدولة القانون والمؤسسات».

ويعود للرئيس، حسب الدستور، صلاحية التعيين والإقالة في المناصب الكبيرة، بما فيها الجيش والمخابرات. لكن بعض المراقبين اعتبروا التغييرات الأخيرة «تصفية لإرث قائد الجيش السابق»، الجنرال قايد صالح، الذي توفي نهاية العام الماضي.

«منفردة الجزائر» تجمع المسؤول برجل الأعمال
الأربعاء 22 أبريل 2020 
اعتمدت وزارة العدل الجزائرية، في إطار تنفيذ إجراءات الحظر الصحي والتباعد الاجتماعي، خطة في السجون تتمثل في تحويل أعداد كبيرة من المساجين من مؤسسات عقابية تُعرف باكتظاظها، إلى أخرى أقل ضغطاً. وقال محامون يدافعون عن مساجين ينتمون إلى التيار الإسلامي إن الإدارة العقابية التابعة لوزارة العدل نقلت غالبيتهم من سجن «الحراش» بالعاصمة إلى سجن «القليعة» الذي يبعد بنحو 40 كلم غرباً، على أثر سجن مئات المتظاهرين المطالبين بالتغيير، وعشرات المسؤولين الحكوميين سابقاً ورجال الأعمال في قضايا فساد، به. وترتب عن ذلك اكتظاظ غير مسبوق في السجن، الوحيد في العاصمة، منذ غلق «سجن سركاجي» قبل أعوام.

وتُسير وزارة العدل 127 سجناً، تضم بين زنازينها وقاعاتها ما بين 50 ألفاً و60 ألف نزيل. ومنذ بداية تطبيق إجراءات الحجر الصحي، أمرت الوزارة مديري السجون بوضع سجينين على الأكثر في زنزانة واحدة، بالنسبة لفئة خاصة من المساجين، كالوزراء السابقين ورجال الأعمال. وأفاد مصدر سياسي بأن رئيسَي الوزراء سابقاً أحمد أويحيى (15 سنة سجناً) وعبد المالك سلال (12 سنة سجناً)، يوجد كل منهما في زنزانة واحدة. وطُبق نفس الإجراء بالنسبة للصحافي خالد درارني (في الحبس الاحتياطي) والناشط السياسي كريم طابو (عام حبساً نافذاً). وقد خرجت إدارة سجن «القليعة» عن صمتها الأسبوع الماضي، ببيان ينفي جدلاً حاداً ما أثاره ناشطون حول «وجود عدة إصابات بـ(كوفيد – 19)».