| | التاريخ: نيسان ١٨, ٢٠٢٠ | المصدر: جريدة الشرق الأوسط | | الجزائر تعزل مسؤولاً كبيراً ضمن «تطهير» للمخابرات ونشطاء «الحراك» يرحبون بتبرئة ناشط | الجزائر: بوعلام غمراسة
عاد الأمل إلى نشطاء الحراك الشعبي بخصوص احتمال أن تخفف قوات الأمن قبضتها عليهم، بعد أن أُفرج، أول من أمس، عن إبراهيم لعلامي، أحد أبرز رموز المظاهرات، الذي نال البراءة بعد أن قضى خمسة أشهر في الحبس الاحتياطي. وفي غضون ذلك، طالب تنظيم نقابي جزائري، يدافع عن الصحافيين، بالإفراج عن خالد درارني، مراقب «مراسلون بلا حدود»، ورفع الرقابة القضائية عن ثلاثة آخرين.
ونشر «المجلس الوطني للصحافيين»، أمس، رسالة إلى وزيرَي الإعلام والعدل، تناول فيها أوضاعاً سيئة يعيشها معظم الصحافيين، قطاع منهم كان عُرضة للسجن والملاحقات القضائية، وآخرون توقف صب أجورهم قبل جائحة «كورونا» بسبب مشكلات مالية تتخبط فيها مؤسساتهم، وزادت حالتهم سوءاً خلال الأزمة الصحية بتوقف صدور الكثير من الصحف، وتراجع الإعلانات الحكومية والخاصة، التي تعد مصدر الدخل الأساسي لوسائل الإعلام. وتناولت الرسالة قضية الصحافي درارني، مراسل الفضائية الفرنسية «تي في 5»، الذي يوجد بالسجن الاحتياطي منذ 27 من الشهر الماضي، والمتهم بـ«التحريض على التجمهر من دون رخصة»، و«المس بالوحدة الوطنية». وكان درارني بصدد تغطية أحداث مظاهرة بالعاصمة، عندما اعتقلته قوات الأمن مع متظاهرين، ووضعه قاضي التحقيق في الرقابة القضائية، وبعد استئناف النيابة تم إيداعه الحبس الاحتياطي. كما تناولت الرسالة حالة ثلاثة صحافيين من جريدة «الصوت الآخر»، وضعهم القضاء في الرقابة القضائية مطلع الشهر الجاري، بسبب مقال شكك في صحة التحاليل التي يجريها «معهد باستور» الطبي بخصوص مشتبهين بالإصابة بفيروس «كورونا». وطالبت النقابة بإطلاق سراح درارني في انتظار تحديد تاريخ محاكمته، ورفع الرقابة القضائية عن صحافيي «الصوت الآخر».
وكانت محكمة الجنح بالعاصمة قد أدانت الصحافي سفيان مراكشي، مراسل فضائية لبنانية، بـثمانية أشهر سجناً نافذاً، بتهمة «إدخال سلعة عبر الحدود دون المرور على الجمارك»، وتتمثل في عتاد للبث التلفزيوني المباشر، قال الصحافي إنه اشتراه بالجزائر، وإن الكثير من المراسلين يستعملونه في تغطياتهم للأحداث. وتنتهي عقوبة مراكشي الشهر المقبل.
كما دعت النقابة في رسالتها إلى «تجسيد المعاني السامية لروح الدستور الجزائري، ونصوصه المتعلقة بحماية حرية الصحافة، ومعالجة جنح الصحافيين في إطار قانون الإعلام، ومنع العقوبات السالبة للحرية ضد الصحافيين، وترقية هذا المكسب في دستور البلاد الجديد». وتحدثت عن «الضغوط النفسية والاجتماعية»، التي يعاني منها الكثير من الصحافيين، ممن لم يتقاضوا أجورهم منذ شهور طويلة.
وقبل أسبوع حجبت الحكومة صحيفة إلكترونية وراديو تابعاً لها يبث على الإنترنت، بحجة أن المؤسسة «تتلقى تمويلاً من الخارج»، وهو ما نفاه مديرها الصحافي قاضي إحسان. ويواجه صحافيو وعمال «مجمع الوقت الجديد»، الذي يضم صحيفتين وفضائيتين، مشكلات كبيرة مع إدارته، منذ توقف أجورهم قبل ثمانية أشهر. ويملك المجمع رجل الأعمال علي حداد، الذي سجنته السلطات بتهم فساد، بعد خلع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة منذ عام. وبدأت مشكلات الصحافيين مع الإدارة قبل سجن حداد، وقد استقال العديد دون أخذ مستحقاتهم، فيما بقي آخرون يشتغلون على أمل أن تحلّ السلطات المشكلة، وترقب ما ستسفر عنه عملية تصفية أملاك رجل الأعمال وهي ضخمة.
إلى ذلك، توقع قطاع من نشطاء الحراك أن تخفف السلطات من شدة تعاملها مع المتظاهرين، بعد أن برّأت محكمة برج بوعريريج (شرق) أول من أمس، أيقونة الحراك بالمنطقة إبراهيم لعلامي و14 متظاهراً، جرى اعتقالهم منذ 5 أشهر بعد احتجاجات كبيرة ضد السلطات المحلية، قادها الشاب لعلامي الذي ظهر في صور فيديو، وهو يواجه مسؤولاً محلياً بحدة حول «حقوق المواطنين وحرياتهم».
الجزائر تعزل مسؤولاً كبيراً ضمن «تطهير» للمخابرات
الحكومة تفتح ملف «التمويل الأجنبي» لوسائل الإعلام
الجمعة 17 أبريل 2020
في حين عزل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مدير الأمن الخارجي بالمخابرات، أعلنت حكومته «فتح ملف التمويل الأجنبي» الخاص بوسائل الإعلام المحلية، وهي القضية التي لطالما أثارت جدلا كبيرا منذ أسبوع، خاصة بعد أن حجبت الحكومة موقعين إخباريين ينتميان لنفس المؤسسة، بحجة أنها تتلقى تمويلا من الخارج، وهو ما يمنعه قانون الإعلام.
وبث التلفزيون الحكومي، أمس، صور تنصيب اللواء محمد بوزيت على رأس مديرية «التوثيق والأمن الخارجي» بالعاصمة، خلفا للعقيد كمال الدين رميلي. وأشرف على التنصيب اللواء سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش بالنيابة، الذي أكد أن تغيير مدير جهاز الأمن الخارجي، «تم بناء على قرار من الرئيس تبون، بصفته وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة». ودعا ضباط الجهاز الأمني إلى «الالتفاف حول قائدهم الجديد، ودعمه في حدود صلاحياتهم».
ولم يعلن عن أسباب تنحية العقيد رميلي، التي جاءت بعد ثلاثة أيام من عزل وسجن مدير الأمن الداخلي، الجنرال واسيني بوعزة، واستخلافه بواسطة الجنرال عبد الغني راشدي. ويرتقب أن يعرض واسيني على النيابة العسكرية بتهمة «سوء تسيير الجهاز الأمني».
وتعكس هذه التغييرات، حسب مراقبين، إرادة السلطة الجديدة المنبثقة عن انتخابات نهاية العام الماضي، لـ«التخلص من إرث» رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع السابق، الفريق أحمد قايد صالح الذي توفي بسكتة قلبية منذ خمسة أشهر. وكان واسيني يوصف بأنه «ذراعه المسلحة»، كما أن رميلي كان من رجاله المقربين.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الاتصال، أمس، في بيان «فتح جميع ملفات التمويلات الخارجية للصحافة الوطنية، والتي يمنعها القانون منعا باتا»، وقالت إن القضية ستتكفل بها «هيئات الدولة المختصة»، من دون توضيح ما تقصد، لكن يفهم أن الحكومة تتعامل مع المسألة من جانب أمني بحت. وأوضح بيان الوزارة أن قضية التمويل الخارجي للإعلام «تمس بالسيادة الوطنية، وهي تغذي أشكالا من معارضة الإصلاحات الوطنية المرجوة»، في إشارة إلى تعهدات الرئيس تبون شن حرب على الفساد المالي، في إطار «تفكيك منظومة الفساد، التي خلفها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة»، حسبما يرد على ألسنة بعض المسؤولين. وتناول البيان مادة في قانون الإعلام تتحدث عن منع الدعم المادي المباشر، وغير المباشر، إن كان صادرا عن جهة أجنبية لفائدة مؤسسات إعلامية محلية، الملزمة قانونا بالكشف عن مصدر الأموال المكونة لرأسمالها، والأموال الضرورية لتسييرها، وتبريرها أمام هيئات الرقابة الحكومية، وخاصة مصالح الضرائب.
وأثار البيان موضوع الفضائيات الخاصة، التي تتبع لقانون أجنبي، كونها تبث برامج ذات محتوى محلي، إذ أكد أن القانون الذي يضبط النشاط السمعي البصري، الصادر عام 2014، ينص على أن يكون رأس مالها وطني خالص، وأن تثبت مصدر استثماراتها. وترفض الحكومة تمكين هذه القنوات من ترددات البث، التي توزعها شركة حكومية للتلفزيون العمومي فقط. ويوجد في المشهد الإعلامي الجزائري حوالي 20 فضائية خاصة، تدفع حقوق البث بالعملة الصعبة لمؤسسات موجودة بالخارج، بينما تمنع قوانين البلاد تصدير أكثر من سبعة آلاف دولار إلى الخارج، ومع ذلك غضت السلطات الطرف عن ذلك، منذ إنشاء أول فضائية عام 2012.
يشار إلى أن الإعلانات الحكومية تمثل أكثر من 62 بالمائة من سوق الإشهار الموجهة للإعلام، وتمثل مصدر الدخل الأساسي للصحف والفضائيات الحكومية والخاصة. وبحسب وزارة الاتصال، فإن اهتمامها بمسألة تمويل وسائل الإعلام «يتماشى وعملية التقويم الوطني، التي لا بد أن تمر عبر إعادة تصميم القواعد المؤسساتية والقانونية للدولة وللاقتصاد». وحسب مهنيي قطاع الإعلام، لا يمكن فصل هذه القضية عن الجدل الذي أثاره حجب الصحيفة الإلكترونية «ماغريب إيمرجان» (المغرب العربي الناشئ)، وإذاعتها التابعة لها «راديو إم»، التي تبث على الإنترنت، منذ أسبوع بحجة أن مصدر أموالهما أجنبي، حسب وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة عمار بلحيمر. لكن مدير المؤسسة الصحافي المعروف قاضي إحسان نفى ذلك، وأكد أن رأس مالها يتكون من مؤسسات ومساهمين جزائريين، وطلب من الوزير «إثبات ادعاءاته». | |
|