|
|
التاريخ: نيسان ١٨, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
حزب معارض في تونس يتهم نائبة الغنوشي بـ«تبييض الإرهاب» |
«مكافحة الفساد» تتهم الحكومة بـ«خرق الدستور» |
تونس: المنجي السعيداني
انتقدت عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعارض، بشدة سميرة الشواشي، النائبة الأولى لراشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي، وقالت إنها «دعمت تبييض الإرهاب»، بتمكينها سيف الدين مخلوف، رئيس «ائتلاف الكرامة» (إسلامي) المعارض، من طرح وعرض مشكلة سيف الدين الرايس تحت قبة البرلمان.
وكان سيف الدين الرايس، المتحدث السابق باسم تنظيم «أنصار الشريعة» الإرهابي المحظور، قد حرم من طرف وزارة التعليم العالي، بصفته طالباً جامعياً، من حق التسجيل بمرحلة الدكتوراه في جامعة القيروان. لكن موسي عدت أن هذا المشكل يدخل في إطار القضايا الشخصية التي لا يجب مناقشتها تحت قبة البرلمان، ورأت أن مخلوف قام عن عمد من خلال هذا التصرف بـ«تبييض الإرهاب»، مستعيناً بالشواشي التي مكنته من إثارة هذا «المشكل الفردي» في البرلمان.
وقالت موسي إنها رفعت شكوى قضائية ضد كل من النائب مخلوف والنائبة الأولى لرئيس البرلمان، مشددة على أن مخلوف «قام بتبييض الإرهاب عبر دفاعه عن سيف الدين الرايس، وإظهاره في صورة الضحية».
ودعت موسي كذلك رئيس الجمهورية قيس سعيد، ورئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، إلى التدخل لـ«حماية الدولة المدنية»، وقالت إنها ستوجه رسالة مفتوحة لرئاسة الحكومة لكي تتحرك عبر «وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية» و«حقوق الإنسان» إزاء «تصرفات (ائتلاف الكرامة)، واتباع الإجراءات القانونية لمحاسبته على اتهام نواب في البرلمان بالتكفير، وتبييض الإرهاب».
وفي المقابل، عبر البرلمان عن مناصرته الصريحة للشواشي، وأكد في بيان أن تصرف موسي «يهدف للحط من صورة البرلمان والديمقراطية»، على حد تعبير نسرين العماري، المكلفة بالإعلام بمكتب المجلس النيابي. كما أدان سلوك موسي الذي رأى فيه «تعدياً على رئاسة الجلسة، وتشويهاً لصورة مجلس نواب الشعب (البرلمان)».
يذكر أن سيف الدين مخلوف سبق أن اعترف بأنه كان محامي أحد منفذي العملية الانتحارية التي استهدفت في السادس من مارس (آذار) الماضي مقر السفارة الأميركية في تونس العاصمة، وقدم معطيات حول أحد الانتحاريين، ودافع عنه بالقول إن الحكم بسجنه لثلاث سنوات مع النفاذ العاجل «لم يكن من أجل حمل السلاح، ولا من أجل التفجير، أو من أجل الصعود لجبل الشعانبي (وسط غربي البلاد)، حيث تتحصن المجموعات الإرهابية، بل جاء بسبب تدوينة على مواقع التواصل، قبل أن يتم خفض العقوبة إلى السجن لمدة سنة واحدة في طور الاستئناف، ويغادر السجن مملوءاً بالحقد والنقمة».
وأضاف مخلوف أنه لم يكن يتوقع أن موكله سينقم لدرجة سفك دمه، ودم رجل الأمن التونسي البريء، حينما فجر حزاماً ناسفاً ضد دورية أمنية كانت متمركزة على مقربة من الباب الرئيسي للسفارة الأميركية.
«مكافحة الفساد» تتهم الحكومة بـ«خرق الدستور»
انشقاق «قلب تونس» يزيد من تشتت المعارضة
الجمعة 17 أبريل 2020
عبرت الهيئة التونسيّة لمكافحة الفساد (هيئة دستورية) عن احتجاجها ضد رئاسة الحكومة، بحجة أنها لم تستشرها بشأن 12 مرسوما حكوميا، أصدرتها بصفة استثنائية لمكافحة جائحة «كورونا». وقال شوقي الطبيب، رئيس الهيئة، إن ذلك «يشكل خرقا للدستور، وتراجعا عن تكريس واجب المشاركة في المجهود الوطني للتصدي للفساد، ولحوكمة النص القانوني المنظّم له». وأضاف الطبيب موضحا أن الفصل 130 من الدستور نص على الاستشارة الوجوبية للهيئة في مشاريع القوانين (المراسيم) المتعلقة بمكافحة الفساد في القطاعين العام والخاص، وإرساء قواعد الحوكمة الرشيدة، ومن ذلك إبداء الرأي في مشاريع النصوص القانونية والترتيبية، ذات العلاقة بمكافحة الفساد.
يذكر أن مجلس الوزراء الذي انعقد الاثنين الماضي صادق على مجموعة من المراسيم، تتعلق أساسا بالإجراءات المالية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية المندرجة في إطار مكافحة وباء «كورونا»، وقد صدرت هذه المراسيم بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الصحيفة الرسمية) أول من أمس.
على صعيد آخر، شهدت الكتلة البرلمانية لحزب «قلب تونس»، التي تقود أحزاب المعارضة في البرلمان التونسي، خلافات عميقة أدت إلى انقسامها إلى كتلتين: الأولى يتزعمها نبيل القروي المرشح السابق للانتخابات الرئاسية، وهي الكتلة الأصلية للحزب. في حين يقود الكتلة البرلمانية الجديدة، التي انشقت عن الحزب، حاتم المليكي، الذي شغل منصب المتحدث باسم «قلب تونس»، حينما كان القروي رهن الاعتقال بسبب اتهامه بالتهرب الضريبي وغسل الأموال، وكذلك إبان الحملة الانتخابية الرئاسية، التي مكنت القروي من المرور إلى الدور الثاني للرئاسيات.
وأعلن راشد الغنوشي، رئيس البرلمان، أمس تشكيل هذه الكتلة البرلمانية الجديدة تحت اسم «الكتلة الوطنية»، وهي تضم تسعة أعضاء، يرأسها حاتم المليكي، فيما يتولى رجل الأعمال رضا شرف الدين منصب نائب رئيس هذه الكتلة البرلمانية، التي أضعفت كتلة «قلب تونس» الأصلية، وجعلتها تتراجع من 38 صوتا إلى 29 صوتا فقط.
وقدم 11 نائبا عن حزب «قلب تونس» بداية الشهر الماضي استقالاتهم من الكتلة والحزب، في خطوة وصفت بأنها «غير مسبوقة»، ومن شأنها أن «تعصف بالمستقبل السياسي لحزب رجل الأعمال ومرشح الرئاسة السابق نبيل القروي، وصاحب التمثيل النيابي الثاني في البرلمان بـ38 مقعدا بعد حركة النهضة (إسلامية)».
وشملت الاستقالات قيادات ذات وزن كبير داخل الحزب، مثل رئيس الكتلة حاتم المليكي، ورضا شرف الدين نائب رئيس الحزب، وتسعة نواب آخرين قبل أن يتراجع اثنان منهم عن الاستقالة، وقد اتهمت هذه القيادات المستقيلة القروي بـ«الانفراد بالرأي في تسيير الحزب، وعدم وضوح الرؤية السياسية».
ويرجح مراقبون أن تكون الوضعية القانونية الغامضة لرئيس الحزب، وعدم بت القضاء حتى الآن في التهم الموجهة له، إضافة إلى عدم تحديد موقفه من المشاركة في الائتلاف الحاكم خلال فترة تشكيل الحكومة، وانتظاره حتى اللحظات الأخيرة للتصويت ضد حكومة الحبيب الجملي، ثم الإبقاء على موقف ضبابي تجاه حكومة إلياس الفخفاخ، وعدم الحسم حتى آخر لحظة، سواء في الانضمام إلى معارضة صريحة، أو دعم الائتلاف الحاكم بشكل واضح، من بين أهم الأسباب التي عجلت بانقسام الكتلة البرلمانية، وخروج أهم رموزها وتشكيل كتلة برلمانية جديدة.
وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن حزب قلب تونس «قد يلقى نفس مصير حزب (نداء تونس) الذي حاول التعايش مع حركة النهضة، لكنه لم يفلح في ذلك، وسجل أكبر خسارة برلمانية له، اعتبارا إلى أن نبيل القروي نفسه كان من أول مؤسسي حزب النداء، قبل أن يغادره نتيجة خلافات مع حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الراحل». معتبرا أن الائتلاف الحاكم الحالي، بزعامة حركة النهضة، «قد يستفيد من تشتت الأحزاب المعارضة، خاصة على مستوى تمرير المشاريع، أو في حال وجود سيناريوهات لسحب الثقة، تنفيذا لمحتوى الدستور».
ومن خلال قراءة للمشهد البرلماني الحالي، يتبين أن كتلة حركة النهضة تحافظ على الصدارة بـ54 صوتا، تليها الكتلة البرلمانية التي تضم «حركة الشعب» وحزب «التيار الديمقراطي»، بـ40 صوتا، وكلاهما ينتمي إلى الائتلاف الحاكم، وبعد ذلك تأتي كتلة حزب «قلب تونس» بـ29 صوتا.
وتضم المعارضة داخل البرلمان بالأساس كتلة «قلب تونس» (ليبرالي)، وكتلة «ائتلاف الكرامة» (إسلامي)، وكتلة «الحزب الدستوري الحر» (ليبرالي)، وهي تمثل مجتمعة نحو 64 صوتا. غير أنها تبقى معارضة مشتتة، استنادا إلى تصريحات قياداتها، التي أعلنت اختلافها أكثر من مرة حول عدد من الملفات، ومن بينها موقفها من الائتلاف الحاكم الحالي. |
|