التاريخ: نيسان ١٤, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
تنحية مدير المخابرات الجزائرية
مسؤول يهاجم «فئة دخيلة على الحراك» وحقوقيوين يرون وضع الحريات «بات أسوأ من فترة الإرهاب»
الجزائر: بوعلام غمراسة
أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، أمس، تنحية مدير الأمن الداخلي (المخابرات) الجنرال واسيني بوعزة، وتعيين الجنرال عبد الغني راشدي مديراً بالنيابة، بعد أيام من قرار الرئيس عبد المجيد تبون، بصفته وزيراً للدفاع، تعيين راشدي نائباً لبوعزة الذي ارتبطت فترة قيادته للمخابرات الداخلية بحملة اعتقالات غير مسبوقة طالت عشرات من نشطاء الحراك الشعبي.

وقال رئيس أركان الجيش بالنيابة اللواء سعيد شنقريحة، في بيان نشرته وزارة الدفاع عبر موقعها الإلكتروني، إنه أمر ضباط الأمن الداخلي «باسم رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، بالعمل تحت سلطة المدير الجديد للجهاز، وطاعة أوامره وتنفيذ تعليماته، بما يمليه صالح الخدمة تجسيداً للقواعد والنظم العسكرية السارية، وقوانين الجمهورية، ووفاء لتضحيات شهدائنا الأبرار وتخليداً لقيم ثورتنا المجيدة».

وبحسب البيان، أصدر شنقريحة بهذه المناسبة «تعليمات وتوجيهات لكوادر المديرية (الأمن الداخلي)، بغية مواصلة بذل المزيد من الجهود في خدمة الجزائر وحماية مصالحها العليا، وحثهم على الالتفاف حول قائدهم الجديد ومساعدته على أداء مهامه، من خلال التزامهم الكامل والوافي بالقيام بالمهام المنوطة بهم، بكل الصرامة اللازمة والمثابرة الضرورية».

ولا يعرف الكثير عن المدير الجديد بالنيابة راشدي، بخلاف أنه أدار «المعهد العالي للأمن» التابع للجهاز. وينتظر أن يتم تثبيته في المنصب في احتفالات عيد الاستقلال في يوليو (تموز) المقبل التي تمثل عادة مناسبة لترقية وتعيين كبار الضباط العسكريين في المناصب العليا.

وكان بوعزة قد خلف اللواء بشير طرطاق الذي أدانه القضاء العسكري، في سبتمبر (أيلول) الماضي، في قضية «التآمر على الدولة والجيش» الشهيرة، وحكم بسجنه 15 عاماً مثل مدير المخابرات السابق الفريق محمد مدين والسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ومستشاره.

ويتوقع مراقبون أن يعكس هذا التغيير في أهم مؤسسة أمنية بالبلاد و«العمود الفقري للنظام» طريقة جديدة أقل حدة في التعامل مع قضايا الحريات، خصوصاً ما يتعلق بنشطاء الحراك والسياسيين والصحافيين الذين يقبع العشرات منهم في السجن، بناء على تقارير أعدها الأمن الداخلي في فترة تولي بوعزة قيادته.

مسؤول يهاجم «فئة دخيلة على الحراك»
الاثنين 13 أبريل 2020 
قال محند أوسعيد بلعيد، الوزير المستشار الناطق باسم الرئاسة الجزائرية بأن «فئة دخيلة على الحراك كانت تحثَ على التجمهر (في الشارع)، خلافا للوضع العام الذي لم يكن يسمح بالتجمعات لأنها عامل قوي يساعد على وباء كورونا». وتعرض السعيد لانتقادات حادَة، على إثر تصريحات للتلفزيون الحكومي، جاء فيها أن استمرار المظاهرات في بداية الأزمة الصحية، كان سببا في تفشي المرض.

وأكد بلعيد، المعروف اختصارا بـ«محمد السعيد»، في توضيحات نشرها أمس، حول المقابلة التلفزيونية التي أجريت معه الخميس الماضي، والتي أثارت جدلا، أن تصريحاته «أخرجتها جهات معينة عن سياقها عمدا بنية التضليل والافتراء»، في إشارة إلى حديثه عن المظاهرات وعلاقتها بتفشي الوباء، غير أنه لم يذكر من هي هذه «الجهات» التي استهدفته. وبحسب محمد السعيد، فإن تعاطيه مع الأزمة الصحية والحراك الشعبي «لم يكن القصد كل أطياف الحراك، وإنّما كان واضحا أنّ الحديث يعني فقط الفئة الدخيلة التي كانت تحث على التجمهر، خلافا للوضع العام الذي لم يكن يسمح بالتجمعات، لأنّها عامل قوي يساعد على انتشار وباء كورونا فيروس.

ومعلوم أنّ هذه الفئة ذات الارتباطات المشبوهة، استماتت آنذاك في منع وصول حتّى نداءات عقلاء الحراك بمطالبات بتعليقه، الذين تعرّضوا بدورهم من هذه الفئة نفسها للشتم والقذف، والتهديد». وتوقفت المظاهرات منذ 5 أسابيع، بناء على إرادة المتظاهرين فيما قالت وسائل إعلام بأن ذلك كان «استجابة لدعوة الرئيس عبد المجيد تبون تعليق المظاهرات حتى تنتهي الأزمة». ولم يوضح محمد السعيد من هي «الفئة الدخيلة»، المسيطرة على الحراك والتي كانت ترفض إيقافه مؤقتا، حسبما ما فهم من «توضيحاته». ومعروف بأن السلطات ترى أن «متطرفين من داخل الحراك»، يرفضون التحاور معها لإيجاد مخرج للأزمة السياسية التي بدأت بسبب إصرار الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، على الترشح لولاية خامسة العام الماضي، والتي أسقطتها انتفاضة شعبية.

وذكر المتحدث باسم الرئاسة أن «الوطنيين المخلصين في هذا الحراك، لا يُستغنى عن رأيهم كلّما تعلّق الأمر بمصلحة الوطن، والدليل على ذلك أن رئيس الجمهورية بادر فور تسلّمه مقاليد الحكم، إلى استشارة عدد من رموز الحراك المبارك حول الوضع العام في البلاد، ومراجعة الدستور، هؤلاء الرجال والنساء محترمون مبجّلون على دورهم التاريخي في إنقاذ البلاد من انهيار مؤكد». وأضاف: «أما الذين يتعمدون التحريف والاصطياد في الماء العكر، فلن ندخل معهم في جدال عقيم، لأنّ خطتهم أصبحت مكشوفة عند شعبنا، وهي تسعى لإلهائنا عن القضايا الأساسية لخدمة أمتنا في هذا الظرف الحساس».

ويرفض نشطاء الحراك رميهم بـ«التشدد»، ويتهمون السلطات بـ«محاولة دفعهم إلى العنف»، بسبب الاعتقالات المكثفة التي طالت العشرات منهم، إضافة إلى سجن العديد وإدانتهم بأحكام ثقيلة بسبب انخراطهم في المظاهرات. وسبق أن أعلنت قوات الأمن أنها اعتقلت نشطاء بشبهة «الارتباط بقوى أجنبية تبحث عن زعزعة الاستقرار في الجزائر». كما اتهمت، عبر وسائل إعلام موالية لها، الحزب المعارض «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، بأنه يؤوي في مقراته مستهلكي مخدرات، اتخذوها منطلقا، حسبها، للخروج في مظاهرات معادية للسلطات. ونفى رئيس الحزب محسن بلعباس ذلك، وقال بأن «السلطة تستهدفنا لأننا نتبنى طموح الشعب إلى تغيير حقيقي».

حقوقيوين يرون وضع الحريات «بات أسوأ من فترة الإرهاب»
الأحد 12 أبريل 2020 
أحصى ناشطون سياسيون في الجزائر سجن 33 متظاهراً وصحافياً منذ مايو (أيار) 2019، بتهم كثيرة يعدها حقوقيون «سياسية»، فيما تقول السلطات إنها «جنح» تندرج في إطار الحق العام. وترى جمعيات وتنظيمات حقوقية أن أوضاع الحريات والممارسة السياسية باتت أسوأ مما كانت عليه في تسعينيات القرن الماضي، عندما واجهت البلاد إرهاباً مدمراً.

ونشرت «اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين»، وهو تنظيم نشأ في سياق الاعتقالات التي طالت نشطاء الحراك الشعبي، أمس، في حساباتها بشبكة التواصل الاجتماعي، أسماء من وصفتهم بـ«معتقلي الرأي»، وتواريخ توقيفهم. واللافت فيها أن أكثر من نصف من تم اعتقالهم في غضون الستة أشهر الأخيرة من العام الماضي هم معتقلو رأي. وقد فسر محامون وسياسيون حملة الاعتقالات في هذه الفترة بإرادة السلطات إبعاد كل متظاهر مؤثر في الحراك من المشهد، لأنه كان «يشوش» على مسعى تنظيم الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ومن أبرزهم المناضل السياسي كريم طابو الذي أسس حزباً رفضت الحكومة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة اعتماده. كما يوجد منهم أيضاً عبد الوهاب فرساوي، رئيس التنظيم الشبابي القوي «تجمع - عمل - شباب» الذي أدانه القضاء منذ أسبوع بثمانية أشهر حبساً نافذاً.

وتضم لائحة المعتقلين ناشطين عرفا السجن خلال الحراك، وعادا إليه بالتهم نفسها تقريباً، وهما سمير بلعربي الذي استفاد من البراءة واعتقل من جديد، وإبراهيم دواجي الذي وضع في الحبس الاحتياطي وغادره بعد أشهر، والذي أدانته محكمة الجنح مؤخراً بعام حبساً نافذاً. كما تضم اللائحة الصحافيين خالد درارني وسفيان مراكشي. ولا تتضمن اللائحة عشرات المتابعين قضائياً، بعضهم قضى فترة في الحبس الاحتياطي وغادره بموجب إفراج مؤقت، وهم ينتظرون المحاكمة، وأشهرهم رجل الثورة الثمانيني لخضر بورقعة، والناشط البارز حكيم عداد. ويشترك المعتقلون والمدانون والمتابعون قضائياً في ثلاث تهم، هي: «المس بالوحدة الوطنية»، و«التحريض على العنف والتجمهر من دون ترخيص»، و«المساهمة في أوقات السلم في إضعاف الروح المعنوية للجيش». وقد كان آخر المعتقلين شاب عشريني من شرق البلاد، يدعى خليل رحال، وضعه قاضي التحقيق في السابع من الشهر الحالي في الحبس الاحتياطي.

وأكد عبد الغني بادي، رئيس فريق المحامين المدافعين عن المعتقلين، لـ«الشرق الأوسط»، أن التهم الموجهة لهم «لم تسندها النيابة إلى وقائع تثبتها. ففي أغلب المحاكمات التي رافعت فيها، تتناول النيابة كتابات بــ(فيسبوك) وتصريحات للإعلام، على اعتبار أنها أدلة إدانة، بينما الأمر لا يعدو أن يكون تعبيراً عن مواقف سياسية، تخص ما يجري من أحداث في البلاد»، مشيراً إلى أن الجزائر «تعيش أصعب مرحلة فيما يخص حقوق الإنسان والحريات، وأنا شخصياً أعدها أسوأ من فترة الإرهاب».

وكان المتحدث باسم الرئاسة، محمد السعيد، قد ذكر في مقابلة مع التلفزيون الحكومي، ليل الخميس، بخصوص سجن المتظاهرين والصحافيين، أن «حرية التعبير مكفولة دستورياً، إذا كان من يمارسها يحترم القانون. أما إذا خرج عن إطارها القانوني، فيصبح الأمر من اختصاص العدالة».

وقال إن «حرية الصحافة هي وسيلة لبناء المجتمع، وليس للإساءة إليه وإلى مقومات الدولة»، وشدد على «ضرورة التحلي بالمسؤولية في ممارسة الحرية»، مشيراً إلى أن «من دعا في وقت سابق إلى التظاهر في الشارع، في ظل انتشار كورونا، اقترف عملاً غير معقول». كما تحدث عن «هجوم تتعرض له الجزائر من أطراف تستغل كل الوسائل لاستهدافها؛ حدث ذلك في الحراك أمس، و(كورونا) اليوم، وأمور أخرى غداً»، مشيراً إلى وجود «مخابر خارجية لها حسابات مع الجزائر تعطي معلومات خاطئة عبر وسائل التواصل الاجتماعي».

وقال محمد السعيد أيضاً إن الحكومة تسعى لشراء أجهزة متطورة تمكنها، حسبه، من تحديد الأماكن بالخارج التي تصدر منها منشورات مسيئة لها، على حد قوله.