|
|
التاريخ: نيسان ٢, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
المعارضة التونسية تتهم الرئيس بـ«إحياء معارك قديمة» والبرلمان يقلّص مدة التفويض لرئيس الحكومة إلى شهر |
سعيّد دعا المستفيدين من نظام بن علي إلى «مصالحة جبائية» |
تونس: المنجي السعيداني
اتهمت أحزاب سياسية معارضة عدة؛ في مقدمتها حزب العمال اليساري وحزب الحركة الديمقراطية، الرئيس التونسي قيس سعيد بـ«فتح جبهات معارك»، في وقت تحتاج فيه تونس إلى «وحدة وطنية، وتضامن بين مختلف فئاتها الاجتماعية»، وقالوا إن الرئيس سعيد «لم يتخذ خلال اجتماع مجلس الأمن القومي (أول من أمس) أي قرارات إيجابية؛ باستثناء قرار تمديد الحجر الصحي لمدة أسبوعين. أما بقية ما جاء في الاجتماع الذي كان ينتظره الشعب بترقب كبير، فلم يكن سوى مجرد دعوات، أحيت معارك قديمة، ومن بينها مقترح (المصالحة الجبائية) الذي قدمه سنة 2012 عندما كان أستاذاً للقانون الدستوري، وأعاده كما هو خلال اجتماع (أول من أمس) وهو رئيس للجمهورية».
وعدّ عدد من السياسيين المنتمين إلى المعارضة أن الرئيس سعيد لوّح بمعركة حاسمة مع شريحة من رجال الأعمال، بعد أن خيرهم بين دعم خزينة الدولة عن طيب خاطر بهدف مقاومة وباء «كورونا»، واستخدام سلاح القانون. وذكّر في هذا السياق بقائمة رجال الأعمال المتورطين في قضايا فساد مالي مع نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وينص قانون «المصالحة الجبائية»، الذي طرح بعد ثورة 2011، على أن يتعهد كل محكوم ضده بإنجاز عدد من المشاريع، التي يطالب بها السكان في كل محافظة، مثل الطرقات، والمستشفيات، والمؤسسات التربوية، وأن يتم ذلك تحت إشراف لجنة جهوية تتولى المراقبة والتنسيق، وألا يتم إبرام صلح نهائي مع من استفادوا مالياً من نظام بن علي إلا بعد التأكد مما يفيد إنجازهم المشاريع في حدود المبالغ المحكوم بها من قبل القضاء.
وتقدر مصادر حكومية المبالغ التي تصرف فيها نحو 400 رجل أعمال تونسي، دون سند قانوني، بأكثر من 10 مليارات دينار (نحو 3.6 مليار دولار).
وانتقد أحمد نجيب الشابي، رئيس حزب الحركة الديمقراطية وأحد أهم رموز المعاضة لنظام بن علي، هذا التوجه بشدة، وقال إن الرئيس سعيد واصل من خلال خطابه «تحريض التونسيين بعضهم على بعض، بنفس الدوافع ولنفس الغايات، وذلك في إطار التنازع على النفوذ والصلاحيات بين الرئاسات الثلاث»؛ على حد تعبيره، مؤكداً أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والأمني للبلاد خطير جداً، ولا يتحمل مزيداً من التشاجر بين الأفرقاء.
أما في الجانب الاجتماعي، فقد دعا الرئيس سعيد إلى الإسراع في تنفيذ الإجراءات الحكومية بأكثر دقة، وتغيير طرق العمل التي تم اعتمادها، من أجل تفادي النقائص، وتذليل العراقيل، مع بذل مزيد من الجهود لإيصال المؤونة إلى التونسيين في كل المناطق، وتحقيق المطالب المشروعة للطبقات الهشة والفقراء والمحتاجين، علاوة على مقاومة الاحتكار، وضرورة إعادة النظر في القانون الجزائي، من أجل اعتبار محتكري المواد الغذائية «مجرمي حرب ويجب تسليط أشد العقوبات ضدهم».
في السياق ذاته، قال حمة الهمامي، رئيس حزب العمل اليساري المعارض، إن الرئيس قرر العودة إلى الماضي حينما أثار مسألة توفير الموارد لتمويل مجهود الحرب على وباء «كورونا»، «حيث تحدث عن قانون المصالحة، وعن الأموال الضخمة المنهوبة التي لم يستردها التونسيون. كما تحدث عن المال الفاسد الذي طغى على تمويل الانتخابات... لكنه لم يقدم في خطابه سوى قرار وحيد، وهو تمديد الحجر الصحي»، على حد تعبيره.
وأوضح الهمامي أن الدستور يمنح رئيس الجمهورية حق التقدم بمشاريع قوانين لإعطائها الأولوية في المناقشة تحت قبة البرلمان. كما يمنحه سلطة القرار في كل ما يتعلق بأمن الوطن والشعب، وكل ما يهم السياسة الخارجية، لكنه تساءل موجهاً كلامه إلى الرئيس سعيد: «ما الذي يجعل خطابكم في افتتاح مجلس الأمن القومي مجرد إنشاء لا يتعدى التنديد والتشهير، والتعبير عن مشاعر التعاطف المجردة مع الفقراء والمعدمين ولا يرقى إلى مستوى اتخاذ القرارات التي يقتضيها الوضع في تونس؟». مضيفاً أن «تونس في حرب، ولا تقبل التردد والكلام الفضفاض»؛ على حد قوله.
البرلمان يقلّص مدة التفويض لرئيس الحكومة إلى شهر واحد
الأربعاء 01 أبريل 2020
تونس: المنجي السعيداني
رفضت لجنة النظام الداخلي للبرلمان التونسي منح تفويض مطلق لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، يمكنه من إصدار مراسيم حكومية استثنائية، دون الرجوع إلى البرلمان، واختصرت المدة من شهرين إلى شهر واحد فقط.
وتم التصويت أمس على هذا المقترح بأغلبية أعضاء اللجنة، التي صوتت لصالح تفعيل الفصل 70 من الدستور، لكن مع اختصار المدة، وحصر المجالات والأنشطة، التي يمكن لرئيس الحكومة أن يصدر مراسيم حكومية بشأنها.
وعقدت هذه اللجنة البرلمانية عدة اجتماعات مع ممثلي الحكومة، وشهدت نقاشات حادة، خاصة فيما يتعلق بعرض المراسيم الحكومية، التي سيتمّ إصدارها عند انقضاء مدة التفويض، على البرلمان للبث فيها. وكشف أعضاء شاركوا في هذه الاجتماعات أن النقاشات تركزت على اقتراح المصادقة عن بعد على المراسيم في أجل أسبوع، بداية من انقضاء المدة المخولة لرئيس الحكومة. وعُرض في الوقت ذاته اقتراح ثان يطالب باعتماد أجل ثلاثين يوما.
كما شكلت مسألة العرض المسبق للمراسيم الحكومية على أعضاء البرلمان في اجتماعاتهم الافتراضية (عن بعد)، قبل إصدارها من قبل رئيس الحكومة، نقطة اختلاف حادة في وجهات النظر، بما في ذلك الكتل المشاركة في الائتلاف الحاكم، والمشكل من حركة النهضة، وحزب التيار الديمقراطي، وحركة الشعب، وحركة تحيا تونس، وكتلة الإصلاح الوطني.
ورغم إعلان كل الكتل البرلمانية قبول مبدأ التفويض، فإن صيغة التفويض لم تحسم بعد بشكل نهائي. فهناك من اشترط استشارة المجلس، سواء عن طريق مكتب المجلس أو خلية الأزمة، أو من خلال لجنة استشارية تحدث للغرض. وهناك من اعتبر هذه الاستشارة مخالفة لمبدأ التفويض، ومهددة لمناخ الثقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وغير دستورية.
وكانت الجلسة البرلمانية الاستثنائية، التي عقدت الخميس الماضي، قد شهدت تشنجا حادا خلال التطرق إلى صراع الصلاحيات بين رئيس الحكومة الطامح إلى توسيع صلاحياته الدستورية خلال هذه الفترة الاستثنائية، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، الذي يسعى من جهته إلى إبقاء رقابة البرلمان على عمل الحكومة في كل الحالات، بما في ذلك الاستثنائية منها.
على صعيد آخر، أعلن مبروك كورشيد، النائب البرلماني عن حركة «تحيا تونس»، التي يتزعمها رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد، سحب مشروع قانون عرضه على البرلمان، أثار جدلا واسعا وسط المنظمات الحقوقية وممثلي وسائل الإعلام، وآلاف المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، بحجة أنه يشكل تهديدا للحريات الفردية.
وكان كورشيد قد تقدم قبل أيام بمشروع قانون، يقضي بسجن من يروج الإشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي لمدة سنتين، وحظي بمساندة 47 نائبا. وقال كورشيد إن هذا المقترح «لا يستهدف أي مدون شريف، ولا يطال سوى شبكات الكذب والإشاعة المغرضة التي تلوث حياتنا جميعا، والتصدي لظاهرة هتك الأعراض، والمساس بشرف الأفراد والجماعات والحد من الأخبار الزائفة، خاصة في الفترات الانتخابية»، على حد تعبيره.
لكن عمادة المحامين والنقابة العامة للإعلام، التابعة لاتحاد الشغل (نقابة العمال) ونقابة الصحافيين التونسية هاجموا بشراسة هذا المقترح، واعتبروه محاولة للجم الأفواه وخنق حرية التعبير، من خلال بث الرعب في النفوس، وذلك لما تضمنه من أحكام زجرية لا تراعي مبدأ التناسب بين الجريمة والعقاب.
واقترح مشروع القانون عقوبة السجن لمدة سنتين، وغرامة مالية تتراوح بين 10 آلاف و20 ألف دينار تونسي (بين 3.5 و7 آلاف دولار)، مع مضاعفة العقاب إذا حدث ذلك أثناء عملية انتخابية أو خلال الستة أشهر السابقة لوقوع الانتخابات. |
|