|
|
التاريخ: آذار ٣٠, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
اتهامات لوزير العدل الجزائري بملاحقة نشطاء «الحراك» خلال «الهدنة» |
التحقيق مع مراقب «مراسلون بلا حدود» بتهمتي «التحريض» و«المس بالوحدة الوطنية» |
الجزائر: بوعلام غمراسة
تعرض وزير العدل الجزائري بلقاسم زغماتي إلى انتقادات شديدة أمس من طرف محامين وحقوقيين حملوه مسؤولية «التجاوزات الخطيرة»، المتمثلة في سجن العشرات من نشطاء الحراك خلال فترة «هدنته»، فيما استمعت النيابة بمحكمة في الجزائر العاصمة أمس إلى الصحافي خالد درارني مراقب «مراسلون بلا حدود» بالجزائر، تمهيدا لإحالته على قاضي التحقيق بنفس المحكمة، وذلك بغرض إيداعه الحبس المؤقت.
وتشهد العلاقة بين «اتحاد منظمات المحامين»، ووزير العدل بلقاسم زغماتي، توترا حادا، بسبب ملاحقات ضد نشطاء بالحراك، يرى المحامون أن زغماتي يقف وراءها شخصيا. وقال المحامي والحقوقي نور الدين بن يسعد، لـ«الشرق الأوسط» إن الوزير «وقع في تناقض كبير بين إجراءات أعلن عنها، وما يجري في الواقع. فقد أمر قضاة التحقيق بوقف التدابير السالبة للحرية في الظروف الصحية الحرجة التي تمر بها البلاد، ما يعني التوقف عن إيداع النشطاء السجن، لكن العكس هو ما حدث. فالعشرات من المتظاهرين استدعتهم الشرطة لاستجوابهم، وإحالتهم على النيابة وقضاة التحقيق وتم سجن العديد منهم».
وأضاف بن يسعد أن المتابعات شهدت كثافة منذ أن أعلن الحراك تعليق المظاهرات استجابة لدعوة رموزه، حفاظا على الصحة العامة، «غير أن السلطات ووزير العدل بالخصوص، استغلوا ذلك لتصفية حسابهم مع المتظاهرين». ورفض متحدث باسم وزارة العدل، في اتصال هاتفي، التعليق على اتهامات المحامين.
وكانت غرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف ألغت، الأسبوع الماضي، إجراء الرقابة القضائية الذي وضع فيه الصحافي درارني، وأمرت بإيداعه رهن الحبس المؤقت. وتم ذلك بناء على استئناف للنيابة. ويواجه الصحافي، وهو مراسل الفضائية الفرنسية «تي في 5»، تهمتين هما «التحريض على التجمهر غير المرخص» و«المس بالوحدة الوطنية». وتعود الوقائع إلى وجوده في مظاهرة بالعاصمة يوم 7 مارس (آذار) الحالي، لتغطية الحدث، حيث اعتقلته قوات الأمن مع عدة ناشطين، وقضى ثلاث ليال بالحجز تحت النظر، ثم عرضته الشرطة على النيابة مع ناشطين سياسيين بارزين، هما سمير بلعربي وسليمان حميطوش. ووضع قاضي التحقيق الصحفي في الرقابة القضائية مع منعه من السفير، بينما أمر بإيداع الناشطين رهن الحبس الاحتياطي. ووجهت للثلاثة نفس التهم، مع الإشارة إلى أن بلعربي قضى 5 أشهر في السجن، وبرأته المحكمة منذ شهر ونصف الشهر من تهمة «إضعاف معنويات الجيش».
وأطلق زملاء درارني لائحة موجهة للرأي العام، تحمل أكثر من 200 توقيع، يحتجون فيها على سجنه ويطالبون بالإفراج عنه. وأكد أصحاب اللائحة أن السلطات «تعمدت خرق المادة 50 من الدستور التي تضمن حرية الصحافة، وتمنع سجن الصحافي». وكان درارني، حسب محاميه، بصدد تغطية المظاهرات عندما اعتقل. وأكد زملاؤه بأن السلطة «تستعمل جهاز القضاء لمضايقة الأصوات الحرة من الصحافيين». وعُدت التهمتان الموجهتان له «ملفقتين بغرض التخلص من درارني الذي بات يزعج السلطة بنشاطه في نقل الاحتجاجات، وأخبار سجن الناشطين».
ويوجد في السجن صحافي آخر، منذ 6 أشهر، هو سفيان مراكشي مراسل فضائية لبنانية، متهم بـ«خرق قانون الجمارك». وتخص قضيته استعماله لعتاد للبث التلفزيوني أثناء نقل أطوار الحراك، وتقول الجمارك الجزائرية إنه تم إدخاله من الخارج من دون دفع رسوم الجمركة، فيما يؤكد الصحافي أنه اشتراه من منصة إلكترونية تجارية وأن زملاء له يراسلون تلفزيونات أجنبية، يستعملون نفس العتاد ولم يتعرضوا لمشاكل. واحتج محاموه على اتهامه، فالقضية لا تستدعي، حسبهم، أكثر من فرض غرامة مالية يدفعها، واعتبروا سجنه «مبالغة من جانب النيابة».
«الحراك» يتّهم الحكومة بـ«تعمد استفزاز الجزائريين»
طالب المتظاهرين بعدم الرد على السلطة
الأحد 29 مارس 2020 مـ
اتهم عشرات الناشطين في الحراك الشعبي وفاعلون بتنظيمات المجتمع المدني الحكومة الجزائرية بـ«تعمد استفزاز الجزائريين» من خلال حملة اعتقالات، طالت العشرات من المتظاهرين خلال الأيام الأخيرة وسجنهم. مؤكدين أن السلطة «تريد دفع المواطنين إلى انتفاضة في الشوارع بهدف تبييض صفحتها، وتبرئة نفسها من الكارثة الصحية التي تواجه البلاد».
ونشر الناشطون أمس لائحة تحمل توقيعاتهم، نددوا فيها بسجن عدد كبير من طلاب الجامعات والمتظاهرين، بسبب مشاركتهم في احتجاجات الأسابيع الماضية قبل تعليق الحراك. وتضمنت اللائحة دعوة إلى «التحلّي بالحذر لمواجهة ألاعيب النظام العسكري، الذي يوجّه ضرباته في الظهر، مستغلًا فترة الهدنة التي دخل فيها الحراك بإرادة منه». كما ناشد الناشطون المتظاهرين «الحفاظ بكل الوسائل الآمنة، التي لا تهدّد الصحة العمومية، على شعلة الحراك، والاستعداد لعودة المسيرات الشعبية بمجرد انتهاء جائحة كوفيد - 19».
وعبر أصحاب الوثيقة عن «شعور بالغ بالقلق بشأن الأمن الصحي لمواطنينا، ونؤكد تضامننا مع مطالبهم بالحرية، وإقامة دولة القانون في الجزائر، ولذلك ندين بشدة التصرّفات الرعناء للنظام، ونطالبه بتحمّل مسؤولياته تجاه المواطنين، بشأن إدارة الأزمة الراهنة». في إشارة إلى تداعيات وباء «كورونا» المستجد. في غضون ذلك، ما يزال المشهد السياسي والحقوقي يعرف جدلا كبيرا بخصوص سجن المناضل السياسي كريم طابو، الذي أدانته محكمة الاستئناف بعام حبسا نافذا، الثلاثاء الماضي، في غيابه، ورغم مطالبته بتأجيل محاكمته لعدم حضور دفاعه. لكن القاضي رفض، فغضب طابو، الذي يقع تحت طائلة تهمة «إضعاف معنويات الجيش»، وسقط أرضا. وقال محاموه في وقت لاحق إنه أصيب بشلل نصفي. لكن النيابة نفت ذلك.
كما تم أول من أمس توقيف الصحفي خالد درارني، مراقب «مراسلون بلا حدود»، تطبيقا لقرار «غرفة الاتهام» بمحكمة الاستئناف بالعاصمة، بإلغاء إجراء الرقابة القضائية بحقه، وإيداعه الحبس الاحتياطي. واتهمت النيابة درارني بـ«التحريض على التجمهر غير المرخص»، و«المس بالوحدة الوطنية».
وتعود الوقائع إلى السابع من الشهر الحالي، حينما اعتقل الصحفي درارني وهو يغطي مظاهرة منعتها قوات الأمن. كما تم إيداع ناشطين السجن كانا معه، هما سمير بلعربي وسليمان حميطوش.
ومن الموقعين على اللائحة، عبد الغني بادي، «محامي معتقلي الحراك»، وقدور شويشة، الأستاذ الجامعي والقيادي بـ«الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، والكاتب الصحفي قاضي إحسان، ومحلل الشؤون الأمنية أكرم خريف.
وبحسب اللائحة، فإن النظام «رد على الهدنة الصحية، انطلاقًا من هوسه بأمنه الخاصّ فقط، عبر تصعيد حملته العدائية ضد الحراك ورموزه، لاسيما بالإيعاز إلى ذراعه القضائية المنصاعة للأوامر، التي تصل القضاة بالهاتف، بدءا بالحكم على كريم طابو خارج نطاق القضاء، في غيابه إثر إصابته بوعكة صحية، استوجبت نقله في حالة استعجالية إلى المستشفى. إلى جانب تكثيف حملة الاعتقالات التي طالت مناضلي الحراك، على غرار إبراهيم الدواجي، وسليمان حميطوش، وسمير بلعربي وآخرين، والطعن بالاستئناف في حكم البراءة الصادر لصالح فضيل بومالة، والتماطل في إصدار الحكم في حق المجاهد لخضر بورقعة، والناشط عبد الوهاب فرصاوي، والأمر بالإيداع ضد الصحفي خالد درارني».
وأضاف بيان الموقعين على اللائحة:« كلّ هذه الحالات تشير إلى إرادة النظام الواضحة لاستغلال انسحاب الجزائريين من الشارع، بهدف الانتقام من رموز الحراك، وإصرار النظام الجامح على تمرير مسودة دستوره، في الوقت الذي يشهد النشاط السياسي والانتخابي والعمل البرلماني تعليقًا في جميع أنحاء العالم، لصالح تطبيق التدابير الصحية، دليل آخر عل المضيّ قدمًا في مساره الجارف، وتعنّته في تجاهل مطالب الجزائريين».
وكان الرئيس تبون قد استلم الأسبوع الماضي مقترحات تعديل الدستور، التي أعدتها «لجنة» تتكون من خبراء القانون. وقالت الرئاسة إنها أجلت تسليمها للأحزاب والمجتمع المدني بغرض مناقشتها، بسبب الظروف التي تمر بها البلاد. |
|