|
|
التاريخ: آذار ٢٠, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
المعارضة التونسية تقرر دعم حكومة الفخفاخ لتجاوز تداعيات «كورونا» |
«اتحاد الشغل» يقترح تأجيل دفع الديون الخارجية إلى سنوات لاحقة |
تونس: المنجي السعيداني
قدم حزبا «قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة» التونسيين المعارضين اقتراحين مختلفين للحكومة، بهدف تجاوز تداعيات وباء «كورونا» المستجد، وهو ما اعتبره بعض المراقبين مؤشراً على تشتت أحزاب المعارضة في علاقتها مع الائتلاف الحاكم، الذي «زادت حدته في مواجهة الوباء القاتل».
ودعا سيف الدين مخلوف، رئيس «ائتلاف الكرامة» (إسلامي)، إلى تخفيف حظر التجول، وجعله من الساعة السادسة إلى حدود الخامسة صباحاً، حتى تتمكن المخابز وتجار الخضر والمواد الأساسية والأسواق ووسائل النقل من التزود في وقت معقول، معتبراً أنها «إجراءات عاجلة وجب اتخاذها».
كما دعا «ائتلاف الكرامة» إلى منع التجمعات لأكثر من ثلاثة أشخاص، والجلوس في المقاهي وارتياد المطاعم، مع تحديد عدد أقصى للركاب في مختلف وسائل النقل، وتشجيع العمل عن بعد، وتوحيد الإجراءات بين مختلف بلديات العاصمة والولايات (المحافظات).
أما حزب «قلب تونس» (ليبرالي)، الذي يرأسه نبيل القروي، فقد عبر عن مساندته «اللامشروطة» للحكومة بكل الطرق المطلوبة، ودعا إلى تفعيل الحجر الصحي العام على كامل التراب التونسي في أقرب الآجال، والتأكد من الجاهزيّة التامة لمجابهة هذا الوضع، مقترحاً في هذا الصدد تركيز نقاط فحص طبي متفرّقة، مع ضرورة مصارحة الرأي العام حول المخزون الاستراتيجي اللازم لمجابهة هذا الوضع الاستثنائي، من مواد غذائية وأدوية وبنزين وماء وكهرباء، وفق مقاربة مهنية دقيقة.
كما طالب «قلب تونس» بضرورة مساندة المؤسسات والعمال المتضررة من هذه الإجراءات، من خلال تسريع التعويض عن البطالة وتعميم الانتفاع بها، وتأجيل دفع الديون الجبائية والاجتماعية والبنكية، علاوة على تعليق العمل بقانون الشيكات، والأحكام الغيابية، وتفعيل آليّات العقاب البديل، مع التأكيد على ضرورة توفير الرعاية اللازمة للمساجين، ومستلزمات الوقاية داخل السجون، سواء للموظفين أو للمساجين والموقوفين.
كما دعا القروي رئيسي الجمهورية والحكومة إلى تقديم مبادرات تشريعية، منادياً النواب بالتفاعل إيجابياً معها بالسرعة المطلوبة لمجابهة وباء «كورونا» المستجد والقضاء عليه.
وفي سياق متصل، دعا سامي الطاهري، المتحدث باسم الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، إلى مصادرة ممتلكات كل من يثبت مضاربته واحتكاره للسلع والمواد الغذائية والأدوية خلال هذه الفترة التي يتفشى فيها وباء «كورونا» المستجد، وذلك في إطار مجموعة من الاقتراحات المالية والاجتماعية والاقتصادية، التي دعا حكومة الفخفاخ إلى تنفيذها بصفة فورية من أجل تجاوز تداعيات الأزمة الصحية التي ضربت الاقتصاد المحلي، وأعاقت العمل العادي لمعظم المؤسسات.
كما اقترحت نقابة العمال على الحكومة ضرورة تأجيل البنوك مطالبة الزبائن بدفع الديون، دون أن يترتب عن ذلك دفع غرامات أو أداءات إضافية، وخفض نسبة الفائدة على القروض البنكية، وإعفاء أصحاب البطاقات البنكية من كل الأداءات المطبقة عليهم، وجعلها مجانية مع تعميمها لتسهيل السحب والمعاملات عن بعد، والتقليل من الأوراق النقدية، وهي نقاط استجابت لها الحكومة بصفة عاجلة، ضمن حزمة إجراءات أعلن عنها البنك المركزي التونسي.
كما طالب اتحاد الشغل بضمان دفع أجور العمال المتضررين من إقفال المؤسسات الاقتصادية، وحظر التجوال المفروض من السادسة مساء إلى السادسة صباحاً، ومن تقليص حركة المواطنين، داعياً إلى منع استيراد كل المواد والتجهيزات غير الضرورية، والبدء في التفاوض على طريقة التعامل مع الديون الخارجية المتراكمة على كاهل الدولة، وذلك من خلال إقرار جدولة جديدة، أو تأجيل الدفع إلى سنوات لاحقة.
وكان نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل، قد أعلن، منذ منتصف شهر مارس (آذار) الحالي، تأجيل كل الاحتجاجات النقابية والإضرابات العمالية، وكذا المؤتمرات والاجتماعات العامة، بالنظر إلى «الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، والتي تتطلب تضامناً وتآزراً وطنياً، ووحدة بين الجميع»، وتجعل «محنة الحكومة مضاعفة»، بحسب تعبيره.
قرار حظر التجول يفجّر «صراع صلاحيات» بين الرئاسات الثلاث
الخميس 19 مارس 2020
تونس: المنجي السعيداني
خلّف إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن تطبيق حظر التجول في تونس، يوم أمس (يبدأ من السادسة مساءً إلى السادسة صباحاً)، جدلاً واسعاً حول مدى نجاعة هذا الإجراء في الحد من فيروس كورونا المستجد. لكنه كشف أيضاً عن «صراع صلاحيات دستورية» بين الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان)، وطرح تساؤلات حول الإجراء الأنجع الذي يجب تنفيذه: هل هو حظر التجول؟ أم عرض حالة الطوارئ؟ أم فقط الاكتفاء بتنفيذ ما ورد في القانون الجزائي التونسي.
وكشف طارق الفتيتي، النائب الثاني لرئيس البرلمان، عن طبيعة الصراعات التي برزت بين السلطات الدستورية الثلاث، مؤكداً محاولة كل طرف الاستفادة القصوى من «خوف التونسيين من انتشار فيروس كورونا ليوسع صلاحياته، ومن ذلك استدعاء رئيس البرلمان رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ لمساءلته أمام النواب حول التدابير المتخذة لحماية تونس من انتشار الوباء، وأيضاً امتناع الفخفاخ عن الحضور، وتوجهه في المقابل إلى لقاء الرئيس قيس سعيد». وللبرهنة على صحة حديثه، خرق الفتيتي واجب التحفظ ليؤكد بالفعل وجود صراع سياسي حقيقي بين الرئاسات الثلاث خلال الفترة الحالية. وقال إن رئيس الحكومة رفض الحضور الثلاثاء الماضي اجتماع مكتب المجلس ورؤساء الكتل، واكتفى بإخبار البرلمان بذلك عبر اتصال هاتفي «بطريقة فيها الكثير من التعالي، واحتقار للمجلس ونواب الشعب»، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، اعتبر بعض السياسيين أن تونس تعيش حالة طوارئ منذ سنوات، وهو وضع يتيح لوزارة الداخلية والولاة اتخاذ تدابير استثنائية في حالة «الخطر الداهم» دون حاجة إلى إقرار حظر التجول. وقد تعرض الإجراء الرئاسي إلى انتقادات حادة؛ إذ اعتبر أحمد نجيب الشابي، مؤسس حزب «الحركة الديمقراطية»، المعارض، أن إعلان رئيس الدولة حظر التجوال ليلاً، ومطالبة البرلمان بإقرار تشريعات وقوانين إضافية «يؤكد وجود صراع محتدم على النفوذ والصلاحيات بينهما». وطالب الرئيس سعيد باتخاذ مبادرة قانونية على مستوى رئاسة الجمهورية، تتمثل في مشروع قانون يساعد المتضررين، ويمدد تسديد القروض البنكية، ملمحاً إلى أن هذا القرار قد يتجاوز صلاحيات الحكومة.
وكان الرئيس قد دعا السلطة التشريعية (البرلمان) إلى أن تضع في قادم الأيام التشريعات الضرورية حتى يظهر التآزر الفعلي بين المواطنين، خاصة فيما يتعلق بالتعويض للمتضررين من الإجراءات الوقائية، التي اتخذتها السلطات العمومية، ومنعته من العمل، مقترحاً في هذا الشأن إمكانية إقرار إجراءات تتعلق بـ«إعادة جدولة الديون لمن أجبر على تعليق نشاطه الاقتصادي».
كما أشار الشابي إلى وجود صراع صلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، الذي استدعى رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة إلى مكتبه للتشاور، في حين أن الدستور التونسي والنظام الداخلي للمجلس لا يتضمنان ما يخوّل له التدخل في عمل سلطة مستقلة عنه من الناحية الدستورية.
على صعيد متصل، انتقد خالد الكريشي، رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بالبرلمان، تطبيق قانون الأمراض السارية بعد صدور أمر حكومي بإضافة «فيروس كورونا» للأمراض السارية، معتبراً أن هذا الإجراء «غير كاف بالمرة نظراً لوجوب المرور بمراحل قضائية ضد المخالفين للإجراءات، خلافاً لأمر حالة الطوارئ الذي يتيح مجموعة من الصلاحيات خارج المسار القضائي، بما يتماشى مع الخطر الحالي، وعلى رأسها فرض منع التجمعات، والإقامة الإجبارية على من يرفض الحجر الصحي الذاتي».
وفي حين أعلنت الحكومة أنها تعتمد قانون الأمراض السارية، والفصل 312 من القانون الجزائي، الذي يقضي بالسجن لمدة ستة أشهر لمن يخالف الإجراءات القانونية، فإن البرلمان اعتبر أن الأزمة تتطلب اعتماد الأمر المتعلّق بحالة الطوارئ، فيما ذهبت رئاسة الجمهورية نحو حظر التجوال ليلاً فقط.
وزراء سابقون يؤسسون «جبهة سياسية» ضد الائتلاف التونسي الحاكم
الخميس 19 مارس 2020
تونس: كمال بن يونس
أسس عدد من الوزراء والمستشارين السابقين للرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي، رفقة نخبة من النقابيين واليساريين ورجال أعمال، قيادة جديدة لحزب «نداء تونس» الذي حكم البلاد ما بين 2014 و2019، وذلك بهدف إحداث «نواة جبهة سياسية ضد الائتلاف الحاكم».
وأعلن عدد من كوادر هذا الحزب إنشاء قيادة مركزية جديدة، عيّن على رأسها وزير الخارجية السابق والقيادي في الحزب خميس الجهيناوي الذي تم عزله مع وزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدي، بعد ثلاثة أيام فقط من تسلم الرئيس التونسي الجديد قيس سعيد مهامه في قصر قرطاج. وقد رفض سعيد مقابلتهما، ولم ينظم لهما «جلسة توديع وشكر»، مثلما فعل مع بقية المستشارين والوزراء المقربين من قائد السبسي.
ولا تضم القيادة الجديدة لحزب «نداء تونس»، حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الراحل الذي يتهمه خصومه بأنه كان سبباً في انشقاق عدد كبير من مؤسسي الحزب وكوادره. كما تسببت الخلافات بين حافظ قائد السبسي، وعدد من قيادات الحزب في تأسيس أحزاب نافسته في انتخابات الخريف الماضي الرئاسية والبرلمانية، ومن بينها «تحيا تونس»، بزعامة رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد، و«مشروع تونس» بزعامة الوزير محسن مرزوق، المستشار السياسي الأول للباجي قائد السبسي. ونتيجة لذلك لم يفز حزب السبسي في الحكومة الائتلافية الجديدة إلا بمقعد واحد، أسند لأمينه العام رجل الأعمال علي الحفصي.
وأسندت في القيادة الجديدة للحزب مسؤوليات مهمة لعدد من الوزراء والمستشارين السابقين للسبسي، بينهم أحمد ونيس وزير الخارجية الأسبق، وخالد شوكات الوزير الناطق الرسمي باسم حكومة الحبيب الصيد، والمستشار السياسي للسبسي والزعيم اليساري السابق نور الدين بن نتيشة، ورجل الأعمال والبرلماني منير بن ميلاد، والوزير المستشار في قصر قرطاج رضا بالحاج، إضافة إلى وزير الشؤون الدينية العروسي الميزوني، والمستشارة ربيعة النجلاوي، ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب «النداء» المحامي الفاضل بن عمران.
كما تضم القيادة الجديدة سياسيين بارزين، سبق أن تحملوا مسؤوليات في القيادة المركزية الموسعة لحزب «النداء»، أو أحزاب أخرى، وفي منظمات نقابية وسياسية وحقوقية.
من بينهم المحامي عبد الستار المسعودي، والجامعي منذر بالحاج علي، والزعيم النقابي السابق الهادي الغضباني، والمؤرخ والحقوقي اليساري مصطفى التواتي، ونخبة من النساء الناشطات المعروفات.
يذكر أن خميس الجهيناوي، الرئيس الجديد لحزب «نداء تونس»، تقلد خلال 37 عاماً من مسيرته عدة مسؤوليات دبلوماسية وسياسية، من بينها سفير تونس في بريطانيا لمدة سبعة أعوام، وفي روسيا لمدة خمسة أعوام. وقد عينه قائد السبسي في 2014 وزيراً مستشاراً دبلوماسياً، ثم وزيراً للخارجية خلفاً للطيب البكوش الذي عين أميناً عاماً للاتحاد المغاربي في الرباط. وقد سبق أن وجهت تهمة «التطبيع» إلى الجهيناوي؛ لكن الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي دافع عنه بقوة، وقال إن تعيينه في المكتب الدبلوماسي في تل أبيب «كان ضمن خطوة اتخذتها عدة حكومات عربية وعالمية... دعماً لجهود السلام».
ويرى بعض المراقبين أن طريقة إقالة الجهيناوي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي جلبت له تعاطفاً بين رفاقه في قيادة حزب «نداء تونس»، فاختاروه رئيساً جديداً لهم. وقد تباينت مواقف الإعلاميين والسياسيين من اعتراض الرئاسة التونسية على اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة بتعيين الجهيناوي خليفة للبناني غسان سلامة على رأس البعثة الأممية في ليبيا، وهو ما حرم تونس من فرصة الفوز بمنصب أممي كان سيخدم مصالحها الكبيرة في ليبيا. |
|