|
|
التاريخ: آذار ١٦, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
المسماري: متمسكون بإخراج «المرتزقة» من طرابلس |
قال إن الجيش يسيطر على 90 % من العاصمة وملتزم بحماية المدنيين |
القاهرة: «الشرق الأوسط»
شدّد المتحدث باسم «الجيش الوطني الليبي» اللواء أحمد المسماري على تمسك قواته بـ«إخراج المرتزقة» من طرابلس، مشيراً إلى أن عدم حسم معركة طرابلس، رغم قرب مرور عام على انطلاقها «يعود بالدرجة الأولى إلى التزام القيادة العامة للجيش الوطني بالحفاظ على المدنيين والممتلكات داخل العاصمة»، التي تضم تقريباً أكثر من مليوني مواطن «تتخذهم الميليشيات والجماعات الإرهابية دروعاً بشرية».
وشدد المسماري، في مؤتمر صحافي عقده في أحد فنادق القاهرة، أمس، على أن «إعلانات القيادة العامة للجيش أنها تسيطر على أكثر من 90 في المائة من أرضي طرابلس ليست محل تشكيك، وإن كانت تتضمن إلى جوار السيطرة العسكرية المباشرة للجنود على الأرض، سيطرة على كامل المجال الجوي».
وأشار إلى أن «القيادة العامة للجيش لم تحدد توقيتاً معيناً لدخول العاصمة، كون أن لكل معركة حساباتها، ولا أحد يعرف متى ستنتهي المعركة الراهنة أو أين... فقد تنتهي بالجنوب أو الشرق؛ كون المعركة التي يخوضها الجيش حالياً هي ضد الإرهاب، وبالتالي أينما وجد الإرهاب سيكون هناك ما يقرب من 85 ألف مقاتل من الجيش الوطني في انتظاره».
وشدد في الوقت نفسه على أن «الجيش لم يتردد عن قبول الانخراط في المساعي نحو الحل السياسي، لكن كانت النتيجة دائماً إفشالها من قبل الطرف الآخر». وكشف للمرة الأولى أن عدد ضحايا الجيش وصل إلى أكثر من 7 آلاف قتيل، فضلاً عن آلاف الجرحى، وإن لم يحدد المدة الزمنية التي سقط خلالها هؤلاء. وأكد أن «الجيش متمسك بخروج المرتزقة والقوات التركية»، وأنه «استطاع بالفعل استهداف القوات التركية في معيتيقية ونجم عن ذلك سقوط قتلى بصفوف الأتراك».
ورفض المسماري التعويل على ما يُطرح من وجود مسارات جديدة للحل السياسي عبر استبدال رئيس حكومة «الوفاق» فايز السراج بوزير داخليته فتحي باشاغا، ليكون ذلك مدخلاً للحل، في ظل حديث عن محاربة باشاغا للميليشيات في العاصمة. وقال: «الحقيقة أن وزير الداخلية يحاول السيطرة على العاصمة عبر ميليشيات مصراتة الموالية له، وعبر ما تم جلبه من مرتزقة، والكل يعرف ذلك المخطط ويعارضه داخل العاصمة».
وأعرب المسماري عن أمله في ألا يواصل المبعوث الأممي الجديد «المسارات الخاطئة نفسها التي اعتمد عليها من سبقوه في التعامل مع الأزمة باعتبارها أزمة سياسية، وتجاهل حقيقة كونها أزمة أمنية بالمقام الأول». وأشار إلى أن «عدد المرتزقة السوريين الذين جلبهم الرئيس التركي رجب إردوغان إلى ليبيا بلغ 7500 شخص، فضلاً عن ألف ضابط وفرد تركي، وعملية جلب هؤلاء المرتزقة لا تزال مستمرة، ويتراوح معدل ما يصل للغرب الليبي من 300 إلى 400 مرتزق أسبوعياً». وقدر عدد «الإرهابيين الذين جلبتهم تركيا من (جبهة النصرة) و(داعش)» بنحو 2000 إرهابي.
واعتبر المتحدث أن العملية العسكرية التي ستطلقها الدول الأوروبية في البحر المتوسط لمراقبة منع وصول المرتزقة ومراقبة تطبيق حظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، هدفها الأول حماية الشواطئ الأوروبية لا أراضي ليبيا، موضحاً: «باتوا يعرفون أن إردوغان يبتزهم الآن بإرسال اللاجئين من سوريا، وبالمستقبل قد يبتزهم بإرسال الإرهابيين من ليبيا».
وقال المسماري: «رغم تحويل إردوغان الدولة الليبية لسوق دولية للبشر، فالليبيون جميعاً يدركون أن معركتهم مع إردوغان وأفكاره التي جعلت من تركيا مأوى يحتضن كبار قادة الإرهاب بالعالم، لا مع الشعب التركي». ووصف إردوغان بأنه «بات الأمير الفعلي لجماعة الإخوان والجماعات الإرهابية كافة»، متهماً إياه وقيادات حكومة «الوفاق» بـ«سرقة واستنزاف الثروات الليبية»، موضحاً أن «هناك أكثر من 50 مليار دينار ليبي هربت إلى تركيا... كما كان يشتري النفط السوري من (داعش) بسعر زهيد، وها هو يشتري النفط الليبي الخام وبأسعار زهيدة من جماعة (الإخوان)، التي تسيطر على المراكز والمؤسسات الاقتصادية الليبية ليبيعه للشركات الأجنبية في بلاده مع مضاعفة الأسعار، فضلاً عن سرقة مصنع كامل للأدوية ونقله لبلاده».
وقال إن القواعد العسكرية التي أنشأها الأتراك مواقعها في مصراتة وطرابلس وزوارة، إضافة إلى محطات رادار وصواريخ في مطار مصراتة وقرب معيتيقة. وجدد تأكيده أن الجيش الوطني «لا يحارب سعياً وراء سلطة أو ثروة نفطية، وإنما سعياً لضمان أمن واستقرار الدولة الليبية، وسيشرع عقب دحر الإرهاب في التوجه للمسار السياسي وإجراء انتخابات ديمقراطية».
وبخصوص التزام الجيش بالهدنة، رغم الشكوى من قيام قوات «الوفاق» والميليشيات المسلحة الموالية بخرقها يومياً، أجاب المسماري: «هذا قرار القائد العام، وإلى الآن نحن ملتزمون بالهدنة رغم رصدنا أكثر من 40 و50 خرقاً يومياً، منها خروقات بصواريخ (غراد)، وبالطائرات التركية المسيرة».
ولمح إلى الجيش قد قبل بالهدنة من البداية رغم تقدمه بدرجة كبيرة داخل العاصمة، كاستجابة لطلب الأصدقاء الروس ولإثبات حسن النيات للعالم.
ورغم نفيه أنباء ترددت عن زيارة المشير خليفة حفتر لسوريا مؤخراً، رفقة وفد عسكري، ولقائه مع قيادات بجهاز المخابرات السوري، لم يغلق المتحدث العسكري الباب كلياً، ملمحاً لإمكانية أن يكون «هناك تعاون استخباراتي مستقبلي مع الدولة السورية، وتحديداً بشأن الملفات الأمنية لمن ذهب لسوريا من الليبيين بداية الأزمة السورية أو من وفد من المرتزقة السوريين إلى ليبيا بالشهور الأخيرة».
وكان الجيش الوطني الليبي، بقيادة حفتر، أعلن، أمس، إسقاط طائرة «درون» تركية هي الأحدث من نوعها في سلسلة الطائرات المماثلة التي أسقطها منذ بدء هجومه في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي لتحرير طرابلس. وطبقاً لبيان بثته شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش، فإن «منصات الدفاع الجوي التابعة له في قاعدة الجفرة العسكرية أسقطت طائرة تركية مسيرة تعمل على عمليات الرصد والتصوير، بعدما تم رصدها تحوم فوق سماء القاعدة».
وقال مسؤول بارز في «الجيش الوطني» لـ«الشرق الأوسط» إن «الطائرات المسيرة التركية أصبحت كاللعبة بيد دفاعاتنا الجوية». لكنه لفت في المقابل إلى «قيام تركيا على ما يبدو بتزويد الميليشيات الموالية لحكومة السراج بذخائر مدفعية بأعداد كبيرة»، موضحاً أن «هذه الميليشيات لم تكن تمتلك مؤخراً الذخائر المدفعية، وأغلب رمايتها لا تنفجر، لأنها مخزَّنة بشكل سيئ، وأحياناً من دون صمام تفجير».
وأشار إلى أن «الأتراك زودوا الميليشيات بالمدفعية للتأثير في المناطق التي حررها الجيش، بهدف تسهيل وصول القذائف إليها، ما يسبب هلع المواطنين، خصوصاً بعد أن عجزت الميليشيات عن تحقيق أي تقدم ميداني». وأضاف: «بعد استهداف أطقم المدفعية التركية هرب الأتراك الذين يعملون على المدافع، وأصبحت الميليشيات هي من يستعمل هذه المدافع بشكل عشوائي لإيقاع الخسائر بالمدنيين».
في المقابل، تحدث آمر غرفة السيطرة في قوات «عملية بركان الغضب»، سالم أبوراي، الموالية لحكومة السراج، عن «التصدي لمحاولة تقدم في محوري صلاح الدين وعين زارة، قامت بها قوات الجيش الوطني التي تكبدت خسائر».
«إخوان» ليبيا يطالبون أميركا بمواجهة «دور روسيا»
القاهرة: جمال جوهر
وسط تدفق المقاتلين السوريين والأتراك على طرابلس، انشغلت القوى المنضوية تحت راية تيار الإسلام السياسي في ليبيا، الممثلة في تنظيم «الإخوان» و«الجماعة الليبية المقاتلة» الموالين لحكومة «الوفاق»، بالبحث عن توسيع النفوذ الأميركي في البلاد لمواجهة «التدخلات الروسية». وسعت تلك القوى على المستوى الرسمي والفردي إلى الدفع في هذا الاتجاه، متغاضية عن أدبياتها القديمة برفض التعامل مع أميركا.
ودعا رئيس «المجلس الليبي - الأميركي» القيادي في «الإخوان»، الدكتور عصام عميش، حكومة «الوفاق»، في تصريح نقلته وسائل إعلام محلية، إلى «تكثيف دورها الدبلوماسي حول العالم، لتفعيل التوجه للحل السياسي»، فيما رأى أن الطرف الأميركي «معني بشكل أساسي بتحجيم الدور الروسي في الحرب على طرابلس».
ما فعله عميش تسوّق له منذ فترة شخصيات تقيم في أنقرة والدوحة، بضرورة أن يكون لأميركا دور «لإحداث توازن عسكري» في حرب طرابلس. وتتهم سلطات طرابلس قوات «الجيش الوطني» بالاستعانة بمقاتلين «مرتزقة» من شركة «فاغنر» الروسية، في حرب طرابلس التي اقتربت من إتمام عامها الأول منذ اندلاعها في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي، لكن الجيش ينفي هذه الاتهامات، ويرى أنها تستهدف التغطية على جلب «الوفاق» مقاتلين أجانب من الميليشيات السورية التابعة لتركيا.
ورأى الناشط المدني الليبي يعرب البركي أن «ما يقوم به الإخوان وحلفاؤهم في ليبيا محاولة لإعادة تدويرهم للاستمرار بالسلطة، وذلك من خلال التهويل بوجود دور روسي في حرب طرابلس»، لافتاً إلى أنهم «يحاولون أن يقدموا أنفسهم كشريك موثوق به مع دول الغرب، بضمانة أنهم يستطيعون رعاية مصالحهم في ليبيا، وأنه يمكن استخدامهم كورقة ضغط في مواجهة (الجيش الوطني) لتحقيق هذا التوازن الدولي».
وقال البركي، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، إن «استجداء الإخوان لأميركا بالتدخل في البلاد محاولة للدفع بالصراع لحافة الهاوية لتحقيق مكاسب على طاولة التحاور، وهذا النموذج من العمل السياسي يديره الجانب التركي لأنه يمارس هذا التكتيك في كل الأزمات التي يدخلها».
وكان فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق»، قد دعا الولايات المتحدة، نهاية الشهر الماضي، إلى إقامة قاعدة عسكرية في غرب البلاد. وقال حينها لوكالة «بلومبرغ» إن حكومته اقترحت على أميركا استضافة قاعدة عسكرية في ليبيا، وهو ما أرجعه البركي إلى أنهم «يحاولون إقناع المجتمع الدولي بأنهم لا يزالون يملكون القوة، والحاضنة المجتمعية لتحقيق ذلك، وهذا محض كذب».
وذهب إلى أنه «لاعتبارات كثيرة، يمكن القول إن المجتمع الدولي لن يتدخل لصالح الإخوان وحكومة (الوفاق) وحلفائهم، سوى ما يتلقونه من دعم تركي. فلا أحد في المجتمع الدولي يثق بهم اليوم، خصوصاً أنهم بتوقيع اتفاقية الحدود البحرية مع أنقرة عمقوا الأزمة في شرق المتوسط».
ودافع دبلوماسي ليبي عن توجهات حكومة «الوفاق»، فيما يتعلق بتوسيع دائرة البحث عن مساندين لها في الحرب التي وصفها بـ«الظالمة»، وقال: «يجب أن تكون ساحة العمل الدبلوماسي موازية لساحة الحرب، بهدف البحث عن أصدقاء على المستوى الدولي». لكنه اعترض، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، على «إقحام قيادات الإخوان أنفسها في هذا الملف، نظراً لأن هذا من صميم العمل الدبلوماسي للخارجية الليبية».
ودفع في هذا الاتجاه رئيس المجلس الأعلى للدولة القيادي بتنظيم «الإخوان»، خالد المشري، خلال لقاءات كثيرة عقدها داخل البلاد وخارجها، بالإضافة إلى باشاغا الذي تعهد للسفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، بإعادة النظر في وجود الميليشيات المسلحة، بجانب تحركات أطراف موالية لحكومة «الوفاق»، مثل رئيس مجلس الدولة السابق عبد الرحمن السويحلي، إذ دعا خلال لقاءات نورلاند في تونس إلى «أهمية تطوير موقف الإدارة الأميركية ضد التدخلات الخارجية الداعمة للجيش الوطني بالمرتزقة والسلاح»، متهماً روسيا بـ«التدخل في الشأن الليبي، ومفاقمة الأزمة، وزيادة عدد الضحايا المدنيين نتيجة القصف المدفعي العشوائي الذي يُشرف عليه المرتزقة الروس».
ونفت روسيا بشكل رسمي أن تكون قد دفعت بمقاتلين إلى ليبيا للحرب مع «الجيش الوطني»، لكن «الوفاق» تعلن من وقت إلى آخر أنها قتلت عناصر من «فاغنر»، كما قالت إنها اقتحمت «مقر إقامتهم» قرب نقاط الاشتباك، وعثرت على أوراق ومتعلقات شخصية لهم.
ورأى عميش أن الدور الأميركي لا يزال ضعيفاً، لافتاً إلى أن دور الليبيين في الولايات المتحدة، من خلال التحالف الليبي - الأميركي، وحكومة «الوفاق» وغيرها، يرى «عدم الاعتماد على طرف دولي دون غيره، بل التعاون على ما يراه الشعب، أو الأفضل».
وفي موازاة «استجداء» حكومة «الوفاق» للإدارة الأميركية بضرورة الاضطلاع بدور أكبر في حرب طرابلس، بهدف إحداث توازن مع الدور الروسي، يرى متابعون أن سلطات طرابلس تغض الطرف عن الاستعانة بمئات المرتزقة من السوريين والجنود الأتراك، بينما رصدت الحكومة الموازية في شرق ليبيا تورط تنظيم «الإخوان» في طرابلس بحملة ضد القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر في الخارج، من خلال تنظيم حملة مرئية متجولة في العاصمة الكندية أوتاوا، قالت حكومة «الوفاق» إنها تستهدف «عرض مشكلات حقوق الإنسان في ليبيا».
وكان مركز «كارنيغي» قد نقل عن ضابط سابق في الجيش السوري من داخل طرابلس أنهم «جزء من فرقة أكبر مؤلفة من نحو ألفي عنصر ميليشياوي سوري بدأوا بالوصول قبل شهر، فضلاً عن عسكريين أتراك». وقال إنه «يُرتقَب قدوم 6 آلاف مقاتل سوري إضافي».
وسبق للحكومة الموازية بشرق ليبيا استقبال مدير مركز الشراكة الدولية والتعاون التجاري الروسي ستنسلاف كودرايشوف، وعضو لجنة الرقابة في المركز ديميتري كاشيني، نهاية الأسبوع الماضي، وهو ما يؤشر إلى تعميق العلاقات بين الجانبين.
وانتهى الناشط الليبي إلى أن «المجتمع الدولي بات مهتماً بالبحث عن واجهات جديدة في ليبيا، غير الإخوان، بعدما تأكد له أن هذا التنظيم، ومن تحالف معه، كان سبباً في تراجع نسب حضوره الإيجابي في الشارع الليبي». |
|