|
|
التاريخ: آذار ٩, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
جدل في الجزائر حول «المظاهرات غير المرخصة» |
الشرطة تنفي وناشطون يؤكدون تعرض مشاركين في الحراك لانتهاكات |
الجزائر: بوعلام غمراسة
تجدد الجدل في الجزائر حول المظاهرات غير المرخّصة، حيث أمرت محكمة بالعاصمة أمس، بالإفراج عن العديد من الأشخاص الذين اعتقلوا أول من أمس في مظاهرات، باستثناء الصحافي خالد درارني ممثل «محققون بلا حدود بالجزائر» والناشط السياسي سمير بلعربي.
وتجمَع صحافيون أمام «محكمة سيدي امحمد»، رافعين صور درارني وبعض الناشطين، عندما كانوا بمكاتب النيابة للرد على تهمة «التحريض على التجمهر بدون ترخيص». وكتب المتظاهرون على لافتات عدة مصنوعة من ورق «الصحافة ليست جريمة... أطلقوا سراح خالد درارني» و«عدالة حرة ومستقلة» و«دولة مدنية لا بوليسية». وكان الصحافي خالد بصدد أخذ صور لمتظاهرين، السبت، حينما اعتقله رجال أمن واقتادوه إلى مركز أمني بالضاحية الشرقية للعاصمة، حيث قضى الليلة رفقة ناشطين سياسيين، بينهم سمير بلعربي الذي حصل على حكم بالبراءة قبل شهر، بعد سجن دام 5 أشهر بتهمة «إضعاف معنويات الجيش». وتم استجواب المعتقلين حول أسباب مشاركتهم في المظاهرة، بحجة أنها لم تكن مرخَصة.
واللافت أن المظاهرات في إطار «حراك الجمعة» واحتجاجات طلاب الجامعات يوم الثلاثاء، تجري من دون ترخيص. وفي العادة لا تجد السلطات مانعاً في تنظيم مظاهرات في العاصمة، عندما لا تكون هي هدفا من طرف المحتجين.
وقال عبد الرحمن صالح، محامي معتقلين من الحراك، إن النيابة أمرت بإعادة درارني وبلعربي إلى مركز الأمن ليبيتا ليلة أخرى، على أن يعرضا عليها مجددا اليوم. وعبّر والد الصحافي، الذي كان بالمحكمة، عن تشاؤمه عندما أعيد ابنه إلى مقر الأمن «كافينياك» بوسط العاصمة، المعروف بكونه معتقلا مؤقتا للمئات من الناشطين في الحراك.
ونفت مديرية الشرطة «قطعيا»، مشاهد عنف وضرب وسحل على أيدي عناصر مكافحة الشغب في شوارع العاصمة، ضد متظاهرين، خلال محاولاتهم منع مظاهرات السبت. وقالت مديرية الشرطة، أمس في بيان، إنها تكذّب «ما روّجته بعض المواقع الإخبارية وصفحات شبكات التواصل الاجتماعي، من منشورات مفادها أن مصالح الشرطة استعملت القوة ضد متظاهرين، السبت، وسط العاصمة». وأفادت بأن قوات الأمن «لاحظت مظاهرات غير مرخصة بأحد شوارع العاصمة، حيث احتل محتجون الطريق العام ما أدى إلى عرقلة حركة المرور بشكل كامل، وتسبب أيضاّ في غلق بعض المحلات التجارية. وعلى هذا الأساس تدخلت مصالح الشرطة، وفق القوانين والتنظيمات المعمول بها في مثل هذه الحالات، للمحافظة على النظام العام وإعادة فتح حركة المرور، وبسط الطمأنينة في نفوس المواطنين».
وذكرت مديرية الأمن أنها اعتقلت «عدداً من المشاركين في المظاهرة، وأخلي سبيل غالبيتهم في نفس اليوم فيما تم تقديم البعض أمام الجهات القضائية للنظر في حالاتهم». وأشارت إلى أنها «ستظل، وفاء لتعهداتها الدستورية، حريصة على حماية الأشخاص والممتلكات وساهرة على ضمان الطمأنينة والسكينة العامة، وعلى راحة المواطن وأمن البلاد».
ونشر أمس ناشطون بالحراك صور فيديو، تظهر سحل امرأة كانت مع المتظاهرين بالعاصمة يوم السبت. وكان شرطي يحمل هراوة، يستعد لضربها فيما كان ثلاثة رجال على قارعة الطريق يتابعون المشهد. وفي صور فيديو أخرى، يبدو عناصر من الشرطة يطاردون متظاهرين يجرون في عدة اتجاهات، يحاولون الإفلات من العصيّ. وقد تعرض بعضهم للضرب بشكل عنيف. وكان لافتاً أن نشر هذه المشاهد، هو لتكذيب مضمون بيان مديرية الأمن. وأعلن محامون عن إيداع شكوى لدى النائب العام، للمطالبة بمتابعة مسؤولي الأمن بالعاصمة، على إثر مشاهد العنف التي أثارت صدمة لدى سكان العاصمة.
مطالب بـ«ردع التعذيب» في مراكز الأمن بعد اعتقال متظاهرين
عودة الجدل حول «تغوّل البوليس السياسي وضرورة تفكيكه»
الأحد 08 مارس 2020
الجزائر: بوعلام غمراسة
عاشت العاصمة الجزائرية أمس توترا حادا بسبب مشادات جسدية بين مئات المتظاهرين وقوات الأمن، التي لجأت للقوة لمنعهم من تنظيم احتجاج، أرادوه تكملة للحراك الأسبوعي، الذي يجري كل يوم جمعة. وطالب ناشطون ومناضلو حقوق الإنسان من السلطات اتخاذ «إجراءات رادعة ضد أعمال عنف»، كان ضحيتها صحافيون ومتظاهرون أول من أمس خلال احتجازهم في مراكز الشرطة بالعاصمة وخارجها.
وأعلن الصحافي كمال درارني، المتحدث باسم «فريق الصحافيين المتحدين»، عن اعتقال الناشط سمير بلعربي، الذي غادر السجن منذ فترة قصيرة، بعد أن قضى خمسة أشهر تحت طائلة تهمة «إضعاف معنويات الجيش». وقد أعلن الصحافي نفسه في وقت لاحق أن الشرطة اقتادته إلى مراكزها. كما أعلن درارني قبل أسابيع قليلة أن عناصر من المخابرات أمروه بالتوقف عن بث صور المظاهرات، «وإلا سيكون مصيرك السجن».
وكان بلعربي وسط المتظاهرين في مدينة الجزائر العاصمة، وتداول أصدقاؤه على منصات التواصل الاجتماعي صور رجال أمن يحملونه خارج المظاهرة. وكان تعرض للاعتقال لمدة ساعات، بعد أسبوع من خروجه من السجن. وانتشرت بقوة صور فيديو عديدة، تظهر خشونة في تعامل رجال قوات الأمن مع المتظاهرين. وبدا من خلال تصرفاتهم أنهم تلقوا أوامر صارمة بعدم السماح بالمظاهرة تحت أي ظرف.
ونشرت السلطات منذ الصباح العشرات من عناصر مكافحة قوات الشغب داخل أهم الشوارع، وخاصة في شارعي «ديدوش مراد» و«فكتور هيجو»، بعد أن بلغها أن متظاهري حراك الجمعة يعتزمون تنظيم احتجاج في اليوم الموالي للتنديد بـ«الدولة العسكرية»، والمطالبة بـ«الدولة المدنية». وشهدت بعض الأزقة بالشوارع الكبيرة كرا وفرا وملاحقات للمتظاهرين، ممن حاولوا الإفلات من هراوات رجال الشرطة.
وجرى اعتقال ناشطين بارزين بالحراك، عرفوا خلال كل أيام الأسبوع بدعوات تكثيف الاحتجاج، وتصميم شعارات ولافتات ترفع في الاحتجاجات، التي باتت السلطات منزعجة منها للغاية. وفي العادة يدوم احتجاز المتظاهرين بمراكز الشرطة إلى بداية الليل ليطلق سراحهم بعد أن تتلاشى المظاهرة.
وكتب عبد الغني بادي، «محامي مساجين الحراك»، بحسابه بفيسبوك: إن «تعذيب طابو (سياسي يقبع في السجن منذ 5 أشهر) وتعذيب حساني (شرطي تم فصله بسبب مساندته المتظاهرين)، وتعذيب دواجي (ناشط مسجون)، وقمع المواطنين وسحلهم وسبهم، وشتمهم وضربهم بالهراوات واعتقالهم، كلها انتهاكات لا يجب السكوت عنها، ويجب تقديم الشكاوى والبلاغات في أقرب وقت ممكن، وعلى وزير الداخلية ووزير العدل تحمل مسؤولياتهما». مضيفا أن محاربة التعذيب والمعاملة القاسية «هي معركتنا الأساسية ضد حكم التسلط، ولا يمكن أن نخطو خطوة واحدة ونحن نعيش تغول البوليس السياسي، بذهنية ستينات القرن الماضي».
وأثار محامون وأعضاء بـ«الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، موضوع «تغوّل البوليس السياسي وضرورة تفكيكه»، وهو جدل قديم مستمر منذ تأسيس المخابرات الجزائرية أيام الاستعمار الفرنسي.
من جهته قال ناصر جابي، الأستاذ الجامعي المختص في علم الاجتماع، إن «حالات الإهانة والضرب والاعتداء الجسدي، وغيرها من أشكال سوء المعاملة، التي بدأ الحديث عنها تتواتر منذ تصريحات كريم طابو في المحكمة، لا يجب السكوت عنها ولا بد أن تتحول إلى قضية رأي عام، ومساءلة لمؤسسات الدولة التي يفترض أنها حامية لها». في إشارة إلى تصريحات مثيرة للمناضل السياسي طابو يوم محاكمته الاثنين الماضي، جاء فيها أن الفترة التي قضاها في الاحتجاز الإداري الأمني، اتسمت بالضرب والعنف، ودعا وزير العدل إلى فتح تحقيق في القضية.
وكان كمال شيخي، تاجر اللحوم المسجون في «قضية 7 ملايين طن كوكايين»، قد اشتكى هو أيضا من «التعذيب» أثناء محاكمته الأسبوع الماضي، وذلك خلال فترة التحقيق معه بمقر الدرك، حسب تصريحاته. ولم يصدر عن أي جهة أمنية أو سياسية حكومية رد فعل بشأن الاتهامات بالتعذيب، وبارتكاب تجاوزات في ميدان حقوق الإنسان. وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد تعهد بـ«محاربة كل الممارسات المشينة، التي سادت في العهد القديم». في إشارة إلى فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة التي دامت 20 سنة. |
|