| | التاريخ: شباط ٢٧, ٢٠٢٠ | المصدر: جريدة الشرق الأوسط | | تشييع مبارك في جنازة عسكرية بحضور السيسي... ومشاركة رسمية كبيرة | رموز النظام السابق في صدارة المودّعين... وتنكيس الأعلام وإعلان الحداد | القاهرة: محمد نبيل حلمي
وسط حشد من أركان رموز نظامه، وبحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكبار مسؤولي الدولة، شيعت القاهرة أمس، جثمان الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي توفي عن عمر ناهز 92 عاماً، ودُفن في مقابر العائلة في العاصمة المصرية.
وفي جنازة عسكرية تقدمها حَمَلة النياشين، أدى المشيّعون صلاة الجنازة ظُهر أمس، على الرئيس المصري الأسبق في مسجد «المشير حسين طنطاوي» (شرق القاهرة)، فيما ضربت المدفعية 21 طلقة للوداع، وفق المراسم المقرّرة لجنازات العسكريين.
وتولى مبارك حكم البلاد لثلاثين عاماً، وكان قائداً للقوات الجوية بالجيش المصري في أثناء حرب «أكتوبر (تشرين الأول) 1973»، والتي خاضتها مصر لاسترداد سيناء من الاحتلال الإسرائيلي.
ووُضع جثمان مبارك ملفوفاً بعَلَم مصر فوق حاملة عسكرية أمامها الخيول، وتقدم جنود يحملون باقات ورود للتعزية، تحمل أسماء مسؤولين حاليين، بينهم رئيس البلاد ورئيس البرلمان، فيما انتظم جنود آخرون في مشية عسكرية للتشييع، وكان ذلك على وقع انطلاق صوت المدفعية، وعزف الموسيقى الجنائزية.
وفي الصف الأول لمودعي مبارك كان إلى يسار الرئيس السيسي، رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الفريق محمد فريد، وإلى جانبه نجلا مبارك علاء وجمال. كما حضر في المقدمة الرئيس المؤقت الأسبق للبلاد عدلي منصور، ورئيس البرلمان علي عبد العال، ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي، وعدد كبير من الوزراء، فضلاً عن شيخ الأزهر أحمد الطيب، وبابا الأقباط تواضروس الثاني.
وشارك في مراسم الجنازة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر أسامة بن أحمد نقلي، والملحق العسكري بالسفارة العميد خليل المنقور.
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، قد أرسلا برقيتي عزاء ومواساة إلى الرئيس السيسي في وفاة مبارك.
وبدا لافتاً الحشد الكبير لأركان نظام مبارك، الذين كانوا متوارين نسبياً عن الأنظار، ومنهم رئيس ديوان الرئاسة الأسبق زكريا عزمي، ورئيس البرلمان الأسبق فتحي سرور، وأمين التنظيم بالحزب الوطني (الحاكم سابقاً والمنحلّ راهناً) أحمد عز، ورئيس الحكومة السابق أحمد نظيف، والمرشح الرئاسي الأسبق أحمد شفيق.
وعقب انتهاء المراسم العسكرية، صافح السيسي نجلي الرئيس الأسبق وقرينته سوزان مبارك، وانصرف موكبه خلال دقائق. وأظهرت لقطات بثتها وسائل إعلام محلية حضوراً لمئات المواطنين خارج أسوار المسجد، ورفع بعضهم صوراً ناعية لمبارك.
وكان جثمان مبارك قد وصل قبل ظُهر أمس، على متن طائرة عسكرية إلى المسجد. وانعكست حالة الاهتمام الإعلامي الكبير على صحف القاهرة، الصادرة صباح أمس، والتي أفردت تغطيات في صفحاتها الأولى تتعلق برحيل مبارك، وتُبرز تعليقات المؤسسة الرسمية بشأن دوره العسكري في حرب أكتوبر. كما خصصت بعض الصحف اليومية صفحتها الأولى لنشر صورة كبيرة لمبارك باللونين الأبيض والأسود فقط، في دلالة على الحزن لرحيله.
وفي صفحتها الأولى نشرت صحيفة «الأهرام» المملوكة للدولة، عنوان «مبارك في ذمة الله». فيما غلبت على تغطية معظم الصحف، الطابع المحتفي بسيرة الرجل، والبعد عن إخفاقات عصره، مع استثناءات محدودة في بعض الصحف الخاصة.
وكانت الرئاسة المصرية قد أعلنت بدء حالة الحداد لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من أمس (الأربعاء)، على وفاة مبارك، وظهرت مذيعات التلفزيون الرسمي للدولة، أمس، متّشحات بملابس سوداء طول فترات تغطية التشييع، كما وضعت القنوات المحلية شريطاً باللون الأسود أعلى يسار شاشاتها.
وصباح أمس، بدأت المؤسسات الرسمية تنفيذ قرار الحداد، وتنكيس الأعلام بدواوين الدولة والمؤسسات الحكومية, فيما توالت برقيات النعي واتصالات التعازي على القاهرة، أمس أيضاً، إذ تلقى الرئيس السيسي اتصالاً هاتفياً من العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الذي أعرب عن خالص تعازيه وصادق مواساته في وفاة مبارك.
كما أرسل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تعازيه لحكومة مصر وأسرة مبارك، ونقل المركز الإعلامي للأمم المتحدة بالقاهرة عن المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، أن غوتيريش أكد في رسالته أن «مبارك قام بدور مهم في الجهود الدبلوماسية في الشرق الأوسط، بما فيها تعزيز السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ودعم مساعي جامعة الدول العربية في إنهاء الصراع في المنطقة».
وقال دوجاريك: «الأمين العام يشدد مجدداً على التزام الأمم المتحدة باستمرار العمل إلى جانب حكومة مصر وشعبها في دفع عجلة التطورات الديمقراطية في البلاد، واحترام حقوق الإنسان، والازدهار الاقتصادي لمنفعة جميع المصريين».
كما أعربت الصين عن «تعازيها العميقة» لرحيل مبارك، ومواساتها لأسرته، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان، أمس، إن «مبارك قدّم إسهامات مهمة لتعزيز العلاقات الثنائية الصينية المصرية، وسيظل في ذاكرة الشعب الصيني، وستواصل الصين العمل مع مصر من أجل تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة».
ومن السودان جاء نعي كبير لمبارك، أصدره رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ونائبه الأول الفريق أول محمد حمدان دقلو، وأعضاء المجلس، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، وأعضاء المجلس.
وذكر بيان النعي أن الأمة العربية «فقدت قائداً عربياً بارزاً، كرّس حياته ووظّف طاقاته لخدمة وطنه وأمته العربية، ورفعة شأنها عبَر مواقف مشهودة من أجل تحقيق التضامن العربي، ووهب حياته لنهضة جمهورية مصر العربية الشقيقة، والدفاع عن قضاياها بكل صدق وأمانة وإخلاص».
ونوه السودان، على وجه خاص، بمساهمات مبارك في «تعزيز العلاقات التاريخية والأخوية المتجذرة بين شعبي وادي النيل، والتي شهدت علاقاتهما تطوراً في المجالات كافة، فضلاً عن مواقف مصر الداعمة للسودان في المحافل الإقليمية والدولية».
في السياق ذاته، قدم الأمير عبد العزيز بن طلال، رئيس «المجلس العربي للطفولة والتنمية»، أصدق التعازي لمصر في وفاة مبارك. وعلى النهج نفسه أشار رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة، قائلاً إن لبنان «خسر بوفاة مبارك صديقاً وفياً ومخلصاً، وقف بقوة في أغلب المحن التي واجهته».
غموض يكتنف مصير مذكرات الرئيس الأسبق
سمير فرج سجّل جانباً منها قبل 20 عاماً
القاهرة: «الشرق الأوسط»
برحيل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، زادت التكهنات حول مصير مذكراته، خصوصاً مع تعويل البعض على الكشف عن جانب منها، اعتماداً على ما صرح به مراراً الرئيس الأسبق لجهاز الشؤون المعنوية بالجيش المصري اللواء سمير فرج، بأنه سجّل للرئيس الأسبق 54 ساعة في 18 حلقة، تتعلق بسيرة الأخير، وذلك في الفترة الممتدة بين عامي 1993 و2000. وقد حصل مبارك على مادة التسجيلات بعد الانتهاء من حديثه، وفق فرج.
لكنّ المترقبين لمذكرات رجل حكم مصر لأكثر من 30 عاماً، شهدت تحولات عربية وإقليمية ودولية بالغة الأهمية، يتوقون إلى كشف كواليس تلك الحقبة الحافلة بالأحداث، والتي كان من أبرزها «ثورة 25 يناير (كانون الثاني)2011».
ورغم أنه ندر في مصر كتابة رئيس سابق لمذكراته؛ فإن الرئيس الأول في عهد الجمهورية محمد نجيب، كانت له محاولة، تركزت بالدرجة الأولى على فترة إبعاده عن الحكم، وخلافه مع مجلس قيادة «ثورة 23 يوليو (تموز) 1952»، فيما نشر الرئيس الراحل أنور السادات كتاباً بعنوان «البحث عن الذات». لكنه كان يتحدث عن فترة ما قبل الرئاسة، بينما لم يكتب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مذكراته.
أما مذكرات مبارك فقد أُثير جدل بشأنها في السنوات الثلاث الأخيرة، إذ نفى الصحافي المصري ورئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مكرم محمد أحمد، نقلاً عن مبارك، أن يكون الأخير دوّن مذكراته، وذلك في رده على ما قاله اللواء فرج من أنها حلقات المذكرات، التي توقفت عند عام 2000 في عهد جمال مبارك، نجل الرئيس الراحل.
وستكون مسألة ظهور مذكرات كاملة لمبارك محفوفة بالعقبات، خصوصاً إذا ما كانت ستتطرق إلى دوره في الجيش، إذ إن هناك ضوابط تتعلق بنشر مذكرات العسكريين في مصر.
وسبق أن عوقب الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان الجيش المصري في حرب أكتوبر (تشرين الأول)، بالسجن بسبب ما اتّهمه به الرئيس السادات من كشف «معلومات عسكرية سرية» في مذاكراته بشأن الحرب، وتطوير العمليات ضمن ما عُرف بـ«عمليات الثغرة». | |
|