التاريخ: شباط ٢٥, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
مطالبات في الجزائر بمحاكمة بوتفليقة في قضايا فساد
النيابة العامة تطلب السجن لأحد الوجوه البارزة في الحراك 
الجزائر: بوعلام غمراسة
أودع قاضي التحقيق بمحكمة في العاصمة الجزائرية، فجر أمس، مدير التشريفات السابق في رئاسة الجمهورية الحبس الاحتياطي، بناءً على تهم فساد. ويقول محامون، إن المتابعات القضائية المتوالية ضد مسؤولين جزائريين بارزين، بتهم فساد، باتت تستدعي إحالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على القضاء هو أيضاً؛ لأن كل الذين طالتهم التهم سيّروا قطاعات مهمة تحت أوامر مباشرة منه أو من محيطه.

واتهمت النيابة بمحكمة سيدي امحمد في الجزائر العاصمة مدير التشريفات السابق في الرئاسة مختار رقيق بـ«اختلاس أموال عامة»، وهي قضية على صلة باستيراد مواد غذائية بأموال ضخمة من الخارج، في الفترة التي تولى فيها بروتوكول الرئاسة التي فاقت 8 سنوات. وكان رقيق قبلها سفيراً للجزائر لدى إيطاليا. وأفاد مصدر قضائي، طلب عدم نشر اسمه «الشرق الأوسط»، بأن رقيق متهم بـ«استغلال النفوذ» بصفته مسؤولاً كبيراً في الرئاسة، لتمكين رجال أعمال بارزين، من قروض بنكية حكومية، وتسهيلات في الاستيراد في مقابل حصوله هو على مزايا.

ويخص الأمر، بحسب المصدر نفسه، شركات للصناعات الغذائية. ويوجد مستثمران كبيران في السجن بسبب هذه القضية، هما منصور متيجي، مالك شركة للمنتجات الغذائية، وضعه قاضي التحقيق في الحبس الاحتياطي الليلة ما قبل الماضية. والعيد بن عمر، وهو أيضاً صاحب شركة للمنتجات الغذائية أودع كذلك السجن الأسبوع الماضي. وجرّت هذه القضية أمام القضاء 30 شخصاً، غالبيتهم من كوادر عدد في المصارف الحكومية. وأكد المصدر ذاته، أن العديد من المديرين التنفيذيين في وزارات وأجهزة حكومية، وكوادر بهيئات مالية، سيستدعيهم القضاء قريباً لاستجوابهم حول أدوار أدوها في تبديد أموال ضخمة خلال فترة حكم الرئيس بوتفليقة (1999 - 2019).

وحكمت محكمة سيدي امحمد، نهاية العام الماضي، بالسجن على رئيسي الوزراء السابقين أحمد أويحيى (15 سنة) وعبد المالك سلال (12 سنة)، ووزراء عدة ورجال أعمال نالوا أحكاماً قاسية، بسبب رشى و«استغلال الوظيفة بغرض تقديم تسهيلات غير مستحقة». وكان هؤلاء مقرّبين من الرئيس السابق بوتفليقة، وشقيقه السعيد الذي يقضي هو نفسه عقوبة 15 سنة سجناً، بناءً على اتهامه بـ«التآمر على سلطة الدولة والتآمر على الجيش». وتلاحق تهمة «استغلال النفوذ والوظيفة لأغراض خاصة» المئات من الموظفين الحكوميين. ويرتقب محاكمة وزير الأشغال العمومية سابقاً عمار غول، ووزير التجارة سابقاً عمارة بن يونس، ووزيري التضامن سابقاً جمال ولد عباس والسعيد بركات، وهم في السجن منذ 5 أشهر. وتم إصدار أوامر دولية بالقبض على وزيرين سابقين يقيمان بالخارج، هما وزير الطاقة شكيب خليل، ووزير الصناعة عبد السلام بوشوارب.

وطالب ناشطون ومحامون، تأسسوا للدفاع عن متهمين بالفساد، باستدعاء بوتفليقة للقضاء باعتباره المسؤول الأول عن تسيير البلاد في المرحلة السابقة، وعلى أساس أن كل المسجونين والمتابعين بتهم فساد، كانوا ينفذون سياسته وأوامره. ويتزعم الناشط الحقوقي حسان بوراس حملة للمطالبة بمحاكمته.

وكان محامون طالبوا بإحضاره خلال محاكمات طالت رموز حكمه في الأشهر الماضية. لكن لا يبدو أن السلطة الجديد متحمسة لهذه الفكرة، بحكم حالة العجز البدني التي يوجد عليها بوتفليقة. فهو مقعد على كرسي متحرك منذ 2013، ولا يقوى على الكلام. ويرى محامون، أن محاكمته ولو رمزياً، ستكون بمثابة عبرة لكبار المسؤولين في الحكم الجديد.

وقد تناول الرئيس عبد المجيد تبّون، قضايا الفساد، أمس بصفحته في «فيسبوك»، وذلك بمناسبة مرور 49 سنة على تأميم قطاع المحروقات (24 فبراير/شباط 1971). إذ قال: «أجدد عهدي معكم لنسارع إلى بناء جمهورية جديدة قوية بلا فساد ولا كراهية». وكان يشير أيضاً إلى مصادقة مجلس الوزراء، أول من أمس، على «المشروع التمهيدي للقانون المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما». وهو مسعى جاء إثر سجن مسؤول بقطاع الثقافة، بسبب إطلاقه شتائم واتهامات بحق عبان رمضان، أحد رموز ثورة التحرير؛ إذ قال عنه إنه «كان خائناً وعميلاً للمحتل الفرنسي».

النيابة العامة تطلب السجن لأحد الوجوه البارزة في الحراك 
الجزائر: «الشرق الأوسط أونلاين»
طلب ممثل النيابة في محكمة بالجزائر السجن سنة مع النفاذ ضد فضيل بومالة أحد وجوه الحراك الشعبي الذي تشهده البلاد منذ سنة، والذي يحاكم بتهمة «المساس بسلامة وحدة الوطن»، كما أعلنت منظمة تدافع عن المعتقلين أمس (الاثنين).

وذكرت «اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين» أن المحاكمة التي استمرت 16 ساعة من أمس (الأحد) وحتى فجر اليوم (الاثنين) انتهت بإعلان قاضي محكمة الدار البيضاء «النطق بالحكم يوم الأحد 1 مارس (آذار)»، وفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وكانت النيابة طلبت في مرافعتها مساء الأحد، السجن سنة مع النفاذ ضد بومالة الصحافي السابق في التلفزيون الحكومي، بتهمتي «المساس بسلامة وحدة الوطن» و«عرض منشورات تضر بالمصلحة الوطنية»، بينما رافع لصالح براءة بومالة 79 محامياً.

وأوقف هذا الناشط الذي برز بـ«معارضته الراديكالية ضد النظام» كما كان يقول، منتصف سبتمبر (أيلول)، وأودع رهن الحبس الموقت. وقبل توقيفه شارك في الحراك الشعبي منذ بدايته في 22 فبراير (شباط) ولا يزال يطالب برحيل «النظام» الحاكم منذ استقلال البلاد في 1962.

ومنذ يونيو (حزيران) 2019 كثفت قوات الأمن التوقيفات في صفوف نشطاء الحراك وحُكم على بعضهم بالسجن مع النفاذ، بينما ما زال بعضهم مثل المعارض كريم طابو، ينتظرون المحاكمة.

وفي بداية فبراير برأت المحكمة سمير بلعربي، وهو وجه آخر من وجوه الحراك البارزين، بينما طلبت النيابة سجنه ثلاث سنوات، بالتهمتين المساقتين إلى بومالة.

وذكرت «اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين»، التي أُسست مباشرة بعد بداية حملة الاعتقالات، أن «142 متظاهرا موجودون في الحبس الموقت ومجموع 1300 آخرين يواجهون متابعات قضائية بسبب وقائع مرتبطة بمعارضة الانتخابات الرئاسية» التي أُجريت في 12 ديسمبر (كانون الأول).

سخط في الجزائر بعد إدانة 20 ناشطاً بالسجن
دراسة دولية اعتبرت أن «الحراك» عجز عن تقديم رؤية سياسية

الاثنين فبراير 2020 مـ
الجزائر: بوعلام غمراسة

دانت محكمة بالعاصمة الجزائرية، أمس، 20 متظاهراً من الحراك، بالسجن مع التنفيذ، ما بين 3 أشهر وعام، فيما قالت دراسة نشرها «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، إن الاحتجاجات الشعبية الجارية منذ سنة، «عجزت عن تقديم رؤية سياسية خاصة بها، ما أتاح للقيادة العسكرية الحاكمة بحكم الواقع تجديد واجهتها المدنية من خلال الانتخابات». واعتقل المتظاهرون في 17 يناير (كانون الثاني) الماضي، وأفرج عنهم بعد يومين، لكن سلمتهم الشرطة استدعاءات لمثول مباشر أمام القاضي، على أساس تهمتي «التجمهر غير المرخص» و«المس بالوحدة الوطنية». وتخص الوقائع مشاركتهم في مظاهرات العاصمة التي تجري يومي الجمعة (الحراك الشعبي) والثلاثاء (طلاب الجامعات). ويوجد من بينهم قياديان بارزان من التنظيم الشبابي «تجمع - عمل -شباب»، هما كمال نميش ومقران لوشادي، 6 أشهر حبساً نافذاً.

واعتقلت السلطات كل الأعضاء القياديين من التنظيم الشبابي المعارض بشدة لسياسات الحكومة، وأولهم رئيسه عبد الوهاب فرساوي، الذي ينتظر المحاكمة. واستعاد رئيسه السابق حكيم عداد حريته منذ أسبوعين، بعد أن استنفد عقوبة 4 أشهر سجناً نافذاً. واحتج مناضلو التنظيم ونشطاء حقوق الإنسان على هذه الأحكام، التي وصفوها بـ«الجائرة» وطالبوا بالإفراج عنهم. كما طالبوا الرئيس عبد المجيد تبون بـ«الوفاء لتعهداته»، في إشارة إلى ثنائه على المتظاهرين والحراك الشعبي الذي وصفه بـ«المبارك»، وبأن الجزائر «تحررت بفضله من مخالب العصابة»، ويقصد نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي أجبره المتظاهرون على الاستقالة مطلع أبريل (نيسان) 2019.

إلى ذلك، غصت قاعة الجلسات بمحكمة الدار البيضاء شرق العاصمة، بالصحافيين والناشطين والمحامين، الذين جاءوا لمتابعة أطوار محاكمة الكاتب الصحافي البارز فضيل بومالة، المتهم بـ«إضعاف معنويات الجيش»، وهي تهمة وجهتها النيابة للعشرات من الناشطين، وتقوم على أساس كتابات وتصريحات بخصوص الجيش، وقائد الفريق أحمد قايد صالح، قبل وفاته نهاية العام الماضي، ودورهما في السياسة وتعاملهما مع الحراك. وصفق الحاضرون بقوة لبومالة، المسجون منذ 5 أشهر، عندما كان يدافع عن نفسه، ومما قال واستمع له القاضي الذي بدا متعاطفاً معه: «محاكمتي اليوم في تقديري الشخصي هي محاكمة الشعب الجزائري الرافض للفساد، وليست محاكمة بومالة. بومالة شخص فقط، في تقديري الشخصي محاكمتي اليوم هي محاكمة للعقل، هي محاكمة للحرية، لأن الصراع في النهاية هو بين الحرية والطغيان. في تقديري الشخصي محاكمتي اليوم هي محاكمة للقضاء، لأن النظام يستعمل القضاء ليحاكم القضاء، وحتى أكون حراً يجب أن يكون القضاء حراً. أنا اليوم أبحث عن العدل، لأن العدل أسمى من القضاء». وظل القاضي والمستشارون ومن كانوا بالمحكمة، يتابعون كلام بومالة باهتمام بالغ، في حين طالب ممثل النيابة بسجنه عاماً مع التنفيذ، ثم فسح المجال لمرافعات المحامين التي استمرت إلى آخر النهار. وأشارت توقعات المحامين إلى إطلاق سراحه في اليوم نفسه.

إلى ذلك، نشر «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، دراسة حول الحراك الشعبي بمناسبة مرور سنة على اندلاعه، في 22 فبراير (شباط)، أكد فيها الكاتب الجزائري زين العابدين غبولي، أن «أولويات النظام تنطوي على إسكات الحراك وتعديل الدستور، بدلاً من إجراء حوار فعلي مع الجهات الفاعلة الاجتماعية والسياسية الرئيسية ضمن الحركة الاحتجاجية».

وحسب الباحث، «يمكن وصف ولاية تبون كرئيس، في أفضل الأحوال، على أنها مرحلة انتقالية غير رسمية. وما إن يقرر النظام أن هذه المرحلة الانتقالية قد انتهت، قد يستقيل تبون، ما سيؤدي إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وفي كافة الأحوال، وبغض النظر عن كيفية انتهاء ولاية تبون، فقد وضع النظام فعليًا نفسه والبلاد عند مفترق طرق مُهلك من خلال فرض الانتخابات. والآن، يعتمد النتاج المستقبلي للبلاد بشكل كبير على الحركة الاحتجاجية، وقدرتها على تقديم بديل مستدام». وأوضحت الدراسة أن بداية حكم تبون، الذي استلم الرئاسة في 19 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، «تشير إلى أن النظام يتطلع إلى كيفية استعادة الشرعية، ويسعى إلى الحدّ من أي تغيير (جذري) و(غير ضروري) من خلال سلسلة من الإصلاحات السطحية والموجّهة. ويتمثل أحد أبرز جوانب هذا الأمر في تغيير دستور عام 2016. لهذا، أنشأ تبّون لجنة مؤلفة من 17 خبيراً دستورياً للقيام بهذه المهمة».

الجزائريون يحيون «سنوية الحراك» على وقع القنابل الصوتية وخراطيم المياه
عودة الراية الأمازيغية إلى المظاهرات تعكس رغبة المحتجين في مواصلة تحدي السلطات

الأحد 23 فبراير 2020 
الجزائر: بوعلام غمراسة

استعملت قوات الأمن الجزائرية خراطيم المياه والقنابل الصوتية لتفريق مئات المتظاهرين، الذين نزلوا أمس إلى شوارع العاصمة للاحتفال بمرور عام على اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعدّ ذلك «اعتداء» و«تصرفا يتناقض مع تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون، الذي وصف الحراك بالمبارك»، بحسب أحد المتظاهرين في شارع «ديدوش مراد»، الذي يعتبر معقلا رئيسيا لـ«الحراكيين». وجاب المتظاهرون شوارع العاصمة مرددين بصوت واحد: «ماراناش حابسين» (لن نتوقف)، ومتحدين رشهم بالمياه، فيما كان يدعو البعض السلطات بنبرة ساخرة إلى «توفير المياه لسكان العاصمة بعد أن قطعتها عنهم». في إشارة إلى إعلان شركة تسيير المياه بالعاصمة عن وقف توزيع الماء لمدة أربعة أيام، بدءا من أمس، لـ«أسباب فنية».

ولم تظهر في الساعات الأولى للصباح، عندما بدأ المتظاهرون يتجمعون، أي مؤشرات تفيد بأن قوات الأمن المنتشرة على أرصفة الطرقات تعتزم التصدي للمحتجين. لكن عندما تعاظم عددهم، وبدأوا يسيرون على طول شارع «ديدوش مراد»، متجهين إلى قصر الرئاسة، الذي يبعد بنحو كيلومترين، تغير تصرف رجال الأمن فاستعملوا خراطيم المياه ضدهم، و«القنابل الصوتية»، التي أحدثت طنينا حادا، دفع بالعديد من الأشخاص إلى مغادرة المكان. وهذه هي المرة الثانية منذ بداية الحراك التي تستعمل فيها السلطات هذا «السلاح» ضد المتظاهرين.

وحافظ المتظاهرون على الطابع السلمي للاحتجاج، واضطروا لوقف سيرهم عند حدود مقر حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، حينما قطع المئات من رجال الشرطة الشارع نصفين، حاملين الهراوات ومشكلين حزاما في إصرار واضح على منعهم من التقدم. ووقف المتظاهرون مدة طويلة ينددون بـ«السلطة المجرمة».

وقال جمال حريز، أحد تجار الضاحية الشرقية للعاصمة كان وسط المتظاهرين: «السلطة في حالة إنكار للواقع، وهذا ما دأبت عليه منذ بدء الاحتجاج ضد ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة. فهي تبحث عن ربح الوقت، وترفض التعاطي جديا مع مطالب الحراك، طمعا في انطفاء جذوته. لكننا لن نمكنها من التقاط أنفاسها. سنظل في الشارع حتى يسقط هذا النظام الذي غير وجهه القديم (بوتفليقة) بوجه جديد (الرئيس تبون)، ويقاوم التغيير الحقيقي الذي نريده، والذي يعني نهايته». وبحسب حريز، تتمثل «حالة الإنكار أيضا في كون السلطة تنظم احتفالا بالحراك، الذي اندلع أصلا ضدها ويطالب برحيلها».

وعادت الراية الأمازيغية بقوة إلى المظاهرات، بمناسبة «سنوية الاحتجاج الشعبي»، بعدما اختفت على إثر اعتقالات كبيرة، طالت حامليها خلال الصيف الماضي، ما يعكس، حسب مراقبين، رغبة من جانب الحراك في تحدي السلطات القائم، ولا يزال العشرات منهم في السجن، فيما استرجع كثير منهم حريتهم عشية انتخابات الرئاسة التي جرت في 12 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وطالب المحتجون، من جديد، بالإفراج عن «المساجين السياسيين»، ورفعوا صور بعضهم، وأشهرهم الناشط السياسي كريم طابو، والكاتب الصحافي فضيل بومالة، ورئيس التنظيم الشبابي «تجمع - عمل - شباب» عبد الوهاب فرساوي، الذي اعتقل منذ أربعة أشهر عندما كان في قلب مظاهرة.وأطلقت الحكومة احتفالات رسمية بـ«سنوية الاحتجاجات» في كل الولايات، تميزت بتنظيم محاضرات بمقار تابعة لها، تثني على «وعي الشعب الجزائري الذي منع الدمار»، وهو ما يذكره الرئيس تبون باستمرار في خطاباته، ويعني أن الحراك أوقف توجه بوتفليقة إلى ولاية خامسة.

وبالمقارنة مع السيول البشرية التي تدفقت الجمعة على العاصمة والمدن الكبيرة، كان عدد المتظاهرين أمس أقل، لكنه مهم من حيث الرمزية في نظر نشطاء الحراك، لأنه يسجل مرور سنة بالضبط على انطلاقه.

وقال الكاتب عبد العالي زواغي عن الذكرى السنوية: «الحراك ثورة مركبة شاملة في مطالبها. إنها ثورة ذهنية وسلوكية أحدثت قطيعة مع الصورة النمطية، التي طُبع بها الإنسان الجزائري، حتى ظن الظانون أنه إنسان خوّاف ومنقاد ومطيع وجامد، إلى الحد الذي لا يستطيع رفع يديه لنش الذباب من على وجهه. وهو ثورة سياسية واجتماعية، أبانت عن وعي حقيقي بالبيئة السياسية والهشاشة والفساد، الذي ضرب أركانها، فصار هذا الجزائري ضليعا، بفضل الحراك والفاعلين فيه، بالأخطار المحدقة به من طرف نظام هش، وطبقة سياسية زبائنية موغلة في الفساد، ولا ينافسها أحد في فنون الإفساد والتدمير. كما أن هذا الحراك هو نفسه الذي كشف للجزائريين عن قوة وصلابة الروابط، التي تجمعهم، وبأنهم كتلة واحدة صلبة تتكسر عليها جميع سهام الخوانين وبائعي الذمم».