| | التاريخ: شباط ٢١, ٢٠٢٠ | المصدر: جريدة الشرق الأوسط | | تبون يعد بـ«تغيير جذري» في الجزائر | الجزائر: بوعلام غمراسة باريس: «الشرق الأوسط»
طالب الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الذي خلف في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عبد العزيز بوتفليقة، ببعض الوقت لإجراء «التغيير الجذري»، الذي وعد به لناحية سير شؤون الدولة، وذلك في حديث لصحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، نُشِر أمس، وهي أول مقابلة يجريها مع وسيلة إعلام أجنبية منذ انتخابه في اقتراع رئاسي رفضه الحراك، وسجلت فيها نسبة مقاطعة قياسية (60 في المائة).
وأعلن تبون الذي عُيّن وزيراً عدة مرات، ورئيساً للوزراء لفترة وجيزة في 2017 خلال العقدين اللذين تولى فيهما بوتفليقة الرئاسة، أنه «لا يمكننا إصلاح أو تصحيح ما دمر خلال عقد في شهرين»، مؤكداً أنه يعتبر «الإصلاحات السياسية»، خصوصاً مراجعة الدستور، «أولوية».
وأضاف تبون موضحاً: «قررت الذهاب بعيداً في التغيير الجذري لإنهاء الممارسات السيئة، وإضفاء أخلاقيات على الحياة السياسية، وتغيير طريقة الحكم»، مبرزاً أن حدود التغبير «هي التي تمس بالهوية الوطنية والوحدة الوطنية. أما الباقي فقابل للتفاوض... والورشة الثانية ستكون القانون الانتخابي»، لإضفاء شرعية على البرلمان «الذي سيناط به دور أكبر».
وحول تقييمه للحراك الشعبي الذي يكمل غداً عامه الأول، قال تبون: «في الشارع بدأت الأمور تهدأ... وقد حصل الحراك على كل ما كان يريده تقريباً»، كرحيل بوتفليقة، وقادة «النظام السابق»، وتوقيف مسؤولين ورجال أعمال يُشتبه في أنهم فاسدون.
في سياق ذلك، أكد تبون أنه ليس رئيساً «اختارته رئاسة الأركان... وأنا لا أشعر بأني مدين سوى للشعب الذي انتخبني بكل حرية وشفافية». كما أكد الرئيس الجزائري أيضاً في المقابلة أنه يريد إصلاح الاقتصاد، الذي يعاني من تراجع سعر المحروقات، و«الاستيراد الجامح الذي يولّد تضخيم الفواتير، أحد مصادر الفساد».
وكان الرئيس الجزائري قد قرر، أول من أمس، إعلان تاريخ 22 من فبراير (شباط)، الذي يصادف الذكرى الأولى لبدء الحراك «يوماً وطنياً»، تقام فيه الاحتفالات الرسمية، بحسب ما أعلنت الرئاسة الجزائرية، عبر التلفزيون الحكومي.
في المقابل، استنكر ناشطون بـ«الحراك الشعبي»، أمس، منع الحكومة مؤتمراً أعلنوا قبل أيام عن تنظيمه بالعاصمة، تحضيراً لإطلاق احتفالات مرور سنة على اندلاع المظاهرات المليونية ضد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وظهر انقسام في الشارع بين مؤيد ومعارض لـ«اليوم الوطني لتلاحم الشعب والجيش من أجل الديمقراطية»، الذي رسمه رئيس البلاد بمناسبة الذكرى الأولى للحراك.
وقال أعضاء بـ«فريق نشطاء الحراك الشعبي»، في بيان، أمس، إن مسؤولي قاعة الرياضات «حسان حرشة»، التي توجد بوسط العاصمة، أعطوهم الموافقة على عقد المؤتمر. غير أن ولاية الجزائر العاصمة التي تتبع لوزارة الداخلية رفضت إصدار الرخصة لتنظيم النشاط، وهو شرط تضبطه القوانين. ومن المفارقات أن رئيس الوزراء الجديد عبد العزيز جراد، تعهد قبل أسبوع بإلغاء «نظام الترخيص»، الذي تستعمله السلطات سلاحاً في وجه معارضيها لتحظر اجتماعاتهم بالفضاء العام، وكثيراً ما استعملت القوة العمومية لفرض احترام قرارات الحظر.
وجاء في بيان المحتجين: «إذ نندد بهذا الرفض غير المبرر الذي يحرمنا من حق يكفله الدستور، نستنكر في الوقت ذاته التضييق الأمني على العاصمة، من خلال مضاعفة نقاط المراقبة الأمنية، ووضع العراقيل التي تهدف إلى منع دخول الجزائريين إلى عاصمتهم من أجل الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة الشعبية. مع التذكير بأن التظاهر حق يكفله الدستور، واسترجعه الحراك السلمي الوطني قبل عام».
ويضم فريق الناشطين صحافيين ومحامين ومدافعين عن حقوق الإنسان، وأساتذة وطلاباً بالجامعات، وأشخاصاً كانوا معتقلين وأُفرج عنهم حديثاً. وقال هؤلاء في بيانهم إنهم سيصدرون وثيقة، اليوم (الجمعة)، سموها «بيان 22 فبراير»، أسوة بـ«بيان أول نوفمبر 1954»، الذي أصدرته مجموعة من مفجّري «ثورة التحرير»، وتضمن تأسيس دولة «اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية».
وقال الناشطون إن الوثيقة نابعة من الحراك وموجهة له، وهي تعبر عن روح الثورة الشعبية وأهدافها. فيما أطلق ناشطون آخرون على «سنوية الحراك»، «اليوم الوطني للحرية»، بينما أعلن الرئيس عبد المجيد تبون، أول من أمس، أن ذكرى مرور عام على انطلاق المظاهرات «يوم وطني للأخوّة والتلاحم بين الشعب وجيشه الوطني من أجل الديمقراطية». لكن هذه التسمية أثارت ردود فعل متباينة. فقط استحسنها البعض على أساس أن الجيش كان سنداً للحراك عندما أجبر بوتفليقة على الاستقالة، بعد شهر وأسبوع من بداية الاحتجاجات.
بينما استهجن كثيرون هذه الخطوة، بذريعة أن القيادة العسكرية العليا هاجمت الحراك في بدايته، حيث وصف قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، المتوفي قبل شهرين، المتظاهرين بـ«المغرَّر بهم» في خطاب حاد ألقاه داخل ثكنة بعد أربعة أيام من خروج الملايين إلى الشارع للاحتجاج، واتهمهم في خطابات أخرى بـ«العمالة لمصلحة قوى خارجية معادية للجزائر»، وقال عنهم: «خُدّام الاستعمار». كما وقف الجيش وراء اعتقال المئات بناء على تهم عديدة.
ولاحظ مراقبون أن ثناء الرئيس على الحراك لا يعكس الطريقة التي تتعامل بها قوات الأمن مع المتظاهرين، حيث عاشت العاصمة، أمس، وضعاً يشبه الحصار، تمثل في وضع ترتيبات أمنية غير عادية تسببت في إغلاق الطرق المؤدية إليها، تفادياً لالتحاق عدد كبير من الأشخاص بساحات الاحتجاج، اليوم (الجمعة)، وهو ما أثار سخط آلاف من الجزائريين الذين قضوا ساعات طويلة في الطرقات. | |
|