التاريخ: شباط ٦, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الحكومة اللبنانية تقرّ بيانها الوزاري اليوم وسط اعتراضات على بند الكهرباء
أصحاب خمسة مصارف حولوا أموالهم إلى الخارج
بيروت: نذير رضا
قفز ملف الإصلاح في قطاع الكهرباء إلى دائرة الاهتمام الدولي والمحلي، كأولوية في حلقة الإصلاحات التي يفترض أن تنفذها الحكومة لتعزز ثقة المجتمع الدولي بها، وتجذب المساعدات.

وعشية إقرار البيان الوزاري للحكومة اللبنانية التي يفترض أن يتم في جلستها اليوم، وتحيله إلى البرلمان لمناقشته ومنحها الثقة في الأسبوع المقبل، استغرب رئيس مجلس النواب نبيه بري ما نسب في البيان الوزاري بشأن مقاربة موضوع الكهرباء كما كان في السابق، ما يؤشر على دفع محلي يتناغم مع دولي باتجاه الإصلاح في هذا القطاع.

وعما إذا كانت التعديلات ستطال بند الكهرباء في البيان الوزاري على ضوء تنامي الملاحظات عليه، قالت مصادر وزارية معنية لـ«الشرق الأوسط» إنه في المبدأ ستبقى الأمور الأساسية على ما هي عليه في الجلسة الحكومية المخصصة اليوم لإقرار البيان الوزاري، لكنها أشارت إلى أنه «في حال أفضت النقاشات إلى بعض التعديلات الطفيفة، فذلك يعود إلى طبيعة النقاشات».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن وزير المال غازي وزني حاول خلال جلسات مناقشة البيان الوزاري، تعديل النص الخاص بالكهرباء لجهة عدم ربط تشكيل الهيئة الناظمة للقطاع بتعديل قانون تنظيم قطاع الكهرباء، لكنه لم يفلح في ذلك. ولفتت المصادر إلى أن الجديد الذي طرأ على الموضوع، هو موقف الرئيس بري وموقف المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش الذي قال أمس إنه «من المعيب أن يبقى وضع الكهرباء على ما هو عليه». وقالت المصادر: «هذه المواقف تعطي رئيس الحكومة ورقة قوة تتيح له الضغط في جلسة اليوم لعدم الربط بين تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وتعديل القانون، خصوصا أن عدم تشكيل الهيئة على وجه السرعة يعني تلاشي فرصة الاستفادة من مقررات مؤتمر سيدر».

وكان كوبيش شدد على أن شروط المجتمع الدولي لمساعدة لبنان هي «الإصلاح والإصلاح والإصلاح»، ولفت إلى أن «الإصلاحات يجب أن تترافق مع مهل زمنية للتنفيذ»، مؤكدا أنه إذا لم يساعد لبنان نفسه فلن يساعده المجتمع الدولي.

واعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقاء الأربعاء النيابي أن الواجب الوطني يحتّم علينا جميعاً تهدئة الأجواء، وخلق المناخات الملائمة لإعادة انتظام الحياة السياسية استناداً إلى الدستور والقانون. وقال بري إن دقة وحساسية الظروف الراهنة لا تحتمل جلد الناس والوطن والمؤسسات.

وأضاف «نحن أمام فرصة حقيقية للإنقاذ إمّا أن نتلقّفها، فننجح، وإمّا أن ننكفئ عنها، فنفشل». واستغرب ما تسرب عن البيان الوزاري لجهة مقاربة موضوع الكهرباء كما كان في السابق، وتساءل «لماذا لا تتم معالجة هذا الملف على غرار معالجته في زحلة؟»، في إشارة إلى شركة كهرباء زحلة التي تحصل على امتياز من الدولة لتشغيل القطاع في المدينة، وتقوم بالجباية والصيانة، مقابل شراء الكهرباء من الحكومة. وأضاف بري: «لا مجال للتلطي، والاستحقاقات على الأبواب. أموال المودعين وجني عمرهم، قلق المغتربين، كل ذلك وخمسة مصارف تأكد أن أصحابها حوّلوا أموالهم الشخصية إلى الخارج وتقدر بمليارين و300 مليون دولار».

وبالنسبة لجلسة مناقشة البيان الوزاري رجح رئيس المجلس بأنها قد تعقد ابتداءً من الثلاثاء المقبل في حال إحالة البيان إلى المجلس النيابي صباح يوم الجمعة كحد أقصى.

انتقادات لمسودة البيان الوزاري: تجاهل مطلب الانتخابات المبكرة وغموض إجراءات الإصلاح الاقتصادي والمالي
بيروت: كارولين عاكوم
اختلفت مقاربة السياسيين لمسودة البيان الوزاري بين من رأى فيه نسخة عن سابقاته لجهة الوعود بعيداً عن الآليات التنفيذية، وبين من يعتبر أن الحكومة تستحق أن تمنح فرصة لتبقى العبرة في التنفيذ.

مع العلم أنه ورغم رفض أكثر من وزير تبنى النسخة المسربة، فإن مصادر عدّة أكّدت أن تعديلات بسيطة اضيفت إليها في جلسة الحكومة أول من أمس، وبالتالي هي التي ستكون محور بحث جلسة مجلس الوزراء اليوم، في الوقت الذي بدأ رئيس الجمهورية ميشال عون دراسة المسودة لوضع ملاحظاته عليها على أن تكون منجزة قبل موعد جلسة الحكومة غداً (الخميس).

وأبرز الانتقادات التي وجهت لمسودة البيان ترتبط بالخطط الاقتصادية والمالية التي ترتبط بدورها بقضايا الفساد، إضافة إلى خلو البيان من الإشارة إلى انتخابات نيابية مبكرة تلبية لمطلب الشارع.

ويصف وزير الداخلية السابق زياد باورد البيان بـ«الطموح الذي يستحق أن تمنح الحكومة فرصة بموجبه رغم بعض الملاحظات». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «من الجيد أن ينطلق من الإقرار بالاعتراض الشعبي الواسع ودعوته للتواضع واستعادة الثقة بالأفعال وليس الأقوال». هذا في الشكل، أما في المضمون، فيلفت بارود إلى أن البيان حاول الارتكاز على برنامج عمل وتحدث عن خطة طوارئ مجدولة بين مائة يوم وثلاث سنوات، وإن كانت هذه السنوات مبالغاً فيها، خاصة أنها تجعلنا أقرب إلى موعد الانتخابات الرئاسية». ويرى إيجابية فيما لفت إليه البيان لجهة «النأي بالنفس عن التجاذبات السياسية الداخلية، ودعا إلى مراقبة الحكومة ومحاسبتها».

وفي الإصلاحات التي تحدث عنها البيان، وخاصة المرتبطة بإنجاز القوانين المتعلقة باستقلالية القضاء وتحديث القوانين، يشير بارود إلى أن هذا الأمر وإن كان جيداً، لكنه يبقى رهن مجلس النواب الذي يمثل الأحزاب في نهاية المطاف، ولا نعلم إذا كان سيتجاوب معها وسيجعلها قابلة للتحقيق.

ويصف بارود حديث البيان عن استعادة الأموال المنهوبة، بالخطوة الطموحة، لكنه يذكّر أنه وانطلاقاً من التجارب في الدول الأخرى، فإن هذا الأمر يتطلب مساراً طويلاً والتعاطي مع الخارج، وبالتالي فإن تحديد مهلة تنفيذه بأقل من سنة، يبدو غير واقعي.

وفي حين يجد وزير الداخلية السابق أن لمسات وزير المال غازي وزني ووزير الاقتصاد راوول نعمة إضافة إلى وزير التنمية الإدارية دميانوس قطار، واضحة في القضايا الاقتصادية والمالية، وتبقى العبرة في التنفيذ، يلفت إلى أن هناك متابعة للسياسات السابقة، إنْ لجهة «مؤتمر سيدر» أو لجهة الورقة الاقتصادية التي تقدم بها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.

من جهة أخرى، يتوقف بارود عند اكتفاء البيان بالتطرق إلى قانون الانتخاب عبر جملة في نهاية النص، في الوقت الذي كان إجراء انتخابات نيابية مبكرة هو أحد أبرز مطالب الحراك الشعبي، ومع أنه يتوقع ألا يلاقي البرلمان الحكومة في هذا الأمر، لكن كان على مجلس الوزراء أن يشير إلى إمكانية إجرائها لأن الشارع يتطلع إليها.

في المقابل، يلتقي رأي الخبيرة الاقتصادية فيوليت بلعة مع موقف أستاذ الحقوق والناشط علي مراد، اللذين يعتبران أن البيان نسخة عن سابقاته. وترى بلعة أن الحكومة وإن تعمدت إجراء بعض التغييرات على الشكل، لكنها لم تأتِ بجديد في الجوهر إنْ لجهة مطالب الحراك الشعبي أو لجهة الإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي، ولا سيما منها توصيات مؤتمر «سيدر»، كما خطة «ماكينزي» لنقل الاقتصاد من ريعي إلى منتج. وتوضح بلعة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «البيان تقليدي لم يتضمن أي جديد لإنقاذ الاقتصاد وخفض تكلفة الدين العام باستثناء خفض معدلات الفائدة على القروض والودائع من دون أن يحدد سقفاً لها».

وتضيف «في الشق الاقتصادي والمالي كان يفترض أن يتضمن خطة طوارئ مبرمجة زمنياً ترسل إشارات إيجابية للمواطن اللبناني، لكنه في الواقع لم يكن أكثر من عناوين خالية من آليات التنفيذ». وتشير إلى ما تضمنه البيان من إجراءات مؤلمة، موضحة «هذه بدورها كان يجب أن تكون واضحة ومفصلة لتمهيدها للبنانيين، خاصة أنه يبدو أنها ستترجم عبر مزيد من الضرائب والرسوم وغيرها، كما أنها لم تأتِ على ذكر الإجراءات التي يفترض أن تحمي صغار المودعين والمحافظة على سلامة النقد الوطني.

الموقف نفسه عبّر عنه الأستاذ الجامعي والناشط علي مراد، معتبراً أن البيان في معظمه هو عبارة عن عناوين عامة ونسخة عن البيانات السابقة وإن أتى فيه بعض التخصيص، لكن في مجمله هو إعلان نيات أكثر مما يعكس خطة متكاملة.

ويوضح مراد: «في الشأن الاقتصادي لم يتضمن البيان خيارات اقتصادية ومالية واضحة رغم حجم الأزمة التي يعاني منها لبنان، وبالتالي ليس واضحاً ما إذا كانت ستأخذ قراراً لتغيير جذري للنهج الاقتصادي، أم ستبقى على النهج نفسه الذي اوصل لبنان إلى ما هو عليه، والأمر نفسه بالنسبة إلى موضوع نقل الاقتصاد من ريعي إلى إنتاجي، بعيداً عن خطوات واضحة، كما أنه لا يجيب عن طبيعة العلاقة التي ستكون عليها المرحلة المقبلة مع المؤسسات الدولية».

وفي محاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة، يقول مراد «الحكومة تقارب هذا الموضوع وكأنها تقلب الصفحة عن كل المراحل السابقة في الوقت الذي كانت هناك منظومة معروفة يفترض أن تتحمل كامل المسؤولية عما حصل في السنوات الماضية».

وعن تحديد المهل للتنفيذ، وهو أحد مطالب المجتمع المدني، يشكّك مراد في قدرة الحكومة على التنفيذ. ويوضح «المشكلة في هذه الحكومة أنها تحتاج إلى قرارات سياسية وليست تقنية؛ وذلك لكونها مسيّرة من خلال الفرقاء السياسيين التقليديين أنفسهم، وهو ما يجعلنا نجدد التأكيد على ضرورة التفكير بأساس الأزمة التي هي أزمة حكم وليس أزمة نظام».

وزير الخارجية البلجيكي في بيروت لدعم {الإصلاحات الضرورية}

بيروت: «الشرق الأوسط»
أعلن وزير خارجية بلجيكا فيليب غوفين أن وجوده في بيروت يمثل «شهادة دعم من جانبنا للبنان للإصلاحات الضرورية التي ستقومون بها»، مشدداً على دعم بلاده للبنان في هذه الإصلاحات، «وندعمه اقتصادياً في ضوء برنامج محدد زمنياً، من شأنه الحفاظ على الثقة القائمة بين بلدينا اللذين تربطهما علاقات صداقة طويلة».

والتقى غوفين، خلال زيارة مختصرة إلى بيروت أمس، رئيس الحكومة حسان دياب حيث تم عرض تطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة، والعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها. كما التقى وزير الخارجية ناصيف حتي، الذي قال إن «مسألة النازحين ذات أهمية كبرى بالنسبة للبنان وبالنسبة إلى أوروبا، فتداعياتها كبيرة على الشعب اللبناني الذي تحمل كلفة كبيرة نتيجة هذه الاستضافة فاقت 30 مليار دولار، ناهيك عن البطالة والتضخم واستهلاك بناه التحتية». وقال إن «المطلوب اليوم عودة سريعة للنازحين السوريين إلى وطنهم، وتحديداً إلى المناطق الآمنة التي أصبحت كثيرة، والعودة لن نرضاها إلا آمنة وكريمة ومناسبة لأوضاع النازحين».

وأشار حتي إلى أنه عرض مع الوزير البلجيكي «وجهة نظرنا وتصورنا للحلول المقترحة وأهمية دور الحكومة الجديدة في وضع خطة للإنقاذ الاقتصادي في أسرع وقت، لعرضها على الدول المانحة والمؤسسات الدولية المختصة التي يمكنها مساعدة لبنان».

غوتيريش دعا إلى قيام دولة لبنانية «من دون رؤية طائفية»
نيويورك: علي بردى
وجّه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، انتقادات لـ«النظام التقليدي» للحكم في لبنان وقال إنه «لم يعد يتوافق» مع رغبات وآمال قطاعات عدة من الشعب اللبناني، داعياً إلى «إصلاح عميق» لآليات العمل السياسي ومكافحة الفساد. وتحدث للمرة الأولى عن ضرورة «وجود دولة لبنانية ليس لها رؤية طائفية في تكوينها».

جاءت هذه التصريحات اللافتة لغوتيريش رداً على سؤال عن التطورات الأخيرة وقال إن «استقرار لبنان عنصر أساسي للغاية لاستقرار المنطقة». وذكّر بأن لبنان «يمثل تجربة للعيش المشترك بين الطوائف الدينية المختلفة، وهذا ما يعد بذاته مساهمة مهمة في عالم اليوم». وإذ لاحظ أن «لبنان يواجه أزمة سياسية معقدة»، رأى أن «النظام التقليدي للحكومة في لبنان لم يعد يتوافق مع رغبات العديد من قطاعات السكان ومع آمالهم ومخاوفهم».

وشدد على ضرورة «وجود دولة لبنانية ليست لها رؤية طائفية في تكوينها»، وذكر أن لبنان «يواجه أزمة اقتصادية ومالية صعبة للغاية، ومن المهم للغاية تجنب أن يؤدي ذلك إلى حالة من الزيادة المريعة في الفقر وعدم الاستقرار في البلاد». كما اعترف غوتيريش بأن «لبنان يبذل مجهوداً كبيراً لمساعدة اللاجئين الذين يعيشون فيه»، وطالب بـ«الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في لبنان لتجنب أن يدفع هؤلاء اللاجئون ثمناً جديداً (...) بعد كل ما عانوه».

إلى ذلك قال غوتيريش إن للأمم المتحدة مهمتين في لبنان: مهمة مرتبطة بالجنوب وبالعلاقات بين لبنان وإسرائيل، فضلاً عن «تجنب أي نزاع بين (حزب الله) وإسرائيل». وأشار إلى دور المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش، قائلاً إنه «يحاول، من دون التدخل في الحياة اللبنانية، دعم الحركات الهادفة إلى الإصلاح الفعال للمؤسسات».