|
|
التاريخ: شباط ١, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
عراقيون ينضمون إلى ساحات الاعتصام دعماً لمطالب الحراك |
السيستاني يشكك في أهلية البرلمان الحالي... ويدعو إلى انتخابات مبكرة |
بغداد: «الشرق الأوسط»
انضم مئات العراقيين إلى ساحات التظاهر والاعتصامات، أمس، لدعم مطالب المتظاهرين والمعتصمين في حسم تسمية رئيس وزراء جديد في إطار المهلة التي حددها الرئيس العراقي برهم صالح التي تنتهي اليوم بعد احتجاجات دامت أربعة أشهر متواصلة في بغداد و9محافظات جنوبية.
وذكر شهود عيان لوكالة الأنباء الألمانية أن المئات من المتظاهرين انضموا إلى ساحات التظاهر في التحرير والخلاني ببغداد ومحافظات البصرة وميسان والناصرية والمثنى والديوانية وكربلاء والنجف وبابل وواسط، حاملين أعلام العراق ويهتفون بشعارات وأهازيج شعبية تؤكد عزم ساحات التظاهر بالمضي نحو الثبات على المطالب وتشكيل حكومة انتقالية تمهد لإجراء انتخابات مبكرة بعيدا عن تدخل الأحزاب.
إلى ذلك، أفادت مصادر أمس بأن المراسلة التلفزيونية اشتياق عادل نجت من محاولة اغتيال من قبل ملثمين أطلقوا الرصاص عليها قرب منزلها ببغداد. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن المصادر أن ملثمين مجهولين يستقلون دراجة بخارية أطلقوا الرصاص على المراسلة التلفزيونية اشتياق عادل أمام منزلها ببغداد ونجت من محاولة الاغتيال لكنها أصيبت برضوض من جراء سقوطها على الأرض وصدمة بعد أن فشل الملثمون بإصابتها بشكل مباشر.
وكان عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق علي البياتي، قد أعلن الأربعاء، توثيق 171 حالة اختطاف واغتيال وعنف رافقت المظاهرات، التي يشهدها العراق للشهر الرابع على التوالي.
من جانبه، دعا الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر أمس احتجاجات حاشدة في بغداد وتنظيم اعتصامات بالقرب من المنطقة الخضراء شديدة التحصين للاحتجاج على تأخر تشكيل الحكومة. لكنه، حسب وكالة «رويترز» لم يحدد موعدا لتلك التجمعات.
وقال الصدر في بيان: «إنني أجد من المصلحة أن نجدد الثورة الإصلاحية السلمية». وأيد الصدر، الذي يتمتع بدعم من الملايين من أنصاره في بغداد والمدن الجنوبية، مطالب المحتجين الخاصة بإبعاد السياسيين الفاسدين وتوفير الخدمات والوظائف بعد قليل من اندلاع المظاهرات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكنه لم يدع جميع أتباعه للاشتراك في تلك الاحتجاجات. ودعم مؤيدو الصدر الاحتجاجات المناهضة للحكومة العراقية وفي بعض الأحيان وفروا الحماية للمعتصمين من هجمات قوات الأمن ومسلحين مجهولين لكنهم بدأوا في مغادرة مخيمات الاعتصام الأسبوع الماضي بطلب من الصدر.
السيستاني يشكك في أهلية البرلمان الحالي... ويدعو إلى انتخابات مبكرة
قال إن مجلس النواب المقبل هو الكفيل باتخاذ القرارات المصيرية
بغداد: حمزة مصطفى
قال المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني، إن إجراء انتخابات مبكرة في العراق هو الكفيل بإنهاء حالة الانقسام التي يعيشها البلد، مبيناً أن البرلمان القادم الذي ينبثق عن تلك الانتخابات هو الكفيل باتخاذ القرارات المصيرية.
السيستاني وخلال خطبة الجمعة في كربلاء أمس والتي تلاها نيابة عنه ممثله الشيخ عبد المهدي الكربلائي، أكد أن «الرجوع إلى صناديق الاقتراع لتحديد ما يرتئيه الشعب هو الخيار المناسب في الوضع الحاضر، بالنظر إلى الانقسامات التي تشهدها القوى السياسية من مختلف المكونات، وتباين وجهات النظر بينها فيما يحظى بالأولوية في المرحلة المقبلة، وتعذر اتفاقها على إجراء الإصلاحات الضرورية التي يطالب بها معظم المواطنين، مما يعرّض البلد لمزيد من المخاطر والمشاكل». وأضاف أنه في ضوء هذه الأوضاع «يتحتم الإسراع في إجراء الانتخابات المبكرة ليقول الشعب كلمته ويكون مجلس النواب القادم المنبثق عن إرادته الحرة هو المعني باتخاذ الخطوات الضرورية للإصلاح وإصدار القرارات المصيرية التي تحدد مستقبل البلد، ولا سيما فيما يخص المحافظة على سيادته واستقلال قراره السياسي ووحدته أرضاً وشعباً».
كما عد السيستاني أن «استمرار الأزمة الراهنة وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني ليس في مصلحة البلد ومستقبل أبنائه»، مبيناً أن ذلك يتمثل «بالإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، ويتعين أن تكون حكومة جديرة بثقة الشعب وقادرة على تهدئة الأوضاع واستعادة هيبة الدولة والقيام بالخطوات الضرورية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في أقرب فرصة ممكنة».
استبعد الرئيس الأسبق للدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات، مقداد الشريفي، إمكانية إجراء انتخابات مبكرة في ظل عدم اكتمال المستلزمات اللازمة لذلك. وقال الشريفي لـ«الشرق الأوسط»، إن «رأي المرجعية يمثل ضغطاً قوياً على الكتل السياسية لكي تبدأ الإجراءات المطلوبة في هذا السياق غير أن الظروف الفنية ليست جاهزة لإجراء انتخابات في وقت مبكر». وأوضح أن «هناك مشاكل كثيرة في قانون الانتخابات الجديد لم تحل بعد، فضلاً عن مسائل كثيرة تتعلق بوضع مفوضية الانتخابات التي تحتاج إلى وقت طويل لكي تكون مستعدة لإجراء مثل تلك الانتخابات».
من جهته، قال عميد كلية العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، الدكتور خالد عبد الإله، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من الصعب إجراء انتخابات مبكرة في ظل عدم توفر الدعم اللوجيستي المطلوب حتى الآن فيما يتعلق بالمفوضية العليا الجديدة للانتخابات، فضلاً عن أن قانون الانتخابات لم يصادق عليه بعد من قبل رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى أن المحكمة الاتحادية وبسبب الخلاف الحاد بين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية معطلة؛ مما يعني أن الأوضاع أكثر تعقيداً مما يمكن تصورها».
بدوره، أكد الخبير القانوني طارق حرب، أن خطبة المرجعية الدينية أمس سحبت الشرعية عن البرلمان الحالي عندما أناطت اتخاذ القرارات المصيرية في البلاد بالبرلمان المقبل. وقال حرب في بيان له، إن «المرجعية كانت واضحة لجهة سرعة إجراء الانتخابات للوصول إلى برلمان جديد غير البرلمان الحالي الذي لم يقدم أي شيء على الرغم من دعوة المرجعية له بخطب متعددة سابقة وأوكلت الإصلاح إلى البرلمان المقبل وليس الحالي».
إلى ذلك، تستمر الأزمة السياسية في البلاد لجهة عدم قدرة الكتل السياسية اختيار المكلف تشكيل الحكومة في ضمن المهلة التي منحها رئيس الجمهورية برهم صالح لها والتي تنتهي اليوم. وفي حين تنحصر المنافسة بين الوزير الأسبق محمد توفيق علاوي والرئيس الحالي لجهاز المخابرات مصطفى الكاظمي، فإن الكتل الشيعية المكلفة اختيار المرشح لم تتمكن من حسم خلافاتها بشأنهما. من جهته، أبدى علاوي استعداده في حال تم تكليفه بالمنصب التخلي عن الجنسية الثانية التي يحملها (الجنسية البريطانية) في حين لم يعلن الكاظمي موقفاً بشأن «ازدواجية الجنسية». وقال علاوي في بيان، إنه لا يطلب «من أي حزب سياسي أو أي كتلة سياسية أن ترشحني لمنصب رئيس مجلس الوزراء، لكني أطلب منهم ألا يمانعوا من ترشحي لهذا المنصب ويستجيبوا لرغبة المواطنين العراقيين الكرام ومن يمثلهم في ساحات الاعتصام، وألا يقفوا عائقاً أمام تشكيل الحكومة التي سوف لن تكون حكومة محاصصة حزبية، بل حكومة من المستقلين الأكْفاء والنزيهين مع مشاركة البعض من المتظاهرين السلميين على مستوى الوزراء أو دون ذلك».
الكتل السياسية العراقية تلعب في الوقت الضائع لاختيار مرشح مقبول لرئاسة الحكومة
الجمعة 31 يناير 2020
بغداد: حمزة مصطفى
تواصل حراك الشارع العراقي أمس للضغط على السياسيين من أجل تلبية مطالب المحتجين، فيما أجرت الكتل السياسية محادثات اللحظة الأخيرة لتسمية رئيس وزراء جديد، بعدما حدد الرئيس العراقي برهم صالح مهلة تنتهي غداً لكي تقدم الكتل السياسية مرشحها البديل عن رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي. وقال مسؤول في مكتب رئيس الجمهورية لوكالة «الصحافة الفرنسية» إن «الرئيس برهم صالح يستضيف قيادات الكتل السياسية المختلفة في محاولة للتوصل إلى مرشح توافق». وحذر صالح أول من أمس الكتل السياسية من أنه سيسمي منفرداً رئيساً جديداً للوزراء إذا لم تقدم الكتل السياسية مرشحها في غضون ثلاثة أيام.
مع اقتراب انتهاء المهلة، ضاعفت الأمم المتحدة أيضاً ضغطها على المسؤولين العراقيين. وقالت الممثلة الأممية في العراقي، جينين هينس بلاسخارت، في بيان أمس، إنه «حان الوقت لاستعادة الثقة من خلال وضع التحزب جانبا والعمل بما يُحقّق مصلحة البلد وشعبه».
وأضافت أن «هناك حاجة ماسة إلى الحلول، فلا يسع العراق تحمل الاضطهاد العنيف المستمر ولا الشلل السياسي والاقتصادي».
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال عبد المهدي قد قدم استقالته في ديسمبر (كانون الأول) بعد شهرين من الاحتجاجات المناهضة لحكومته والتي شهدت عنفاً دامياً، لكنه بقي يمارس أعماله مؤقتاً بسبب فشل الأحزاب السياسية في الاتفاق على بديل. وينص الدستور العراقي في الحالة الطبيعية على أن تسمي الكتلة البرلمانية الأكبر مرشحاً لرئاسة الوزراء، في غضون 15 يوماً من الانتخابات التشريعية، ثم يكلف رئيس الجمهورية رئيس الحكومة بتشكيل وزارته في غضون شهر واحد. لكن الدستور لا يتطرق في بنوده إلى إمكان استقالة رئيس الوزراء، وبالتالي فقد تم تخطي فترة الـ15 يوماً منذ استقالة عبد المهدي.
وسيحتاج أي مرشح إلى مصادقة من الكتل السياسية المنقسمة، ومن المرجعية الدينية الشيعية الأعلى، إضافة إلى موافقة الشارع المنتفض منذ نحو أربعة أشهر. وفي الشهر الماضي أعلن صالح استعداده لتقديم استقالته بعد رفضه مرشح كتلة «البناء»، محافظ البصرة أسعد العيداني، لمنصب رئيس الوزراء. ورفض صالح تقديم ترشيح العيداني إلى البرلمان، معتبراً أنه «شخصية جدلية».
وقال سياسي عراقي مطلع على المحادثات لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم ذكر اسمه، إن رئيس الجمهورية لا يريد الدخول في صراع مع الكتل البرلمانية عبر ترشيح شخصية من خارج البرلمان لأن أي مرشح لا بد في نهاية الأمر أن يحظى بثقة البرلمان، وإذا لم يحدث ذلك فإن الأزمة ستستمر. وأضاف أن الرئيس صالح «منح الكتل السياسية فرصة أخيرة لكي يلزمها باختيار من تراه مناسباً، وسوف يكون ملزماً بتكليفه لأن مهمة رئيس الجمهورية هي التكليف طبقاً للمادة 76 من الدستور، وليس مناقشة التكليف أو رفضه».
ورداً على سؤال بشأن وجود سابقة بهذا الشأن حين رفض الرئيس ترشيح العيداني وأبدى استعداده للاستقالة، قال المصدر إن «تلك كانت مناورة ذكية من الرئيس حيث إنه أحرج الكتل وكسب الشارع لأن المرجعية الدينية نفسها تتحدث عن أهمية عدم المجيء بشخصيات جدلية لرئاسة الحكومة». لذلك فإن صالح الذي انتظر طوال أكثر من شهر مرشحاً يحظى بتوافق شبه كامل سواء من داخل الكتل السياسية أو من قبل ساحات التظاهر، لم يعد أمامه سوى أن ينهي هذه الأزمة الطويلة. وفي حال لم تتمكن الكتل السياسية من التوصل إلى توافق فيمنح ذلك رئيس الجمهورية فرصة استخدام حقه الدستوري الذي تتيحه له الفقرة 3 من المادة 76 من الدستور، التي يستطيع بموجبها الرئيس ترشيح من يراه مناسبا دون العودة إلى الكتلة الكبرى في البرلمان.
خلال مهلة الأيام الثلاثة يبدو موقف الجميع في غاية الحرج. فعلى صعيد الترشيحات قال المصدر إن أسهم العديد من المرشحين قد سقطت إما بسبب عدم حصول توافق عليهم داخل الكتل أو نتيجة رفضهم من قبل ساحات التظاهر، وتكاد تكون المنافسة الآن بين اثنين فقط ما لم تحصل مفاجآت في اللحظات الأخيرة، وهما الوزير الأسبق للاتصالات محمد توفيق علاوي والرئيس الحالي لجهاز المخابرات مصطفى الكاظمي. وكاد علاوي أن يمر مرتين، الأولى قبل نحو أسبوعين حين تم استدعاؤه على الفور من لندن حيث يعيش إلى قصر السلام مباشرة، مقر رئيس الجمهورية. والمرة الثانية كانت مساء الأربعاء. وفي المرة الأولى كان كتاب تكليفه على طاولة الرئيس وبحضور عشرات النواب وقادة الكتل السياسية قبل أن يعلن انسحابه بعد توجيهه اتهامات لبعض الكتل بأنها ساومته. أما المرة الثانية فإن الأخبار التي تم تداولها أن كتلتي الفتح بزعامة هادي العامري وسائرون المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر توافقت على محمد توفيق علاوي، ثم تكرر السيناريو نفسه في قصر السلام.
غير أن الوقائع سرعان ما تغيرت حين ظهر أن هناك خلافات حوله برزت بين الكتل الشيعية وتم التريث في أمر ترشيحه. الخياران المطروحان أمام الكتل الشيعية، سواء كان علاوي أم الكاظمي، ليسا مناسبين تماما لتوجهاتهما، لكن مع نفاد الوقت فإن فرصة علاوي قد ترجح من جديد بعد إعادة طرحه، أو يذهب رئيس الجمهورية إلى خياره الدستوري. غير أن ما يرجح عودة حظوظ علاوي إلى الواجهة ما لم تحدث مفاجأة غير متوقعة أن الكتل السياسية ترى أن عين صالح على مرشح لا تتطابق عليه كلها وهو مصطفى الكاظمي الذي يكاد يكون الوحيد الذي لم يحترق كليا في ساحات التظاهر.
وقال مسؤول حكومي كبير لوكالة «فراس برس» إن أحد أسباب استمرار الجمود هو غياب الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، اللذين اغتالتهما واشنطن بغارة طائرة مسيّرة في بغداد في الثالث من يناير (كانون الثاني). وكان هذان الشخصان مؤثرين في التوسط بالاتفاقات السياسية بين الأحزاب. |
|