التاريخ: كانون ثاني ٣٠, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
شبان لبنان يسلكون طريق الهجرة هرباً من الأزمة
نسبة الذين غادروا في العام الماضي زادت 42 %
بيروت: «الشرق الأوسط»
مع بدء الحراك الشعبي في لبنان في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ظنّ كثيرون من الشبان اللبنانيين أن الظروف ستتحسن وأن هناك إمكانية لبناء مستقبلهم في وطنهم، لكن حلمهم لم يدم طويلاً أمام تدهور الوضع الاقتصادي والمالي.

وتضاعفت نسبة التضخم بين شهري أكتوبر ونوفمبر (تشرين الثاني)، وفق تقرير بنك «بلوم للاستثمار»، بالتزامن مع خسارة الليرة اللبنانية نحو ثلث قيمتها أمام الدولار. وتُهدد الأزمة اللبنانيين في وظائفهم ولقمة عيشهم، وقد أغلقت العديد من المتاجر والشركات أبوابها، وتلقت وزارة العمل عشرات طلبات الصرف الجماعي، مما يؤدي حكماً إلى ارتفاع نسبة البطالة.

ويعيش ثلث اللبنانيين تحت خط الفقر، بينما يبلغ معدل البطالة ثلاثين في المائة في صفوف الشباب. ويحذر البنك الدولي من ارتفاع هذين المعدلين نتيجة الانهيار الحالي.

وتنقل وكالة «الصحافة الفرنسية» أن كثيرين من هؤلاء الشبان يملأون اليوم طلبات الهجرة للعمل أو لإكمال تعليمهم في الخارج.

ويقول يوسف نصار (29 سنة)، المصور السينمائي الذي يحمل الجنسية الكندية وحجز تذكرة سفره إلى كندا: «سأذهب من دون رجعة». ويضيف: «لا شيء يجري بشكل جيد في هذا البلد لكي أبقى فيه».

ويقول نصار: «بّت أكره هذا البلد بسبب الطبقة السياسية التي ترفض مغادرة السلطة ولا تجد مخرجاً للأزمة في الوقت ذاته».

اعتاد نصّار على كسب ما يكفيه من المال لتصويره حملات لشركات أزياء أو إعلانات أو غيرها. ولا يزال ينتظر الحصول على أتعاب بقيمة 25 ألف دولار من سبع زبائن، بينهم نائب في البرلمان، إلا أنهم لا يتمكنون من سدادها. ويقول نصار: «أريد أن أعمل على تطوير مهنتي ومن أجل مستقبلي». ويضيف: «لست مستعداً لأن أنتظر طوال حياتي أن يتحسن حال البلد».

وتقدر مؤسسة «الدولية للمعلومات» للأبحاث والإحصاءات أن يصل عدد اللبنانيين الذين غادروا البلاد من دون عودة في عام 2019 إلى 61.924 مقارنة بـ41.766 في العام السابق أي زيادة بنسبة 42 في المائة.

وعلى محرك «غوغل»، بلغ معدل البحث عن كلمة «هجرة» في لبنان بين شهري نوفمبر وديسمبر (كانون الأول) حده الأقصى خلال خمس سنوات.

ولم يعد محامون يعملون في ملفات الهجرة يمتلكون أوقات فراغ، إذ تنهال عليهم طلبات الراغبين بالذهاب إلى كندا أو أستراليا أو غيرها. ويقول أحد المحامين إن «الطلب على الهجرة ارتفع بنسبة 75 في المائة»، مشيراً إلى أنه يعمل حالياً على 25 طلباً، غالبيتهم إلى كندا. وهم من الشبان المتعلمين وأصحاب الاختصاص، منهم من يعمل في الصيدلة أو في تكنولوجيا المعلومات أو الشؤون المالية.

وبرغم عدم توفر إحصاءات رسمية، تشير تقديرات إلى أن عدد المهاجرين من لبنان يساوي أكثر من ضعف عدد سكانه الذي يقدر بأكثر من أربعة ملايين نسمة. وتقول فاطمة، (28 سنة) التي شاركت في المظاهرات وتحلم بالهجرة: «حين بدأت الثورة شعرت للمرة الأولى في حياتي بالانتماء، شعرت وللمرة الأولى أن العلم اللبناني يعني لي كثيراً». لكن هذا الأمل لم يدم طويلاً بعدما فقدت فاطمة الشهر الماضي وظيفتها في منظمة غير حكومية دولية نتيجة تراجع التمويل. وتقول: «في هذه اللحظة تحديداً، تغير كل شيء بالنسبة لي، وبتُ لا أفكر سوى بالهجرة إلى كندا». وهكذا تجمع فاطمة حالياً الوثائق اللازمة لتبدأ معاملة الهجرة.