|
|
التاريخ: كانون ثاني ٢٨, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
بدء محاكمة ناشط بارز في الحراك الجزائري |
وزير السكن السابق ينضم إلى قائمة الملاحقين بتهم فساد |
الجزائر: بوعلام غمراسة
بينما بدأت في الجزائر أمس محاكمة ناشط بارز في الحراك بتهمة «إضعاف معنويات الجيش»، أعلنت المحكمة العليا، التي تعد أعلى هيئة في القضاء المدني بالبلاد، عن متابعة وزير السكن سابقاً بتهم فساد.
وتجمَع عدد من النشطاء أمس، أمام مقر «محكمة بئر مراد رايس» بالعاصمة، للمطالبة بإطلاق سراح الناشط سمير بلعربي، مع بدء محاكمته أمس. وطالب الادعاء العام الحكم بسجن بلعربي لمدة 3 سنوات، علما أن هذا الناشط، الذي كان مناضلاً في الحزب الإسلامي «حركة الإصلاح الوطني»، اعتقل في 16 سبتمبر (أيلول) الماضي من طرف رجال أمن بزي مدني، بينما كان في الشارع. ورافع أكثر من 20 محامياً دفاعاً عن بلعربي.
وكان القضاء رفض عدة مرات، طلب محامين الإفراج المؤقت عنه وكان ذلك مؤشراً، بحسب محامين، على تشدَد السلطات ضد نشطاء الحراك المعتقلين، وبخاصة المتهمين بـ«إضعاف معنويات الجيش». وأفرجت السلطات، الشهر الماضي، عن المناضل التاريخي لخضر بورقعة (86 سنة) المتابع بالتهمة نفسها، بعد أن تدهورت صحته. وسيحاكم الكاتب الصحافي فضيل بومالة في 9 من الشهر المقبل. أما المعتقل السياسي البارز كريم طالبو، فأحيلت أوراق ملفه على محكمة الجنح في انتظار تحديد تاريخ محاكمته.
من جهة أخرى، قال أعضاء في «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الأولى في البرلمان) لـ«الشرق الأوسط»، إن اللجنة القانونية بالمجلس أعطت وزير الأشغال العمومية السابق، عبد القادر والي، وهو برلماني عن «حزب جبهة التحرير الوطني»، مهلة 10 أيام قصد إعلانه بنفسه التنازل عن الحصانة، تمهيداً لمتابعته في قضايا فساد، تخص فترة توليه الوزارة (2016 - 2017). وذكرت مصادر قضائية أن الأمر يتعلق بتسهيلات خارج القانون، تخص مشروعات وصفقات، استفاد منها رجال أعمال في السجن حالياً.
وفي حال رفض البرلماني التنازل عن الحصانة طواعية، تعرض مسألة رفعها إلى جلسة عامة للتصويت. ويطمح والي، من خلال هذا الموقف، إلى إقناع أكبر عدد من زملائه في «المجلس»، إلى عدم الانخراط في طلب وزارة العدل بإلغاء ما يمنع مقاضاته. وهو هامش مناورة ضيق بالنسبة له، لكنه ليس مستحيلاً طالما أن برلماني «التجمع الوطني الديمقراطي»، رجل الأعمال إسماعيل بن حمادي، اختار هذا الطريق في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ونجا مؤقتاً من السجن عندما صوّتت أغلبية النواب ضد مسعى وزارة العدل. وبانتهاء ولايته، المنتظرة في 2022، سيتحرك القضاء ضده بشكل آلي. وفي جلسة التصويت نفسها، فشل في الامتحان رجل الأعمال المثير للجدل بهاء الدين طليبة ووضع في الحبس الاحتياطي.
إلى ذلك، أعلنت النيابة العامة لدى المحكمة العليا، أمس في بيان، أنها ستباشر إجراءات المتابعة القضائية ضد وزير السكن السابق عبد الوحيد طمار، بصفته والياً لولاية مستغانم (غرب). وأكدت أن الأفعال المنسوبة له «تحتمل وصفا جزائيا لها صلة بمنح العقار العمومي»، وذلك طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية. وتتولى المحكمة العليا متابعة الوزراء وأصحاب المناصب السامية، وفق مبدأ «الامتياز القضائي»، عندما تكون الوقائع مرتبطة بفترة مزاولة المسؤولية، وهي حالة عدد كبير من كبار المسؤولين في الدولة، تمت إدانة بعضهم بأحكام ثقيلة بالسجن، أبرزهم كل من رئيسي الوزراء سابقا أحمد أويحيى (حكم عليه بـ15 سنة) وعبد المالك سلال (حكم عليه بـ12 سنة). وأكد مصدر قضائي أن وزير العدل بلقاسم زغماتي، راسل رئاسة «المجلس الوطني»، بخصوص عدد من النواب محل شبهة فساد، بغرض تجريدهم من الحصانة، غالبيتهم كانوا مقرّبين من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وهي ترتيبات جديدة بعد إجراءات كانت اتخذت ضد نواب في وقت سابق.
6 أحزاب معارضة تدين «قمع» الحراك الشعبي
طالبت بالإفراج فوراً عن سجناء الرأي... و«إزالة العقبات التي تعترض الحريات»
الأحد 26 يناير 2020
الجزائر: بوعلام غمراسة
أدانت 6 أحزاب جزائرية معارضة «القمع الذي يتعرض له المتظاهرون» كل يوم جمعة خلال الاحتجاجات الأسبوعية الجارية منذ 11 شهراً. وجاء ذلك بعد أن تم أول من أمس اعتقال 5 متظاهرين، ليضافوا إلى المئات بالسجون، وخارجها ممن ينتظرون المحاكمة. كما يأتي بعد أيام من تصريح الرئيس الجديد عبد المجيد تبون بأنه «يحترم الحراك الشعبي المبارك»، غير أن المظاهرات في الميدان لا تزال تشهد تضييقاً كبيراً.
والتقى أمس بالعاصمة قادة «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، و«حزب العمال»، الذي تقضي رئيسته لويزة حنون عقوبة 15 سنة سجناً، «والحركة الديمقراطية والاجتماعية»، و«الحزب الاشتراكي للعمال»، و«الاتحاد من أجل التغيير والرقي» لبحث الأوضاع في البلاد، في ضوء مساعٍ أطلقها تبون، أهمها إنشاء «لجنة خبراء» تخص تعديل الدستور، وبدء حوار مع الطبقة السياسية لإنهاء الأزمة السياسية، والتحضير لقانون يجرم خطاب الكراهية والعنصرية. وتسمى الأحزاب الخمسة نفسها «ميثاق قوى البديل الديمقراطي»، لكنها لا تضم أبرز حزبين معارضين: الإسلامي «حركة مجتمع السلم» والنخبوي «جيل جديد».
ورفضت الحكومة الترخيص لـ«البديل» بعقد اجتماعه بـ«المعرض الدولي»، وهو فضاء فسيح بالضاحية الشرقية العاصمة، فتم نقله إلى مقر «التجمع من أجل الديمقراطية». وعدّ ذلك، كما جاء في تصريحات قادة «البديل» بمثابة «دليل إضافي على أن ممارسات النظام هي نفسها لم تتغير». في إشارة إلى الحظر الذي كان يطال الاجتماعات العامة لهذه الأحزاب خلال فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019).
يشار إلى أن مسألة الحوار مع الرئيس الجديد تقسم أعضاء «البديل»، بين موافق ورافض. فـ«التجمع من أجل الثقافة» أعلن أنه لن يلتقي الرئيس «لأنه غير شرعي»، فيما أظهر «الاتحاد من أجل الرقي» ترحيباً بالمسعى.
وقال محسن بلعباس، رئيس «التجمع»، في بداية أشغال الاجتماع إن «الثورة السلمية التي مست كل جهات الوطن منذ شهر فبراير (شباط) 2019 أيقظت الضمير الجماعي حول ضرورة إعادة البناء الوطني، وأكدت وجود إرادة شعبية لتغيير النظام السياسي. والنظام الذي تمّ فرضه على البلاد منذ الاستقلال سبب كوارث للبلاد ومؤسساتها، وخلف مشاكل كبيرة في كل القطاعات، كما خرّب النسيج الاجتماعي وتسبب في ظاهرة الهجرة السرية، التي مست كل شرائح وفئات المجتمع. وهي وضعية ستكون لها نتائج وخيمة بالنسبة للأمة». مشيرا إلى أن «حراك 22 فبراير وضع أُسساً صلبة لبناء دولة القانون، ومجتمع تقدمي كي يطوي صفحة الديكتاتورية العسكرية بصفة نهائية». وجاء في «أرضية» مشتركة، أصدرتها الأحزاب الخمسة، مطالبة السلطة بـ«وقف أعمال قمع الحراك، والإفراج فوراً عن المعتقلين السياسيين، وسجناء الرأي، وإسقاط كل التهم عنهم، مع رد الاعتبار لهم سياسياً وتعويضهم مادياً». كما تضمنت أيضا «إزالة جميع العقبات التي تعترض الحقوق والحريات، كالحق في حرية التعبير والتنقل والتظاهر في الشارع، وحرية الإعلام وتأسيس الجمعيات والأحزاب».
يشار إلى أن وزارة الداخلية غالباً ما ترفض التعاطي مع طلبات تأسيس أحزاب، إذا كان أصحابها معارضين للسلطة. ومن بين الذين لم يتمكنوا من تأسيس حزب كريم طابو، الناشط السياسي الذي يوجد في السجن بتهمة «إضعاف معنويات الجيش».
ودعا «البديل» في «أرضيته» إلى «إنهاء كل التدابير الرامية إلى بيع الثروة الوطنية، مع إلغاء كل القوانين ذات الصلة». في إشارة إلى قانون المحروقات، الذي تم اعتماده في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والذي يمنح تسهيلات للشركات النفطية العالمية، تتمثل في تقاسم الإنتاج أساساً. ويهدف المسعى، حسب الحكومة، إلى استقطاب الاستثمارات في ميدان المحروقات، بالنظر إلى تراجع الإنتاج في السنوات الأخيرة.
في غضون ذلك، قال «مجتمع السلم»، أمس، في ختام نهاية اجتماع «مجلسه الشوري»، إن مراجعة الدستور «أولوية وطنية ملحة من أجل تغيير طبيعة النظام السياسي، وضمان الحريات الأساسية دون قيد، والفصل بين السلطات، بما يحفظ هوية وسيادة الشعب الجزائري عن طريق الاستفتاء الحر والنزيه»، مشدداً على «التعجيل بوضع رؤية اقتصادية، يساهم فيها جميع الشركاء الفاعلين لإخراج الجزائر من التبعية للريع، وتحقيق الرفاه للمواطنين، وضمان الحقوق للأجيال القادمة». |
|