التاريخ: كانون الأول ٣٠, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
صالح يرفض الإملاءات الخارجية... والحكيم يتوسط لحل أزمة رئاسة الوزراء
بغداد: حمزة مصطفى
فاجأ الرئيس العراقي برهم صالح، خصومه ممن شنوا عليه، خلال الأيام الثلاثة الماضية، هجمات حادة بشأن ما عدوه هروباً من بغداد إلى السليمانية، إثر رفضه تكليف مرشح «البناء»، وعرضه الاستقالة من منصبه عبر رسالة وجهها إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

المفاجأة جاءت حين استقبل صالح في مكتبه بقصر السلام في العاصمة بغداد، أمس، السفير الياباني لدى العراق. وطبقاً لبيان لرئاسة الجمهورية، فإن صالح أكد على احترام إرادة الشعب العراقي في الإصلاح، ورفض أي تدخل خارجي في السياسة الداخلية. وأضاف البيان أنه «تم التأكيد على ضرورة دعم استقرار العراق، وتجاوز التحديات الحالية باحترام إرادة الشعب العراقي في الإصلاح، ورفض أي تدخل خارجي في السياسة الداخلية».

يأتي ذلك في وقت لا تزال أزمة رئاسة الوزراء تراوح مكانها بل وتزداد تعقيداً. وفي هذا السياق، رفع النائب عن تحالف «البناء» في البرلمان العراقي، عدي عواد، أمس، دعوى قضائية ضد صالح، بزعم «انتهاكه العديد من نصوص الدستور العراقي»، مطالباً بتخويل رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، صلاحية تكليف مرشح لتشكيل الحكومة الجديدة.

وأشارت وثيقة الدعوى إلى رفض صالح تكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، في إشارة إلى كتلة «البناء» القريبة من طهران، بتشكيل الحكومة، متهماً رئيس الجمهورية «بالتلاعب بنصوص الدستور وتفسيرها وفق آرائه الشخصية».

الخميس الماضي، رفض صالح، تكليف مرشح تحالف «البناء» محافظ البصرة أسعد العيداني، بتشكيل الحكومة المقبلة. وقال إنه يفضل الاستقالة على تكليف مرشح لا يحظى بتأييد المتظاهرين.

إلى ذلك، كشف جاسم البخاتي، النائب عن «تيار الحكمة»، الذي يتزعمه عمار الحكيم، عن قيام الأخير بدور الوساطة بين رئيس الجمهورية والأطراف السياسية من أجل حل أزمة المرشح. وفيما لم تعلن «كتلة البناء» عن سحب ترشحيها للعيداني، فقد جرى تداول ثلاثة أسماء بديلة، لكن لم يتم طرح أي منها بصورة معلنة، وهم العسكري السابق المتقاعد اللواء الركن توفيق الياسري، والوزير الأسبق للاتصالات محمد توفيق علاوي، والفريق المتقاعد عبد الغني الأسدي، الذي يعد أحد أبطال النصر على تنظيم «داعش».

وقال البخاتي، في تصريح، إن «الحكيم يجري اتصالات من أجل التوصل إلى حل»، متوقعاً «حصول انفراج في الأزمة السياسية القائمة خلال الأسبوع الحالي». وأضاف أن «السيد عـمار الحكيم بدأ بتحركات شملت إجراء اتصالات مع رئيس الجمهورية وأصحاب العقل، لأجل حلحلة أزمة رئيس الحكومة والتوصل إلى اختيار شخصية مقبولة للجميع».

بدوره، هاجم النائب في البرلمان العراقي وأحد المترشحين لرئاسة الوزراء، فائق الشيخ علي، زعيم تحالف «الفتح» هادي العامري، متهماً إياه بأنه يقف خلف عدم ترشيحه للمنصب. وكان الشيخ علي أعلن عن تقديم سيرته الذاتية إلى رئيس الجمهورية بوصفه مرشحاً مستقلاً ومدعوماً من قطاعات واسعة من المتظاهرين. وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أعلن عن طرح ثلاثة أسماء كمرشحين لرئاسة الوزراء، أحدهم فائق الشيخ علي، لكنه عاد وسحب تأييده عنهم في اليوم التالي، بعد أن تبيين له أنهم لم يحظوا بتأييد ساحات التظاهر.

وقال الشيخ علي، في تغريدة على «تويتر»، أمس، إن «قرار العراق الآن بيد هادي العامري... فهو الذي يرفض الموافقة على ترشيح فائق الشيخ علي لرئاسة الوزراء». وأضاف: «هل تعلمون لماذا؟.. لأنه يعلم علم اليقين بأنني سأحاكمه كمجرم قاتَلَ العراق وشعبه، وبرقبته دماء الأبرياء من العراقيين، وكسارق سرق نفط العراق وأموال وزارة النقل، وعشرات التهم بانتظاره!».

إلى ذلك، أكد فرهاد علاء الدين المستشار السابق للرئيس العراقي برهم صالح، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشهد السياسي أصبح أكثر تعقيداً، بعد اعتذار رئيس الجمهورية عن تكليف المرشح الثاني لكتلة (البناء) (العيداني)، وسط إصرارها على ترشيح من تراه مناسباً لتشكيل الحكومة باعتباره حقاً دستورياً، كونها الأكثر عدداً، طبقاً لرسالة مجلس النواب العراقي إلى رئيس الجمهورية، رغم أن هذا الإصرار يتجاهل رفضاً واسعاً من جهات سياسية مؤثرة، وكذلك من قبل ساحات التظاهر والاعتصامات في مدن وسط وجنوب العراق، بل وفي المقدمة منها ما تطالب به مرجعية النجف الأشرف».

ويضيف علاء الدين أن «العرف السياسي السائد في الماضي القريب كان يقضي بأن على الكتل السياسية أن تجتمع للتداول بشأن أبرز الشخصيات التي تراها مناسبة للمنصب، ثم يتم عرض المرشح المتفق عليه مبدئياً على الجهات المعنية الداخلية والإقليمية والدولية، بهدف الحصول على مباركاتها، ليبدأ التفاوض حول تقاسم المناصب والمواقع التنفيذية، وبعد الاتفاق النهائي والأخير بين تلك الكتل يتم تمرير المرشح التوافقي داخل مجلس النواب ليحظى بموافقة الجميع دون اعتراضات تذكر». وأوضح أن «الغريب بالأمر هذه المرة أن القوى والكتل الفاعلة مصرة على ما يبدو على تغافل المتغيرات الواضحة والملموسة المحيطة بالمعادلة السياسية، التي غيرت قواعد اللعبة، وطرحت قوانينها الجديدة وإضافة لاعبين مؤثرين إلى المشهد القائم».