|
|
التاريخ: كانون الأول ٢٩, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
فضيحة تحويل سياسيين لبنانيين مليارات الدولارات للخارج تربك المصارف |
احتجاجات أمام المصارف للمطالبة بالإفراج عن أموال المودعين |
بيروت: يوسف دياب
تفاعلت تصريحات الخبير المالي الدكتور مروان إسكندر، التي كشف فيها عن تحويل سياسيين لبنانيين أموالاً إلى الخارج بمليارات الدولارات، وخلقت إرباكاً لدى الأوساط السياسية والمصرفية وحتى القضائية، وزادت من نقمة الانتفاضة الشعبية على الطبقة الحاكمة في لبنان، وسارع القضاء إلى فتح تحقيق بهذه المعلومات، بموازاة تحقيقات يجريها مصرف لبنان المركزي.
وأثارت هذه المعلومات نقمة كبيرة في لبنان، خصوصاً أنها تأتي في الوقت الذي تفرض فيه المصارف قيوداً مشددة على سحوبات المودعين، وتحظر عليهم تحويل أي مبلغ بالعملات الأجنبية إلى الخارج، بمن فيهم التجّار المضطرون إلى سداد ثمن بضائعهم المستوردة، وحتى المواطنون الراغبون في تحويل أموال لأبنائهم الذين يدرسون في الخارج.
واستدعت هذه المعلومات اجتماعاً طارئاً للجنة المال والموازنة يوم الخميس الماضي، حضره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي أعلن بعد الاجتماع أنه «سيتم التحقيق في تقارير حول قيام مسؤولين وأصحاب مصارف بتحويلات مالية إلى الخارج في العام الحالي». وقال: «سنقوم بكل ما يسمح به لنا القانون، لنتحقق من كل التحويلات التي حصلت في عام 2019 إلى الخارج، وما إذا كانت هناك أموال مشبوهة». وأكد سلامة أن «الحديث كثر في هذا الموضوع، ويتعلق بأموال سياسيين وإداريين في القطاع العام وأصحاب المصارف (يتم تحويلها إلى الخارج) لكن يجب التأكد من ذلك».
وأمس، قال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، إن «قصة الأموال المحوّلة أو المهرّبة بعد 17 تشرين أصبحت كقضية استعادة الأموال المنهوبة أو الموهوبة، الفرق أنها ليست بحاجة لقانون وهي مسؤولية حاكمية مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وأصحاب المصارف»، وكتب على حسابه على «تويتر»: «إذا لم يفعلوا شيئاً ولم يكشفوا الأرقام وأصحابها، علينا التحرك في بداية السنة».
في هذا الوقت، أكد مرجع قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن «تحقيقات مكثفة بدأها يوم الجمعة (أول من أمس)، قسم المباحث الجنائية المركزية، بإشراف مباشر من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات». وأوضح أن التحقيق «بدأ بالاستماع إلى إفادة صاحب المعلومات الخبير المالي مروان إسكندر، الذي قدّم ما لديه من معطيات»، لافتاً إلى أن «الأمور قيد المتابعة وتحتاج إلى مزيد من التحقيقات بالتعاون مع مصرف لبنان، ولجنة الرقابة على المصارف».
وفي وقت نُقل عن إسكندر أن التحويلات إلى الخارج بلغت 6.5 مليار دولار، لفت الأخير إلى أن «هناك بعض اللغط حول فهم المعلومات التي أدلى بها». وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الأموال التي تحدث عنها «جرى تحويلها بشكل طبيعي وليس تهريبها كما يجري تداوله».
وكشف أن «المسؤولة السويسرية أبلغته أن الأموال المحوّلة تبلغ قيمتها ملياري دولار أميركي، وهي تعود لـ9 سياسيين لبنانيين»، معتبراً أن «الخطورة تكمن في أن المبالغ جرى تحويلها في الأيام الـ15 الأخيرة، أي في ذروة أزمة السيولة». وشدد على أن «البرلمان السويسري بدأ إجراء تحقيق جدي في هذه الموضوع، وهو سينشر نتائج هذا التحقيق فور الانتهاء منه، ولا أعتقد أن الجانب اللبناني سيتوصل إلى معلومات قبل انتهاء التحقيق السويسري». وأضاف إسكندر: «هناك صعوبة كبيرة في استعادة الأموال التي ذهبت إلى الخارج»، مذكّراً بـ«رئيس الفلبين الذي توفي قبل 30 عاماً، ولديه 2.5 مليار دولار في الخارج، لا تزال دولة الفلبين عاجزة عن استعادتها، كما أن الدولة المصرية لم تتمكن من استعادة أموال الرئيس الأسبق حسني مبارك».
احتجاجات أمام المصارف للمطالبة بالإفراج عن أموال المودعين
بيروت: «الشرق الأوسط»
كانت المصارف محطة للمتظاهرين في عدد من المناطق اللبنانية ضمن حملة بدأت الدعوة لها في الأيام الأخيرة رفضا للإجراءات المصرفية التي تحول دون قدرة المودعين على الحصول على أموالهم.
وصباح أمس، بعد تنفيذها وقفة احتجاجية أمام المقر المركزي لمصرف لبنان في بيروت، دخلت مجموعة من قطاع الشباب والطلاب في الحزب «الشيوعي اللبناني» إلى البنك اللبناني للتجارة BLC فرع الحمرا، لمساعدة أحد المودعين المحتجزة أموالهم في المصرف، ونجحوا في مهمتهم، كما أظهر مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي. وتركزت مطالب المحتجين على فك حجز أموال المودعين الصغار التي تجري خلافا للقانون مطلقين هتافات منددة بالسياسات المصرفية. وحمّل المتظاهرون المسؤولية لجمعية المصارف التي تضم ممثلين عن رؤساء مجالس إدارات المصارف.
وتحت شعار «يكفي سرقة» نظم حراك النبطية في الجنوب تحركا احتجاجيا رفضاً لسياسة المصارف داعين إلى عدم دفع الضرائب وتسديد مستحقات القروض المالية. وحمل خلاله المحتجون الأعلام اللبنانية ولافتات كتب على بعضها «مش دافعين ما حدا أحسن من حدا»، ورددوا هتافات تطالب بـ«محاسبة ناهبي المال العام». وفي عكار أيضا، عمد المحتجون إلى طباعة شعار «مش دافعين»، على واجهة المصارف.
ولوحظ أن بعض فروع المصارف فتحت أبوابها للمحتجين الذين دخلوا بطريقة سلمية فيما أقفل البعض أبوابه فور وصولهم، بينما كان عدد منها قد أقفل منذ الصباح تحسبا لحركة الاحتجاج.
وطالب المحتجون المصارف «بإعطاء المواطنين ودائعهم لأن هذه الأموال هي ملك لأصحابها وليست ملكاً للمصارف كما بصرف رواتب الموظفين كاملة، لأن الموظف أنجز العمل المطلوب منه كاملاً، فلا يحق للمصرف اقتطاع أو تقسيط راتبه كما يتناسب مع سياسة المصرف». وطالبوا كذلك بدفع مستحقات المزارعين.
ودعا المحتجون أيضا إلى الإفصاح عن هوية السياسيين الذين هربوا أموالهم إلى الخارج ومحاكمتهم علناً واستعادة تلك الأموال، كما إجراء تحقيق شفاف ونزيه بكل قروض الإسكان، بخاصة تلك التي استفاد منها سياسيون، وشددوا كذلك على ضرورة «إيجاد حل للأزمة من خلال وضع الحجز الاحتياطي على ثروات كل السياسيين وكل من تولوا الشأن العام ومنعهم من السفر إلى حين انتهاء التحقيقات». |
|