التاريخ: كانون الأول ٢٩, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
رفض صالح تكليف شخصية جدلية يقسم القوى العراقية بين التسوية والتصعيد
{كتلة البناء} تباشر إجراءات عزل الرئيس إذا لم يسمِ مرشحها
بغداد: حمزة مصطفى
بين التسوية باتجاه اختيار شخصية غير جدلية لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة وبين التصعيد، تنقسم الكتل السياسية حيال موقف الرئيس برهم صالح. صالح الذي قيل إنه ذهب إلى السليمانية نتيجة تعرضه لضغوط كبيرة بما فيها تهديدات مباشرة بالقتل عاد إلى بغداد أمس لمزاولة عمله.

وبينما فندت عودة صالح تفسيرات البعض بأن ذهاب الرئيس إلى السليمانية كان هروبا من المواجهة، فإنها من جانب آخر عززت مواقف القوى والكتل السياسية الراغبة في إيجاد تسوية معقولة تنهي هذه الأزمة الدستورية الجديدة باتجاه إقناع تحالف «البناء» باختيار شخصية أقل جدلا لترؤس الحكومة بعد رفض الرئيس ثالث شخصية رشحتها الكتلة، أسعد العيداني.

وحسب آلا طالباني، القيادية في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي من زعمائه صالح، فإن زيارته إلى السليمانية «أمر طبيعي وتتعلق بنتائج الانتخابات الأخيرة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي بقي بلا أمين عام بعد رحيل مؤسسه وزعيمه التاريخي جلال طالباني. وقالت آلا طالباني، وهي عضو في البرلمان العراقي، لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود الرئيس صالح في السليمانية أمر طبيعي كونها مدينة عراقية أولا وليست دولة أجنبية وثانيا لأغراض متابعة واستكمال نتائج انتخابات الحزب، ولا علاقة له بأي مسألة أخرى».

وفي وقت أعلن الكرد دعمهم لموقف الرئيس صالح فإن القوى الشيعية انقسمت حياله بين رافض لأي محاولة للمساس به مثلما أعلنت كتلة «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وبين رافضة لأي تسوية معه مثل كتلة «البناء» التي قررت المباشرة بإجراءات عزل صالح عن طريق المحكمة الاتحادية بتهمة خرق الدستور. وقال النائب في البرلمان العراقي حسين عرب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «تحالف البناء قرر إقامة دعوى على رئيس الجمهورية أمام المحكمة الاتحادية بتهمة خرق الدستور»، مبينا أن «البناء يسعى لإقالة رئيس الجمهورية في سياق هذه المادة الدستورية التي تلزم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح الكتلة الأكبر والبرلمان هو من يمنحه الثقة أولا».

وحول ما إذا كانت مثل هذه المحاولة ستنجح في إقالة صالح، يقول عرب: «من الصعب إقالة رئيس الجمهورية في مثل هذه الظروف بالتأكيد لأسباب كثيرة معروفة».

من جهته، أعلن تحالف سائرون المدعوم من الصدر دعمه للرئيس صالح والوقوف ضد أي محاولات لعزله. وقال النائب عن التحالف رعد المكصوصي في تصريح إن «موقف صالح وطني ومشرف»، مبيناً أن «الرئيس العراقي رفض الكثير من الضغوط السياسية للقبول بمرشحي الأحزاب لرئاسة الحكومة، كما رفض ضغوط دول إقليمية، لكن في الحقيقة هو قال نعم لرغبة الشارع العراقي». وأكد أن «تحالف سائرون سيقف ضد أي محاولات لعزل الرئيس وسيكون أول الداعمين له، كما أن التحالف يطالبه أيضاً بعدم التفكير في الاستقالة، والاستمرار في مهامه الدستورية وتكليف مرشح للحكومة المقبلة، وفق توجيهات الشعب والمرجعية وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر».

النائب عن كتلة البناء، أحمد الكناني، أكد بدوره أن على «رئيس الجمهورية أن يلتزم بالمادة 76 في تقديم مرشح الكتلة الأكبر داخل البرلمان»، مبينا أن «موضوع التوافقات ليس من صميم عمل رئيس الجمهورية». وأشار إلى أن «البناء سيلجأ إلى طريق كفله الدستور له، حول مخالفة رئيس الجمهورية، إذا ما استمر على موقفه»، موضحا أن «المادة 61/ سادسا تنص على إعفاء رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة بعد إدانته من المحكمة الاتحادية». من جهته، أعلن رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني دعمه لموقف صالح في مواجهة الضغوط التي يتعرض لها. وقال بارزاني في بيان أمس: «نتابع بقلق بالغ وعن كثب أوضاع وتطورات العراق الذي يعاني أزمة عميقة. فبينما ينذر التهديد بعدم الاستقرار والمزيد من تعقيد الأوضاع البلدَ بالمضي نحو مستقبل مجهول، فإن الواجب يحتم على الجميع التعامل مع الوضع بالتفاهم وبروح وطنية وبمسؤولية وبعيداً عن الضغوط السياسية لاجتياز المرحلة وفقاً للسياقات الدستورية». وأضاف: «في موضوع تكليف مرشح لرئاسة الحكومة العراقية القادمة، يبدو أن رئيس الجمهورية برهم صالح يتعرض لضغوط كبيرة وبخلاف الآليات والأسس الدستورية، وهنا نشدد على أن أي حل يجب أن يكون قائماً على أساس الدستور ووفقاً للسياقات القانونية». وتابع بارزاني بأنه «ولاختيار مرشح وطني وغير جدلي لرئاسة الحكومة يكون مقبولاً من القوى المؤثرة، ينبغي الأخذ في الحسبان المطالب المشروعة للمتظاهرين وأوضاع ومصالح البلد عند اختياره، وأن تقدم المساعدة للحكومة القادمة لغرض اجتياز المرحلة الانتقالية المقبلة والإعداد لانتخابات جديدة».