|
|
التاريخ: كانون الأول ٢٢, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
«إعلان وشيك» عن تشكيلة الحكومة التونسية الجديدة |
قوى مناوئة لـ«النهضة» تؤسس «مرصداً» للدفاع عن «مدنية الدولة» |
تونس: المنجي السعيداني
أكد الحبيب الجملي، رئيس الحكومة التونسية المكلف، بعد اجتماع رباعي ضم كلاً من حركة النهضة برئاسة راشد الغنوشي، وحزب «تحيا تونس» بزعامة يوسف الشاهد، وحزب «حركة الشعب» بقيادة زهير المغزاوي، إضافة إلى حزب «التيار الديمقراطي» الذي يقوده محمد عبو، حدوث توافق حول عدد من القضايا المتعلقة ببرنامج الحكومة وميثاقها السياسي، وقال إنّه «لمس إيجابية لدى هذه الأطراف، ووعياً بضرورة العمل على إيجاد حلول للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية» في تونس.
وأسفر الاجتماع الذي قاده الجملي عن وضوح قائمة الأحزاب المستعدة للمشاركة في الائتلاف الحاكم، بعد أن أعلنت القيادات السياسية الأربعة المشاركة في الاجتماع قرب الحسم النهائي في القضايا الخلافية، والنظر في مدى مساهمة هذا «الرباعي» على مستوى الحقائب الوزارية التي ستسند لكل طرف سياسي على حدة.
وتمحورت جلسة المشاورات التي جمعت الجملي بممثلي الأحزاب السياسية الأربعة، حول محتوى الميثاق السياسي للحكومة والمحاور الكبرى لبرنامجها. كما تم التطرق إلى وثيقتين تقدمت بهما الأحزاب الأربعة المشاركة في المشاورات، تضم الأولى 16 نقطة اقترحت الأحزاب إدراجها في «الميثاق السياسي» الذي ستتم صياغته بهدف تحديد العلاقة بين مختلف الأطراف المشاركة في الائتلاف الحاكم.
أما الوثيقة الثانية، فتضمنت مطلب حزب التيار الديمقراطي (يسار) بخصوص إلحاق الشرطة العدليّة بوزارة العدل، وهيئات الرقابة بوزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري، علاوة على مناقشة عدد الحقائب الوزارية التي يرغب كل حزب سياسي في تقلدها.
وإثر الاجتماع الذي عقد الليلة قبل الماضية، وتواصل حتى يوم أمس، أعرب المكتب التنفيذي لحركة النهضة عن مساندته لكل الجهود والمشاورات التي يجريها رئيس الحكومة المكلف، معرباً عن أمله في أن يتم الإعلان عن أعضاء الحكومة الجديدة مطلع الأسبوع المقبل.
وكان راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، قد أشار بعد لقائه رئيس الحكومة المكلف، وبقية الأحزاب، إلى أن الاجتماع «لم يكن حاسماً، لكنه فتح الطريق لتجاوز التأخر في تشكيل الحكومة». كما تحدث الغنوشي عن إمكانية الإعلان عن تركيبة الحكومة بداية الأسبوع المقبل، مبرزاً أن «المفاوضات تجمع 4 أحزاب فقط... وكل منها سيعمل على الحصول على حصة ترضيه، دون أن يحقق كل طرف شروطه»، على حد تعبيره.
ورغم لهجة التفاؤل التي طبعت تصريحات الجملي، وحركة النهضة (إسلامية) التي رشحته لتشكيل الائتلاف الحاكم، فإن بقية الأطراف السياسية المشاركة في الاجتماع كانت لها تصريحات حذرة، إذ أكد زهير المغزاوي، رئيس حركة الشعب، مواصلة المشاورات حول تشكيل الحكومة، مشدداً على أن الحسم في الأمر سيوكل إلى مجلس وطني يعقد لهذا الغرض. وهو الموقف نفسه الذي أعلن عنه محمد عبو، رئيس حزب التيار الديمقراطي، حين أشار إلى أن موقفه النهائي سيكون بعد انعقاد مجلسه الوطني.
أما موقف حركة «تحيا تونس»، فقد جاء واضحاً على لسان مروان فلفال، القيادي في الحزب، حيث أكد أن القرار النهائي بخصوص المشاركة في الحكومة سيكون بيد المجلس الوطني الذي سينعقد خلال الـ24 ساعة المقبلة، مبرزاً أن قرار عدم المشاركة تم اتخاذه من طرف المجلس منذ العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأن تغيير الموقف أمام المستجدات والمتغيرات الحاصلة «يتطلّب انعقاد المجلس الوطني من جديد... وحركة (تحيا تونس) تفاعلت إيجابياً مع مبادرة الوساطة بين الفرقاء السياسيين، والاتصال ببقية الأحزاب أفضى إلى تقارب فيما بينها بخصوص مسار تشكيل الحكومة».
وفي غضون ذلك، سجل الاجتماع السياسي الخاص بتشكيل الحكومة غياب ممثلين عن حزب «ائتلاف الكرامة» الذي يتزعمه سيف الدين مخلوف، وهو ائتلاف سياسي يؤيد توجهات حركة النهضة. وكان هذا الائتلاف قد فاز بالمرتبة الرابعة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وحصل على 21 مقعداً برلمانياً، وهي نتيجة فاجأت الساحة السياسية بسبب التركيبة غير المتجانسة للأطراف التي دعمت هذا التحالف.
وكان من نتائج عدم التجانس هذا أن سجلت الكتلة البرلمانية 3 استقالات، إثر خلافات حول الفصل في ترؤس اثنتين من اللجان البرلمانية، وهي: لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح، ولجنة الصناعة والطاقة والثروات الطبيعية والبنية الأساسية والبيئة.
قوى مناوئة لـ«النهضة» تؤسس «مرصداً» للدفاع عن «مدنية الدولة»
السبت 21 ديسمبر 2019
تونس: المنجي السعيداني
تمخضت الاتهامات الموجهة إلى قيادة حركة «النهضة» بإقرار تعيينات «مشبوهة» في مجلس النواب التونسي، عن إعلان مجموعة من الشخصيات، تضم حقوقيين ومفكرين وأساتذة جامعيين ونواباً سابقين وسينمائيين وإعلاميين، تأسيس «مرصد وطني للدفاع عن مدنية الدولة»، هدفه رصد ما تقوم به قوى الإسلام السياسي، ومراقبة خطواتها التي تعمل من خلالها على «تخريب مدنية الدولة» في تونس، حسب ما يقول داعمو فكرة إنشاء هذا المرصد.
وتجد هذه المجموعة المناهضة للإسلام السياسي دعماً واسعاً من تيارات يسارية وبعض القوى الليبرالية، علاوة على منظمات نقابية وحقوقية، وهو ما يعطي زخماً أكبر لتحركها الهادف إلى «محاصرة تمدد مشروع قوى الإسلام السياسي» في البلاد.
ومن أسباب تأسيس هذا الهيكل الحقوقي، كما أعلن عن ذلك مؤسسو «المرصد»، «تناقض برامج قوى الإسلام السياسي مع النموذج الديمقراطي المدني الذي قامت من أجله ثورة تونس، خصوصاً في ظل تواصل الهجوم الشرس واستهداف مدنية الدولة ومؤسساتها، وتفاقم مخاطر تمكّن الإسلام السياسي المتشدد والمتطرف من مفاصل الدولة، وتزايد تأثيره على التعليم والمجتمع والثقافة، وتعطيله لمسار التحديث السياسي والاجتماعي واعتماد اختيارات اقتصادية مشبوهة». وتخشى أطراف سياسية عدة مما تصفه بـ«تغوّل» قوى الإسلام السياسي بقيادة حركة «النهضة»، وتتهمها بتشكيل «أمن موازٍ»، وبمحاولة السيطرة على مفاصل الدولة وتهديد مدنيتها منذ عودة الحركة الإسلامية من المنفى إلى الساحة السياسية بعد عام 2011.
ويقول مشاركون في إنشاء «المرصد»، إنهم سيعملون على مراقبة الخطوات التي تقوم بها قوى الإسلام السياسي، والتي تسعى من خلالها إلى «تخريب الدولة وأسسها المدنية»، ويؤكدون أنهم سيعملون أيضاً على «التصدي السلمي» لمسعى الإسلاميين «بهدف حماية النموذج التونسي».
كانت حركة «النهضة» قد اضطرت، نهاية سنة 2013، إلى مغادرة السلطة إثر تزعمها المشهد السياسي بعد ثورة عام 2011، وقيادتها لتحالف «الترويكا» مع حزبي «التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات» و«المؤتمر من أجل الجمهورية».
وتحالفت آنذاك قوى سياسية يسارية (تحالف الجبهة الشعبية) مع اتحاد الشغل (نقابة العمال) للإطاحة بحكم «النهضة»، ونجحت في هذا المسعى الذي توّج بخسارة «النهضة» الصدارة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت سنة 2014.
على صعيد آخر، واصل عدد من المحتجين من شباب ولاية (محافظة) تطاوين (جنوب شرقي تونس) الاعتصام الذي شرعوا في تنفيذه أول من أمس بمقر الولاية، مطالبين بتفعيل بنود اتفاق تم التوصل إليه سنة 2017 مع ممثلي الحكومة التونسية، كما طالبوا بإقالة والي الجهة باعتباره الممثل الأول للحكومة في المنطقة.
كان المحتجون قد أمهلوا الحكومة مدة أسبوع لتطبيق بنود «اتفاق الكامور» المبرم منذ عام 2017، غير أن عدم إيلاء الأهمية الكافية لهذا التحرك أدى إلى مزيد من التصعيد، وتحولت شعارات المحتجين إلى «الشعب يريد» و«جاهزون سيدي الرئيس»، في تفاعل مع ما جاء في خطاب رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، في سيدي بوزيد بمناسبة الذكرى التاسعة لاندلاع الثورة، حيث أكد أن الشعب سيأخذ حقه بيده، وهو ما كان محل انتقادات واسعة في الساحة السياسية التونسية.
وطالب علي الشتوي، أحد أعضاء تنسيقية «اعتصام الكامور»، بالتزام الحكومة باستكمال تشغيل 500 شاب في شركات البيئة في المنطقة، وهو العدد المتبقي من أصل 3000 شخص كان من المفترض دخولهم منذ يناير (كانون الثاني) 2019 التشغيل الفعلي في شركات البيئة، التي لم تتجاوز فيها نسبة التشغيل أكثر من 15 في المائة، على حد قوله. كما طالب الشتوي بتنفيذ وعد حكومي بإنشاء صندوق جهوي للتنمية تضخ فيه الحكومة ما يقارب 80 مليون دينار تونسي (نحو 26 مليون دولار)، وأكد أن هذا الصندوق لم يتم إنشاؤه بسبب العراقيل الإدارية، وأصبح الأمر «مجرد حلم»، حسب رأيه. |
|