التاريخ: كانون الأول ١٩, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
البرلمان التونسي يسائل 5 وزراء بتهمة التقصير
تونس: المنجي السعيداني
عقد البرلمان التونسي أمس جلسة مساءلة لخمسة وزراء من حكومة تصريف الأعمال، التي يقودها يوسف الشاهد، حول حادث سير كان قد أودى بحياة 30 تونسيا، ووجهت على إثره تهم كثيرة إلى هؤلاء الوزراء الخمسة، وفي مقدمتها التقصير في أداء الواجب.

وقدم كل من وزير الداخلية والسياحة والنقل والتجهيز والصحة معطيات حول ملابسات الحادث، ومدى تحميل المسؤولية لأطراف حكومية، في انتظار أن تتشكل لجنة برلمانية للتحقيق في أسباب الحادث والوقوف على ملابساته. ولم تخل جلسة البرلمان أمس من انتقادات حادة لأعضاء الحكومة وللجان البرلمانية، التي غالبا ما تعمل على خفض حالة التوتر، قبل أن يتم التغافل لاحقا عن الملفات الخاصة بعدد من الأزمات، بحسب بعض المراقبين. وفي هذا الشأن، قالت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر (معارض) إن اللجان البرلمانية باتت بمثابة «المنوم الذي يعطى للتونسيين للتفريط في حقوقهم». مؤكدة أنها ستطالب البرلمان بضبط روزنامة محددة، وعرض نتائج التحقيق كاملة على النواب.

وقال هشام الفراتي، وزير الداخلية أمس أمام أعضاء البرلمان، إن الأبحاث الأولية حول حادثة عمدون أثبتت أن عجلات الحافلة لم تكن صالحة للاستعمال نظرا لتآكل الأطواق، باستثناء العجلة الأمامية اليسرى للحافلة، التي كانت قابلة للاستغلال. لكن لم تكن صالحة لقطع مسافات طويلة، كما أكد أيضا أن دواسات الفرامل كانت تقريبا متآكلة.

من ناحيتها، أفادت سنية بالشيخ، وزيرة الصحة، في جلسة المساءلة ذاتها، بأن الحافلة المنكوبة كانت تقل 46 شابا وشابة، وليس 43 كما قيل في بداية التحقيقات، مبرزة أنه تم تسجيل 30 حالة وفاة، بينهم 22 وفاة في عين المكان، وحالتا وفاة عند الوصول إلى مستشفى باجة، و6 وفيات في وقت لاحق خلال مكوثهم في قسم الإنعاش.

بدوره، كشف روني الطرابلسي، وزير السياحة، أنه تم توجيه مراسلة في 12 من يناير (كانون الثاني) 2018 إلى سائقي الحافلات السياحية، تدعوهم إلى ضرورة احترام إشارات المرور، وزيارة الانتباه على الطريق الرابطة بين مدينتي عمدون وعين دراهم.

أما نور الدين السالمي وزير التجهيز والإسكان فقد أكد من ناحيته أن الطريق التي شهدت الحادث القاتل مطابقة للمواصفات الدولية، ومجهزة بالعلامات الضرورية، ووعد بإجراء تدخلات جذرية لتحويل مسار تلك الطريق الوعرة.

ووقع الحادث المؤلم في الأول من الشهر الحالي، بعد سقوط حافلة سياحية في متحدر حاد، نجم عن فقدان السائق السيطرة عليها، مما أدى إلى وفاة 22 شابا وشابة في عين المكان. وقد كشفت هذه الحادثة عن تآكل البنى التحتية، خاصة في مناطق الشمال الغربي، وهي مناطق معروفة بمنعرجاتها الجبلية الصعبة، وقلة التجهيزات الطبية، وضعف عدد أطباء الاختصاص في المناطق الداخلية.

وبعد الحادث، قدم والي (محافظ) منطقة باجة استقالته اعترافا بمسؤوليته غير المباشرة عن الحادث، وفي الفترة ذاتها، طالبت بعض الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية باستقالة أعضاء الحكومة المسؤولين عما حدث.

وكان راشد الغنوشي، رئيس البرلمان، قد عين خلال جلسة المساءلة البرلمانية السيدة الونيسي (من حركة النهضة) لرئاسة اللجنة البرلمانية للتحقيق في حادثة عمدون، وهي اللجنة التي ضمت 21 نائبا، من بينهم 7 من حركة النهضة، وأربعة من الكتلة الديمقرطية (حركة الشعب والتيار الديمقراطي)، ومثلهم من حزب «قلب تونس». ومن المنتظر أن تجمع اللجنة كل المعطيات، وتتنقل إلى عين المكان قبل تقديم تقريرها لاحقا إلى البرلمان.

من جهة ثانية، قام شبان عاطلون من ولاية القصرين، ينفذون اعتصاماً أمام مجلس نواب الشعب منذ نحو شهر، بتسلق السور الحديدي الخارجي لمقر المجلس أمس في محاولة لاقتحامه، غير أن قوات الأمن تمكنت من إبعادهم.

وذكرت وكالة تونس أفريقيا (تاب) أن هؤلاء الشباب، هددوا بالانتحار الجماعي، إذا لم يتم الحصول على «تعهد كتابي بالاستجابة إلى مطالبهم المتعلقة بالتشغيل».

وفي السابع عشر من ديسمبر (كانون الأول) عام 2010 أحرق بائع الخضراوات المتجول محمد البوعزيزي نفسه في مدينة سيدي بوزيد ليشعل بذلك ثورة عارمة، انتهت بسقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بعد أسابيع في 14 من يناير (كانون الثاني) 2011.

وترتفع نسبة البطالة في تونس، بسبب تراجع النمو الاقتصادي وتعطل الاستثمارات.