|
|
التاريخ: كانون الأول ١٩, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
تبون يؤدي اليمين رئيساً جديداً للجزائر وتوقعات ببدء مشاورات تشكيل حكومة |
تمديد سجن ناشط بارز يبدد آمال المتظاهرين بتجاوز الانسداد السياسي |
الجزائر: «الشرق الأوسط أونلاين»
يتولى عبد المجيد تبون مهامه رئيساً للجمهورية الجزائرية اليوم (الخميس) فور أدائه اليمين الدستورية في حفل رسمي بعد فوزه من الدورة الأولى في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 ديسمبر (كانون الأول) واعتبرها الحراك الشعبي «غير شرعية».
وفور أداء اليمين «بحضور جميع الهيئات العليا في الأمّة» كما في الدستور، يباشر عبد المجيد تبون (74 سنة) مهامه رئيساً للجمهورية خلفاً لعبد العزيز بوتفليقة الذي استقال بعد 20 سنة في الحكم، تحت ضغط حراك شعبي غير مسبوق ضد النظام.
وتولى عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، الرئاسة المؤقتة وفقاً للدستور لكنه تجاوز المهلة القانونية المحددة بثلاثة أشهر.
أمضى عبد المجيد تبون، حياته موظفاً في الدولة وكان دائماً مخلصاً لعبد العزيز بوتفليقة الذي عينه وزيراً ثم رئيساً للوزراء لفترة وجيزة، قبل أن يصبح منبوذاً من النظام. ولكنه يبقى بالنسبة للحراك «ابن النظام» الحاكم في البلاد منذ الاستقلال في 1962.
وفاز تبون من الدورة الأولى بـ58.13 في المائة من الأصوات، لكن هذه النسبة بالكاد تخفي حقيقة أنه تم انتخابه بنسبة 20 في المائة فقط من الناخبين المسجلين. فقد بلغت نسبة المشاركة 39.88 في المائة، وهي الأدنى على الإطلاق، مقارنة بجميع الانتخابات الرئاسية التعددية في تاريخ البلاد.
وحتى هذه الأرقام غير صحيحة بالنسبة للحراك بينما شكّك فيها العديد من المراقبين.
وعلى الرئيس الجديد التعامل مع حركة احتجاجية قوية لم تتراجع منذ بدايتها قبل عشرة أشهر، بمطلب أساسي هو رحيل كل رموز النظام، وهو مطلب رفضته جملة وتفصيلاً القيادة العليا للجيش التي تتحكم في السلطة منذ استقالة بوتفليقة.
وفور إعلان فوزه مدّ تبون يده للحراك الشعبي من أجل «حوار جاد لبناء جزائر جديدة» من خلال «تعديل عميق للدستور» تكون غايته ولادة «جمهورية جديدة».
لكن الحراك عبر عن رفضه التام لعرض الحوار من خلال مظاهرات حاشدة، معتبراً أن تبون «رئيس غير شرعي»، كما يرفض أن يقوم «النظام» بالإصلاحات السياسية لتجديد نفسه.
وللشباب الذين يمثلون أكثر من 53 في المائة من نسبة السكان، قدم تبون وعداً بـ«إدماجهم في الحياة السياسية» على أن يعين حكومة «بوزراء يبلغون 26 و27 سنة».
ووفقاً للتقاليد يقدم رئيس الوزراء نور الدين بدوي استقالته للرئيس الجديد الذي يكون عليه تعيين خلف له وحكومته الجديدة. مهمة تبدو معقدة بالنظر إلى رقابة الحراك الشعبي.
فعندما عين بوتفليقة وهو في آخر أيام حكمه، وزير الداخلية نور الدين بدوي خلفاً لأويحيى المنبوذ شعبياً، كان هدفه تهدئة الشارع لكن ذلك لم يزد الأمر إلا تصعيداً مع إصرار الحراك على رحيل الجميع.
وحاول بدوي إسكات الاحتجاجات بوعود بتشكيل حكومة «من الشباب» ثم أعلن حكومة أغلب أعضائها من الموظفين رفيعي المستوى في الوزرات التي عينوا فيها مع بعض وجوه جديدة من شباب كما في وزارات الثقافة والرياضة والعلاقات مع البرلمان.
ومع ذلك فإنه من المستبعد أن تكفي بعض الإجراءات الرمزية لإسكات الحركة الاحتجاجية المصممة على مطلب رحيل كل رموز «النظام».
لكن الوضع ملح، بالنظر إلى غموض الأفق السياسي والأزمة الاقتصادية التي عمقتها التحقيقات القضائية التي تسببت في سجن أكبر رجال الأعمال بتهم الانتفاع غير المشروع من صفقات حكومية كبرة بفضل قربهم من محيط بوتفليقة.
والجزائر التي عجزت عن التحرر من التبعية للنفط والغاز، عرف اقتصادها أزمة كبيرة بسبب تراجع الأسعار وبالتالي تراجع المداخيل من العملات الأجنبية التي تمثل المصدر الأساسي لميزانية الدولة. مما قد يدفع تبون إلى اتخاذ إجراءات غير مقبولة شعبياً.
تمديد سجن ناشط بارز يبدد آمال المتظاهرين بتجاوز الانسداد السياسي
توقعات ببدء مشاورات تشكيل حكومة الرئيس الجديد
الجزائر: بوعلام غمراسة
خابت آمال نشطاء الحراك الشعبي في الجزائر، التي عقدوها على «غرفة الاتهام» بمحكمة الاستئناف، بعد أن أجلت دراسة طلب الإفراج عن الناشط السياسي البارز كريم طابو إلى 25 من الشهر الجاري.
وتوقع مراقبون إطلاق سراحه، أمس، كبداية انفراج لأزمة معتقلي الحراك، بعد أن دعا الرئيس الجديد عبد المجيد تبون المتظاهرين إلى الحوار، بهدف تجاوز الانسداد السياسي. وقال المحامي المدافع عن المعتقلين، عبد الغني بادي لـ«الشرق الأوسط»، إن السلطات «لا تملك استعداداً، على ما يبدو، لحل أزمة معتقلي الحراك، بدليل أنها رفضت الإفراج عن أحد أشهرهم». مؤكداً أن الأجهزة الأمنية «ما زالت تحكم قبضتها على قضية المساجين السياسيين، ولا يبدو أن الوضع سيتغير»، في إشارة ضمناً إلى أن الرئيس المنتخب لا يملك هامش حرية واسعاً للتصرف في هذا الملف، الذي يتعامل معه المتظاهرون كشرط قبل إحداث أي تقارب مع السلطة الجديدة.
وبدا المحامي متشائماً بشأن مصير طلبات الإفراج عن بقية المعتقلين السياسيين، التي ستدرسها المحاكم في الأسابيع المقبلة، وأهمهم رجل الثورة الثمانيني لخضر بورقعة، والكاتب الصحافي فضيل بومالة، والناشط سمير بلعربي. وكلهم جرى اتهامهم مع طابو بـ«إضعاف معنويات الجيش»، بسبب تصريحات لوسائل الإعلام حول دور الجيش وقيادته في ترتيب الشأن السياسي، عدت مسيئة للمؤسسة العسكرية، التي استخلفت الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في تسيير البلاد، بعد أن دفعته إلى الاستقالة في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي.
وتتوجه الأنظار إلى تبون وأول القرارات التي سيعلن عنها، بعد أن يؤدي «اليمين الدستورية»، اليوم، وذلك إيذاناً ببداية مهمته كثامن رئيس للبلاد رسمياً، إذ يترقب الملاحظون إصدار أوامر للقضاء بالإفراج عن مئات النشطاء، أغلبهم يوجد في الحبس الاحتياطي، وحكم على العديد بالسجن مع التنفيذ. وقد اعتقل بعضهم بسبب التظاهر في الشارع، واتهموا بـ«المس بالوحدة الوطنية». فيما اعتقل آخرون بسبب حمل الراية الأمازيغية في المظاهرات، وسجن قطاع آخر بسبب مواقفهم من الجيش، التي لم تعجب قائدها الجنرال أحمد قايد صالح.
وسئل تبون في مؤتمر صحافي عقده الجمعة الماضية، بعد إعلان نتائج الاستحقاق، عن مصير هؤلاء المعتقلين فقال: «سأتشاور مع الإخوة لنرى ما يمكن أن نفعله». وفهم حديثه عن «الإخوة» بأن الأمر يتوقف على مدى موافقة الجيش على إطلاق سراحهم. علماً بأنه خلال حملة الانتخابات التي دامت 21 يوماً لم يتعهد تبون بمعالجة ملف المعتقلين بالطريقة، التي يريدها المتظاهرون وأفراد عائلاتهم.
وأظهر قطاع واسع من المتظاهرين في حراك الجمعة الماضي، وفي احتجاجات طلاب الجامعات يوم الثلاثاء، رفضاً قاطعاً لأي تقارب مع الرئيس الجديد، إن لم يبادر بالإفراج عن رفاقهم. وأطلق تبون مساعي باتجاه الحراك بحثاً عن ناطقين باسمه، تحسباً لبدء حوار معهم.
يشار إلى أن العديد من المحتجين تم اعتقالهم في اليوم، الذي أعلنت فيه «سلطة الانتخابات» عن فوز تبون، الذي وصف الحراك بـ«المبارك». وعد ذلك من طرف مراقبين مؤشراً غير إيجابي من جانب السلطات، بخصوص أحد أهم عناصر الأزمة التي تمر بها البلاد منذ 10 أشهر.
من جهة أخرى، أفادت مصادر مقربة من الرئيس الجديد بأنه سيبدأ غداً مشاورات مع أحزاب وشخصيات سياسية وتنظيمات من المجتمع المدني، لتشكيل حكومة جديدة. وبحسب هؤلاء، فإن محمد الأمين ميساعيد، مدير حملته الانتخابية، يملك حظوظاً قوية لتسلم رئاسة الوزراء. وذكرت نفس المصادر أن كوادر غير معروفين في الساحة السياسية سيعينون وزراء، خاصة في قطاعات الاقتصاد والمالية. كما أكدت أنه سيتم استحداث وزارات جديدة، مرتبطة بالتخطيط والاستشراف والرقمنة. |
|