التاريخ: كانون الأول ١٩, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الحريري يؤكد الانسحاب من سباق رئاسة الحكومة اللبنانية
بيروت: نذير رضا
أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، أمس، سحب ترشيحه لتشكيل الحكومة اللبنانية المقبلة، عشية الاستشارات النيابية الملزمة التي يفترض أن يشارك فيها النواب اليوم لتسمية رئيس جديد للحكومة.

ويأتي قرار الحريري بعد يومين من المساعي الحثيثة لتذليل العقد والمشاورات والاتصالات التي شارك فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري، كما شارك فيها «حزب الله» لإقناع «التيار الوطني الحر» بتسمية الحريري.

وقال الحريري في بيان أصدره: «منذ أن تقدمت باستقالتي قبل خمسين يوماً تلبية لصرخة اللبنانيين واللبنانيات، سعيت جاهداً للوصول إلى تلبية مطلبهم بحكومة اختصاصيين رأيت أنها الوحيدة القادرة على معالجة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة التي يواجهها بلدنا». وأضاف: «لما تبين لي أنه رغم التزامي القاطع بتشكيل حكومة اختصاصيين، فإن المواقف التي ظهرت في الأيام القليلة الماضية من مسألة تسميتي هي مواقف غير قابلة للتبديل، فإنني أعلن أنني لن أكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة، وأنني متوجه غداً (اليوم) للمشاركة في الاستشارات النيابية على هذا الأساس، مع إصراري على عدم تأجيلها بأي ذريعة كانت». وأشار إلى أنه دعا «كتلة المستقبل النيابية» للاجتماع صباح اليوم لتحديد موقفها من مسألة التسمية. وكانت المعلومات قد تقاطعت، حتى بعد ظهر أمس، من جهات كثيرة تشير إلى الاتجاه لتسمية الحريري في استشارات اليوم، بعد اتصالات اليومين الماضيين، وتصدرها بري الذي طُلب منه بذل المساعي لتذليل العقبات بين الأطراف، وظهر أن هناك توافقاً على دوره في تخفيف التوتر. وتحدثت معلومات متقاطعة عن أن الحل الذي عُمل عليه، هو تشكيل حكومة تكنوسياسية تضم سياسيين من الوزن الخفيف جداً لا يشكلون استفزازاً ويتراوح عددهم بين 4 و6 وزراء ولا تكون بينهم أسماء نافرة.

وقالت مصادر سياسية مواكبة، لـ«الشرق الأوسط» إن «المشهد لم يتبدل منذ تأجيل الاستشارات يوم الاثنين الماضي حتى يوم غد (اليوم) الخميس، لكن الخرق المطلوب اصطدم بتمسك الأطراف بالمواقف السابقة»، بحسب المصادر، التي أشارت إلى أن «الحريري ربما رأى التسوية متعثرة وغير قابلة للحياة، حيث لم يتم التجاوب مع مطالبه، ووجد الحل الأنسب بسحب تسميته من التداول».

وكانت مصادر مواكبة تحدثت عن أن الاتصالات منذ مساء الاثنين الماضي طرحت مرة أخرى اسم الرئيس تمام سلام لتولي رئاسة الحكومة في حال رفض الحريري، لكن سلام كرر اعتذاره مرة أخرى، بالتوازي مع اتصالات بُذلت لتسمية الحريري بدفع من بري و«حزب الله» الذي فتح خطوط التواصل بقوة مع «التيار الوطني الحر»، كما فُتحت خطوط تواصل بري بفعالية مع الرئيس ميشال عون.

وقالت مصادر بري لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس مجلس النواب كان مصرّاً على تسمية الحريري، من غير أن تنفي أنه قام بمروحة اتصالات وجملة مساعٍ لمحاولة رأب الصدع بين الحريري من جهة؛ ورئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر» من جهة ثانية، مشيرة إلى أن نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي خرج من «عين التينة» أمس مُحمّلاً بجملة نصائح، كما حمل الحريري يوم الثلاثاء جملة نصائح أيضاً. ويتصدر تمسّك الحريري بتشكيل حكومة تكنوقراط، ودفع «التيار الوطني الحر» نحو حكومة تكنوسياسية، العوائق التي تحول دون تسمية «التيار» للحريري، علماً بأن كتلته النيابية (لبنان القوي) تُعدّ الكبرى مسيحياً، وهو ما دفع الاتصالات باتجاه «التيار» لتوفير ميثاقية لتسمية الحريري لرئاسة الحكومة.

وكان التوجه لدى «التيار» إلى وضع اسم الحريري في حال الاتفاق عليه، بعهدة رئيس الجمهورية أو الامتناع عن التصويت، من غير أن تنفي مصادر قريبة منه أن هناك أسماء أخرى مطروحة أيضاً لترؤس الحكومة. وظهرت في تصريحات بري أمس دعوات للتنازل بهدف تحقيق خرق في المشهد المقفل؛ إذ قال بري في لقاء الأربعاء النيابي أمس: «لأن موضوع الحكومة أصبح موضوعاً كيانياً ينبغي مقاربته بتقديم التنازلات، فالاستشارات النيابية مكانها الطبيعي عبر المؤسسات الدستورية وليس في تأجيج الصراعات وتفخيخ الشوارع والساحات». ودعا الجميع «إلى الإقلاع عن سياسة المكابرة والإنكار، والعمل بمسؤولية وطنية على نزع كل عوامل التعطيل، وعدم التقليل من خطورة الوضع إذا بقيت الأمور على حالها، حيث لم يعد مقبولاً ولا مسموحاً الاستهتار بمصالح لبنان واللبنانيين».