|
|
التاريخ: كانون الأول ٢, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
اللبنانيون يلبون دعوة التظاهر في «أحد الوضوح» |
نواب «حركة أمل» و«الوطني الحر» يتوقعون تأليف الحكومة هذا الأسبوع |
بيروت: «الشرق الأوسط»
كانت طريق القصر الجمهوري، أمس، محطة لدعوتين للتظاهر، إحداها من قبل المتظاهرين والحراك المدني، والأخرى من قبل «التيار الوطني الحر» دعماً لرئيس الجمهورية ميشال عون، في موازاة الدعوة للتظاهر في مختلف المناطق اللبنانية تحت عنوان «أحد الوضوح»، للضغط باتجاه الإسراع في تشكيل الحكومة. وتأتي دعوة مناصري «التيار الوطني الحر» لدعم الرئيس عون، معتبرين أنه أطلق مبادرات عديدة للحوار معهم، لكنها لاقت رفضاً من الآخرين، ومشددين على «أن رئيس الجمهورية خط أحمر، وموقع رئاسة الجمهورية ليس مكسر عصا».
وفيما سجل انتشار أمني مكثف في المنطقة، منذ ساعات الظهر، أقفلت كل الطرقات المؤدية إلى القصر الجمهوري بالشريط الشائك، ووضعت حواجز للجيش على كل المفارق. وبعد وقوع بعض الاشتباكات بين الطرفين، عمدت عناصر مكافحة الشغب إلى الفصل بين المؤيدين للرئيس عون وبين المتظاهرين الذين أكدوا أن «وجودهم سلمي، ولا يهدفون إلا إلى تحقيق مطالبهم وإنقاذ البلد من الفاسدين في ظل حكومة مستقلة وطنية». وذكرت «وكالة الأنباء المركزية» أن مناصري «التيار الوطني الحر» قطعوا طريق الحدث - بعبدا، وبعضهم حمل العصي مرتدياً القمصان السود، كما اعتدوا على عناصر الجيش اللبناني الموجودين على طريق بعبدا، في محاولة للوصول إلى المتظاهرين الموجودين في الجهة المقابلة.
وقال العميد المتقاعد جورج نادر، في حديث تلفزيوني، إن «مناصري (التيار الوطني الحر) استنفروا كل قوتهم لمنع وصولنا، ولم يوفروا الكلام النابي وكل أشكال الاستفزاز لمنع الناس من التعبير عن رأيهم». وفيما احتشد المتظاهرون في ساحات المناطق تلبية لدعوة «أحد الوضوح»، نظمت بعد الظهر مسيرات في العاصمة بيروت من ثلاث مناطق، هي المتحف والحمراء وجعيتاوي، بعنوان «وحدة وتضامن الشعب اللبناني»، والتقت معاً متوجهة إلى ساحتي الشهداء ورياض الصلح في وسط بيروت.
وطالب المتظاهرون بـ«حكومة انتقالية لا تتمثل فيها منظومة السلطة، من أجل اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة الانهيار الاقتصادي الذي تسببت فيه الطبقة الحاكمة، واستقلالية القضاء، والمباشرة بملاحقة الفاسدين وناهبي الأموال والممتلكات العامة والخاصة، بما في ذلك الودائع المصرفية، وإسقاط فزاعة الحرب الأهلية ونظامها السياسي والثقافي، والتأكيد على وحدة ساحات الانتفاضة الشعبية وسلميتها».
كان مصرف لبنان أيضاً محطة لتجمع عشرات المتظاهرين في منطقة الحمرا في بيروت، حيث أطلقوا الشعارات المناهضة للسياسات المالية القائمة. وفي عاصمة الجنوب، صيدا، نظمت مسيرة حاشدة للتأكيد على المطالب، وتجمع عدد من المحتجين أمام مبنى مصرف لبنان، وعلقوا لافتات، منددين بسياسة المصرف المالية، وأطلقوا هتافات مناهضة لحاكم «المركزي»، وافترشوا الأرض، وأقيم لقاء حواري، بعنوان «نحنا والمصارف شو إلنا وشو علينا»، وسط انتشار لعناصر من الجيش.
وأطلقت مجموعة من المحتجين على أنفسهم تسمية «الجناح الثوري لصيدا تنتفض»، للبدء في تنفيذ تحركات فعلية بوجه ما وصفوه بـ«سلطة السرقة والنهب والفساد»، عن طريق توجيه رسائل مباشرة إليهم. وكانت البداية عند محلات الصيرفة، حيث قاموا ليلاً بإلصاق عبارة «محتكر الدولار فاسد» على أبواب المحلات، ورش أقفال المحلات باللون الأحمر، في إشارة إلى ضرورة إقفال هذه المحلات بالشمع الأحمر. ونظم حراك منطقة كفر رمان في الجنوب مظاهرة شعبية رفضاً لاحتكار الشركات للمحروقات، مطلقين كذلك هتافات ضد حكم المصرف والاحتكار، والتقوا بعدها مع مسيرة حراك النبطية التي احتشدت في الساحة رفضاً لسياسة النفط الاحتكارية.
واتجهت المسيرتان وسط تدابير أمنية للجيش والقوى الأمنية إلى مصرف لبنان، منددين بحكم المصرف والحاكم رياض سلامة والطبقة السياسية، ثم جاءوا في شوارع النبطية، وعادوا إلى محيط سرايا النبطية؛ حيث نظم حفل فني في ساحة الحراك في النبطية بحراسة أمنية للجيش. وفي الشمال، لبّى مواطنون من مناطق العبدة وحلبا ووادي خالد والدريب في ساحة البيرة، دعوة «أحد الوضوح» ورفعوا شعار «قبضة الثورة» على غرار تلك المرفوعة في وسط بيروت. وقد عبر المعتصمون عن «الوجع والفقر وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية في الأسواق اللبنانية، وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية»، ورفع المشاركون الأعلام اللبنانية، وعلت الهتافات ضد السلطة.
نواب «حركة أمل» و«الوطني الحر» يتوقعون تأليف الحكومة هذا الأسبوع
بيروت: «الشرق الأوسط»
قال «حزب الله» على لسان رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، إن الأزمة اللبنانية لا تحل إلا بتشكيل حكومة وحدة وطنية وفق صيغة الطائف، وإلا ستبقى حكومة تصريف الأعمال مهددة بمحاسبة من لا يقوم بواجبه، في حين التقت مواقف النواب في «حركة أمل» و«التيار الوطني الحر» على القول إن هذا الأسبوع سيكون حاسماً لجهة الدعوة للاستشارات النيابية.
في موازاة ذلك، أكد وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال، علي حسن خليل، في لقاء سياسي في جنوب لبنان أنه «من غير المسموح العودة إلى مرحلة الانقسام المناطقي والطائفي والمذهبي ورفع المتاريس بين أبناء الشعب الواحد». وقال إن «ما حصل الشهر الماضي لم يكن في حد ذاته تحركاً مطلبياً بعيداً عما كنا نطالب به نحن الذين حملنا دوماً مطلب الدفاع عن حق الناس في معيشتها». وأضاف أن «الأزمة ليست بسيطة والسلاح الذين يستخدمونه ضدكم وضدنا، هو سلاح النقد والمصارف وفرق سعر العملة والضغط الاقتصادي والمعيشي، فنحن أناس نجوع، ولكن لا نبيع كرامتنا، ولن نقبل أن يبتزنا أحد بلقمة عيشنا، من أجل أن يخضعنا بقرارنا الوطني، فالمسألة ليست مسألة أن البلد لا يوجد فيه أموال، كلا توجد أموال ولكن هذه الأموال لا تأتي ونحن موجودون في السلطة».
في المقابل، توقع النائب في كتلة «التنمية والتحرير» أنور الخليل «ولادة الحكومة في الأسبوع الحالي على الصورة التي يريدها الشعب والحراك الشعبي». وقال خلال استقباله وفوداً شعبية: «ما لدينا من معلومات محدودة يشير إلى أن عملية التأليف ستتبع مع عملية التكليف بسلة واحدة، وإذا صح هذا التوقع، سيحمل الأسبوع إلى اللبنانيين الخبر الذي كنا نترقبه منذ مدة طويلة، ونأمل أن تأتي هذه الحكومة على الصورة التي يريدها الشعب ويطالب بها الحراك الشعبي». وأضاف: «لا ننسى الإشكالات المتعلقة بالموضوع الاقتصادي والمالي والمصرفي التي لا يمكن أن تحل إطلاقاً إلا بوجود حكومة مسؤولة. وعلى الحكومة بعد التشكيل أن تذهب فوراً إلى معالجة الموضوع الاقتصادي، وهنالك لائحة اتفق عليها وهي اللائحة الإصلاحية التي قدمها رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري».
وعن موضوع دفع الدولة مستحقات الديون الخارجية، قال الخليل: «هذا ما كنا نؤكده دائماً، لبنان ليس مثل دولة اليونان ولم يتعرض ولو مرة واحدة لعدم تسديد مستحقات الديون الخارجية ولا المصارف أيضاً، ولذلك على الجميع العمل على ولادة الحكومة التي تسهم في تحسين الوضع الاقتصادي بسرعة». بدوره، قال النائب في التيار الوطني الحر، إبراهيم كنعان، إن «رئيس الجمهورية لم يطلب الحوار على شكل الحكومة فقط، بل على المضمون وشكل المرحلة المقبلة». وتساءل: «التيار الوطني الحر مع الاستشارات النيابية الملزمة اليوم قبل غد، ولكن لتأليف أي حكومة؟ ومن أجل أي غاية؟ ووفق أي برنامج عمل؟».
وعدّ في حديث إذاعي أن «المطلوب من الرئيس المكلف التمكن من تشكيل الحكومة بسرعة»، مشيراً إلى أن «الرئيس عون يحاول ضمن صلاحياته الدستورية تأمين ظروف هذا التأليف السريع الذي تحتاجه البلاد». وأعلن أنه «من المفترض أن يكون هذا الأسبوع أسبوع التكليف ليليه التأليف، إذا صدقت النيات». وكما النائب رعد، كذلك لمح كنعان إلى رمي مسؤولية عدم تفعيل حكومة تصريف الأعمال إلى رئيسها سعد الحريري، قائلاً: «تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال مطلوب، إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة، وعلى المسؤول العمل لأربع وعشرين ساعة نتيجة الظرف الذي نحن فيه واستمرارية المرفق العام والدولة واجب، وعلينا التكاتف لوقف الانهيار».
ورأى كنعان أن «الثورة يجب أن تكون على مضمون الأداء السياسي للسلطة القائمة والابتعاد عن الشعارات العمومية والانتقال إلى الترجمة العملية». ورداً على سؤال عن وجود مبادرات خارجية لمساعدة لبنان، شدد كنعان على أن «المبادرة الوحيدة التي تحل الأزمة هي المبادرة المحلية»، مشيراً إلى أن «الاجتماعات الخارجية أدت في السابق إلى حلول مرحلية، بينما المطلوب هو مشروع لبناني نسوقه دولياً وليس مشروعاً خارجياً يسوق لبنانياً».
من جانبه، ردّ النائب السابق والقيادي في «تيار المستقبل» على محاولات تحميل الحريري مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة، بالقول في حديث تلفزيوني: «إذا أراد الطرف الآخر الحريري في الحكم فهو يعرف شروطه»، في إشارة إلى تمسك الحريري بشرط التكنوقراط للقبول بتولي رئاسة الحكومة.
مصادر فرنسية تنفي تحديد موعد لانعقاد مجموعة دعم لبنان
قالت لـ«الشرق الأوسط» إن ملء الفراغ الحكومي سيؤمن المساعدات المالية
الأحد 01 ديسمبر 2019
باريس: ميشال أبونجم
لم تتخلّ باريس عن جهودها لدعم لبنان وخصوصا عن طريق السعي لعقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية الذي يراد من خلاله دفع اللبنانيين إلى الخروج من مأزقهم المؤسساتي وحثهم على السير في عملية الوصول إلى حكومة جديدة من خلال تكليف رئيس للوزراء وتشكيل حكومة جديدة.
وقالت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن باريس «ماضية في جهودها وهي تريد أن يفهم اللبنانيون أن ما تقوم به بما في ذلك التحضير للمؤتمر الموعود هو حثهم على ملء الفراغ الحكومي وإفهامهم أن تحقيق هذا الهدف سيؤمن لهم الدعم المالي» ومنه الذي تم الالتزام به في مؤتمر «سيدر» للعام الماضي الذي تمخضت عنه تعهدات مختلطة بين قروض وهبات تصل قيمتها إلى ما يزيد على 11 مليار دولار. لكن مشكلتها الأساسية كانت أن السير بها كان يفترض سن قوانين إصلاحية في مجلس النواب. بيد أن هذه المعضلة لم تسوّ رغم الضغوط التي مارستها جهات مانحة ومقرضة عدة منها باريس من خلال السفير بيار دوكين الذي زار بيروت أكثر من مرة للمطالبة بالإسراع في إصدار القوانين المطلوبة وللتعبير عن «عدم فهم» الجهات المعنية و«فقدان صبرها» إزاء المتاهات اللبنانية.
بيد أن المصادر الفرنسية تؤكد، وبعكس ما أشار إليه السفير الفرنسي في بيروت أول من أمس، عقب اجتماعه بوزير الخارجية جبران باسيل، أنه «لا تاريخ محددا بعد» لاجتماع المجموعة وبالتالي فإن الوصول إلى تعيين التاريخ المرتقب رهن بالاتصالات التي تقوم بها فرنسا وأطراف أخرى. وكان فوشيه قد أعلن أن الاجتماع المذكور سيعقد في العاصمة الفرنسية قبل منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) وهو ما تنظر إليه المصادر المشار إليها بعين الشك.
وتعتقد باريس، وعلى ضوء المشاورات التي تقوم بها، أن هناك فرصة لتوفير الدعم المالي للبنان عبر جمع أطراف مجموعة الدعم. لكن لا أحد في العاصمة الفرنسية أو خارجها تناول شكل الآلية التي يمكن من خلالها توفير الدعم المالي علما بأن رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري، رأى أن لبنان بحاجة إلى 5 مليارات دولار من أجل توفير بالون أكسجين لاقتصاده والتغلب مرحليا على أزمته المالية. وتنظر مصادر سياسية غير فرنسية في باريس بعين الشك لجهة حصول مؤتمر حول لبنان في غياب حكومة جديدة. وترى هذه المصادر أنه كان يتعين التعامل مع هذه المسألة بشكل مختلف بمعنى ربط حصول الاجتماع بنجاح اللبنانيين في تشكيل الحكومة. ولو تم العمل بهذه الطريقة لشكل المؤتمر «حافزا» من شأنه ملء الفراغ المؤسساتي والتسريع في الخروج من المأزق السياسي ــ الاقتصادي ــ المالي الراهن. |
|