|
|
التاريخ: تشرين الثاني ٣٠, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
لبنان: سيارات تفرغ من البنزين في الشوارع إثر إضراب موزعي المحروقات |
اجتماع بعبدا المالي إعلامي بلا مفاعيل اقتصادية |
بيروت: «الشرق الأوسط»
نفدت مادة البنزين من عدد من السيارات ما تسبب بانقطاعها في وسط الشوارع في بيروت، فيما قرّر مواطنون آخرون إطفاء محركات سياراتهم في وسط الشوارع، اعتراضا على إضراب تنفذه محطات توزيع المحروقات لليوم الثاني على التوالي.
ونفذت محطات المحروقات إضرابا مفتوحا احتجاجا على «الخسائر التي تتكبدها نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية ونظراً إلى عدم التزام مصرف لبنان والشركات المستوردة للمشتقات النفطية باتفاقهما».
وقطع مواطنون انقطعوا من مادة البنزين الطرقات في مختلف المناطق احتجاجاً على الوضع، وناشدوا المسؤولين معالجة الأزمة فوراً.
وانتشرت صور عبر مواقع التواصل الاجتماعي لطوابير من الناس انتظرت أمام محطات الوقود، حاملة الغالونات. وأثار هذا المشهد غضب اللبنانيين، الذين تركوا أشغالهم ومنازلهم، لتأمين المحروقات. وعانى عدد من المواطنين من انقطاع البنزين في سياراتهم نتيجة إضراب قطاع المحروقات.
وأكّدت نقابتا أصحاب محطات بيع المحروقات وأصحاب الصهاريج وموزعو المحروقات «الاستمرار بالإضراب حتى إشعار آخر».
وفي السياق، قال ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا إن «قطاع المحروقات مستمر في إضرابه المفتوح إلى حين إيجاد حل لازمة الدولار»، مضيفا: «إذا تم تأمين الدولار بالسعر الرسمي يمكن فضّ الإضراب، لأننا لسنا هواة إضراب ولا يمكن أن يكون سعر صرف الدولار 2200 ليرة».
وأعلنت نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان أن «بعض أصحاب المحطات تلقوا تهديدات من جهات مختلفة تدعوهم إلى فتح محطاتهم قبل أن ينالوا أيا من حقوقهم المشروعة وشهد البعض منها تجمعات أمامه في بعض المناطق».
وأضافت: «ما يهم النقابة إبلاغه للمواطنين أن مطلبها واحد لا غير» وهو أن تتسلم المشتقات النفطية بالليرة اللبنانية لتسليمها إلى زبائنهم بالعملة الوطنية. وهم لا يطالبون بأي زيادة كانت، على عمولتهم المحددة في جدول تركيب الأسعار بل بإيقاف خسائرهم الفادحة التي يتحملونها منذ أكثر من ثلاثة أشهر والتي بلغت اليوم ألفي ليرة لبنانية عن كل صفيحة بنزين».
اجتماع بعبدا المالي إعلامي بلا مفاعيل اقتصادية
هدفه صرف الأنظار عن تأخير الاستشارات... والحريري غاب عنه بعد دعوته كضيف
بيروت: محمد شقير
استبعد مصدر وزاري بارز أن يشكل الاجتماع المالي - الاقتصادي، الذي عُقد أمس بدعوة من الرئيس ميشال عون، رافعة تدفع باتجاه خفض منسوب التأزم الذي يحاصر البلد على المستويات كافة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه سيكون نسخة طبق الأصل عن الاجتماع السابق الذي رعاه عون في بعبدا، ولم يوقف التدهور، وإنما زاد من وطأة الأزمة المالية.
ولفت المصدر الوزاري إلى أن اجتماع بعبدا إعلامي لجهة البيان الذي صدر عنه، حتى لو تضمن مجموعة من القرارات، وعزا السبب إلى خلوه من المفاعيل الإيجابية المطلوبة التي يُفترض أن تُسهم في توفير الحد الأدنى من الحلول للأزمة المالية - الاقتصادية التي بلغت ذروتها. وسأل عن الجدوى من الحضور الفضفاض الذي شارك في الاجتماع، من دون أن يتم التحضير له، على الأقل مع رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، والتنسيق بما يكفل وضع جدول أعمال، بدلاً من أن يبقى مفتوحاً على جملة من المواضيع.
وكشف المصدر نفسه أن الرئيس الحريري دُعي لحضور الاجتماع كسائر المدعوين، وقال إن التعامل معه على أنه ضيف يطرح أكثر من سؤال حول الأسباب الكامنة وراء القفز فوق صلاحياته، ودور السلطة التنفيذية في هذا المجال.
وقال إن الحريري انتدب الوزير عادل أفيوني ومستشاره المالي والاقتصادي لتمثيله في الاجتماع لأنه يرغب في الإبقاء على التواصل مع رئيس الجمهورية، بدلاً من أن يبادر إلى القيام برد فعل احتجاجاً، ليس على الشكل وإنما على المضمون، لأن تفاقم الأزمة الاقتصادية - المالية بات يستدعي تشكيل خلية أزمة تتولى التحضير للاجتماع، بدءاً بإعداد جدول أعماله، وانتهاءً بوضع تصور حول الحلول المرحلية الواجب اتخاذها لوقف التدهور.
واعتبر المصدر الوزاري أن أول مشكلة واجهت الاجتماع تتعلق بتوسيع دعوات الحضور، بدلاً من أن تقتصر المشاركة على المعنيين مباشرة، إفساحاً في الجال أمام اختصار المداولات لئلا يغرق في سيل من المواقف الإعلامية.
وفي هذا السياق، سأل المصدر الوزاري ما إذا كان رئيس الجمهورية يهدف من خلال رعايته للاجتماع لتمرير رسالة إلى الرأي العام اللبناني، مفادها أن الحريري يستنكف عن القيام بتصريف الأعمال، وقرر الاعتكاف رغم التأزم غير المسبوق للوضعين المالي والاقتصادي، وبالتالي فإن عون «ينوب» عنه في تصريف الأعمال؟
وقال إن امتناع رئيس الجمهورية عن التنسيق مع الحريري يصب في خانة الحملة التي بدأت تستهدف الأخير بذريعة امتناعه عن تصريف الأعمال، وهذا ما دفع بمصدر مقرب منه للرد على سؤال حول استغراب رئيس المجلس النيابي نبيه بري عدم قيام الحكومة المستقيلة بواجباتها.
وإذ شدد المصدر نفسه على أن حكومة تصريف الأعمال تقوم بواجباتها بمتابعة الملفات الأمنية والاقتصادية، رأى في المقابل أن ما هو أهم من كل ذلك عدم تعليق الوضع الحكومي بالهواء إلى ما لا نهاية، وبدء الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة من أجل أن تتصدى للمشكلات التي تتفاقم يوماً بعد يوم.
لكن ما لم يوافق عليه الحريري - بحسب المصدر الوزاري - يتعلق بدعوة المجلس الأعلى للدفاع للنظر في الوضع الأمني، في ضوء اتساع الاحتجاجات من قبل «الحراك الشعبي».
وعلمت «الشرق الأوسط» بأنه لم يكن ثمة مبرر لعقد مثل هذا الاجتماع في ظل حكومة مستقيلة، خصوصاً أن القوى الأمنية، وعلى رأسها الجيش اللبناني، تقوم بواجباتها في حفظ الأمن، وفي استيعاب الاعتصامات، بعدما رسمت للذين يقومون بها مجموعة من الخطوط الحمر، تحظر عليهم اللجوء إلى قطع الطرقات، وعدم الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، مع حقهم في التعبير عن رأيهم، والتجمع في الساحات العامة.
وتردد أن الهدف من الاجتماع نقل المشكلة من الشارع إلى داخل المجلس الأعلى للدفاع، في محاولة مكشوفة لدى البعض لتصفية حساباته مع قيادة الجيش، وكأن الأخيرة مسؤولة عن الأزمة السياسية، وأن حلها في اتخاذ تدابير «رادعة» ضد «الحراك الشعبي».
وبكلام آخر، رأى المصدر الوزاري أن الجيش نجح في استخدامه «القوة الناعمة» لاستيعاب الشارع الذي تحول لاحقاً إلى شوارع، مع نزول محازبين ينتمون إلى «الثنائي الشيعي» و«التيار الوطني الحر»، مما أدى إلى صدامات، فيما تدخلت القوى الأمنية في الوقت المناسب، ونجحت في السيطرة على الوضع.
وسأل لماذا يحمل بعض الأطراف على قيادة الجيش التي قوبلت التدابير التي اتخذتها بترحيب محلي ودولي، تجلى في المواقف التي صدرت عن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. وهل كان مطلوباً من الوحدات العسكرية التعامل مع المشاركين في «الحراك الشعبي» على الطريقة المتبعة في بغداد وطهران لوقف الاحتجاجات الشعبية، وما ترتب عليها من صدامات أدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى؟
وأكد المصدر الوزاري أن دور القوى الأمنية، وأولها الجيش، الحفاظ على الأمن، وحماية الوفاق السياسي، وليس من صلاحياتها تحقيق هذا الوفاق الذي هو من صلاحية القوى السياسية التي يبدو أنها عاجزة حتى إشعار آخر عن إيجاد تسوية تُخرج البلد من أزماته العاتية.
واعتبر أن من يتهم الحريري بالتلكؤ في تصريف الأعمال يتوخى من اتهامه الالتفاف على الاتهامات الموجهة لرئيس الجمهورية، على خلفية تأخره في الدعوة لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة. وقال إن هناك من يريد أن يصرف الأنظار عن التلكؤ في إتمامها اليوم قبل الغد، وتصوير المشكلة بأنها محصورة بامتناع الحريري عن تصريف الأعمال.
لذلك لم يعد من الجائز ربط التكليف بعملية تأليف الحكومة، لأن ربطهما يشكل مصادرة لصلاحيات الرئيس المكلف الذي وحده يجري المشاورات مع القوى السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة.
وعليه، فإن الاتصالات التي جرت أخيراً شهدت محاولة لإعادة تعويم سمير الخطيب كمرشح لرئاسة الحكومة، استباقاً لتكليفه بموجب ما ستؤدي إليه الاستشارات المُلزمة، وهو تابع لقاءاته، والتقى أول من أمس الرئيس الحريري، والوزير علي حسن خليل، وآخرين، من بينهم مقربون من رئيس الجمهورية، ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل.
وبصرف النظر عما آلت إليه هذه اللقاءات، فإن مصادر نيابية بارزة تضعها في خانة ممارسة الضغوط على الحريري من قبل «الثنائي الشيعي» لانتزاع موافقته على التكليف والتأليف، باعتبار أنها تحبّذ وجود الأصيل لا الوكيل على رأس الحكومة الجديدة، مع أن الحريري قال كلمته بضرورة تأليف حكومة من تكنوقراط واختصاصيين لمرحلة انتقالية، وإلا يمكن الالتفات إلى مرشح آخر يرأس حكومة تكنو-سياسية.
«حزب الله» يطلب من عون تأجيل الاستشارات النيابية أملاً بإقناع الحريري
رئيس الجمهورية: الوضع الراهن لا يحتمل شروطاً وشروطاً مضادة
الجمعة 29 نوفمبر 2019
بيروت: نذير رضا
دخلت المشاورات السياسية لتسمية رئيس جديد للحكومة مرة أخرى مرحلة التأزم، مع إصرار «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» على تسمية رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، لرئاسة الحكومة العتيدة، ورفض الأخير تأليفها وفق شروطهما، وسط تنامي الأزمات الاقتصادية والمالية ودخولها مرحلة المخاوف من أن تأثيرها على المصارف التي شهد أحدها، أمس، تجمهراً أمام أبوابه في مدينة صور في جنوب لبنان، ما يشير إلى حالة هلع لدى المواطنين على ودائعهم.
ولم تسفر المشاورات السياسية بين الكتل عن أي خرق يُذكر على صعيد التسريع في استشارات نيابية ملزمة لاختيار رئيس جديد للحكومة، وهو إجراء سياسي ينظر إليه الاقتصاديون على أنه «وصفة لتهدئة المخاوف» ولتثبيت الاستقرار النقدي والاقتصادي، إذ تبدو الدعوة لاستشارات نيابية ملزمة يدعو إليها الرئيس ميشال عون، متوقفة عند إصرار «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» على تكليف الحريري رئاسة الحكومة، وهو ما يرفضه رئيس الحكومة المستقيلة، وقد تم إرجاء الاستشارات التي كان يُزمع إجراؤها هذا الأسبوع، إلى الأسبوع المقبل، بغرض إقناعه.
وقالت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» إن «حزب الله» تواصل مع الرئيس عون متمنياً عليه تأجيل الاستشارات، لافتةً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحزب و«التيار» وفرقاء آخرين ما زالوا يراهنون على قبول الحريري. ووضعت المصادر الحملة على الحريري عبر وسائل الإعلام «في إطار الضغوط عليه للقبول بتكليفه تشكيله الحكومة».
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس، خلال استقباله الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، أنه يواصل جهوده لتحقيق تفاهم حول الحكومة الجديدة، معتبراً أن «الوضع الراهن في لبنان لا يحتمل شروطاً وشروطاً مضادة، بل علينا العمل معاً للخروج من الأزمة الراهنة على نحو يحقق مصلحة اللبنانيين ويسهم في حل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد».
وأشار عون إلى أنه «يؤيد غالبية المطالب التي رفعها الحراك الشعبي لأنه سبق أن قدم اقتراحات قوانين لتحقيقها ولا سيما ما يتصل منها بمكافحة الفساد وتفعيل الإصلاحات ومنع الهدر ورفع الحصانة عن المرتكبين وغيرها»، لافتاً إلى أنه دعا المتظاهرين أكثر من مرة للحوار معهم وسوف يواصل مساعيه لإيجاد الحلول المناسبة للأزمــة.
في هذا الوقت، يعبّر الفريق الراغب في تسمية الحريري عن قناعته بتفعيل حكومة تصريف الأعمال إلى حين تسمية الحريري وتأليف الحكومة العتيدة، وعبّرت كتلة «حزب الله» النيابية (الوفاء للمقاومة) أمس، عن هذا الموقف بعد اجتماعها الأسبوعي، قائلة إن «الموجبات الدستورية تفرض على الحكومة المستقيلة القيام بواجباتها في تسيير شؤون الدولة، وتحمل مسؤولياتها القانونية تجاه الشعب اللبناني بخاصة في ظل ارتفاع الأسعار وتدهور سعر العملة الوطنية، وهما أمران يحتاجان إلى إجراءات فورية ردعية لكبح جماح المستغلين وتأمين مستلزمات توفر السلع الأساسية في الأسواق، فضلاً عن ضبط الأمن وحماية حقوق المواطنين في المجالات المختلفة». وقالت إن «تدارك التردي الخطير للوضعين النقدي والاقتصادي للبلاد يتطلب تحمل المسؤولية الوطنية وتحسساً لطبيعة المخاطر وحجمها ليصار بشكل سريع جداً إلى مباشرة الإجراءات الكفيلة بوقف التدهور»، لافتةً إلى أن «كل ذلك يتوقف على تشكيل حكومة منسجمة ومتفاهمة ذات منهجية جديدة في منطلقاتها وإجراءاتها».
ورأت أن «ترؤس مثل هذه الحكومة لا يجوز أن يخضع لأي حسابات بعيداً عن مصلحة الوطن». ودعت «الجميع إلى الابتعاد عن أساليب المناورة في نسج المواقف التي تفاقم الأزمة وتزيد من مخاطرها، والذهاب إلى مباشرة الأمور بواقعية وشجاعة وحرص عملي وجاد من أجل تجاوز التعقيدات التي ستطال تداعياتها الجميع».
وانعكس تفاقم الأزمة أمس، هلعاً في المصارف، حيث أظهرت لقطات فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي تجمهر عدد من المحتجين أمام أحد فروع «بنك عودة» في مدينة صور، متهمين إياه بالحجز على أموالهم. وتبين أن هذه الاحتجاجات أتت بعد انتشار شائعة في المدينة عن إفلاس المصرف المذكور، فهرع المودعون فيه من أهل المنطقة إليه. غير أن مصادر مصرفية نفت بشدة أن يكون المصرف معرّضاً لنكسة من هذا النوع. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن حجم المصرف يبلغ 21% من الميزانية الإجمالية للقطاع المصرفي اللبناني، مشددةً على أن ما يجري «هو تهويل وشائعات تقوم بها قوى سياسية من أكثر من طرف تنسج الشائعات على هذا المصرف وغيره».
وقالت المصادر إن العملة الصعبة الورقية «قليلة في الأسواق الآن»، وهناك «إجراءات استثنائية تتخذها المصارف، تتمثل في إعطاء الناس حاجاتها، وإتاحة المعاملات المصرفية عبر الشيكات والبطاقات الائتمانية». وأكدت المصادر أن الاستقرار النقدي وتهدئة المخاوف «يبدأ من الاستقرار السياسي عبر تشكيل الحكومة انطلاقاً من الدعوة لاستشارات نيابية».
|
|