التاريخ: تشرين الثاني ٢٦, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
استئناف أعمال اللجنة الدستورية... وموسكو تحذر من إفشالها
روسيا تدعو إلى تسريع ضم «قسد» إلى الجيش السوري
موسكو: رائد جبر
وجهت موسكو، أمس، اتهامات مبطنة إلى موظفين في مكتب المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن، بالسعي إلى إفشال عمل اللجنة الدستورية السورية، وتحدثت عن تعويل أطراف دولية على «العودة إلى سيناريو القوة».
ودعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأمم المتحدة، إلى منع محاولات التدخل في عمل اللجنة، وحذر من محاولات لفرض إملاءات على عملها.

وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره النيبالي براديب غيافالي، في موسكو، إن «خطر التدخلات الخارجية، وفرض حلول من الخارج على السوريين، ما زال متواصلاً، وعلى الزملاء في الأمم المتحدة، بمن فيهم الأمين العام ومبعوثه الخاص إلى سوريا غير بيدرسن إيقاف المحاولات من هذا النوع بكل حزم».

ولم يوضح لافروف طبيعة التدخلات التي يتحدث عنها، لكن حديثه حمل اتهامات مبطنة إلى موظفين في مكتب المبعوث الدولي، وإلى عدم رضا موسكو عن آلية اختيار الموظفين في فريق بيدرسن، إذ أوضح أنه «بشكل خاص لا يجب السماح بأن تصدر محاولات تدخل كهذه من مكتب الممثل الخاص للأمم المتحدة نفسه»، وشدد على أهمية «تحقيق التوازن في كادر موظفي مكتب المبعوث الأممي، الذي يجب أن يعتمد مبدأ التمثيل الجغرافي العادل المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة».

وقال الوزير الروسي إنه لا يستبعد عقد لقاء مع بيدرسن قبل نهاية العام الحالي، وقال إنه في حال حدوث هذا اللقاء، فإنه سيؤكد للمبعوث الأممي على ضرورة أن «يلتزم بالتفويض الممنوح له، ويضمن احترام كل الأطراف من دون استثناء، لمبدأ توصل السوريين بأنفسهم إلى اتفاقات وعدم السماح بأي محاولات للتدخل في هذه العملية».

وفي إشارة حملت اتهامات مماثلة لأطراف دولية لم يحددها، قال لافروف إن «كثيرين يريدون للدستورية السورية أن تفشل، من أجل أن يتخذوا من ذلك تبريراً لتحركاتهم المشبوهة، بما في ذلك ربما في اتجاه تصعيد التدخل بالقوة في شؤون سوريا بهدف تغيير النظام».

إلى ذلك، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أن وفدي الحكومة والمعارضة في اللجنة الدستورية سيكون لهما تمثيل في جولة المحادثات المقبلة في إطار «مسار آستانة»، التي تنعقد في العاصمة الكازاخية نور سلطان يومي 10 و11 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وقال بوغدانوف إن وفدي الحكومة السورية والمعارضة المشاركين في اللجنة الدستورية السورية في جنيف، هما من يحدد تشكيل الوفدين إلى اجتماعات آستانة.

ورغم أن بوغدانوف لفت إلى أن «وفدي الحكومة والمعارضة الممثلين في الدستورية شاركا سابقاً في اجتماعات آستانة، ونأمل أن يشاركا في الجولات المقبلة»، لكن إشارته إلى أن «أعضاء الدستورية سوف يشكلان وفدي الطرفين» حملت توجهاً لإحداث تغيير في آلية تمثيل الطرفين الحكومي والمعارض في جولات آستانة المقبلة، لجهة إبراز دور اللجنة الدستورية في كل الملفات السياسية والأمنية والإنسانية التي تناقش في هذا المسار.

كان ممثل روسيا الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف، غينادي غاتيلوف، أعلن قبل يومين، أن مسار آستانة للتسوية السورية «أثبت أهميته ولقاءات نور سلطان ستتواصل بالتوازي مع عمل اللجنة الدستورية السورية».

وبدأت اللجنة المصغرة المنبثقة عن الهيئة الموسعة للجنة الدستورية المشكلة لوضع دستور جديد، الاثنين، اجتماعات جولتها الثانية بمبنى الأمم المتحدة في جنيف. ومن المقرر أن تكون اجتماعات اللجنة مغلقة أمام الإعلام، كما كانت الجولة السابقة. ومن المقرر أن تستمر الجولة لمدة أسبوع.

وتضم اللجنة المصغرة 45 عضواً يمثلون الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني. تجدر الإشارة إلى أن اللجنة الموسعة تضم 150 ممثلاً عن الأطراف الثلاثة.

وكان بيدرسن قال الجمعة الماضية إن المفاوضات السورية - السورية لوضع دستور جديد لم تتوصل بعد إلى إجماع حول المبادئ الدستورية. وقال أمام مجلس الأمن الدولي: «من المبكر للغاية قول إنه تم التوصل لاتفاق حول المبادئ الدستورية، كما لم يتم الاتفاق على أي من القضايا التي سيتم التعامل معها في النص الدستوري المستقبلي».

على صعيد آخر، أعرب بوغدانوف عن ثقة موسكو بأن «الإسراع في انضمام (قوات سوريا الديمقراطية) إلى الجيش السوري، سيكون مفيداً لكل الأطراف».

وقال إن موسكو تواصل اتصالاتها مع الأطراف المختلفة، وبالدرجة الأولى مع دمشق وممثلي الأكراد من أجل التوصل إلى تفاهمات تتيح تسريع عملية انضمام مقاتلي «قسد» إلى الجيش.

كانت الخارجية الروسية أكدت أنها تعمل لـ«إنجاح المفاوضات بين الأكراد ودمشق حول هذا الموضوع».

تأتي الدعوة الروسية على خلفية تحفظات أبداها الجانب الكردي حول اقتراح دمشق بانضمام قوات «قسد» إلى الجيش، وقال ممثلون للإدارة الذاتية للأكراد في موسكو أنهم أبلغوا الجانب الروسي بتحفظاتهم التي اشتملت على ضرورة وضع آلية تضمن المحافظة على استقلالية نسبية لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، وهو أمر ترفضه الحكومة السورية.

كانت موسكو وجهت انتقادات قوية قبل أيام إلى قيادات كردية وصفها الوزير سيرغي لافروف، بأنها «تراهن على التأييد الأميركي»، وقال إن «هذا الخيار خاطئ»، داعياً الأكراد إلى تنشيط المفاوضات مع دمشق، والعمل من أجل دفع تسوية تضمن سيادة ووحدة سوريا، مع إشارته إلى أن موسكو «تضمن أن تتم مراعاة مصالح كل مكونات الشعب السوري بما في ذلك الأكراد».