|
|
التاريخ: تشرين الثاني ٢٣, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
النقابات تدخل على خط محادثات تشكيل الحكومة التونسية المقبلة |
تونس: المنجي السعيداني
في حين واصل الحبيب الجملي، رئيس الحكومة التونسية المكلف، محادثاته «المضنية» لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية الطامحة للمشاركة في الائتلاف الحاكم، وتجاوز رفض الأطراف السياسية لبعضها بعضاً، تخوض لجنة صياغة البرنامج الاقتصادي للحكومة الجديدة مشاورات لا تقل «ضراوة» عن اللقاءات السياسية، اعتباراً إلى الخلافات الكثيرة بين الأفرقاء السياسيين حول الأولويات الحكومية.
وخصص الجملي لقاءاته التشاورية أمس لرؤساء المنظمات الاجتماعية والنقابية، في خطوة تهدف إلى إشراك جميع الأطراف في هذه المشاورات، قبل الإعلان عن برنامج عمل الحكومة المرتقبة، وأسماء الفريق الحكومي الذي سينفذ هذا البرنامج، حيث التقى نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل (نقابة العمال)، وسمير ماجول، رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (مجمع رجال الأعمال)، وإبراهيم بودربالة، عميد المحامين (نقابة المحامين)، علاوة على راضية الجربي، رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة، وعبد المجيد الزار، رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (نقابة الفلاحين).
وخلال هذا اللقاء، دعا سمير ماجول، رئيس مجمع رجال الأعمال، رئيس الحكومة إلى تعيين شخصيات تمتاز بالكفاءة لترؤس الوزارات كافة. وقال في تصريح إعلامي عقب لقائه رئيس الحكومة المكلف، إن الأحزاب السياسية «تفتقر للكفاءات»، ودعاها إلى الاكتفاء بالعمل البرلماني، والابتعاد عن المشاغل الاقتصادية، على حد تعبيره. مقترحاً التوجه نحو تنفيذ برنامج إنقاذ اقتصادي خلال السنوات الخمس المقبلة، واعتبر أن جميع الأحزاب «خسرت الانتخابات الأخيرة بالنظر إلى التراجع الكبير الذي ميز نتائج بعضها، وتراجع البعض الآخر».
وللتأكيد على صعوبة المشاورات وتعقد مسارها، استقبل الحبيب الجملي قياديين في حزب «قلب تونس» (الثاني في البرلمان من حيث عدد المقاعد)، هما حاتم المليكي والصادق جبنون، للمرة الثانية على التوالي، وذلك في إطار محادثات تشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما يفسر إصرار الجملي على التشاور مع هذا الحزب، الذي يرأسه نبيل القروي، رغم إعلان راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، استثناءه من الحكم.
قال المليكي في تصريح إعلامي بعد لقائه رئيس الحكومة المكلف، إن الاجتماع «خصص هذه المرة لصياغة برنامج عمل الحكومة، ولا علاقة له بالجوانب السياسية»، في إشارة إلى رفض حركة النهضة مشاركة حزب «قلب تونس» في تركيبة الحكومة المقبلة. معتبرا أن «النهضة» تبقى الخصم السياسي الأول لحزبه.
وبخصوص تصويت أعضاء البرلمان الممثلين لـ«قلب تونس» لرئيس حركة النهضة خلال التصويت لرئاسة البرلمان، قال المليكي إن ذلك حدث باتفاق ظرفي بين الطرفين، حصل من خلاله الحزب على منصب نائب أول لرئيس البرلمان، ممثلاً في سميرة الشواشي التي فازت بهذا المنصب. أما مشاركة الحزب في الحكومة «فهي ليست بأيدي قيادات (النهضة)، بل تخضع لمفاوضات ومشاورات مع رئيس الحكومة المكلف»، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، قال المحلل السياسي التونسي خليل الحناشي، إن لعبة المصالح السياسية بين الأحزاب الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة «قد تفرز مفهوم الشريك السياسي غير الممثل في الحكومة»، وهو ما يتطلب دعم حزب سياسي للحكومة، والمساهمة في بلورة برنامجها والتصويت لفائدتها لنيل ثقة البرلمان، دون أن تكون له بالضرورة حقائب برلمانية، وهذا الأمر قد ينطبق على حزب «قلب تونس» الذي يترأسه نبيل القروي، وربما يمتد إلى حزب «ائتلاف الكرامة»، الذي يتزعمه سيف الدين مخلوف.
وعلى صعيد متصل، اعتبر الإعلامي التونسي صلاح الدين الجورشي بعد استقباله من قبل الحبيب الجملي، أن «اللاءات» التي رفعتها الأحزاب ضد بعضها بعضاً قبل تشكيل الحكومة «تمثل إحدى العقبات الأساسية التي تواجه رئيس الحكومة المكلف، وقد تجعل من عملية تشكيل الحكومة عملية شبه مستحيلة»، على حد تعبيره.
وبخصوص مباحثات «لجنة التشاور» مع الأحزاب السياسية حول صياغة البرنامج الاقتصادي للحكومة، قال محمد الحامدي، قيادي حزب التيار الديمقراطي (يساري حصل على 22 مقعداً برلمانياً)، إن المحادثات «تركزت حول برنامج عمل الحكومة، وهيكلة رئاسة الحكومة، والإجراءات العاجلة الواجب اتخاذها للخروج من الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب». موضحاً أن حزب «التيار» اشترط على رئيس لجنة صياغة البرنامج الحكومي، أن تكون وثيقة الحكم التي تقدمت بها حركة النهضة «مجرد سند للنقاش بين مختلف الأطراف السياسية المهتمة بالمسار الحكومي، دون منحها السند السياسي النهائي» على حد تعبيره. |
|