|
|
التاريخ: تشرين الثاني ١٩, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
اتساع احتجاجات العراق... الآلاف من ملفات الفساد أمام البرلمان العراقي |
حزب بارزاني ينفي مزاعم عن مشاركة البيشمركة في قمع المتظاهرين |
بغداد: «الشرق الأوسط»
أغلق المحتجون مجدداً مدخل ميناء السلع الرئيسي في العراق أمس، بينما أغلقت المدارس والمقرات الحكومية أبوابها في كثير من مدن جنوب البلاد استجابة لدعوات الإضراب العام.
وقُتل ما لا يقل عن 315 شخصاً منذ بدء الاحتجاجات الحاشدة في بغداد وجنوب العراق في أوائل (أكتوبر (تشرين الأول)، وهي المظاهرات الأضخم منذ سقوط صدام حسين في 2003. ويطالب المحتجون بالإطاحة بالطبقة السياسية التي يعدونها فاسدة وأسيرة لمصالح خارجية. ولجأ كثيرون إلى أساليب العصيان المدني بسبب عدم الرضا عن تعهدات الحكومة بالإصلاح التي يرونها ضئيلة.
وقال مصدران في ميناء أم قصر إن المئات سدوا مدخل الميناء القريب من البصرة، ومنعوا الموظفين والشاحنات من دخوله، مما أدي لتراجع العمليات بنسبة 50 في المائة. ونقلت وكالة «رويترز» عن المصدرين أنه في حالة استمر الحصار، فإن العمليات ستتوقف كلياً. وسبق إغلاق مداخل الميناء من 29 أكتوبر (تشرين الأول) إلى التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، مع استئناف وجيز للعمليات بين السابع والتاسع من نوفمبر (تشرين الثاني).
وقال أحد المحتجين، ويدعى كريم جواد: «احتجاجاتنا في أم قصر تأتي تضامناً مع أشقائنا في ساحة التحرير (في بغداد) والمحافظات الأخرى».
ويستقبل ميناء أم قصر، وهو الميناء الرئيسي للعراق على الخليج، شحنات الحبوب والزيوت النباتية والسكر لبلد يعتمد بدرجة كبيرة على واردات الغذاء. وقال متحدث حكومي، في ذلك الحين، إن الحصار كبد البلاد أكثر من 6 مليارات دولار في الأسبوع الأول لإغلاق الميناء فقط.
وفي مدن الحلة والديوانية وكربلاء، بجنوب العراق، أغلقت كل المدارس والمكاتب الحكومية أبوابها، بعدما أعلنت نقابة المعلمين إضراباً، وحذا آخرون حذو المعلمين. وشهدت بعض المقرات في مدينة النجف إغلاقاً جزئياً، بينما أغلقت بعض المدارس في بغداد أبوابها.
واستجابة لدعوة غرفة تجارة كربلاء، أغلقت غالبية المتاجر والأسواق في المدينة. كما انضم عمال مضربون إلى مخيمات احتجاج رئيسية في وسط مدينتي الحلة والديوانية.
وأغلقت جميع المدارس والمقرات الحكومية أبوابها، في حين استمرت المستشفيات في العمل بمدينة الناصرية، بجنوب البلاد، حيث لقي أحد المحتجين حتفه متأثراً بجراحه بعد إصابته يوم الجمعة. وخرج أعضاء نقابات العمال، في بغداد، في مسيرة إلى ساحة التحرير، بوسط العاصمة، للانضمام إلى آلاف المحتجين المعتصمين هناك منذ 24 أكتوبر (تشرين الأول).
واستعاد المحتجون، أول من أمس، السيطرة على جسر ثالث مؤدٍ للمنطقة الخضراء بالعاصمة، ضمن محاولة مستمرة منذ أسابيع لتعطيل حركة المرور، والوصول إلى المجمع الحصين الذي يضم مباني الحكومة والبعثات الأجنبية.
إلى ذلك، أفاد شهود عيان عراقيون بأن متظاهرين أغلقوا أمس الطريق الرئيسية المؤدية إلى مدخل مصفاة لتكرير النفط الخام قيد الإنشاء في محافظة كربلاء.
وقال الشهود لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن نحو 400 متظاهر قاموا اليوم بإغلاق الطريق المؤدية إلى مصفاة التكرير في محافظة كربلاء التي تتواصل عمليات بنائها منذ سنوات، وتم منع العاملين من الدخول إليها، على خلفية عدم تعيين أبناء المحافظة للعمل في المصفاة. وأوضح الشهود أن إغلاق الطريق أدى إلى تكدس عشرات الشاحنات والسيارات التي تحمل مواد بناء ومعدات كانت في طريقها إلى داخل مجمع المصفاة.
وفي تطور آخر ذي صلة، نفى الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، مشاركة قوات البيشمركة الكردية في قمع المظاهرات التي يشهدها العراق حالياً. وقال الحزب، في بيان، إن «قسماً من أبناء الشعب العراقي يمارس حقاً ضمنه الدستور، بالتظاهر والمطالبة بحقوق ضمن هوية مواطنة ترتقي بالواقع العراقي نحو الأفضل»، وأضاف: «إننا إذ نحيي كل الجهود الشعبية السلمية، وبكافة القطاعات التي تجتمع في ساحات التظاهر، نود أن نلفت انتباه الأخوات والأخوة أصحاب هذا الحق الدستوري للحذر من النفر الضال المضل الذي يروم ترويج إشاعات مسمومة بغية تهديد السلم الاجتماعي، وسلامة الوطن، بزج اسم إخوتكم من البيشمركة في المسؤولية عن الحوادث التي رافقت المظاهرات».
وتابع البيان: «البيشمركة، بتاريخها الوطني الطويل، كانت درعاً لكل العراقيين، وحمتهم جميعاً، وقدمت ألوفاً من الشهداء الأبرار، ليبقى الشعب العراقي بكافة أطيافه في طليعة الشعوب الوثابة للحرية والتقدم، وهم جزء من منظومة الدفاع وإخوة لكم، وهي أبعد منالاً من أن يتلطخ اسمها أو تتلطخ مسيرتها بما لا يرضي الضمير والوطن».
الآلاف من ملفات الفساد أمام البرلمان العراقي
تضع الطبقة السياسية في دائرة الاتهام
بغداد: حمزة مصطفى
تقترب الاحتجاجات العراقية من إكمال شهرها الثاني وسط غضب يتصاعد من قبل المتظاهرين ومساعٍ حكومية وبرلمانية وقضائية لتطويق الأزمة. المؤشرات تقول إن الأزمة لا توشك على النهاية مع اتساع أزمة الثقة بين المتظاهرين والطبقة السياسية، مع سقوط قتلى وجرحى بشكل يومي.
فرضية «الطرف الثالث» التي تحاول الجهات الرسمية إلصاقها بمن يتولى قتل المتظاهرين والقوات الأمنية، لم تقنع حتى من يحاول أن يكون طرفاً وسيطاً بين الاثنين. فالأمم المتحدة تحمّل السلطات مسؤولية حماية المتظاهرين من أي طرف ما دامت هي من تمسك السلاح، والأجهزة الأمنية هي التي ينبغي أن تحدد من هو «الطرف الثالث» الذي تقرر سؤال وزير الدفاع نجاح الشمري الذي أثاره حوله في البرلمان اليوم.
المرجعية الشيعية العليا في العراق والتي كانت تعول عليها الطبقة السياسية، ولا سيما الشيعية منها أعلنت عبر خطبة الجمعة الأخيرة تخليها عن آخر ما كان يمكن عده دعماً ولو خجولاً لهذه الطبقة، بينما أعلنت انسجامها التام مع مطالب المتظاهرين، فضلاً عن دعوتها إلى استمرار مظاهراتهم حتى تتحقق مطالبهم المشروعة. مشروعية الطلبات هي ما يجري الاختلاف عليها. فالحكومة تقول إنها بدأت بتحقيق المطالب المشروعة التي تتعلق بالخدمات وفرص العمل والسكن، بينما البرلمان بدأ يشرع القوانين التي تهم الشريحة الأكبر من العراقيين، بالإضافة إلى البدء بتشريع قوانين تتصل بالجسم السياسي للنظام بدءاً من تعديل الدستور ومناقشة قانون جديد للانتخابات وقوانين أخرى على الطريق. أما المطالب المشروعة، من وجهة نظر المتظاهرين، فإنها تبدأ من إقالة الحكومة حداً أدنى، ومن ثم حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.
هذا التناقض في فهم مفهوم الحقوق المشروعة هو ما أدى إلى أن تنقسم الطبقة السياسية بين مؤيد لإقالة أو استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وبين من هو ضد الإقالة أو الاستقالة في رهان على الزمن والطقس الذي باتت الطبقة السياسية تأمل في أن يكون شبيهاً بطقس العام الماضي، غزارة في الأمطار وانخفاضاً في درجات الحرارة. المتنبئون الجويون لا يزالون يخذلون أحلام الطبقة السياسية حين يعلنون يومياً ومنذ نحو أسبوع عن هطول أمطار غزيرة وهبوط حاد في درجات الحرارة. المتظاهرون في ساحة التحرير أخذوا احتياطاتهم فيما لو عمل الطقس بالضد منهم. فبعد تأهيلهم بناية «المطعم التركي» أو «جبل أحد»، حسب التسمية الشائعة عنه، بحيث يكفي لمبيت الآلاف ليلاً في حال نزل المطر وانخفضت الحرارة، عملوا على تأهيل عمارة بين التحرير والخلاني بالقرب من جسر السنك منحوها تسمية «جبل الشهداء».
أما في المحافظات الوسطى والجنوبية التي تشح فيها الأمطار حتى لو كانت غزيرة ولا تنخفض درجات الحرارة إلى مستويات مخيفة لا يأبهون للمراهنة على الطقس. وبذلك، فإن معارك الكر والفر التي غالباً ما تشهدها جسور بغداد انتقلت الآن من الأرض إلى الجو عبر توقعات الطقس التي يمكن أن تغير المعادلة.
مع ذلك، فإن من المقرر أن يصوّت البرلمان العراقي اليوم، طبقاً لجدول أعماله، على 5 مشاريع قوانين، من بينها قانون إلغاء امتيازاته وقانون التقاعد الموحد وقانون هيئة النزاهة وقانون مجالس المحافظات.
في سياق ذلك، وطبقاً لما كشفه رئيس كتلة الجماعة الإسلامية في البرلمان العراقي سليم حمزة، فإن نحو13 ألف ملف فساد ستكون خلال الفترة المقبلة على طاولة البرلمان. حمزة وفي تصريحات أمس، قال إنه «ضمن الإصلاحات التي صوت البرلمان عليها، تفعيل هيئة النزاهة، ومتابعة الأمور المتعلقة بالفاسدين، كما سيعاقَب الفاسدون الذين ما زال بعضهم يشغلون مناصب تشريعية، أو تنفيذية، وهذه خطوة إيجابية مهمة، تعطي رسائل جيدة للمتظاهرين، وللشارع العراقي». وأضاف أن «الدورة الماضية شهدت إعداد مشروع قانون من أين لك هذا، وأيضاً مشروع مكافحة الفساد، يتم تشكيل محكمة مختصة لهؤلاء الجناة متورطين بالفساد، حيث تبلغ الملفات الخاصة بذلك نحو 13 ألف فساد».
وحول ما إذا كانت الحكومة جادة في محاربة الفساد في ضوء ما يتولى البرلمان مناقشته تقول آلا طالباني، عضو البرلمان، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المطلوب من رئيس الوزراء تقديم فاسدين كبار إلى القضاء»، مبينة أنه «في حال عمل ذلك فإن الإصلاحات يمكن أن ترى النور، وبالتالي تتبين جدية ذلك». وأضافت أن «الحاجة باتت ماسة الآن إلى تعديل وزاري شامل».
إلى ذلك، أصدرت محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا النزاهة، أمس، أمر قبض مع منع سفر وحجز أموال أحد أعضاء مجلس النواب. وقال مجلس القضاء الأعلى في بيان له، إن «محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا النزاهة أصدرت أمر قبض بحق النائب طلال الزوبعي مع منع سفر وحجز أمواله المنقولة وغير المنقولة». يذكر أن الزوبعي كان رئيس لجنة النزاهة في البرلمان العراقي خلال الدورة البرلمانية الماضية. |
|