|
|
التاريخ: تشرين الثاني ١٤, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
تصعيد الاحتجاجات رداً على عون... والمتظاهرون رفضوا الحوار |
تشكيل الحكومة في المرتبة الثانية و«اشتباك» عون مع «الحراك» إلى الواجهة |
بيروت: «الشرق الأوسط»
أعاد كلام رئيس الجمهورية ميشال عون خلال حديثه التلفزيوني التحركات الشعبية إلى ما كانت عليه قبل نحو 3 أسابيع، فيما كان القصر الجمهوري محطة أساسية للمتظاهرين، فيما أطلقوا عليه «الزحف إلى بعبدا» حيث رفضوا لقاء عون والتفاوض معه.
ومنذ انتهاء مقابلة عون، خرج المتظاهرون إلى الطرقات رفضاً لتجاهل مطالبهم وعدم دعوة عون إلى استشارت نيابية لتشكيل حكومة، وأعلنوا التوجه إلى التصعيد، خاصة بعد مقتل القيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي، علاء أبو فخر، واستمر المشهد نفسه طوال النهار، رغم الإيضاح الذي صدر عن مكتب رئاسة الجمهورية لكلام عون، مؤكداً أنه قال: «إذا لم يكن هناك (أوادم) من الحراك للمشاركة في الحوار، فليهاجروا، لأنهم بهذه الحالة لن يصلوا إلى السلطة».
ومنذ الصباح الباكر، وبعد دعوة الناشطين للمظاهرة على طريق القصر الرئاسي، سجل انتشار مكثف للجيش في المنطقة، واتخذت تدابير أمنية مشددة. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن المحتجين على طريق القصر الجمهوري حاولوا إزالة الأسلاك الشائكة والحواجز الحديدية واجتيازها، وتمكنت القوى الأمنية من منعهم، بعدما رشقوا عناصرها بزجاجات المياه الفارغة والحجارة.
ورداً على طلب عميد من الحرس الجمهوري تشكيل وفد من المحتجين للقاء عون، هتف المحتجون: «الشعب يطالب ولا يفاوض»، وعمدوا إلى الضرب على أعمدة الإنارة والفواصل الحديدية لإصدار الأصوات ليسمعهم رئيس الجمهورية.
في موازاة ذلك، بدأ المحتجون منذ الصباح في إقفال الطرقات الرئيسية في بيروت ومناطق الشمال والجنوب والبقاع، حيث كانت القوى الأمنية تحاول إعادة فتحها، مع استمرار إضراب موظفي المصارف وتعطيل المدارس. ومساء، توافد آلاف المتظاهرين إلى الساحات في مختلف المناطق.
وأخذ مقتل علاء أبو فخر حيزاً واسعاً من الاحتجاجات، ورُفعت صوره في ساحات المظاهرات، وأطلق المحتجون عليه «شهيد الثورة»، خاصة أنه قُتل على أيدي أحد عناصر الجيش اللبناني، وأُطلقت دعوات لمشاركة شعبية اليوم في تشييعه، وأعلنت قيادة الجيش أنها بدأت التحقيق في الحادث. ودعا رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط مناصريه إلى الهدوء، مؤكداً: «ليس لدينا سوى الدولة».
وشهدت منطقة جل الديب شمالي بيروت توتّرا أمنيا اثر اقدام أحد الاشخاص على اطلاق النار عشوائيا قبل أن يتمكن شبان من المتظاهرين من القبض عليه وتسليمه الى القوى الأمنية.
وذكرت «الوكالة الوطنية للاعلام» أن مشادات كلامية حصلت بين المواطنين الرافضين لقطع طريق جل الديب والمحتجين، وقالت ان رجلا مر بسيارته من امام المحتجين وشهر سلاحا واطلق رشقات في الهواء. وما لبث المحتجون ان اخذوا سلاحه وحطموا سيارته وسلموا السلاح المستخدم الى القوى الامنية. وتبين بعد ذلك ان شخصا آخر في المكان نفسه كان يحمل سلاحا، وألقي كذلك القبض عليه.
ومساء سجل وصول عدد من المتظاهرين من بعض المناطق إلى أوتوستراد جل الديب للتضامن معالمحتجين، بعد الحوادث التي شهدتها.
وناشد الرئيس سعد الحريري المواطنين «المحافظة على حراكهم السلمي، وقطع الطريق على المصطادين في الماء العكر»، منبهاً «إلى مسؤولية الجميع، سلطة وقيادات ومؤسسات عسكرية وأمنية وتحركات شعبية، في حماية البلاد والتضامن في مواجهة التحديات».
عون أبلغ الموفد الفرنسي تفضيله حكومة «تكنوسياسية»
باسيل أكد أن تشكيلها «مسألة داخلية»
بيروت: كارولين عاكوم
جدّد رئيس الجمهورية ميشال عون التأكيد على تمسكه بتشكيل حكومة «تكنوسياسية» خلال لقائه مدير «دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» في وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو، الذي نقل إليه رسالة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تؤكد اهتمام فرنسا بالوضع في لبنان واستعدادها لمساعدته في الظروف الراهنة، فيما كانت رسالة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل للموفد الفرنسي رفض التدخل الخارجي مؤكداً أن تشكيل الحكومة شأن لبناني.
واختصرت مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية زيارة الموفد الفرنسي بـ«رسالة دعم واستماع». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»: «لم يحمل مبادرة محددة؛ إنما أتى في زيارة تضامن واستطلاع (على) ما يحصل في لبنان، والاستماع إلى وجهات نظر الأطراف وحول أفق تشكيل الحكومة وموعد الاستشارات النيابية». وتضيف: «لم يطرحوا حلاً ولا يريدون التدخل بالشؤون اللبنانية؛ إنما كان التركيز على وقوف باريس إلى جانب لبنان وتضامنها معه، كما أنه يهمها عودة الهدوء وتشكيل حكومة فاعلة تلتزم الإصلاحات التي وضعتها الحكومة السابقة ومقررات (مؤتمر سيدر) التي من شأنها أن تعيد الثقة بلبنان ليعود بذلك المجتمع الدولي ويتعاون معه».
وكان الموفد الفرنسي، الذي وصل مساء أول من أمس إلى بيروت مستهلاً لقاءاته باجتماع عقده مع رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط، التقى أمس الرئيس عون ورئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل.
وأبلغ عون السفير كريستوف فارنو أن «الحكومة العتيدة ستلتزم تنفيذ الورقة الإصلاحية التي أقرتها الحكومة السابقة، إضافة إلى عدد من القوانين التي يفترض أن يقرها مجلس النواب في سياق مكافحة الفساد وملاحقة سارقي المال العام بعد رفع الحصانة عنهم».
وأشار عون إلى أن «التحركات الشعبية القائمة حالياً رفعت شعارات إصلاحية هي نفسها التي التزم رئيس الجمهورية تحقيقها، ولكن الحوار مع معنيين في هذا الحراك الشعبي ما يزال متعذراً على رغم الدعوات المتكررة التي وجهها رئيس الجمهورية إليهم».
وشدد عون، خلال اللقاء الذي حضره السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي، على أنه سيواصل اتصالاته لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة، معرباً عن أمله في أن يتحقق ذلك في وقت قريب، مكرراً خياره بأن تكون «الحكومة الجديدة مؤلفة من سياسيين وتكنوقراط لتأمين التغطية السياسية اللازمة كي تتمكن من نيل ثقة الكتل النيابية إضافة إلى ثقة الشعب».
من جهة أخرى، شكر الوزير باسيل فرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون على «اهتمامهما بلبنان، وعلى الجهود المبذولة للحفاظ على استقراره ومنع انزلاقه إلى الفوضى أو إلى الانهيار المالي».
وبحسب بيان الخارجية، أبلغ باسيل الموفد الفرنسي «وجوب عدم دخول أي طرف خارجي على خط الأزمة اللبنانية واستغلالها»، مؤكداً أن «مسألة تشكيل الحكومة هي مسألة داخلية، وقد وصلت إلى مراحل متقدمة وإيجابية».
تشكيل الحكومة في المرتبة الثانية و«اشتباك» عون مع «الحراك» إلى الواجهة
الحريري لن يوافق على رئاستها إذا كانت طبق الأصل لسابقتها
بيروت: محمد شقير
رأى مصدر وزاري بارز أن المواقف التي أعلنها رئيس الجمهورية ميشال عون في المقابلة المتلفزة التي أُجريت معه، أدخلت البلد في مرحلة سياسية جديدة، وعزا ذلك إلى أنه أقحم نفسه في اشتباك سياسي مع الحراك الشعبي ما أدى إلى تراجع الأزمة الحكومية لتحتل المرتبة الثانية بعد أن كانت الشغل الشاغل للبنانيين.
وقال المصدر الوزاري لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس عون كان في غنى عن الدخول في اشتباك سياسي مع «الحراك الشعبي»، خصوصاً أن الصحافيين سامي كليب ونقولا ناصيف اللذين أجريا المقابلة حاولا تهيئة الأجواء التي تسمح له بمخاطبة الحراك بمرونة واستيعاب، لكنه وضع نفسه في المواجهة، وهذا ما دفعه إلى استهداف الحراك والإعداد لحملة سياسية تمثّلت في الدعوة إلى التجمّع قرب القصر الجمهوري في بعبدا.
ولفت إلى أن الاهتمام بالأزمة الحكومية لم يعد من الأولويات على الأقل في الساعات المقبلة، وقال إن مواقف الرئيس عون دفعت باتجاه تراجع الحماس للمشاورات الجارية حول هذه الأزمة، مما يعني أن الاتصالات توقّفت حتى إشعار آخر.
وكشف المصدر الوزاري عن أن ما قاله عون لا يخدم الجهود الرامية إلى تعويم المشاورات لإيجاد مخرج للتأزّم الحكومي. وعدّ أن ما قاله عون عن الرئيس الحريري لا يشجّع الأخير على أن يعيد النظر في القرار الذي سيتّخذه حيال إمكانية تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، لا بل يدعوه إلى الإسراع في حسم موقفه لجهة تفضيله أن ينأى بنفسه عن العودة إلى رئاسة الحكومة.
وسأل المصدر عن الأسباب الكامنة التي دفعت رئيس الجمهورية إلى مخاطبة السفراء العرب المعتمدين لدى لبنان في معرض حديثه عن «الحراك الشعبي» بقوله: «إننا نواجه حرباً كونية تستهدف بلدنا، وإن هناك جهات خارجية تدعم بعض هذا الحراك وتقوم بتمويله وتقديم الخدمات له، خدمة لتنفيذ أجندة خارجية لضرب الاستقرار الداخلي، رغم أنني كنتُ أول من دعوته للحوار لكنه لم يستجب».
ورأى أن علاقة الرئيس عون بالرئيس الحريري أوشكت على الدخول في مرحلة جديدة تنذر بخفض منسوب «الكيمياء السياسية» التي كانت وراء التفاهم على تسوية سياسية مهّدت الطريق أمام انتخاب الأول رئيساً للجمهورية، واستغرب ما يشيعه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل بأن المشاورات الحكومية تجري في أجواء إيجابية ومشجّعة، وسأل: من أين استمدّ هذا التفاؤل الذي لا أساس له من الصحة؟
وقال إن باسيل يسعى إلى تعويم نفسه من خلال رغبته في تمرير رسالته إلى الرأي العام بأنه واحد من صانعي «الطبخة الوزارية» بعد أن استبعد من دخول الحكومة وبات المستهدف الأول من قبل «الحراك الشعبي» قبل أن يحل مكانه رئيس الجمهورية على خلفية دخوله في اشتباك مع المعتصمين على مساحة الوطن ككل.
وأضاف المصدر الوزاري أن مروحة الاتصالات التي تسارعت في ضوء الحديث عن عدم وجود رغبة للحريري في ترؤس الحكومة الجديدة، لم تؤدِّ إلى نتيجة ملموسة تفتح الباب أمام فتح كوّة في الحائط المسدود الذي اصطدمت به هذه المشاورات.
وعدّ أن هذه المشاورات اقتصرت على تبادل الآراء ولم تبدّل من موقف الرئيس الحريري الذي سيبادر إلى تظهيره للعلن في ضوء ما لديه من معطيات محلية، وأن البعض يسعى إلى التعامل مع موقفه على أنه نتاج خارجي، في محاولته لتبرير عدم تجاوبه مع شروطه لتولي رئاسة الحكومة وأبرزها أن تُشكَّل من اختصاصيين، باعتبار أن هذا النوع من الحكومات غير المسبوقة لا يرضي «الحراك الشعبي» فحسب؛ وإنما يلقى كل ترحيب على المستويين الإقليمي والدولي.
وشدد المصدر الوزاري على أن الثنائي الشيعي الذي يتشكّل من «حركة أمل» و«حزب الله» يُبدي مرونة وانفتاحاً مع بعض ما يقترحه الحريري وأن تمسّك رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعودة الحريري إلى الرئاسة الثالثة، ينمّ عن تفاهمه مع حليفه الشيعي لأنه في حاجة إلى وجوده على رأس الحكومة أنه الأكثر قدرة على مخاطبة المجتمع الدولي.
ولكن عدم وجود قواسم مشتركة على الأقل في التفاصيل بين الرئيس عون والأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله لا يعني أن الأخير في وارد التخلي عن تحالفه معه ما دام أنه يشكّل له خط الدفاع الأول عن خياراته الخارجية، وهذا ما ينطبق أيضاً على باسيل الذي يحاول - بحسب المصدر - أن يحفظ لنفسه الدور الذي يتيح له التدخّل في الحكومة من خلال إصراره على أن تُشكّل من وجوه تكنو - سياسية.
وأكد المصدر أن عون على تفاهم مع الثنائي الشيعي بوجوب تحقيق المناصفة في توزيع الوزراء بين تكنوقراط وسياسيين.
لذلك فإن المشاورات التي جرت قبل المقابلة المتلفزة لرئيس الجمهورية وكان محورها الحريري لم تحقق أي تقدّم يُذكر وبقيت تدور في حلقة مفرغة
وهذا ما يشجع الأخير على أن يقول كلمة في كل ملف الحكومة العتيدة لقناعته بعدم استنساخ الحكومة المستقيلة بحكومة جديدة. وعليه؛ قال المصدر الوزاري إن الحريري لن يوافق على تعويم الحكومة المستقيلة بحكومة «طبق الأصل» مع تجميلها بوجوه جديدة. |
|