|
|
التاريخ: تشرين الثاني ١١, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
احتجاجات العراق تتواصل رغم عنف السلطات وقيادات تنأى بنفسها عن «اتفاق» إنهاء الاحتجاجات |
واشنطن تدعو العراق لإجراء انتخابات مبكرة ووقف العنف ضد المتظاهرين |
بغداد: «الشرق الأوسط»
حاول متظاهرون أمس الإبقاء على زخم الاحتجاجات الداعية إلى «إسقاط النظام» في العراق، بعد «اتفاق» ورد أن الكتل السياسية توصلت إليه يقضي بإبقاء السلطة الحالية حتى لو استدعى الأمر استخدام القوة لإنهائها.
وكانت وكالة الصحافة الفرنسية كشفت أول من أمس عن توصل الكتل السياسية العراقية أول من أمس إلى اتفاق برعاية قائد «فيلق القدس» الإيراني الجنرال قاسم سليماني لوضع حد للاحتجاجات التي انطلقت في 1 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وترافق ذلك مع ازدياد القمع الذي ارتفع لمستوى جديد ضد المظاهرات، وصعّدت السلطات قمع المتظاهرين وفرضت في مطلع الأسبوع إجراءات مشددة في ظل انقطاع الإنترنت وحجب شبكات التواصل الاجتماعي.
وبحسب مصادر طبية، قُتل 9 متظاهرين أول من أمس في ساحة التحرير؛ مركز الاحتجاجات بوسط بغداد، مع إطلاق قوات الأمن الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، فيما قتل 3 آخرون في البصرة، ثانية كبرى مدن البلاد الواقعة في أقصى الجنوب.
ورغم ذلك، فإن المواجهات تواصلت أمس في ساحة الخلاني، القريبة من ساحة التحرير، التي عادة ما تعج بالأكشاك والمتبضعين طول النهار، فانتشرت فيها رائحة الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الأمن، فيما اختبأ عشرات المتظاهرين بين المباني. وقال متظاهر في العشرينات رفض كشف اسمه؛ لوكالة الصحافة الفرنسية: «هناك قوات تحاول منذ مساء (أول من) أمس (السبت) التقدم لساحة التحرير لفض الاعتصام».
من جانبه، قال المهندس أزهر قاسم، الذي ينشط ضمن كوادر صحية تقدم خدمات طبية في ساحة التحرير: «نحن موجودون في ساحة التحرير لخدمة أبناء شعبنا، ولن ننسحب».
وقامت قوات الأمن بوضع جدران إسمنتية لعزل ساحة التحرير في إطار إجراءات مشددة جديدة تهدف للسيطرة على المتظاهرين، وأغلقت مداخل 3 جسور قريبة من هذه الساحة الواقعة في قلب بغداد، ثاني أكبر عاصمة عربية من حيث عدد السكان. ورغم ذلك، فإن أعداداً غفيرة من المحتجين توافدت على ساحة التحرير.
كما تواصلت أمس الاحتجاجات في البصرة الغنية بالنفط؛ حيث فرضت قوات الأمن طوقاً لمنع المتظاهرين من الاقتراب من مبنى مجلس المحافظة، غداة موجة اعتقالات نفذتها بحق المحتجين.
وفي كربلاء قام محتجون بإسقاط الحواجز الإسمنتية الموضوعة أمام مبنى مجلس المحافظة. وفي مدينة الناصرية الواقعة في الجنوب، أطلقت قوات الأمن قنابل مسيلة للدموع على متظاهرين كانوا يحاولون إغلاق دائرة حكومية جديدة في إطار موجة العصيان المدني الذي أدى إلى شلّ عدد كبير من المؤسسات الحكومية.
وتجددت في مدينة الديوانية، احتجاجات طلابية في ظل انتشار قوات الشرطة قرب المدارس والكليات لمنع الطلبة من الانضمام إلى المظاهرات. وبقيت المدارس والكليات وأغلب المؤسسات الحكومية مغلقة في مدينتي الحلة والكوت، وكلتاهما إلى الجنوب من بغداد.
ومنذ انطلاقها، شهدت الاحتجاجات أعمال عنف دامية أسفرت عن مقتل نحو 300 شخص، غالبيتهم من المتظاهرين المطالبين بـ«إسقاط النظام»، وجرح أكثر من 12 ألفاً آخرين، وفقاً لحصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية فيما توقفت السلطات عن ذلك.
من جانبها، دعت منظمة العفو الدولية السلطات العراقية إلى «إصدار أمر فوري بإنهاء الاستخدام المتواصل وغير القانوني للقوة المميتة» ضد المتظاهرين. وأكد بيان عن المنظمة المستقلة التي تعنى بحقوق الإنسان أنه «يجب أن يتوقف حمام الدم هذا، ويجب محاكمة المسؤولين عنه».
وقال ناشطون وأطباء يشاركون في المظاهرات طالبين عدم الكشف عن أسمائهم، إنهم يشعرون بأن الخناق يضيق عليهم مع ملاحقتهم وتلقيهم تهديدات بالقتل عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو في قلب المظاهرات.
من جهتها، أعلنت ممثلة الأمم المتحدة لدى العراق جينين هينيس بلاسخارت، أمس، أنها تتلقى «كل يوم معلومات عن متظاهرين قتلوا أو اختطفوا أو تعرضوا لاعتقال تعسفي أو الضرب والترهيب». واستنكرت «مناخ الخوف»، الذي تفرضه السلطات العراقية، مؤكدة أن «الحقوق الأساسية تنتهك باستمرار» في هذا البلد.
قيادات دينية وسياسية تنأى بنفسها عن «اتفاق» إنهاء الاحتجاجات بالقوة
مرجعية النجف والتيار الصدري ينفيان حضور اجتماع الكتل
بغداد: فاضل النشمي
كشف قيادي في تيار «الحكمة الوطني» الذي يقوده عمار الحكيم، عن تفاصيل الاجتماع الذي احتضنه التيار في مقر إقامته ببغداد، أول من أمس، وما أحاطه من تضارب وغموض بشأن مستقبل حكومة رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي، والنظام السياسي بشكل عام، الذي يواجه مطالبات واسعة بإسقاطه وإزالته، من قبل جموع المحتجين والمتظاهرين في محافظات وسط وجنوب العراق. ونأت قيادات سياسية ودينية بنفسها عن «اتفاق» ورد أنه تم التوصل إليه خلال الاجتماع على إنهاء الاحتجاجات، ولو بالقوة إذا اقتضى الأمر.
وأكد القيادي في تيار «الحكمة» محمد حسام الحسيني، حصول الاجتماع؛ لكنه نفى في حديث لـ«الشرق الأوسط» ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير بشأن حضور ممثل عن مرجعية النجف، وقائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني، أو أي أطراف خارجية وممثلين عن تيار مقتدى الصدر. كما نفى «الاتفاق بين سليماني والسيستاني والصدر و(الحكمة) على إنهاء الاحتجاجات بالقوة».
وأضاف الحسيني أن «الاجتماع لم يهدف إلى حماية الحكومة وإنقاذها وقمع المتظاهرين كما أشيع، إنما كان هدفه حماية النظام بعد إصلاحه، باعتباره نظاماً ديمقراطياً، ويفترض أنه قابل للإصلاح والتعديل والسير على السكة الصحيحة». وأكد أن «غالبية الكيانات والأحزاب السياسية المهمة، الشيعية والسنية والكردية، كانت حاضرة في الاجتماع التداولي الذي يهدف إلى معالجة الاختلالات في النظام السياسي، ولم يحضره ممثل عن المرجعية أو أي طرف خارجي، كما اعتذر تيار الصدر عن عدم حضوره في اللحظة الأخيرة».
وحول مستقبل حكومة عادل عبد المهدي بعد مطالبات المتظاهرين بإسقاطها، ذكر الحسيني أن «بعض أطراف الاجتماع ذهبت إلى ضرورة سحب الثقة عنها، والبعض تمسك بإعطائها فرصة أخرى»؛ لكنه يرى «على المستوى الشخصي» أن «حكومة عبد المهدي باقية، لعدم وجود قرار دولي وإقليمي بإسقاطها، فإيران تعتبر عبد المهدي من حلفائها البررة، كذلك الأمر مع الولايات المتحدة والغرب عموماً، الذين يظهرون تمسكاً ببقائه في السلطة». ويشير الحسيني إلى أن «مصير البلاد، ومثلما هو واضح، ما زال بيد القوى الإقليمية والدولية، نتيجة ضعف غالبية القوى السياسية وتابعيتها وخصوماتها الحادة».
وكان مكتب المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، قد نفى في بيان اشتراك ممثل عنه في «الاتفاق المزعوم» لبقاء الحكومة، وإنهاء الاحتجاجات. كذلك نفى صالح محمد العراقي، المقرب من زعيم التيار الصدري، ما تردد عن حضور ممثلين عن التيار في الاجتماع، وخاطب العراقي أنصار الصدر وعموم العراقيين، عبر صفحته الشخصية في «فيسبوك» ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، قائلاً: «كفاكم سماعاً للأكاذيب والإشاعات والتدليس والتزوير» وختم بأن «الصدر مع الشعب والشعب مع الصدر».
وكرر تحالف «سائرون» المدعوم من مقتدى الصدر، أمس، مطالبته بـ«ضرورة حضور رئيس الوزراء إلى البرلمان لمساءلته واستجوابه، حول ما يحصل بمواجهة المتظاهرين السلميين بإطلاق نار وقنابل غاز، والذي يعد غير مقبول إطلاقاً، وأن حضوره إلى البرلمان في الجلسات القليلة المقبلة بات أمراً ملحاً». وفي تطور آخر ذي صلة، أكدت رئاسات الجمهورية والوزراء والبرلمان، أمس، رفضها إنهاء الاحتجاجات بالقوة، وذلك خلال اجتماع استضافه رئيس الجمهورية برهم صالح في قصر السلام أمس، وحضره رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، إضافة إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان. وصدر عن الاجتماع بيان أكد على أن «الاحتجاجات الشعبية السلمية هي حركة إصلاحية مشروعة لا بد منها، وذلك استجابة للرأي العام الوطني، ولمتطلبات الحياة السياسية والخدمية التي يستحقها العراقيون الغيارى، بعد عقود من الطغيان والحروب والعنف والفساد». وحسب البيان: «أكد المجتمعون الموقف الثابت بالامتناع ورفض أي حل أمني للتظاهر السلمي، والمحاسبة الشديدة لأي مجابهة تعتمد العنف المفرط، مشيرين بهذا الصدد إلى أوامر وتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة بمنع استخدام الرصاص الحي، وجميع أشكال العنف التي تعتمد القسوة والمبالغة فيها». كما تناول الاجتماع «باهتمام شديد حالات الاختطاف التي تجري ضد ناشطين من قبل جماعات منفلتة وخارجة عن القانون، وكذلك جرائم الاعتداء على المتظاهرين، وهي أعمال موجهة يجري التحري عنها والوقوف على المتسببين فيها، وإنزال العقاب القانوني بهم». وأكد المجتمعون أنه «لن يبقى معتقل واحد من المتظاهرين».
واشنطن تدعو العراق لإجراء انتخابات مبكرة ووقف العنف ضد المتظاهرين
واشنطن: «الشرق الأوسط أونلاين»
حضّت الولايات المتّحدة، اليوم، السلطات العراقيّة على إجراء انتخابات مبكرة والقيام بإصلاحات انتخابيّة، داعيةً إلى إنهاء أعمال العنف ضدّ المتظاهرين والتي خلّفت مئات القتلى.
وقال البيت الأبيض في بيان، إنّ واشنطن تريد من "الحكومة العراقيّة وقف العنف ضدّ المحتجّين والوفاء بوَعد الرئيس برهم صالح بتبنّي إصلاح انتخابي وإجراء انتخابات مبكرة".
وأضاف: "الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء الهجمات المستمرة ضد المتظاهرين والناشطين المدنيين والإعلام، وكذلك إزاء القيود المفروضة على الوصول إلى الإنترنت في العراق".
وقُتل ثلاثة متظاهرين في جنوب العراق يوم أمس كما سقط عشرات الجرحى برصاص قوات الأمن التي أطلقت النار في وسط العاصمة، فيما حذرت منظمة العفو الدولية من "حمام دم".
واستمرت الاحتجاجات التي تهز السلطات العراقية، مترافقة مع أعمال عنف دامية أسفرت منذ انطلاق التظاهرات في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) عن مقتل 319 شخصاً غالبيتهم من المتظاهرين، حسب حصيلة رسمية أعلنت صباح أمس، وإصابة أكثر من 12 ألفًا.
واتفقت الكتل السياسية العراقية السبت على وضع حد للاحتجاجات، في وقت يتهمها المحتجون بالولاء لإيران التي يعتبرونها مهندسة النظام السياسي في البلاد.
وبعد هذا الاتفاق على "العودة إلى الحياة الطبيعيّة"، كثّفت قوات الأمن قمع المتظاهرين، فيما لا تزال البلاد بلا إنترنت وبالتالي من دون مواقع تواصل اجتماعي منذ نحو أسبوع. |
|