|
|
التاريخ: تشرين الأول ٣١, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
قائد الجيش الجزائري يصرّ على إجراء انتخابات الرئاسة في موعدها المحدد |
وضع قيادي إسلامي بارز تحت الرقابة القضائية بسبب التهجم على مسؤولين |
الجزائر: بوعلام غمراسة
في الوقت الذي أمرت فيه محكمة بالعاصمة الجزائرية بوضع قيادي إسلامي تحت الرقابة القضائية بسبب تصريحات حادة ضد كبار المسؤولين في البلاد، أكد نائب وزير الدفاع الفريق أحمد قايد صالح أن انتخابات الرئاسة، المقررة في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل «ستجري في موعدها المحدد»، وأعلن رفضه مطالب ودعوات للإفراج عمّن يسمون «معتقلي الراية الأمازيغية».
وأعلن قائد الجيش قايد صالح، أمس، أثناء وجوده بمقر «قيادة الدفاع الجوي عن الإقليم» بالعاصمة، أن الانتخابات «ستجري في موعدها، لأن هذا المسعى الوطني النبيل نابع من الإرادة الشعبية، التي تعني كافة فئات الشعب الجزائري باستثناء العصابة ومن سار في فلكها». ويقصد بـ«العصابة» رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وأغلبهم في السجن حالياً.
وكان الضابط العسكري، الذي يعد الحاكم الفعلي في البلاد، يرد على المتظاهرين الذين طالبوا في حراك الجمعة الماضي بإلغاء تاريخ الاستحقاق، بحجة أنه «سيفرز رئيساً على مقاس السلطة». وأفاد قايد صالح، في خطابه الذي نشرته وزارة الدفاع، بأن «الشباب بلغ درجة عالية من الوعي، وهو مصمم على الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية، مفشلاً بذلك مخططات العصابة وأذنابها، الذين تعودوا على الابتزاز السياسي، من خلال أبواق ناعقة تستغل بعض المنابر الإعلامية المغرضة، التي تحاول عبثاً عرقلة هذا المسعى النبيل»، من دون توضيح من يقصد. علماً بأن قائد الجيش درج على مهاجمة أشخاص، لكن لا يذكرهم مطلقاً بأسمائهم، ولا يوضح ما إذا كانوا سياسيين، ولا لأي جهة ينتمون.
وبحسب صالح، فقد «أدرك الشعب الجزائري برمته، باستثناء العصابة وأتباعها، أن جميع الشروط والظروف مهيأة لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، الذي سيطبق برنامجه بما يكفل بناء جزائر جديدة، لا مكان فيها للممارسات غير القانونية والبالية، والعقليات المتحجرة التي ذهبت وولت دون رجعة»، مشيراً إلى أن الشباب «غير مكترث بالاستفزازات والدعاية المغرضة، التي يسوقها أعداء الوطن من أجل عرقلة مسار الانتخابات، ولن ينجح هؤلاء في محاولاتهم اليائسة لتحييده عن مساره التاريخي مهما قالوا، ومهما حاولوا فرض أفكارهم البالية، لأن هذا الشعب قد أيقن أنه على السكة الصحيحة والدرب القويم، ولأن شبابنا الواعي قد كشف زيف هذه الألاعيب، ولم تعد تنطلي عليه مثل هذه الحيل، ولن يتراجع عن المكتسبات المعتبرة المحققة في هذه الفترة القصيرة».
ورد قائد الجيش على ناشطين وحقوقيين، طالبوا بالإفراج عن 20 متظاهراً، تم حبسهم بسبب رفع الراية الأمازيغية في الحراك. وعدّ صالح، في خطابه، أن ذلك «إهانة للعلم الوطني». وقال إن هذه المطالب «مرفوضة شكلاً ومضموناً، فالعلم الوطني هو رمز السيادة الوطنية، ورمز تضحيات ملايين الشهداء الأبرار، ورمز سيادة الشعب الجزائري برمته، والذي لا يقبل إطلاقاً المساس بالعلم الوطني»، مؤكداً أن القضاء «هو من يتولى أمر هؤلاء، باعتباره أيضاً رمزاً بارزاً من رموز دولة القانون، فهو يتمتع الآن بكل الحرية المطلوبة، ويعمل دون ضغوطات ولا إملاءات».
إلى ذلك، صرح المحامي والناشط الحقوقي عبد الغني بادي، بأن قاضي التحقيق بمحكمة الرويبة (الضاحية الشرقية للعاصمة) وضع أمس القيادي الإسلامي أحمد بن محمد رهن الرقابة القضائية، بعد أن وجه لهم تهم «إضعاف معنويات الجيش»، و«عرض منشورات من شأنها المساس بالوحدة الوطنية»، و«إهانة هيئة نظامية».
وحسب المحامي؛ فقد تم بشكل صارم تقييد حرية بن محمد في التنقل؛ إذ منع من مغادرة الحدود الإدارية لبلدية برج البحري (الضاحية الشرقية)، حيث يقيم، ومن مغادرة بيته يوم الجمعة، وهو يوم الحراك الشعبي، وأيام الثلاثاء التي تجري فيها مظاهرات طلاب الجامعات «إلا بإذن من القاضي وفي حالة الضرورة القصوى»، حسبما جاء في شروط الرقابة القضائية.
وفرضت المحكمة عليه أيضاً تسليمها جواز السفر، والامتناع عن التصريح للإعلام ولا حتى لقاء صحافيين. كما منعت عنه لقاء أي شخص له علاقة بالمظاهرات الشعبية. علاوة على مطالبته بالإمضاء على محضر لدى الدرك الوطني بالمنطقة التي يقيم بها مرة واحدة أسبوعياً، على سبيل التأكيد أنه لم يغادرها.
واعتقل الدرك بن محمد الاثنين الماضي بسبب مشاركته في حراك الجمعة الماضي، وإطلاقه تصريحات لفضائيات خاصة، عدت مسيئة للرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح، ورئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح. وقد خضع بن محمد نهاية عام 2008 لإجراءات الرقابة القضائية، بسبب مشاركته في مظاهرات تضامناً مع غزة، خلال تعرضها للعدوان الإسرائيلي، لكنها رفعت عنه في 2016. وأسس القيادي الإسلامي حزباً في بداية تسعينات القرن الماضي، سماه «جبهة الجزائر للأصالة والمعاصرة»، لكن تم حله بموجب تعديل للدستور عام 1996، منع الأحزاب من «استعمال الدين والهوية لأغراض سياسية». وكان بن محمد مقرباً من «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» التي حُلت عام 1992 بعد اتهامها بالإرهاب. |
|