التاريخ: تشرين الأول ٣٠, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الحريري في بيان الاستقالة: وصلت إلى طريق مسدود وبات لزاماً إحداث صدمة
واشنطن تدعو لبنان إلى «الإسراع» في تشكيل حكومة جديدة
بيروت: «الشرق الأوسط»
عمّقت الاستقالة التي قدمها رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أمس، الأزمة التي يعيشها لبنان بعد 13 يوماً من الاحتجاجات التي عمت مناطق البلاد، ورمت الكرة في ملعب رئيس الجمهورية ميشال عون.

وفرض هذا التطور تحدياً إضافياً أمام تشكيل حكومة جديدة، في ظل تمسك «التيار الوطني الحر» بتوزير رئيسه جبران باسيل، وسط ضغوطات مالية واقتصادية دفعت الناس إلى الشوارع. ورغم إعلان الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله معارضته لاستقالة الحكومة، أعلن الحريري أمس استقالته من الحكومة «لإحداث صدمة إيجابية» تخرق التأزم السياسي الذي عمّ البلاد، وقال في بيان الاستقالة الذي قدمه إلى الرئيس عون إن قراره جاء «تجاوباً مع إرادة الكثير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات ليطالبوا بالتغيير، والتزاماً بضرورة تأمين شبكة أمان تحمي البلد في هذه اللحظة التاريخية»، وهو ما انعكس ترحيباً في الشارع الذي بدأ يدرس خياراته لحصر الاعتصام في الساحات وإعادة فتح الطرقات.

وقالت مصادر سياسية إن الهجوم الذي شنه أنصار «حركة أمل» و«حزب الله» على المتظاهرين وسط بيروت أمس، سرّع باستقالة الحريري «حقناً للدماء».

وفيما لم يُكشف ما إذا كانت هناك خطط للمرحلة المقبلة، تقفز مخاوف من أن تطول إجراءات تشكيل حكومة جديدة، في حال عدم الاتفاق على شكلها ومكوناتها وتمثيلها. ويفترض أن يتم تحديد هذه المعطيات على ضوء موقف «حزب الله» من الأزمة، ومن الحكومة التالية، بالنظر إلى أنه كان الأساس في المشاورات التي سبقت تأليف الحكومة المستقيلة.

وكان رئيس الحكومة اللبنانية المستقيلة سعد الحريري قد قدم استقالة الحكومة إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والشعب اللبناني في كل المناطق: «تجاوبا مع إرادة الكثير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات ليطالبوا بالتغيير، والتزاما بضرورة تأمين شبكة أمان تحمي البلد في هذه اللحظة التاريخية»، داعيا «كل اللبنانيين لأن يقدموا مصلحة لبنان وسلامته وحماية السلم الأهلي ومنع التدهور الاقتصادي على أي أمر آخر».

جاء كلام الحريري في كلمة وجهها عصر أمس إلى اللبنانيين من «بيت الوسط»، قال فيها: «منذ ثلاثة عشر يوما، والشعب اللبناني ينتظر قرارا بحل سياسي يوقف التدهور، وأنا حاولت طوال تلك الفترة أن أجد مخرجا نستمع من خلاله لصوت الناس ونحمي البلد من المخاطر الأمنية والاقتصادية والمعيشية. اليوم، لا أخفيكم، وصلت لطريق مسدود، وبات لزاما أن نحدث صدمة كبيرة لمواجهة الأزمة. أنا سأتوجه إلى قصر بعبدا، لتقديم استقالة الحكومة لفخامة الرئيس العماد ميشال عون وللشعب اللبناني في كل المناطق، تجاوبا مع إرادة الكثير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات ليطالبوا بالتغيير، والتزاما بضرورة تأمين شبكة أمان تحمي البلد في هذه اللحظة التاريخية».

وأضاف «ندائي إلى كل اللبنانيين أن يقدموا مصلحة لبنان وسلامته وحماية السلم الأهلي ومنع التدهور الاقتصادي على أي أمر آخر. ولكل الشركاء في الحياة السياسية أقول: مسؤوليتنا اليوم هي كيف نحمي لبنان ونمنع وصول أي حريق إليه. مسؤوليتنا هي كيف ننهض بالاقتصاد، هناك فرصة جدية يجب ألا تضيع».

وقال الحريري: «استقالتي أضعها بتصرف فخامة الرئيس وكل اللبنانيين. المناصب تذهب وتأتي، المهم كرامة وسلامة البلد. وأنا أيضا أقول: (ما في حدا أكبر من بلدو)، حمى الله لبنان، حمى الله لبنان، عشتم وعاش لبنان».

واشنطن تدعو لبنان إلى «الإسراع» في تشكيل حكومة جديدة
الجيش يطلب من المحتجين فتح الطرق


بيروت: «الشرق الأوسط أونلاين»
دعت الولايات المتحدة لبنان إلى تشكيل حكومة جديدة بشكل عاجل، وذلك في بيان لوزير الخارجية مايك بومبيو، أوردته وكالة الأنباء الألمانية مساء أمس (الثلاثاء).

وقال بومبيو: «في ضوء استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، تدعو الولايات المتحدة قادة لبنان السياسيين إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة قادرة على بناء لبنان مستقر ومزدهر وآمن يستجيب لاحتياجات مواطنيه». وأضاف: «وجهت المظاهرات السلمية والتعبير عن الوحدة الوطنية على مدى الأيام الـ13 الماضية رسالة واضحة. الشعب اللبناني يريد حكومة فعالة وإصلاحا اقتصاديا ووضع حد للفساد المستشري». وتابع: «يجب أن يتوقف أي عنف أو أعمال استفزازية، وندعو الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية إلى مواصلة ضمان حقوق المحتجين وسلامتهم».

وجاء بيان بومبيو بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالة حكومته.

من جهة أخرى، دعا الجيش اللبناني اليوم (الأربعاء) المحتجين إلى فتح الطرق التي يقطعونها.

وقال الجيش في بيان، نشره على «تويتر»: «بعد التطورات السياسية الأخيرة، تطلب قيادة الجيش من جميع المتظاهرين المبادرة إلى فتح ما تبقَّى من طرق مقفلة لإعادة الحياة إلى طبيعتها ووصل جميع المناطق بعضها ببعض تنفيذاً للقانون والنظام العام». وأكد الجيش في الوقت نفسه «حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي المصان بموجب أحكام الدستور وبحمى القانون، وذلك في الساحات العامة فقط».

وكان المحتجون في الساحات اللبنانية قد أعربوا أمس عن ترحيبهم بخطوة استقالة الحريري، إلا أنهم أعلنوا بقاءهم في الشارع حتى استعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين.

ويشهد لبنان احتجاجات منذ السابع عشر من الشهر الجاري بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وللمطالبة بمكافحة الفساد وإسقاط النخبة السياسية.