التاريخ: تشرين الأول ٢٩, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
ممثلو النقابات المستقلة ينزلون إلى الشارع في الجزائر
الجزائر: بوعلام غمراسة
نزلت قيادات نقابية جزائرية، أمس، إلى الشوارع في أهم مدن البلاد، على أثر دعوة «كونفدرالية النقابات المستقلة»، لشن إضراب ليوم واحد، بدت آثاره على قطاع التعليم أكثر من القطاعات الأخرى. واستمر الصراع، أمس، بين نقابة القضاة ووزير العدل بلقاسم زغماتي، الذي أظهر تمسكاً برفض مطالب القضاة المضربين، خصوصاً العدول عن حركة نقل 3 آلاف منهم إلى أماكن عمل أخرى، أجراها الخميس الماضي، أثارت سخطهم.

ورفع النقابيون، الذين تجمعوا في «ساحة الشهداء» بوسط العاصمة، لافتات تحمل مطالب سياسية يرددها المتظاهرون في حراك الجمعة، ومظاهرات طلاب الجامعات كل يوم ثلاثاء، وتتمثل في تغيير النظام، ورفض انتخابات الرئاسة المقررة في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ومن بين الشعارات التي رددوها: «لا انتخابات مع نظام العصابات»، و«أكلتم البلاد يا السرَاقين». كما رفع المتظاهرون مطالبة مهنية خاصة بالأزمة الاقتصادية الناجمة عن انخفاض سعر النفط، التي نتج عنا تسريح مئات العمال من قطاعات الأشغال والبناء والنسيج.

وقال رشيد معلاوي رئيس «النقابة المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية» (عضو بالكونفدرالية)، لـ«الشرق الأوسط»، إن الإضراب «شهد استجابة واسعة في كثير من المناطق، أهمها وهران (غرب) وتيزي وزو (شرق) ومناطق كثيرة داخل البلاد، يعاني سكانها من تدهور خطير في القدرة الشرائية، وتطمينات الحكومة بخصوص تحسين أوضاعهم، لم تعد تقنعهم». وأشار إلى أن الإضراب بولاية بجاية (250 كلم شرق العاصمة)، شلَّ كل قطاعات النشاط الاقتصادي والخدمات. وكانت بجاية أول ولاية انتفضت ضد ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لولاية خامسة، فيما اندلعت الاحتجاجات الشعبية الكبيرة في وقت لاحق (يوم 22 فبراير/ شباط الماضي).

يُشار إلى أن «الكونفدرالية» تضم 13 نقابة «مستقلة» عن «الاتحاد العام للعمال الجزائريين» (النقابة المركزية)، الذي يساند سياسات الحكومة، وهي غير معترف بها من طرف وزارة العمل التي تقلل عادة من أهميتها ودرجة تمثيلها في عالم الشغل.

وواصل القضاة، أمس، بكل الجهات القضائية، إضرابهم لليوم الثاني، غير مبالين بتهديدات وزير العدل بلقاسم زغماتي، بفصلهم. وخرج القضاة العاملون بمحكمة الاستئناف بتيزي وزو إلى الشارع، وهذا للمرة الثانية منذ بداية الحراك الذي كان القضاة في صفوفه الأولى، إذ استنكروا «هيمنة السلطة التنفيذية على القضاء».

وأكد يسعد مبروك رئيس نقابة القضاة، لصحافيين بالعاصمة، أمس، أن نسبة نجاح الإضراب في يومه الثاني «بلغت 98 في المائة، ولن يتوقف حتى تتحقق كل المطالب»، وكان يشير خصوصاً إلى حركة التغييرات في المناصب وأماكن العمل، التي يعتبرها غالبية القضاة غير مناسبة لهم. وكان الوزير صرَّح بأنه عرض التغييرات على «المجلس الأعلى للقضاء»، المسؤول قانوناً على المسار المهني للقضاة، وأنه وافق عليها، فيما تقول النقابة إن ذلك لم يتم، وأعابت على زغماتي «تعامله بنرجسية مع القضاة».

وكتب وزير الثقافة والإعلام سابقاً، عبد العزيز رحابي، في حسابه بـ«فيسبوك»، أمس، أن «انتفاضة القضاة ضد هيمنة السلطة التنفيذية على القضاء، دفاعاً عن مسارهم المهني، كان متوقعاً، ويعتبر منعرجاً حاسماً في مواكبة الحراك الشعبي المبارك، الذي ينادي دون انقطاع بتحرير القضاء شرطاً لإرساء دولة القانون». ويرى رحابي أن «القضاة أمام فرصة لا تُعوض للحسم نهائياً، في إشكالية الفصل بين العدالة والسلطة التنفيذية البوتفليقية، التي وظفت العدالة في السياسة لتوفير الحصانة للفاسدين».