|
|
التاريخ: تشرين الأول ٢٩, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
حظر تجول في بغداد مع اتساع دائرة الاحتجاجات |
بغداد: فاضل النشمي لندن: «الشرق الأوسط»
بينما تتسع دائرة الاحتجاجات المطالبة بـ«إسقاط النظام» في العراق، قررت قيادة عمليات بغداد أمس، فرض حظر التجول في العاصمة العراقية.
وأعلنت قيادة عمليات بغداد عن فرض حظر تجول لمدة ست ساعات، من منتصف ليل الاثنين (21:00 ت.غ)، وحتى الساعة السادسة صباحاً (03:00 ت.غ). وقالت القيادة العسكرية في بيان، إن حظر التجول يشمل «الأشخاص، وسير المركبات، والدراجات النارية والهوائية، والعربات بمختلف أنواعها»، مشيرة إلى أنه سيستمر «حتى إشعار آخر».
وتتسع مع مرور الوقت دائرة الجهات والنقابات الملتحقة بالحراك الاحتجاجي المطالب بإقالة الحكومة، وإصلاح النظام السياسي المتهم بالفساد والمحاصصة وسوء الإدارة. وتزداد بوتيرة لافتة أعداد المواطنين من مختلف الفئات الاجتماعية الملتحقين بالاحتجاجات؛ خصوصاً في ساحة التحرير وسط بغداد، التي يصلها يومياً مئات الآلاف وعلى مدار اليوم، رغم القنابل الصوتية والقنابل المسيلة للدموع، التي تقوم القوات الأمنية المرابطة على جسر الجمهورية برميها على المتظاهرين بين دقيقة وأخرى، ما دفع لجنة حقوق الإنسان النيابية إلى رفض ما سمتها «الانتهاكات الجسيمة ضد المطالبين بحقوقهم السلمية».
وتكرر، أمس، لليوم الثاني على التوالي، خروج آلاف من طلبة الجامعات والمدارس بمظاهرات ووقفات احتجاجية في مختلف مناطق بغداد وبقية المحافظات. وخلافاً لأول من أمس، تعرض عدد غير قليل من الطلبة، وخصوصاً في ساحة النسور بجانب الكرخ، إلى اعتداءات من قبل الأجهزة الأمنية. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، هتف الطلاب: «لا مدارس، لا دوام، حتى يسقط النظام». ومن الهتافات التي أطلقت أيضاً: «إيران برا برا... بغداد تبقى حرة».
إلى ذلك، قال عضو مفوضية حقوق الإنسان، علي البياتي، إن «ما تعرض له طلبتنا اليوم في شوارع العراق انتهاك صارخ لكل الأعراف والقيم السماوية والأخلاقية والدولية والمحلية». وأضاف البياتي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «قوات مكافحة الشغب فرقت المتظاهرين في ساحتي التحرير والنسور والمناطق القريبة الأخرى، بالهراوات والغازات المسيلة للدموع، وأعداد من الطلبة تدخل المستشفيات بسبب الاختناق». وطالب البياتي «الادعاء العام بالتدخل، ومن خلال التوثيقات الموجودة في وسائل الإعلام، والتواصل لإحالة المسؤولين عن الانتهاكات إلى القضاء والمحاكم».
وبينما دعا الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق، أمس، الكوادر النقابية للتوجه إلى ساحة التحرير للمشاركة في المظاهرات. أعلنت نقابة المعلمين العراقيين، الإضراب العام لمدة أربعة أيام، تضامناً مع المتظاهرين، واحتجاجاً على ما قالت إنه «عنف غير مبرر» ضدهم.
وقالت النقابة في بيان، إن المجلس المركزي لنقابة المعلمين العراقيين عقد اجتماعاً طارئاً برئاسة نقيب المعلمين العراقيين عباس كاظم السوداني، وبحضور المعلمين رؤساء الفروع وأعضاء الهيئة الإدارية المركزية، لمناقشة الوضع الراهن في العراق. وأضاف أنه اتخذ مجموعة قرارات، من بينها «إعلان نقابة المعلمين العراقيين الإضراب العام لمدة أربعة أيام في جميع محافظات العراق، عدا إقليم كردستان». كما أعلنت نقابة المحامين إضراباً لمدة خمسة أيام.
وكانت محافظة بغداد قد نفت، أول من أمس، قيامها بإعفاء عدد من إدارات المدارس بسبب سماحهم بخروج الطلبة والمشاركة في المظاهرات. وأوضحت أن «المحافظ محمد جابر العطا تجول في عدد من مدارس العاصمة، ولم يتخذ أي إجراء أو إعداد قوائم بإعفاء إدارات المدارس، والأمر يقع ضمن نطاق مديري تربية بغداد». واعتبرت المحافظة أن «أي تعطيل سينعكس سلباً على العملية التربوية والمسيرة التعليمية للطلاب، لكونهم ملتزمين بتوقيتات وسقف زمني، سواء في إعطاء المحاضرات أو الامتحانات الشفوية والتحريرية».
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد لوح أول من أمس، بالقيام بإضرابات خاصة وعامة لإجبار الحكومة على الاستجابة لمطالب المتظاهرين، واتهم الحكومة بمحاولة زج «الحشد الشعبي» في التصدي للمتظاهرين، وطالب «الحشد» بعدم مناصرة الفاسدين وقمع الشعب.
بدورها، قالت لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، أمس، إن هناك انتهاكات جسيمة ضد المطالبين بحقوقهم السلمية، ولفتت إلى أن الحكومة لم تبادر حتى اليوم لإجراء إصلاحات حقيقية ترتقي إلى خطورة ما تواجهه العملية السياسية. وذكر رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية أرشد الصالحي، في مؤتمر صحافي مشترك مع أعضاء اللجنة عقد في مبنى البرلمان، أن «المتظاهرين يطالبون بحقوق وإصلاحات منتهكة منذ سنوات، وأن حقوق الإنسان لا تقتصر على الانتهاكات في السجون ومناطق النزاع فقط». وأضاف أن «متطلبات البنى التحتية افتقدها جميع العراقيين، لتخرج مظاهرات عارمة في كل المحافظات، واللجنة تتابع هذه التفاصيل، ولدينا تقارير منظمات مدنية ومفوضية حقوق الإنسان ومكاتب البرلمان في المحافظات والممثليات الدولية، وأن الرؤية الحكومية لا تزال غائبة، ولم نستمع لها حتى الآن، ولم نجد تعاوناً من الحكومة أيضاً».
وأكد الصالحي أن لجنة حقوق الإنسان «توثق تلك الانتهاكات، وتشدد على ضرورة محاسبة مستخدمي العنف والقنص ضد المطالبين بحقوقهم». وحمل الرئاسات الثلاث مسؤولية «عدم التعامل بجدية مع تداعيات المظاهرات الاحتجاجية، بمنطق المسؤولية التي تمليها عليهم تلك المواقع والرئاسات. وقادة الكتل ورؤساء اللجان لم يكونوا على مستوى الحدث والتحرك بما يرونه مناسباً».
إلى ذلك، أعلن مجلس القضاء الأعلى، أمس، أن محكمة تحقيق الحلة أصدرت أمر قبض بحق رئيس مجلس محافظة بابل. وقال المجلس في بيان، إن «ذلك جاء لتسببه في الاعتداء على أحد المتظاهرين الذي قدم الشكوى القانونية بحقه وفق القانون».
من ناحية ثانية، دعت «المنظمة العربية الأوروبية لحقوق الإنسان» المجتمع الدولي إلى وضع العراق تحت الحماية والوصاية الدولية. وقالت المنظمة في بيان، أمس، إنها «تطلق إنذاراً للمجتمع الدولي والدول صاحبة القرار في مجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان بعد الأحداث الدامية التي شهدتها المدن العراقية». وقالت إنها تطالب بـ«وضع العراق تحت الحماية والوصاية الدولية، وذلك بعد أن ثبت بالدليل القاطع وعلى لسان قائد شرطة البصرة الفريق رشيد فليح المقرب من النظام الإيراني توجيهه لعناصر الأمن والميليشيات الموالية لإيران بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين، واتهمهم بالخيانة والعمالة لدول إقليمية». وحسب بيان المنظمة، فقد «نفذ عناصر الأمن العراقي والميليشيات الموالية لإيران هذه التهديدات وقاموا بقتل المتظاهرين العراقيين عمداً في شوارع الديوانية وواسط والبصرة وذي قار وبابل، وغيرها من المدن العراقية».
البرلمان العراقي يصوت على أقوى حزمة إصلاحات منذ 2003
بغداد: «الشرق الأوسط»
في جلسة بقيت مفتوحة حتى وقت متأخر من مساء أمس الاثنين، صوت البرلمان العراقي على حزمة من القرارات والإجراءات، عدت هي الأقوى منذ عام 2003، بداية النظام السياسي الجديد في العراق. الجلسة التي تأخرت يومياً بسبب المخاوف من انتقال المظاهرات من ساحة التحرير إلى المنطقة الخضراء، عقدت أمس بحضور 222 نائباً من مجموع 329 نائباً، هم مجموع أعضاء البرلمان العراقي.
كتلة «سائرون» التي أعلنت تحولها إلى المعارضة، وبدأت اعتصاماً مفتوحاً داخل مبنى البرلمان منذ ثلاثة أيام، شاركت في الجلسة. كما شارك فيها النواب الستة الذين أعلنوا استقالاتهم من البرلمان، والذين ينتمون إلى كتل مختلفة.
ومن بين أهم القرارات التي تم اتخاذها: إلغاء مجالس المحافظات والمجالس البلدية في الأقضية والنواحي، وهو ما يعد أقوى ضربة للحكم المحلي في البلاد، الذي فشل في تأدية واجباته بعد تحوله من الخدمي إلى السياسي. كما قرر البرلمان تشكيل لجنة لتعديل الدستور العراقي. كما صوت على إلغاء امتيازات الرئاسات الثلاث والمناصب الكبرى في البلاد.
وفي الوقت الذي عد فيه سعد المطلبي عضو مجلس محافظة بغداد أن «قرارات البرلمان بشأن مجالس المحافظات ليست ملزمة وغير قانونية»، فإن عضو البرلمان عبد الله الخربيط وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قال إن «البرلمان هو بيت الشعب، وهو أعلى سلطة تشريعية في البلاد، وبالتالي فإن أي قانون يشرعه أو قرار يتخذه قانوني وملزم للحكومة، التي بات يتعين عليها تنفيذ كل ما يصدر عن البرلمان بسرعة».
المطلبي في مقابل ذلك قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مجالس المحافظات سوف تطعن في هذا القرار بالمحكمة الاتحادية، كونه لا يستند إلى أساس دستوري»، مبيناً أن «مجالس المحافظات دورها خدمي، وتقوم بواجباتها، وبالتالي فإن إلغاءها ليس حلاً»؛ لكن الخربيط يرى أن «مجالس المحافظات انتهت مدة عملها منذ سنوات، واستمرارها يعد مخالفة دستورية»، مبيناً أن «البرلمان عازم على الانسجام التام مع مطالب المتظاهرين المشروعة، وعلى صعيد كل المجالات والميادين». وأضاف أن «البرلمان سوف يبقى في حالة انعقاد حتى يأتي رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أو من يخوله، ومعه القوانين والإجراءات التي تريد الحكومة أن يكون لها غطاء قانوني، فضلاً عن التعديل الوزاري الذي ننتظره».
تأتي هذه القرارات والإجراءات في ظل تصاعد حدة المظاهرات والاحتجاجات في العاصمة بغداد، وعدد من المحافظات الوسطى والجنوبية من البلاد.
من جهته، أعلن سعد الحديثي، الناطق الرسمي باسم مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أن «رئيس الوزراء لديه قائمة بتغيير بعض الوزراء، سيتم تقديمها إلى البرلمان بمجرد عقده بنصاب قانوني».
وكان عبد المهدي قد أعلن في الـ24 من الشهر الجاري، في كلمة له إلى الشعب العراقي على خلفية المظاهرات الغاضبة، أنه «سيجري الأسبوع القادم تعديلات وزارية بعيداً عن مفاهيم المحاصصة، وتركز على الكفاءات واستقلالية الوزراء وحضور متزايد للمرأة والشباب».
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد قضت أمس الاثنين «بعدم خضوع توزيع المناصب وفق قرار المحاصصة» مؤكدة في بيان لها أن «قيام القوائم والكتل السياسية بالمطالبة بمناصب وكلاء الوزارات ورئاسة الهيئات والدرجات الخاصة في أجهزة الدولة وفق استحقاقها، لا سند له من الدستور». وأشارت المحكمة الاتحادية العليا إلى أن «السير خلاف ما نص عليه الدستور قد خلق ما يدعى بالمحاصصة السياسية في توزيع المناصب، وما نجم عن ذلك من سلبيات أثرت في مسارات الدولة، وفي غير الصالح العام».
إلى ذلك، دعت جبهة الإنقاذ والتنمية إلى أهمية الحفاظ على هيبة الدولة، بعيداً عن الحكومة أو مصالح القوى السياسية. الجبهة، وفي بيان لها تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، دعت الحكومة إلى «تقديم استقالتها، وتشكيل حكومة مؤقتة تضم شخصيات مقبولة وطنياً، ولا يشارك أعضاؤها في الانتخابات القادمة، ولا تزيد مدة بقائها على 6 أشهر». كما دعت الجبهة إلى «قيام الحكومة بإجراء انتخابات مبكرة، وبإشراف أممي وفق قانون جديد يضمن تمثيلاً حقيقياً للشعب، ويشجع على مشاركة واسعة، ومن قبل مفوضية جديدة مستقلة فعلاً». كما دعت إلى «اعتماد قانون انتخابي جديد يعتمد على الدوائر المتعددة، ويضمن الانتخاب المباشر للمحافظين من قبل الناخبين، مع إلغاء مجالس المحافظات». وطالبت بـ«إطلاق حملة وطنية لمراجعة وإصلاح النظام السياسي، بعد إخفاقه في إقناع الشعب، ومن دون تحديدات مسبقة»، بالإضافة إلى «إصلاح القضاء بما ينسجم مع طبيعة المرحلة، ومد القضاء بأسباب الفاعلية في حسم ما يقع ضمن اختصاصاته، والسيطرة على السلاح المنفلت خارج إطار الدولة». |
|