|
|
التاريخ: تشرين الأول ٢٨, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
تونس: «النهضة» تقترح «حكومة مصغّرة» |
حقوقيون يطالبون الرئيس الجديد بإلغاء «الطوارئ وعقوبة الإعدام» |
تونس: المنجي السعيداني
قال محمد القوماني، عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، لـ«الشرق الأوسط»، إن حزبه يدعم فكرة «حكومة مصغرة» يقلّ عدد أعضائها عن حكومة يوسف الشاهد، وتوكل إليها مهمة تنفيذ برامج حكومية محددة، وأن تكون هذه الحكومة مكونة من كفاءات حزبية وغير حزابية، وأن تضم وجوهاً جديدة قادرة على تنفيذ البرامج والأفكار الجديدة. وجاءت هذه الفكرة إثر سلسلة من اللقاءات التي قادها الرئيس التونسي قيس سعيد نهاية الأسبوع الماضي مع رؤساء الأحزاب المرشحة للمشاركة في الائتلاف الحكومي بهدف تقريب المواقف لتشكيل حكومة جديدة واستقباله راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» ونبيل القروي رئيس حزب «قلب تونس»، ومحمد عبو رئيس حزب «التيار الديمقراطي»، وزهير المغزاوي رئيس حركة «الشعب»، وسيف الدين مخلوف رئيس «ائتلاف الكرامة»، وسليم العزابي الأمين العام لحركة «تحيا تونس».
واعتبر القوماني أن درجة نجاح الحكومة المقبلة، التي تسعى حركة النهضة إلى تشكيلها مع عدد من الأحزاب السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، تعتمد على الأسماء التي ستنضم إلى الحكومة، مشيراً إلى أن الابتعاد عن الشبهات بالفساد والقبول لدى الأوساط السياسية والاجتماعية سيكون من بين المعايير الأساسية المعتمدة في اختيار الشخصيات المقبلة. ولم تتحدد ملامح الحكومة التونسية المرتقبة بعد أكثر من 3 أسابيع من إجراء الانتخابات البرلمانية.
ويرى مراقبون أن عدة مقترحات ما زالت مطروحة، وهي مرتبطة بما ستفضي إليه المشاورات والمقترحات حول نوع وشكل الحكومة، ومن بينها حكومة كفاءات حزبية أو حكومة كفاءات مستقلة أو ربما المزج بين المقترحين. وأكد القوماني من جديد تمسك حركة النهضة المطالبة دستورياً بتشكيل الحكومة، بتولي شخصية من قياداتها منصب الرئاسة، وقال إن هذه المسألة «غير قابلة للتفاوض»، خاصة بعد أن حسمت من قبل أعضاء مجلس الشورى، الذي يحظى بسلطة القرار داخل «النهضة».
وانتقد القوماني محاولة بعض الأطراف السياسية القفز فوق إحدى المراحل الدستورية وإعطاء الأولوية لـ«حكومة الرئيس» التي اقترحها حزب حركة الشعب (حزب قومي) على حساب المشاورات السياسية التي يقودها الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية، وعبّر عن اعتقاده أن هذا المقترح يمثل «ضعفاً على مستوى التعاطي السياسي الديمقراطي» مع نتائج تلك الانتخابات، إذ إن الدستور يسمح لحركة النهضة بتشكيل الحكومة. وعلى الرغم من قيادة حركة النهضة للمشاورات السياسية بحكم فوزها في الانتخابات البرلمانية، فإن عدة أطراف سياسية، من بينها حركة النهضة، تخشى وصول تلك المشاورات إلى نفق مسدود، وتلوّح بالمرور إلى انتخابات برلمانية مبكرة قد تكون نتائجها ضد الأحزاب الفائزة في الانتخابات الأخيرة.
وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المغامرة لإعادة الانتخابات قد تفضي إلى القضاء على عدد الأحزاب السياسية، وقد تؤدي إلى تقلص عدد المقاعد البرلمانية التي فازت بها حركة النهضة، البالغة 51 مقعداً، لكنها كذلك قد تؤدي إلى اندثار الأحزاب التي جاءت في المراتب الموالية، وتفتح الباب أمام صعود أطراف أو ائتلافات سياسية تنسب نفسها إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد. واعتبر العرفاوي أن خطط المفاوضات بين الأحزاب السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة كانت مغالية، من مختلف القيادات، إذ إن «النهضة» كان عليها عدم التمسك برئاسة الحكومة وتعيين شخصية من قياداتها لهذا المنصب، وهذا قد يعفيها من جزء كبير من المسؤولية عن عمل الحكومة المقبلة. كما أن بقية الشركاء السياسيين كان عليهم عدم الإفراط في الشروط وطلب حقائب وزارية بعينها للانضمام إلى الائتلاف الحاكم، قائلاً إن طبيعة المفاوضات والبحث عن الموقع السياسي هي التي قد تقف وراء تمسك كل طرف بشروطه.
حقوقيون يطالبون الرئيس الجديد بإلغاء «الطوارئ وعقوبة الإعدام»
قيس سعيد يُشدّد على «معيار الكفاءة» في تشكيل الحكومة خلال لقائه الغنوشي
تونس: المنجي السعيداني
بعد أيام قليلة من أدائه اليمين الدستورية، بدأ الرئيس التونسي المنتخب قيس سعيد يواجه ضغوطاً سياسية واجتماعية واقتصادية مختلفة، بعضها صادر عن الأحزاب السياسية التي تطالبه باستمرار بالتدخل لتقريب وجهات النظر المتضاربة بشأن تشكيل الحكومة الجديدة ووجود مخاوف من فشل المشاورات، ومن ثم التوجه إلى انتخابات برلمانية مبكرة، والبعض الآخر صادر عن بعض المنظمات الحقوقية التي تطالبه هي الأخرى بضرورة ضمان الحريات، وتتهم أنصاره بإطلاق تهديدات، والتلويح بمهاجمة قنوات تلفزيونية ومنظمات نقابية لمجرد أنها انتقدت السلطة المنبثقة عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة، حسب تعبيرها.
وفي هذا السياق، دعت منظمات حقوقية تونسية ودولية الرئيس الجديد إلى اتخاذ إجراءات سريعة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، ومن بينها إلغاء حالة الطوارئ المطبّقة في تونس منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، وتعليق عقوبة الإعدام لإثبات التزامه بحقوق الإنسان، حسب تعبير هذه المنظمات.
وأجمع كل من «مرصد الحقوق والحريات بتونس»، وهو مرصد حقوقي مستقل، وفرع «منظمة العفو الدولية» في تونس على ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام، التي لم تُنفذ في البلاد منذ تسعينات القرن الماضي، رغم استمرار القضاء في إصدار أحكام تقضي بالإعدام، وإخراج تونس من «حالة الطوارئ»، التي ألحقت أضراراً فادحة بحقوق الإنسان.
وفي هذا الشأن، قال أنور أولاد علي، رئيس «مرصد الحقوق والحريات» بتونس لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس المنتخب سعيد «وعد بإعلاء راية القانون، وعلى رأسه أحكام الدستور، والعمل على حماية حقوق التونسيين وحرياتهم المضمونة دستورياً، دون تمييز، وقد لاحظ المرصد تضرر آلاف التونسيين من حالة الطوارئ، التي ضيّقت الخناق عليهم، ومنعت الكثير من التمتع بحرية التنقل».
وأضاف أولاد علي موضحاً أن «حالة الطوارئ اتخذت ذريعة لانتهاك عدد من الحقوق، وتقييد الكثير من الحريات، ومن بينها تعطيل تنقل آلاف المواطنين بسبب الإجراءات الحدودية، أو وضع المئات منهم قيد الإقامة الإجبارية، وانتهاك حرمات المنازل والمعطيات الشخصية، دون إذن قضائي، إضافةً إلى تهديد حرية التعبير والتفكير والمعتقد، وقمع حرية التظاهر ونشاط الجمعيات بقرارات من الوالي (المحافظ)، أو بقرارات حكومية لا تكتسي صبغة دستورية».
كما طالب «المرصد» باستعادة الأطفال التونسيين العالقين في ظروف غير إنسانية داخل المعتقلات أو المخيمات السورية والليبية، خصوصاً بعد الأحداث الأخيرة التي عرفها البلدان المذكوران، والتي أصبحت تهدد بوقوعهم مجدداً في أيادي عصابات الإرهاب أو الاتجار بالبشر. مشدداً على ضرورة إطلاق حوار مجتمعي حول «آليات مكافحة الإرهاب والتطرف»، لكن دون المساس بالحقوق والحريات التي يكفلها الدستور التونسي.
في السياق ذاته، دعت «منظمة العفو الدولية» الرئيس الجديد إلى إعطاء الأولوية لخمسة إجراءات رئيسية، تروم تعزيز حقوق الإنسان، وتشمل الإسراع بوضع حد للانتهاكات التي تقترفها قوات الأمن، بما في ذلك الاستخدام التعسفي لإجراءات حالة الطوارئ، والالتزام بتنفيذ توصيات «هيئة العدالة الانتقالية»، خصوصاً في مجال المظالم المرتبطة بحقوق الإنسان، وانتخاب الأعضاء الباقين من المحكمة الدستورية، علاوةً على الإبقاء على التعليق الاختياري لعقوبة الإعدام في حال عدم إلغائها. في غضون ذلك، استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد مساء أول من أمس، في قصر قرطاج راشد الغنوشي، رئيس حزب حركة النهضة.
وأفاد راشد الغنوشي بأن اللقاء مثّل مناسبة جدّد فيها تهانيه للرئيس المنتخب على ما حظي به من تفويض كبير من الناخبين التونسيين، مؤكّدا أهميّة هذه الشرعيّة الواسعة في جمع كلمة التونسيين وإعطاء مزيد من الأمل للشباب.
وأوضح الغنوشي أنّه أطلع رئيس الدولة على النتائج الأولية للمباحثات التي أجراها حزب حركة النهضة مع عدد من الأحزاب والمنظمات الوطنيّة في إطار تكوين الحكومة الجديدة، بالإضافة إلى سبل دعم العلاقات في الفضاء المغاربي، وتعزيز دور تونس في تحقيق السلام في ليبيا.
من جانبه، جدّد رئيس الدولة تأكيد دوره الجامع لكلّ التونسيين، والضامن لوحدتهم خدمةً للمصلحة الوطنية، كما شدّد على أهمية اعتماد معيار الكفاءة في تكوين الحكومة الجديدة، وتقديم برنامج في مستوى طموحات التونسيين، بعيداً عن كل المحاصصات الحزبيّة. |
|