|
|
التاريخ: تشرين الأول ٢٢, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
«النهضة» تبدأ مشاورات «عسيرة» لتشكيل الحكومة التونسية |
الأحزاب المرشحة للمشاركة في الائتلاف ترفع سقف شروطها |
تونس: المنجي السعيداني
مع انطلاق حركة «النهضة» التونسية، أمس، في مشاوراتها الرسمية لتشكيل الحكومة المنبثقة عن الانتخابات البرلمانية التي أُجريت الشهر الحالي، رفع معظم الأحزاب المرشحة للمشاركة في الائتلاف الحاكم المقبل من سقف شروطها.
وتمسكت «النهضة» في بيان بعد اجتماع «مجلس الشورى» التابع لها، بأن يكون رئيس الحكومة من بين قياداتها. وقال رئيس المجلس عبد الكريم الهاروني، إن أعضاء المجلس أجمعوا على أن يكون رئيس الحكومة من الحركة، معتبراً أن «هذا الأمر لا يخضع للتفاوض، فمن حق الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية أن يقود الحكومة وأن يشكلها على أساس برنامج يضبطه الشركاء السياسيون».
واشترط حزب «التيار الديمقراطي» الفائز بـ22 مقعداً برلمانياً، الحصول على ثلاث حقائب وزارية، وهي الداخلية والعدل والإصلاح الإداري، للمشاركة في حكومة بقيادة «النهضة». وأشارت مصادر من الحزب إلى أن طموح رئيسه محمد عبو «يتجاوز هذه الحقائب الوزارية إلى رئاسة الحكومة المقبلة».
وقال القيادي في «التيار الديمقراطي» محمد الحامدي، إن «اختيار حركة النهضة وتمسكها برئاسة الحكومة المقبلة مجرد تكتيك تنتهجه قيادات هذا الحزب في إطار التفاوض المتواصل مع بقية الشركاء السياسيين». واعتبر أن «تمسك حزب التيار الديمقراطي بهذه الشروط يعد تمسكاً بخريطة طريق تجبر الحكومة على تنفيذها». وأشار إلى «استعداد التيار الديمقراطي للمشاركة في الحكومة، لكنه يشترط برنامجاً واضح المعالم قادراً على إخراج تونس من أزماتها الاقتصادية والاجتماعية».
وأكد رئيس حزب «حركة الشعب» القومي الفائز بـ16مقعداً برلمانياً زهير المغزاوي، أن المجلس الوطني للحزب ناقش في اجتماع الأحد الماضي الوضع السياسي في تونس وتشكيل الحكومة الجديدة على ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، «واعتبر أن الموقف المبدئي للحركة هو المشاركة في الحكومة التي تسعى حركة النهضة لتشكيلها».
غير أنه أشار إلى «وجود عدد من المطالب الاجتماعية الملحة التي يسعى الحزب للاتفاق بشأنها، وهي على وجه الخصوص إيجاد حلول مجدية للملفات الاجتماعية العالقة عبر مكافحة البطالة وإصلاح قطاعي الصحة والتعليم». ودعا «النهضة» إلى «التماهي مع هذه المطالب والتنازل من أجل تحقيقها».
وأوضح أن «هناك ثلاثة محاور أساسية تعمل حركة الشعب على تحقيقها، وتتمثل في الملف الأمني ومكافحة الإرهاب، وفتح ملف الاغتيالات السياسية التي جدّت سنة 2013 (اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد والبرلماني محمد البراهمي مؤسس حزب التيار الشعبي)، علاوة على القطع مع الإملاءات الخارجية»، في إشارة إلى توصيات صندوق النقد الدولي وشروطه. وأكد أن حزبه «لن يشارك في حكومة تونسية تعتمد مبدأ المحاصصة الحزبية، بل على أساس برامج وأهداف محددة».
وأظهرت تصريحات متواترة لقيادات «حركة الشعب» أن هذا الحزب كان يدفع نحو اقتراح رئيس الجمهورية المنتخب قيس سعيد مرشحاً لرئاسة الحكومة، فيما بات يُعرف في تونس بـ«حكومة الرئيس»، وهذا الخيار السياسي يُطرح خصوصاً في حال فشل «النهضة» صاحبة الأكثرية البرلمانية في تشكيل ائتلاف سياسي حاكم.
كانت «حركة الشعب» قد وعدت خلال حملتها الانتخابية الماضية، بتمكين الصافي سعيد، المرشح السابق للرئاسة، من رئاسة الحكومة في حال نجاحها في الانتخابات البرلمانية، وهو ما تعمل على تنفيذه في حال فشل «النهضة» في تشكيل الحكومة، وبالتالي اقتراح الصافي سعيد على رئيس الجمهورية.
ويرى مراقبون أن الأحزاب المرشحة للانضمام إلى الائتلاف تدرك صعوبة مهمة حركة النهضة في تشكيل الحكومة، في ظل تشتت نتائج الانتخابات البرلمانية وشبح الفشل في ضمان الأغلبية المطلقة المقدرة بـ109 أصوات من إجمالي 217 لحصول الحكومة على ثقة البرلمان. ومن ثم تسعى تلك الأحزاب إلى فرض شروطها على «النهضة» الموجودة في زاوية صعبة.
غير أن «النهضة» تعتمد في تفاوضها في المقابل على التلويح بالعودة إلى الناخبين وتنظيم انتخابات برلمانية مبكرة تعتقد أنها قد تمنحها تفويضاً شعبياً أكبر لتصدّر المشهد السياسي، وكذلك التمسك برئاسة الحكومة المقبلة إلى آخر رمق في انتظار تراجع الأحزاب المرشحة للمشاركة في الائتلاف عن بعض شروطها مقابل سحب شرط رئاسة الحكومة. |
|