|
|
التاريخ: تشرين الأول ١٣, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
الجزائر: المحامون يصعّدون لهجتهم ضد السلطات احتجاجاً على سجن «نشطاء الحراك» |
أعلنوا عن تنظيم مظاهرة كبيرة رفضاً لقانون المحروقات الجديد |
الجزائر: بوعلام غمراسة
أغلق مئات المتظاهرين بمدينة شرق الجزائر، أمس، مكتب الانتخابات بمنطقتهم إيذانا بالتصعيد ضد مسعى السلطات تنظيم الرئاسية المقررة في 12 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وفي غضون ذلك أعلن «اتحاد المحامين الجزائريين» عن تنظيم مظاهرة كبيرة بالعاصمة في 24 من الشهر الجاري، احتجاجا على سجن العشرات من معتقلي الحراك، ورفضا لقانون المحروقات الجديد، الذي يمنح امتيازات وتسهيلات هامة لشركات النفط العالمية في مجال إنتاج النفط واستغلاله.
وشهدت مدينة خرَاطة (250 كلم شرق العاصمة) مظاهرة حاشدة، شارك فيها قطاع واسع من سكان المنطقة، حيث دخلوا إلى مقر بلديتهم، وأغلقوا «مكتب الانتخاب» بألواح من الخشب، ودقوا عليه المسامير. وهو تصرف يعكس رفضا حادا من جانبهم لمراجعة لائحة الناخبين، وهي عملية تجري عشية كل اقتراع، ويعني أيضا أنهم لا يريدون أن يتم الانتخاب المرتقب نهاية العام الجاري.
وجابت المظاهرات الشوارع الرئيسية لخرَاطة، التي لها رمزية خاصة لدى الجزائريين، حيث عاشت في الثامن من مايو (أيار) 1945 مجزرة رهيبة، ارتكبها البوليس الاستعماري ضد آلاف المتظاهرين، بعد أن طالبوا الحلفاء بالوفاء بوعودهم بخصوص منح الاستقلال لمستعمراتهم في أفريقيا، في حال هزيمة النازية في الحرب العالمية الثانية.
وندد الغاضبون باعتقال العشرات من نشطاء الحراك وسجنهم، وطالبوا بالإفراج عنهم. كما هاجموا المترشحين للانتخابات، وهددوهم بالطرد إن جاءوا إلى مدينتهم خلال الحملة الانتخابية.
واللافت أنه لا أحد ممن سحبوا أوراق الترشح (فاق عددهم 130) من «سلطة الانتخاب»، نزل إلى الحراك لمحاولة إقناع المتظاهرين، يوم الثلاثاء (مظاهرات طلبة الجامعات) والجمعة، بتغيير موقفهم السلبي من الانتخاب. وهو ما يعكس خوفا من تعرض محتمل لاعتداء، لأن كل المحتجين ناقمون على الاستحقاق.
من جهته، أعلن «الاتحاد الوطني للمحامين» (يضم 5 آلاف محام)، عن تنظيم مظاهرات بالعاصمة في 24 من الشهر الجاري. وقال رئيسه أحمد ساعي في ختام اجتماع لقيادته، أمس، بأنه يندد بـ«كل أشكال التعدي على حرية التعبير والتضييق عليها، وعلى حرية التظاهر السياسي وحرية التنقل». مستنكرا الاعتقالات «التي طالت المتظاهرين السلميين»، وعدها «خرقا للحقوق والحريات الدستورية والمواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر». كما دان «أشكال العنف والتعدي الممارسة ضد المسيرة السلمية للطلبة». في إشارة إلى مظاهرات الثلاثاء الماضي.
وطالب اتحاد المحامين بـ«الإفراج عن جميع معتقلي الرأي فورا»، منددا بـ«العراقيل التي يواجهها المحامون أثناء أداء مهامهم للدفاع عن المعتقلين». كما ناشد القضاة «باعتبارهم سلطة مستقلة ألا يخضعوا إلا للقانون وضمائرهم عند معالجتهم القضايا المعروضة عليهم».
كما طالب المحامون بسحب قانون المحروقات المثير للجدل، وتأجيل الفصل فيه، «ريثما يتم تشكيل حكومة شرعية، بدل الحكومة الحالية المكلفة تصريف الأعمال فقط».
وتضمنت مراجعة قانون المحروقات، الذي سيعرض اليوم على مجلس الوزراء للمصادقة، تسهيلات للشركات النفطية العالمية، تتمثل في تقاسم الإنتاج أساسا. ويهدف هذا المسعى إلى استقطاب الاستثمارات في ميدان المحروقات، بالنظر لتراجع الإنتاج في المدة الأخيرة. علما بأن تصدير الغاز والبترول ويمثل 98 في المائة من مداخيل البلاد من العملة الصعبة.
وأكد الناشط السياسي محمد أرزقي فراد، بهذا الخصوص، أن الجزائريين يرفضون هذا القانون، «لأسباب موضوعية وقانونية لأن مهام الحكومة الحالية تنحصر في تصريف الأعمال الجارية ليس إلاّ، ولا يسمح لها الدستور باتخاذ قرارات خطيرة ترهن مستقبل الجزائر».
وقال أرزقي إن «إصرار السلطة الفعلية على تمرير هذا القانون بطريقة خارقة للدستور، مؤشر قوي على سوء نيتها، التي لا تحمل إلاّ تفسيرا واحدا، وهو الرغبة في تقديم هذا القانون كرشوة للشركات الأجنبية، حتى تزكي الدول الكبرى السياسة الخرقاء، التي يمارسها كبراء السلطة ضد شعبهم، ومن ثم السكوت عن مهزلة الانتخابات المقررة ليوم 12 ديسمبر (كانون الأول)، دون حوار، ودون توافق مع نخب المجتمع وجماهيره».
وأضاف أرزقي موضحا: «لقد دعا المواطنون بعضهم البعض إلى المشاركة في وقفة سلمية أمام البرلمان يوم الأحد (اليوم)، للتعبير عن رفضهم لهذا القانون، الذي سيجعل خزينة الجزائر تخسر أموالا طائلة كعائدات للرسوم الضرائب. فضلا عن كون المشروع إسفينا موجعا في قلب السيادة الجزائرية، التي استرجعها الشعب بالنفس والنفيس». |
|