| | التاريخ: أيلول ٢٠, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | الهجوم على "أرامكو" كشف هشاشة المنشآت النفطية ما هي خيارات السعودية؟ | موناليزا فريحة
كشف الهجوم الاخير على منشآت شركة "أرامكو" هشاشة البنى التحتية النفطية أمام سلاح الطائرات المسيرة الذي بات يستخدم على نطاق واسع في حروب الشرق الأوسط، وأهمية البحث عن رادع سياسي وعسكري لمنع تكرار مثل هذا الهجوم الذي تجاوز تهديداته المدمرة الحجر والبشر، إلى الاقتصاد العالمي وامدادات الطاقة.
في الاشهر الأخيرة، استخدم الحوثيون هذا النوع من السلاح الجوي مع صواريخ لاستهداف مطارات سعودية ومصانع لتحلية المياه ومنشآت النفط الخام، وهو ما دفع هيئات حكومية خليجية عدة الى البحث عن أنظمة دفاعية مناسبة لهذا النوع من التهديد الجديد.
لكن تعقيد الهجوم الاخير على بقيق وخريص وحجمه ونوع الاسلحة التي استخدمت فيه دفعت واشنطن وبعدها الرياض الى الاعلان أن دولة، وتحديداً ايران، تقف وراءه، وأن الحوثيين الذين تبنوه ليسوا الا واجهة للتضليل.
وعرضت وزارة الدفاع السعودية الأربعاء الأسلحة التي استخدمت في الهجوم السبت الماضي. وتحدث الناطق باسمها العقيد الركن تركي المالكي عن "استخدام 25 طائرة مسيرة - من طراز "دلتا - ورينغ" - وصاروخ كروز "يا علي" الذي تملكه إيران"، موضحاً أن ثلاثة صواريخ "كروز" لم تصب أهدافها، كانت متجهة من الشمال إلى الجنوب.
الواضح أن هذا السلاح الرخيص (الطائرات المسيرة) الذي يستطيع التملص بسهولة من أنظمة الانذار الجوي، يشكل تحدياً دفاعياً جديداً لكبرى الدول المصدرة للنفط في العالم، ودول أخرى في المنطقة. ويبدو الشرق الأوسط معرضاً لهجمات كهذا أكثر من غيره لأسباب عدة.
وقال أيان تالي الذي يكتب عن العقوبات وتمويل الإرهاب والتمويل العالمي غير القانوني في "الوول ستريت جورنال" إن المنطقة تضم الكثير من الاصول الاقتصادية المركزية الحيوية. وأوضح أن انتاج النفط وتكريره ونقله من المنطقة وعبرها مركّزة في مناطق محددة، ومع الحجم الكبير للمنشآت النفطية، يصير الأمر أكثر خطورة. وأضاف أن لا حكومات الشرق الأوسط ولا الولايات المتحدة تملك حاليًا أنظمة الدفاع الضرورية لحماية كل تلك البنية التحتية من مجموعة واسعة من التهديدات في المنطقة.
الأهداف السهلة
وفي الحرب التي تشنها ايران مباشرة أو عبر وكلاء، تصير المنشآت النفطية هدفاً مفضلاً نظراً الى صعوبة تحصينها.
ولاحظ المستشار الإعلامي السعودي الرئيس التنفيذي لـ"الطارق للإعلام" سلطان البازعي أن "العمل الذي يتخذ طابعاً ارهابياً يبحث عن الأهداف السهلة التي لا يكون تحصينها سهلاً"، و"عادة تكون المنشآت النفطية أماكن مكشوفة ويكون استهدافها في مثل هذه الحروب سهلاً".
وأشار إلى أن الصواريخ العابرة والطائرات المسيرة تحتاج إلى دفاعات جوية مختلفة عن الدفاعات التقليدية.
وقد تسبب الهجوم بوقف نصف الانتاج النفطي السعودي، وأظهر هشاشة البنى التحتية للطاقة في المنطقة أمام ضربات من دول ومجموعات معادية، وهو ما يشكل خطراً على ثلثي الانتاج النفطي لمنظمة البلدان المصدرة للنفط"أوبيك"، وبشجع المعتدين على اعادة الكرة.
ويقول خبراء في قطاعي الامن والنفط أن نشر بطاريات صواريخ "باتريوت" أرض - جو الأميركية في السعودية لا يجنب المملكة هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ العابرة.
وكان رئيس مركز "الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري – انيغما" رياض قهوجي إلى "النهار" أن نظام "باتريوت" الذي تنشره السعودية مصمم لمواجهة تهديدات من صواريخ مثل هذه التي تحلق على علو شاهق.
وتحدث عن استراتيجيات جديدة يمكن أن تعزز حماية البنية التحتية النفطية، ولكن لا يمكن نشر عدد كبير منها قبل سنوات، أو يمكن أن يكون استخدامها معقداً بسبب المخاطر المرتبطة بها.
في المقابل، قال الباحث في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية توماس كاراكو إن نظام "أس 400" الروسي المضاد للطائرات قادر نظرياً على تأمين تغطية دفاعية على 360 درجة (مقابل 120 درجة لـ"باتريوت") ويمكن أن يكون فعالاً في مواجهة الطائرات من دون طيار والصواريخ الإيرانية، لكنه لم يختبر في معركة، مما يجعله رهانًا خطراً. إلى ذلك، ينص القانون الأميركي على فرض عقوبات على الحكومات التي تشتري مثل هذا النظام الروسي.
وبينما امتنعت السعودية حتى الآن عن أي رد فعل على الهجوم الذي استهدف منشآتها النفطية، أفاد البازعي أن هناك تحضيرات لرد لن يكون بالضرورة عسكرياً، مشيراً إلى جهود لاستصدار قرار دولي بادانة هذا الهجوم تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
ورجّح المستشار السعودي ألا تنجر الرياض الى رد فعل سريع على رغم استهداف منشآتها، قائلاً: "تريد ايران مخرجاً تراه في حرب شاملة لتقديم نفسها أمام مواطنيها دولة معتدى عليها. وهي فسرت خطأ كلام ولي العهد الامير محمد بن سلمان بأن السعودية لن تنتظر وصول الحرب الى أراضيها. اعتبروا ذلك تمهيداً لرد فعل عنيف وغير مسؤول".
وأعلنت الرياض الأربعاء الانضمام إلى التحالف الدولي لأمن الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية، الذي يهدف الى مساندة الجهود الإقليمية والدولية لردع ومواجهة تهديدات الملاحة البحرية والتجارة العالمية، وضمان أمن الطاقة العالمي، واستمرار تدفق إمدادات الطاقة للاقتصاد العالمي.
وأضاف البازعي أنه يمكن اتخاذ اجراءات اضافية في حق إيران كتكثيف الحصار الاقتصادي، وصولاً الى احتمال الرد العسكري ضمن سياق دولي.
وتجري واشنطن مشاورات مع الرياض وحلفائها الآخرين في منطقة الخليج في شأن الرد المحتمل على ما وصفه وزير الخارجية مايك بومبيو بأنه عمل من أعمال الحرب استهدف المملكة.
وأرسلت الامم المتحدة فريقاً الى السعودية للتحقيق في الهجوم. | |
|