| | التاريخ: أيلول ١٦, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | ضرب "أرامكو" يهزّ الأسواق ويزيد مخاطر النزاع مع إيران | بعث الهجوم الذي تبناه المتمردون الحوثيون في اليمن، على منشأتي بقيق وخريص التابعتين لشركة "أرامكو" السعودية العملاقة للنفط، المخاوف من توسع النزاع الاقليمي مع إيران من جهة، ومن ارتفاع حاد لأسعار النفط العالمية، نظراً إلى إنخفاض مستوى صادرات المملكة من النفط بواقع خمسة ملايين برميل يومياً، أي ما يربو على خمسة في المئة من الامدادات العالمية، من جهة أخرى.
ووقت سارعت السعودية والولايات المتحدة الى ابداء الاستعداد لتزويد السوق العالمية من المخزون النفطي للدولتين للحد من أي ارتفاع للأسعار وإستيعاب أي أزمة في الإمدادات العالمية، كانت الشبهات تثار حول المكان الذي انطلقت منه الطائرات المسيرة التي قال الحوثيون، إنهم استخدموا عشراً منها في قصف المنشأتين النفطيتين السعوديتين. وقد شككت واشنطن في إنطلاق الطائرات من اليمن، بينما بثت وسائل إعلام أميركية أن الطائرات أو الصواريخ المستخدمة، إنطلقت إما من العراق وإما من إيران. لكن بغداد وطهران نفتا ذلك.
وفي ظل تنديد عربي ودولي واسعين بالهجوم وتأكيد السعودية استعدادها للتصدي لـ"العدوان الإرهابي"، وواشنطن وقوفها إلى جانب الرياض في حال تعرضها لهجوم ايراني، أبقى البيت الابيض الباب مفتوحاً أمام عقد لقاء قمة للرئيس دونالد ترامب والرئيس الايراني حسن روحاني على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي ستبدأ أعمالها الأسبوع المقبل، بينما حذّرت إيران من أنها مستعدة للحرب وانها قد وجهت صواريخها إلى القواعد الأميركية في المنطقة.
إجراءات سعودية
وأمس، تراجعت الأسهم السعودية مع تحمل قطاعي المصارف والبتروكيماويات الضرر الأكبر. وأقفل مؤشر البورصة السعودية منخفضاً 1.1 في المئة، ليتراجع للجلسة الرابعة، مع نزول أسهم مصرف الراجحي بنسبة 1.2 في المئة والشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك" 2.6 في المئة.
ووقت تراقب الأسواق عن كثب مدى قدرة المملكة، التي تعد أكبر مصدّر للنفط في العالم، على إعادة هذا القطاع إلى مساره الطبيعي، أفاد الرئيس التنفيذي لـ"أرامكو" أمين ناصر أن العمل جار لمعاودة الإنتاج بطاقته الكاملة.
وقال وزير الطاقة السعودي الجديد الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن المملكة ستلجأ الى منشآتها الضخمة لتخزين النفط المخصصة لأوقات الأزمات لتعويض الانخفاض الذي طرأ على الإنتاج.
ومعلوم أن الرياض بنت خمس منشآت تخزين ضخمة تحت الأرض في مناطق عدة من المملكة قادرة على استيعاب عشرات ملايين البراميل من المنتجات النفطية المكررة على أنواعها.
كذلك قالت الولايات المتحدة إنها مستعدة لاستخدام الاحتياط النفطي الأميركي الطارئ إذ لزم الأمر لتعويض أي تعطل في أسواق النفط نتيجة الهجوم.
ويبلغ الاحتياط الأميركي، وهو الأكبر من نوعه في العالم، نحو 645 مليون برميل من النفط، استناداً الى الموقع الإلكتروني الرسمي، ويتألف من 395 مليون برميل من الخام الثقيل العالي الكبريت و250 مليون برميل من الخام الأميركي الخفيف.
وأشارت معلومات الحكومة الأميركية الى تعرض 15 مبنى لأضرار في غرب وشمال غرب بقيق بقيقها.
وأبلغ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الرئيس الاميركي دونالد ترامب في اتصال هاتفي السبت أن الرياض مستعدة وقادرة على التعامل مع "العدوان الإرهابي".
شبح المئة دولار للبرميل
وتوقع متعاملون ومحللون أن تشهد سوق النفط ارتفاعاً للأسعار يراوح بين خمسة وعشرة دولارات للبرميل عندما تعاود نشاطها اليوم وربما قفزت الأسعار إلى 100 دولار للبرميل إذا لم تعاود السعودية سريعاً الإمدادات التي تعطلت السبت نتيجة الهجوم.
وقالت مصادر في الصناعة إن إعادة الإنتاج الى مستواه بالكامل قد يستغرق أسابيع.
وأوضح المحلل في شركة "رابيدان إنرجي"، بوب مكنالي، أن أسعار النفط الخام سترتفع بما لا يقل عن 15-20 دولاراً للبرميل في سيناريو اضطراب يستمر سبعة أيام، كما وسترتفع الى أكثر من 100 دولار في سيناريو يستمر 30 يوما. وقال إن "هذا لا يشمل ما يرجح أن يكون علاوات كبيرة بما يعكس استنفاد الطاقة الإنتاجية الفائضة العالمية وسط مخاطر تعطل مستمرة وعمليات تخزين ومشاعر فزع".
ورجّح الرئيس التنفيذي المشارك لشركة "أونيكس" للسلع الأولية غريغ نيومان، ارتفاع أسعار مزيج برنت في المعاملات الآجلة دولارين للبرميل، وأن تقفل الأسعار في نهاية معاملات اليوم على ارتفاع بين سبعة وعشرة دولارات للبرميل. ورأى أن من المحتمل أن تشهد السوق عودة إلى سعر 100 دولار للبرميل إذا لم يمكن حل المشكلة في الأجل القريب.
وقال تيلاك دوشي من شركة "ميوز أند ستانسيل": "في عالم النفط ربما عادل هذا الهجوم هجمات 11 أيلول... فبقيق بلا جدال هي أهم مواقع البنية التحتية في العالم لإنتاج النفط ومعالجته...وهذا يضع حروب إيران بالوكالة في المنطقة تماماً في بؤرة المخاوف الأمنية بالشرق الأوسط".
واشنطن تتهم ايران
وصرح وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو، بأن لا دليل على أن الهجوم انطلق من اليمن. وقال: "وسط كل تلك الدعوات لوقف التصعيد تشن إيران الآن هجوماً غير مسبوق على إمدادات الطاقة العالمية".
وتردد في وسائل التواصل الاجتماعي، أن الهجوم انطلق من العراق أو إيران. وبينما تحدث الناطق الرسمي باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن العقيد تركي المالكي عن استمرار تحقيقات قيادة القوات المشتركة للتحالف لمعرفة الجهات المسؤولة عن التخطيط والتنفيذ لـ"الهجوم الإرهابي"، أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" الاميركية أن مسؤولين سعوديين وأميركيين يحققون في احتمال أن تكون الهجمات على المنشآت السعودية تمت بصواريخ عابرة أطلقت من العراق إيران. ونسبت إلى مصادر أن السعوديين ليسوا متأكدين من أن الهجوم انطلق من اليمن، وكانوا يناقشون السبت احتمال أن يكون الهجوم قد جاء من الشمال.
وكانت الصحيفة نفسها نسبت إلى مسؤولين أميركيين أن هجوماً حصل في أيار على خط رئيسي لأنانبيب النفط يمتد مئات الكيلومترات في السعودية انطلق من العراق وليس من اليمن كما كان يعتقد سابقاً.
ايران تنفي
لكن الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي قال في بيان إن "هذه الاتهامات ووجهات النظر (الأميركية) الباطلة وغير اللائقة تأتي في سياق ديبلوماسي غير مفهوم ولا معنى له". وأضاف إن "الأميركيين اتبعوا سياسة +الضغوط القصوى+ وعلى ما يبدو تحولوا بسبب اخفاقاتهم الى اعتماد أقصى قدر من الأكاذيب".
وفي تصريحات نُشرت الأحد، قال قائد قوات الجو-فضاء التابعة للحرس الثوري الإيراني البريغادير أمير علي حاجي زاده إن "جميع القواعد الأميركية وسفنها البحرية المستقرة على بعد ألفي كيلومتر هي في مرمى صواريخنا". ونقلت عنه وكالة "تسنيم" للأنباء القريبة من الحرس الثوري: "لا نحن ولا الأميركيون ننوي القيام بأي حرب".
لكنه استدرك قائلاً:"بالطبع بعض القوات التي تتواجه في الميدان يمكن أن تقوم بشيء ما، إذاً يمكن أن تنشب حرب". وأكد أنه "نعدّ أنفسنا دائماً لحرب شاملة".
وفي بغداد، قال مكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في بيان إن "العراق ينفي ما تداولته بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن استخدام اراضيه لمهاجمة منشآت نفطيّة سعوديّة بالطائرات المُسيّرة". وأضاف ان العراق "يؤكد التزامه الدستوري لمنع استخدام أراضيه للعدوان على جواره وأشقائه وأصدقائه"، مشيراً الى أن "الحكومة العراقية ستتعامل بحزم ضد كل من يحاول إنتهاك الدستور".
الى ذلك، قالت الحكومة الكويتية إن السلطات تحقق في تقارير عن مشاهدة طائرة مسيرة فوق أراضي البلاد، وتنسق مع السعودية ودول صديقة أخرى بعد الهجوم على منشأتين نفطيتين في المملكة. | |
|