التاريخ: أيلول ١٢, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الأمم المتحدة تطلب أجوبة من روسيا حول قصف مستشفيات في سوريا
الضربات الجوية لليوم الثاني تهدد هدنة شمال غربي سوريا
جنيف - لندن - الأمم المتحدة: «الشرق الأوسط»
أعلن مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، أنه طلب استيضاحات من روسيا حول كيفية استخدامها للبيانات المتعلقة بمواقع العيادات والمستشفيات السورية، بعد سلسلة من الهجمات على منشآت طبية، بينما قال محققون تابعون للأمم المتحدة، أمس الأربعاء، إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة نفذ ضربات جوية في سوريا، أوقعت خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين، ما يشير إلى تجاهل توجيه التحذيرات المسبقة اللازمة، واحتمال ارتكاب جرائم حرب.

وأبلغ وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، مجلس الأمن الدولي، أنه «ليس متأكداً» من أن المستشفيات التي تتشارك بإحداثيات مواقعها ضمن نظام الأمم المتحدة لـ«فض النزاع» ستكون خاضعة للحماية.

ووفقاً للأمم المتحدة، تعرّض أكثر من 23 مستشفى لضربات، منذ أن شنت القوات السورية المدعومة من روسيا أواخر أبريل (نيسان) هجوماً في منطقة إدلب، التي يسيطر عليها المتشددون. وفي 20 يونيو (حزيران) أصيبت سيارة إسعاف تنقل امرأة مصابة في جنوب إدلب، ما أدى إلى مقتل المرأة وثلاثة مسعفين.

ونقلت «رويترز» عن لوكوك، قوله لمجلس الأمن: «لقد كتبت إلى الاتحاد الروسي لطلب معلومات حول كيفية استخدام التفاصيل التي يتم تزويدهم بها من خلال آلية فض النزاع». ونفت روسيا بشدة أن تكون حملة القصف قد استهدفت مستشفيات في منطقة إدلب، وهي تصر على أن العملية العسكرية تهدف إلى طرد «الإرهابيين» من المنطقة التي تغطيها اتفاقية خفض التصعيد، التي تم التوصل إليها العام الماضي بين روسيا وإيران وتركيا.

في شأن متصل، جاء في تقرير للجنة الأمم المتحدة للتحقيق المعنية بسوريا، أن طائرات الحكومة السورية وحلفائها الروس، تشن أيضاً حملة دموية تستهدف على نحو ممنهج، فيما يبدو، المنشآت الطبية والمدارس والأسواق والمزارع، مما قد يصل أيضاً إلى حد جرائم الحرب.

كما اتهم المحققون أيضاً «هيئة تحرير الشام»، (وهي تحالف لجماعات متشددة يعرف بـ(جبهة النصرة) وأبرز الجماعات المسلحة في إدلب حالياً)، بإطلاق صواريخ على نحو عشوائي وقتل مدنيين. وقال التقرير إن عملية عاصفة الجزيرة التي نفذها التحالف أسفرت عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، وشمل ذلك سلسلة ضربات منها التي استهدفت في الثالث من يناير (كانون الثاني) منطقة الشعفة جنوبي هجين، وأدت إلى مقتل 16 مدنياً، منهم 12 طفلاً.

وورد في التقرير: «تجد اللجنة أسباباً منطقية للاعتقاد بأن قوات التحالف الدولي ربما لم توجه هجماتها نحو هدف عسكري محدد، أو أنها فشلت في تحقيق ذلك في ظل اتخاذ التدابير الاحترازية اللازمة». وأضاف: «شن هجمات عشوائية بما يؤدي لمقتل وإصابة مدنيين، يصل إلى حد جريمة حرب، في حالات تشهد تنفيذ مثل تلك الهجمات على نحو طائش».

ولم يتسنَّ الوصول لمسؤولين من التحالف للتعقيب على التقرير. وقال المحققون إن الهجمات الليلية التي كانت تنفذها «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة بنيران طائرات الهليكوبتر التابعة للتحالف، أدت إلى مقتل وإصابة مدنيين في الشحيل، وأنحاء أخرى من محافظة دير الزور، في انتهاكات أخرى واضحة للقانون الدولي.

وذكر التقرير أن قوات النظام السوري نفذت ضربات جوية متكررة في سراقب بشمال غربي محافظة إدلب، في التاسع من مارس (آذار)، ودمرت مستشفى «الحياة» للنساء والأطفال، على الرغم من أن القوات الموالية للحكومة كانت على علم بإحداثياتها.

وأضاف التقرير أنه في يوم 14 مايو (أيار) بإدلب «أطلقت قوات موالية للحكومة صاروخين إلى أربعة على سوق للأسماك، ومدرسة ابتدائية للفتيات، في جسر الشغور» ما أودى بحياة ما لا يقل عن ثمانية مدنيين. وقال التقرير: «مثل هذه الهجمات قد تصل إلى حد جريمة الحرب، بمهاجمة أفراد محميين عمداً، ومهاجمة عاملين في قطاع الصحة عن قصد».

وتنفي قوات النظام السوري أن تكون استهدفت مدنيين بهجماتها، وتقول إن قواتها تقصف متشددين لهم صلة بجماعات متشددة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» فحسب.

ويغطي التقرير الفترة من بداية العام حتى يوليو (تموز)، ويستند إلى 300 مقابلة وتحليل لصور الأقمار الصناعية، وصور، وتسجيلات مصورة.

من جهة أخرى، أعلنت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، أن 390 طفلاً على الأقل لقوا حتفهم العام الحالي وسط الظروف غير الإنسانية في مخيم الهول للاجئين في سوريا، حيث يعيش 11 ألفاً من أفراد أسر المقاتلين الأجانب في صفوف «داعش».

ودفعت العمليات العسكرية الكبيرة التي شنّها التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بقيادة الأكراد ضد المتطرفين في شمال شرقي سوريا، عشرات الآلاف من المدنيين، بما في ذلك الكثيرون ممن يعتقد أن لهم صلات بـ«داعش»، إلى المخيم.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية، عن اللجنة، أن «الأوضاع المعيشية ما زالت تبعث على الأسى»، في معرض وصف تطورات هذه الأوضاع بين يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز).

ووجد محققو اللجنة، أن الأطفال توفوا جراء سوء التغذية والجروح غير المعالجة، في حين أن سكان المخيم البالغ تعدادهم نحو 70 ألف نسمة عانوا أيضاً من السيول والأمراض المعدية ونقص الغذاء. وحذروا الدول التي تعرقل إعادة النساء ذوات الصلة بتنظيم «داعش» وأطفالهن من مخيم الهول، أنها تتسبب في خلق المزيد من المشاكل.

انتقد أيضاً رئيس اللجنة باولو بينيرو، الحكومات التي تحاول إعادة ما يطلق عليهم أطفال «داعش» من سوريا من دون أمهاتهم.

الضربات الجوية لليوم الثاني تهدد هدنة شمال غربي سوريا
مقتل أول مدني في القصف منذ التهدئة الأخيرة


لندن - بيروت: «الشرق الأوسط»
قال سكان ومصدران من المعارضة السورية إن مقاتلات روسية؛ فيما يبدو، قصفت مناطق خاضعة للمعارضة في شمال غربي سوريا، أمس الأربعاء، وسط ازدياد قصف قوات النظام السوري بلدات هناك، مما يهدد بانهيار اتفاق هشّ لوقف إطلاق النار توسطت فيه روسيا.

وذكر المصدران وسكان، بحسب ما نقلت «رويترز»، أن المقاتلات التي حلّقت ليلاً على ارتفاعات كبيرة، قصفت قرية قرب كفر تخاريم ومنطقة قريبة من بلدة دركوش؛ الواقعتين بريف محافظة إدلب في غرب البلاد.

وذكر نشطاء و«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الضربة الجوية جاءت بعد ساعات من غارات جوية على جزء من شمال غربي البلاد للمرة الأولى منذ إعلان هدنة قبل 11 يوماً. ونفت موسكو تنفيذ الضربات الأولى. وأسفر القصف في قرية الضهر بريف إدلب، عن مقتل رجل عجوز في الـ75 من العمر نازح منذ سنوات من منطقة حلب (شمال) إلى إدلب.

وروى ابنه أبو أنس (31 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية: «كنا نائمين عند منتصف الليل حين سمعنا صوت صاروخ سقط على بعد 50 متراً منا (...) خرج الجميع، لكن والدي تأخر لأنه مريض ولا يستطيع السير بسهولة». وأثناء خروجه، وفق الابن، وقعت ضربة أخرى على بعد مترين منه.

وقالت روسيا إن الحكومة السورية وافقت بصورة أحادية على هدنة في 31 أغسطس (آب) الماضي في إدلب التي تسيطر عليها المعارضة، حيث توصلت روسيا وتركيا إلى اتفاق قبل عامين لإقامة «منطقة لخفض التصعيد».

وتوقفت منذ ذلك الحين الضربات الجوية المكثفة التي تنفذها الطائرات الحربية الروسية والسورية والتي كانت تصاحب الهجوم البري الذي دعمته روسيا لاستعادة المنطقة.

وبدعم من فصائل مسلحة مدعومة من إيران، قصفت قوات النظام بلدات عدة في جنوب إدلب، منها كفر سجنة وحزارين، فيما تقول المعارضة إنه نمط ثابت يقوم على قصف مناطق المعارضة رغم اتفاق الهدنة.

وقال محمد رشيد، المتحدث باسم جماعة «جيش النصر» المسلحة: «القصف المدفعي لم يتوقف على قرى ريف إدلب الجنوبي منذ الهدنة المزعومة».

وذكر مسؤول بالمعارضة أن طائرات يُعتقد أنها روسية قصفت أيضاً وللمرة الثانية مواقع للمعارضة في سلسلة جبال بمحافظة اللاذقية الساحلية بعد غارة مماثلة الثلاثاء الماضي.

وتقول المعارضة إن قوات روسية خاصة وفصائل مسلحة مدعومة من إيران، تقاتل إلى جانب النظام، انتهكت أيضاً وقف إطلاق النار بمحاولتها مراراً اقتحام المناطق التي تسيطر عليها المعارضة الأسبوع الماضي، لكنها فشلت في ذلك بعد تصدي المعارضة لها.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال، في أغسطس الماضي، إن القوات الروسية تقاتل على الأرض في إدلب لهزم الجماعات الإسلامية المتشددة؛ التي تحمّلها موسكو وحليفتها سوريا مسؤولية انتهاك ترتيب خفض التصعيد الذي توصلت إليه مع أنقرة.

وخلال الأيام العشرة الأولى من الهدنة، توقفت الغارات الجوية، كما هدأت المواجهات على الأرض بين قوات النظام والفصائل الجهادية والمعارضة عند أطراف إدلب. إلا إن ذلك لم يحلْ دون حدوث خروقات مع استمرار القصف الصاروخي والمدفعي الذي أسفر عن سقوط 3 قتلى منذ بداية الهدنة.

وهذه هي الهدنة الثانية من نوعها منذ بدء دمشق بدعم روسي في نهاية أبريل (نيسان) الماضي تصعيد قصفها على المنطقة، ما تسبب في مقتل أكثر من 950 مدنياً وفق «المرصد»، وفرار أكثر من 400 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة.وتؤوي إدلب ومحيطها نحو 3 ملايين نسمة، نحو نصفهم من النازحين.

ومع سقوط مزيد من الخسائر البشرية، فإنه يرتفع إلى 4129 شخصاً من قتلوا منذ بدء التصعيد الأعنف على الإطلاق ضمن منطقة «خفض التصعيد» فيما بين نهاية أبريل الماضي، وحتى أمس الأربعاء.