|
|
التاريخ: أيلول ١١, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
الجزائر: طلاب الجامعات يتظاهرون رفضاً لـ«رئاسية الجيش» |
«استقالة وشيكة» لرئيس الوزراء... وحديث عن ترتيبات استعجالية في الحكومة والبرلمان |
الجزائر: بوعلام غمراسة
خرج أمس المئات من طلبة الجامعات الجزائرية إلى الشوارع للتعبير عن رفضهم لخطة السلطة تنظيم انتخابات رئاسية بنهاية العام. وتزامن ذلك مع أنباء عن استقالة رئيس الوزراء نور الدين بدوي، وإطلاق ترتيبات استعجالية بالحكومة والبرلمان، للمصادقة على قانون استحداث «سلطة مستقلة لتنظيم الانتخابات»، تعوض الداخلية بشأن تسيير العملية الانتخابية، وتعديل قانون الانتخابات. وتحت شعار «والله لن تكون هناك انتخابات يا العصابات»، نظم الطلبة مظاهرات حاشدة بالأقطاب الجامعية الكبيرة، خاصة العاصمة ووهران (غرب) وقسنطينة (شرق). وتوعد المتظاهرون بـ«إفشال خطة السلطة الالتفاف على الحراك الشعبي»، في إشارة إلى إصرار السلطات على تنظيم انتخابات في نهاية العام الجاري، مع إطلاق مساع لذلك من خلال إحداث مراجعة سريعة لقانون الانتخابات، وإنشاء «سلطة مستقلة لتنظيم الانتخابات».
وترى السلطات أنها تلبي بهذه الخطوة مطالب الحراك، بينما تؤكد مظاهرات الطلبة أمس، والتي تعد جزءا هاما من المظاهرات الشعبية المتواصلة منذ عدة أسابيع، أن الحراك يريد «مرحلة انتقالية»، يتم خلالها تعديل الدستور، وذلك بتقليص صلاحيات الرئاسية التي ينص عليها.
وبحسب المتظاهرين، فإن التوجه إلى الانتخابات في الظرف الحالي «سيأتي برئيس على مقاس السلطة»، بينما الشارع الذي انفجر منذ 22 فبراير (شباط) الماضي، يطالب بتغيير النظام جذريا.
وككل يوم ثلاثاء، هاجم الطلبة أمس بشدة رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الذي يصر على تنظيم رئاسية في أقرب الآجال، والذي حدد 15 من الشهر الجاري تاريخا لاستدعاء الهيئة الانتخابية، وهو ما أثار غضب واستياء المعارضة، على أساس أن ذلك من صلاحيات رئيس الدولة.
ومن أبرز التعديلات التي اقترحت «هيئة الحوار»، التابعة للجيش، إدخالها على قانون الانتخابات، تخفيض عدد التوقيعات بالنسبة للمترشحين للرئاسة، من 60 ألفا إلى 50 ألفا، وخفض سن الترشح من 40 سنة إلى 30 سنة. واللافت أن «الهيئة» تفادت الخوض في الدستور، الذي يعتبره الحراك والقوى التي تؤطره، رهانا حاسما في مسار بناء «الجمهورية الثانية»، التي يريدها المتظاهرون.
في سياق ذي صلة، نقلت وكالة «رويترز» أمس، عن «مصدرين كبيرين»، أن رئيس الوزراء نور الدين بدوي «سيستقيل قريبا لتسهيل إجراء انتخابات هذا العام». ومما يعزز احتمال رحيله أنه قدم حصيلة نشاط حكومته، التي عينها بوتفليقة أواخر مارس (آذار) الماضي، خلال اجتماع لمجلس الوزراء أول من أمس، هو الأول منذ تسلم بن صالح رئاسة الدولة، خلفا للمستقيل بوتفليقة في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي.
وقبل أيام حصل توافق بين رئاسة الدولة و«هيئة الحوار»، بقيادة الوزير السابق كريم يونس، على تنحية بدوي. ونقل يونس عن الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح أنه مستعد لإقالة بدوي وأعضاء طاقمه «إرضاء للحراك»، الذي يعتبر بدوي «من مخلفات نظام الرئيس السابق» عبد العزيز بوتفليقة. كما يعتبر بن صالح «من بقايا النظام البوتفليقي» وطالب بإبعاده هو أيضا.
ويرى مراقبون أنه إذا وجدت إرادة لدى الرئاسة لتنحية بدوي، فستكون حتما بعد موافقة «الرئيس الفعلي في البلاد»، أي الجنرال القوي قايد صالح، الذي يبدي تمسكا ببن صالح، كما أثنى مرات كثيرة على عمل الحكومة.
وأول من أمس، وقع «حدث تاريخي» لافت، بحسب مراقبين، وذلك عندما أخذ رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع الكلمة في اجتماع لمجلس الوزراء، ليخوض في شؤون السياسة والانتخابات، واعتبر ذلك انتقاصا من شأن الرئيس بن صالح، الذي يواجه متاعب صحية. وجرت العادة أن يسيّر رئيس الجمهورية المنتخب أشغال مجلس الوزراء، وهو من يلقي كلمة في نهايتها. وبما أن رئيسا انتقاليا استخلفه، فإنه يفترض أن يؤدي هو شخصيا هذا الدور.
وقال الجنرال صالح في خطابه خلال اجتماع الوزراء إن «كل الإنجازات التي استطاعت الحكومة تحقيقها في هذه الظروف الصعبة، بل والمعادية أحيانا، هي مكاسب حقيقية وميدانية لا ينكرها إلا جاحد». مشيدا بـ«نجاح مؤسسات الدولة، في ظل مرافقة المؤسسة العسكرية لها في تجاوز كافة المحطات».
كما هاجم «أطرافا كانت تعتقد أنه بإمكانها توجيه الأحداث وفق نظرتها، بعيدا عن رأي الأغلبية الغالبة للشعب الجزائري، وتوافقا مع مصالحها الذاتية والضيقة، ولو كان ذلك على حساب الجزائر ومصلحتها العليا، وقد خاب أملها، وواصلت الجزائر طريقها في ظل المرافقة الدائمة للجيش الوطني الشعبي لهذا المسار الحساس». ويقصد بـ«المسار» محو آثار الرئيس السابق، وسجن أغلب رموزه، والبدء في التحضير لرئاسية جديدة، بحسب مراقبين.
مؤشرات على انفراجة في «أزمة الراية الأمازيغية»
الثلاثاء 10 سبتمبر 2019
الجزائر: بوعلام غمراسة
بينما احتجت منظمة «هيومان رايتس ووتش» على استمرار سجن نشطاء الحراك في الجزائر، في قضية ما يسمى «رفع راية الأمازيغ خلال المظاهرات»، أمرت محكمتان، أمس، بالإفراج عن اثنين منهم لعدم ثبوت تهمة «تهديد الوحدة الوطنية» ضدهم.
وشهدت محكمة باتنة (400 كيلومتر شرق العاصمة)، أمس، مظاهرة مع بداية مساءلة الناشط الأمازيغي ماسيل جاهر أمام النيابة، حيث أفرج عنه وكيل الجمهورية لدى المحكمة بعد ساعة من استجوابه. واعتقل ماسيل نهاية الشهر الماضي أثناء مظاهرة للمطالبة بتغيير النظام.
وفي مستغانم (300 كيلومتر غرب الجزائر) نظم ناشطون مظاهرة أمام المحكمة المحلية احتجاجاً على محاكمة حكيم عيسى المعتقل منذ 5 يوليو (تموز) الماضي. ونطق القاضي بالبراءة في حق الناشط الذي تابعته النيابة في قضية رفع الراية الأمازيغية.
وقال قياديون من «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، لـ«الشرق الأوسط»، إن حكيم وماسيل «استعادا حريتهما بفضل التعبئة الشعبية المستمرة لفائدتهما». وعدّوا قرارات القضاء «بمثابة مؤشرات إيجابية تطلقها السلطة للمرّة الأولى منذ بداية الحراك» الذي يقترب من شهره السابع.
ولفت الحقوقيون إلى وجود عشرات الأشخاص في سجن العاصمة، يواجهون التهمة نفسها ويرفض القضاة إطلاق سراحهم.
وأكد محامون أنه لا أثر في القانون الجنائي لتهمة مرتبطة بحمل راية أخرى غير العلم الوطني، مما يسقط من وجهة نظرهم الصفة القانونية عن التهم الموجهة للناشطين.
وتزامن إطلاق الناشطين مع صدور تقرير من «هيومان رايتس ووتش» تناول تعامل السلطات مع المظاهرات. ومما جاء فيه أن «التلويح براية لمجتمع عرقي هو تعبير سلمي يحميه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صادقت عليه الجزائر في 1989، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب».
وأشار التقرير في موضوع الراية الأمازيغية، إلى خطاب لرئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح في بشّار (غرب الجزائر) في 19 يونيو (حزيران) الماضي، ذكر فيه أن «للجزائر راية واحدة تمثل سيادة الدولة الجزائرية، واستقلالها ووحدتها الترابية... تم إصدار أوامر صارمة لقوات الأمن من أجل تطبيق صارم للقوانين سارية المفعول، والتصدي لكل من يحاول المساس بمشاعر الجزائريين في هذا المجال الحساس».
وأضاف التقرير: «لم يحدد قايد صالح ما القوانين سارية المفعول، التي كان يشير إليها. وبعد يومين من كلمته، بدأت قوات الأمن في اعتقال من يرفعون الرايات الأمازيغية في مختلف أنحاء البلاد».
إلى ذلك، شددت أحزاب «البديل الديمقراطي»، (معارضة)، خلال اجتماع بالعاصمة أمس، على «إطلاق مسار تأسيسي» يمهّد، بحسب قادتها، لانتخابات رئاسية. ويقوم هذا المشروع على إحداث تغيير عميق للدستور، قبل التوجه إلى الانتخابات، بعكس توجه السلطة حالياً التي جهّزت مشروعاً لتعديل الانتخابات وآخر لاستحداث «سلطة مستقلة لمراقبة الانتخابات»، تحسباً لإجراء انتخابات رئاسية بنهاية العام، طبقاً لما دعا إليه قائد الجيش قايد صالح الذي شدد على ضرورة استدعاء الهيئة الناخبة بحلول يوم 15 سبتمبر (أيلول) الحالي.
ويتكون «البديل» من أحزاب تنتمي إلى التيارين الديمقراطي واليساري، ومنعته الحكومة من عقد اجتماعه في فضاء عام. وقال محسن بلعباس رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، في كلمة مع بداية الاجتماع الذي جرى بمقر حزبه: «ينبغي لبلادنا أن يكون لها دستور جديد؛ دستور يوضح معالم تنظيم الدولة؛ دستور يؤسس لنظام سياسي قائم على التعددية الحزبية، وتوسيع نطاق الحريات وحقوق الإنسان، واستقلالية وتوازن السلطات التأسيسية، من أجل تحقيق غاية سامية، ألا وهي ضمان التداول السياسي والديمقراطي على السلطة... دستور يضمن استقلالية فعلية للقضاء، ويضع الجيش والأجهزة الأمنية تحت الرقابة الديمقراطية». وتابع: «لهذا نريد من المسار التأسيسي الذي نسعى من أجل بنائه معاً، أن يكون خياراً للقطيعة وتغليب العقل، خياراً للسيادة (...)؛ خياراً من أجل انطلاقة جديدة للجزائر».
|
|