| | التاريخ: أيلول ٢, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | رامي مخلوف وشقيقاه في الإقامة الجبرية... ما هي الرسائل التي يوجهها الأسد؟ | موناليزا فريحة
عندما بدأت الحرب السورية، كان محمد مخلوف ابن رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد في الرابعة عشرة. الآن صار محمد في الثانية والعشرين يدير شركة بمليارات الدولارات في دبي. وإذ تبدو غامضة الطريقة التي جمع بها ثروة بهذا الحجم، فإن التبعات السياسية ستكون كبيرة.
هذا ما تكشفه سلسلة تقارير ظهرت أخيراً في وسائل إعلام سورية معارضة وأجنبية كشفت أن الرئيس السوري بشار الأسد "يحتجز ابن خاله الثري رامي مخلوف حتى يدفع ديون الحرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين"، مشيرة إلى وجود تصدع داخل العائلة الحاكمة السورية بسبب خلاف بين الرئيس بشار الأسد وأعضاء منها .
وتزامنت هذه المعلومات التي نشرتها صحيفة "التايمس" البريطانية مع معلومات متداولة في مواقع سورية تفيد أن لجنة حكومية لمكافحة تبييض الأموال أطلقت تحقيقات مع 29 رجل أعمال كبيراً، بينهم دريد الأسد وشركات جار وهامو وخصوصاً رامي مخلوف وعائلته.
وأفادت هذه المعلومات أن رامي مخلوف وأخويه إيهاب وإياد ووالدهم محمد مخلوف وضعوا في الإقامة الجبرية في دمشق بأوامر مباشرة من الأسد، في تطور مثير علماً أن رامي يعد الذراع اليمنى للأسد بحكم سيطرته على اقتصاد البلاد الذي يعد شريان التمويل الرئيس لعمليات النظام طوال السنوات الماضية.
ونقل "راديو الكل" السوري المعارض عن مصادر أن أوامر بشار الأسد بخصوص آل مخلوف تضمنت نقل حصة رامي في شركة "سيريتل" إلى مؤسسة الاتصالات التابعة لوزارة الاتصالات، وأن القصر الجمهوري أبلغ جميع فروع الأمن شفوياً بمنع دخول رامي و إيهاب و إياد ووالدهم إلى القصر وعدم التعامل معهم ومع رجال أعمالهم.
كما تضمنت التعليمات عزل سامر درويش من منصب مدير "جمعية البستان" التي كانت تمد المخابرات الجوية وميلشيا الدفاع الوطني بالموارد البشرية والمالية وتم تعيين شخصية أخرى من مدير مكتب رئيس الجمهورية.
وبموجب الأوامر الرئاسية، ستسيّر دوريات جمارك على أبواب السوق الحرة والمعابر ومن بينها معبر نصيب الحدودي مع الأردن ومعبر جديدة يابوس وميناء طرطوس التي تصل الأرباح فيها إلى نحو 800 ألف دولار يومياً.
سبب الخلاف
ويبدو أن أن سبب الخلاف بين الأسد وابن خاله الذي يعتبر أغنى رجل في سوريا، هو رفضه سداد ديون الحرب الناشبة في البلاد والتي تشارك فيها كل من روسيا وإيران.
وظهر الخلاف بداية، بحسب صحيفة "التايمس" البريطانية، بمنشور على مواقع التواصل الاجتماعي كتبه محمد مخلوف، البالغ من العمر 22 عاماً، ابن رامي مخلوف الذي يملك العديد من كبريات الشركات السورية، وتفيد تقارير أنه كان يسيطر على 60% من الاقتصاد السوري قبل انتفاضة عام 2011.
وتداول هذا المنشور العديد من المواقع الإخبارية فضلاً عن نشره من شخصيات مؤيدة ومناهضة للنظام السوري.
واشتهر محمد مخلوف بمنشوراته على موقع التواصل الاجتماعي "انستاغرام"، إذ غالباً ما ينشر صوره وهو يقف أمام سياراته الرياضية الفارهة والفيلا الفخمة التي يعيش فيها في دبي. وقد زعم في منشور حديث له أنه على وشك استثمار 300 مليون دولار، من أرباح أعماله التجارية، في العقارات في سوريا.
ويشير المقال إلى أن منشورات محمد مخلوف تسببت بخلاف دولي، إذ أفادت تقارير أن الرئيس الأسد اضطر لاتخاذ إجراءات عقب مطالبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين له بدفع فاتورة مشاركة بلاده في الحرب والتي تقدر بـ 3 مليارات دولار، موضحاً أنه إذا كانت سوريا لا تملك هذا المبلغ فإن عائلة مخلوف تملكه بكل تأكيد.
ويقول آخرون إن محاولات الأسد استعادة السيطرة على المدن والبلدات السورية، دفعه لاستخدام أموال مخلوف لتمويل ميليشيات للقتال معه إلى جانب الجيش السوري.
ورفض رامي مخلوف، كما يوضح المقال، أن يسلم عائلته الأصول المالية، الأمر الذي دفع النظام للاستيلاء عليها بحجة مكافحة الفساد. كما تشير تقارير إلى أنه محتجز تحت الإقامة الجبرية مع والده واثنين من إخوانه.
وتقول الصحيفة إنه لم ترد أخبار تؤكد صحة ما جاء في هذه التقارير، إلا أن حساباً على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" يُزعم أنه يعود إلى قريبة أخرى للرئيس الأسد وتدعى نسرين مخلوف، نشرت مقالاً قالت فيه إن "من يعتقد أن هذا الأمر سيتوقف عند عمي وأبنائه فيجب عليه أن يعرض نفسه على طبيب بيطري.....#الإقامة الجبرية"
وتشير الصحيفة إلى أن رامي مخلوف كان لسنوات حجر الأساس لنظام الأسد الأب ومن ثم للأسد الابن الذي خصخص بعض أصول الاقتصاد في سوريا مما سمح لمخلوف ببناء امبراطوريته المالية. ويبدو أن مخلوف لا يحظي بعلاقة جيدة مع الروس بسبب قربه من النظام الإيراني..
ويختم المقال بما يقوله البعض بأن سبب الخلاف الحقيقي هو أن مخلوف نقل جزءاً كبيراً من ثروته إلى خارج البلاد، إلى جانب خفض استثماراته المالية في الداخل السوري.
رسائل
ويتبين من هذه الإجراءات أن الأشخاص الموضوعين في الإقامة الجبرية أنشأوا ورعوا ميليشيات محلية في السنوات الثماني بدأ بعضها يتحدى قوات الأسد وخصوصاً في اللاذقية وحماه.
وبعد المكاسب الميدانية التي حققها النظام بدعم كبير من إيران وروسيا قد يشعر بثقة أكبر لاتخاذ مثل هذه الخطوات ضد زعماء الحرب. وثمة من يعتقد أن روسيا قد تشجع على خطوات كهذه لمواجهة النفوذ الإيراني الاقتصادي في سوريا.
وكان فرض الولايات المتحدة عقوبات على رجل الأعمال السوري سامر فوز رسالة واضحة إلى النظام السوري أن استثماراته وأصوله في الخارج من خلال استخدام رجال أعمال كغطاء لها، لن تساعده، لذا فهو يحرق كل الأسماء والأتباع المعروفين له لمنع الأسد من فرض عقوبات على وجوه جديدة.
إلى ذلك، لا شك في أن النظام يوجه من خلال إجراءاته الجديدة رسالة بأنه يسيطر تماماً على البلاد. | |
|