التاريخ: آب ٢١, ٢٠١٩
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
تركيا على خط النار في إدلب، بمواجهة النظام وروسيا!
موناليزا فريحة
دخلت تركيا مباشرة المواجهات الدائرة منذ أربعة أشهر في إدلب بين قوات النظام السوري بدعم روسي والفصائل المقاتلة والاسلامية والمجموعات الجهادية، الأمر الذي يشكل منعطفاً في مسار الأزمة التي أسفرت عن مقتل أكثر من 860 مدنياً كما دفعت أكثر من 400 ألف شخص إلى النزوح نحو مناطق أكثر أماناً، خصوصاً قرب الحدود التركية في الشمال.

أرسلت تركيا تعزيزات عسكرية، بينها دبابات، إلى المنطقة "لإنشاء نقطتي مراقبة" قرب خان شيخون نص عليهما اتفاق أستانة، إلا أن الرتل التركي تعرض لقصف سوري مما أدى، كما أفادت أنقرة، إلى مقتل ثلاثة مدنيين وجرح 12 آخرين.

ووصلت التعزيزات العسكرية التركية غداة تمكن قوات النظام بإسناد جوي روسي من دخول الأطراف الشمالية الغربية لخان شيخون التي تسيطر عليها المعارضة منذ 2014 والتي من شأن استكمال السيطرة عليها أن يؤدي إلى حصار ريف حماه الشمالي المجاور، حيث أكبر نقاط المراقبة التركية في بلدة مورك.

ودارت أمس اشتباكات عنيفة بين الفصائل المقاتلة والإسلامية ومجموعات جهادية من جهة، وقوات النظام والميليشيات الموالية لها بدعم روسي من جهة أخرى في القطاع الجنوبي. وتمكنت قوات النظام من التقدم في الجهة الشمالية الغربية من المدينة بهجوم جديد حتى باتت على مسافة 800 متر فقط من أوتوستراد دمشق - حلب الدولي.

وعلى رغم ادعاء أنقرة أن هدف التعزيزات انشاء نقطتي مراقبة، يبدو واضحاً أنها محاولة لوقف تقدم القوات السورية.

ونقلت وكالة "الاناضول" التركية للأنباء عن مصدر عسكري تركي أن القوات التركية ستتمركز قرب خان شيخون، لإنشاء نقطتي مراقبة من أجل ضمان استمرار إمداد النقطة التاسعة في مورك والنقطة العاشرة في شير مغار بريف حماه، واللتين يمكن أن تحاصرا في ظل العمليات العسكرية الحالية.

وتوقف الرتل وقتاً قصيراً قبل أن يكمل طريقه، إلى وسط المدينة. ولدى بلوغه وسط معرة النعمان، شنّت طائرات سورية وأخرى روسية غارات على أطراف المدينة، "في محاولة لمنع الرتل من التقدّم".

وندد مصدر في وزارة الخارجية السورية بهذا "التدخل التركي السافر"، معتبراً أنه "يؤكّد مجدّداً استمرار الدعم اللامحدود الذي يقدمه النظام التركي للمجموعات الإرهابيّة". وفي المقابل، قالت وزارة الدفاع التركية إنها أبلغت موسكو سلفاً أمر القافلة المتجهة إلى جنوب إدلب وأعلنت احتفاظها بحق الرد.

وقال الباحث البارز في معهد الشرق الأوسط في واشنطن تشارلز ليستر إن الجيش التركي وضع في حال تأهب. ونسب إلى مصادر خاصة في عفرين وشمال حلب أن "الجيش الوطني السوري" الذي يضم فصائل تدعمها تركيا وضع القوات غير الأساسية في حال استعداد للتوجه الى إدلب. وحدد أستاذ القانون في الجامعة اللبنانية العميد المتقاعد أمين حطيط أهداف التدخل التركي بدعم معنوي للارهابيين كي يبقوا في الميدان وتقديم الدعم اللوجيستي الشامل لها، إضافة إلى    تجنب المواجهة المباشرة مع سوريا.

ومع ذلك، شكك مراقبون آخرون في استراتيجية تركيا. فيعدما تلكأت طويلاً في تنفيذ التزاماتها المتعلقة بالمنطقة المنزوعة السلاح، لا يتوقع أن تؤدي نقطتا المراقبة اللتان ادعت أنها دفعت بتعزيزات لإنشائهما، كفيلتان بتعويض ذلك.

وكان النظام السوري، بدعم من روسيا، بدأ في نيسان الماضي ما اعتبر "هجوماً محدوداً" في شمال غرب سوريا على جماعات معارضة وأخرى جهادية، من أجل تعزيز ما سمي "المنطقة المنزوعة السلاح"، أي الحزام من الأراضي الذي أقر منتصف أيلول 2018 والذي يحيط بـ"منطقة خفض تصعيد" أكبر أنشئت منتصف عام 2017.

وكان يفترض أساساً تنظيف المنطقة المنزوعة السلاح من أي تنظيمات إرهابية ومن الأسلحة الثقيلة وفرض وقف شبه كامل لأعمال العنف، في ما عدا جهود مكافحة الإرهاب دفاعاً عن النفس ضد جماعات صنفتها الأمم المتحدة إرهابيّة.

ومع أن اتفاق أستانة اعتبر أنقرة ضامناً لوقف النار في إدلب، فإن دمشق صنّفت الوجود التركي في شمال شرق سوريا "انتهاكاً للسيادة"، ولم تعترف بالاتفاق أصلاً ولا ساعدت في تنفيذه.

المجموعات المقاتلة

تواجه مجموعات مختلفة من المسلحين في إدلب هجوماً يشنه الرئيس السوري بشار الأسد. ويقسم الباحث تشارلز ليستر هذه المجموعات خمس مظلات أساسية، هي:

- "جبهة التحرير الوطني" وتشمل: "فيلق الشام"، و"أحرار الشام"، و"حركة نور الدين الزنكي"، و"صقور الشام"، و"جيش الأحرار"، و"جيش إدلب الحر"، وغيرها. ويقدر عدد أفراد الجبهة بنحو 30 ألف مقاتل.

- "جيش العزة"، وهو فصيل معارض يعمل بصورة أساسية في شمال حماه. وعلى صعوبة تقدير عدد مقاتليه، ثمة اعتقاد سائد أنه يضم ما بين ألفين وثلاثة آلاف مقاتل.

- "الجيش الوطني السوري" ويضم "لواء شهداء بدر"، و"الجبهة الشامية"، و"أحرار الشرقية"، و"أحرار الشمال (فيلق الشام)". ونشر "الجيش" مئات المقاتلين مع أسلحة ثقيلة وعربات مدرعة تدعمها من تركيا شمال حماه بين منتصف أيار ونهايته.

-"هيئة تحرير الشام" التي تشكل النسخة الثالثة لجماعة كانت تعرف في الأصل باسم "جبهة النصرة".

وهي تبقي قنوات اتصال مع السلطات التركية في ما يخص شؤوناً عسكرية وسياسية وتجارية. وتشير الأرقام إلى أن نحو 15 ألف مقاتل يخضعون لقيادتها تماماً، إلى جانب بضعة آلاف من الموظفين المدنيين.

- الموالون لـ"القاعدة" الذين يعدون أربعة ألاف مقاتل، وينضوون تحت ألوية تنظيم "حراس الدين" و"حزب تركستان الإسلامي" و"أجناد قوقاز" و"كتائب الفاتح" و"جبهة أنصار الدين" و"جماعة أنصار الدين"و"كتائب الإمام البخاري".