| | التاريخ: آب ٢١, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | تركيا لا تنسحب من ريف حماه وتحذِّر دمشق | انسحبت فصائل جهادية ومعارضة ليل الإثنين - الثلثاء من مدينة خان شيخون الاستراتيجية في جنوب إدلب ومن ريف حماه الشمالي المجاور، فباتت نقطة المراقبة التركية القائمة في المنطقة بموجب تفاهم بين أنقرة وموسكو في مرمى نيران قوات النظام.
وحذرت أنقرة دمشق من "اللعب بالنار" غداة إعلانها تعرض رتل عسكري تابع لها لغارة لدى خلال توجهه إلى نقطة المراقبة التركية جنوب خان شيخون، بينما اتهمت موسكو الفصائل بممارسة "استفزازات".
وتحدث "المرصد السوري لحقوق الانسان" عن انسحاب "هيئة تحرير الشام والفصائل المعارضة من مدينة خان شيخون ومن ريف حماه الشمالي، فيما تعمل قوات النظام على تمشيط المدينة".
ونفت "هيئة تحرير الشام" ("جبهة النصرة" سابقاً) الانسحاب من ريف حماه الشمالي. وأشار ناطق باسمها في حساب الهيئة على تطبيق "تلغرام" إلى "إعادة تمركز" قواته جنوب خان شيخون.
وجاء انسحاب الفصائل بعد سيطرة قوات النظام بإسناد جوي روسي على أكثر من نصف المدينة، وتمكنها من قطع طريق حلب - دمشق الدولي أمام تعزيزات عسكرية أرسلتها أنقرة كانت في طريقها إلى ريف حماه الشمالي، حيث نقطة المراقبة التركية الكبرى في بلدة مورك.
ويمر جزء من هذا الطريق في إدلب، وهو يربط مدينة حلب في الشمال بدمشق، ويقول محلّلون إنّ النظام يريد استكمال سيطرته عليه.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: "باتت نقطة المراقبة التركية في مورك بحكم المحاصرة، ولم يبق أمام عناصرها إلا الانسحاب عبر طرق تقع تحت سيطرة النظام ميدانياً أو نارياً".
ورداً على التطورات الأخيرة، دعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو دمشق إلى "عدم اللعب بالنار". وصرح خلال مؤتمر صحافي: "كما قلنا سابقاً، سنفعل كل ما يلزم لضمان أمن عسكريينا ونقاط المراقبة الخاصة بنا". وأكد أن بلاده لا تنوي نقل نقطة المراقبة في مورك.
وكانت أنقرة أعلنت الإثنين تعرض رتلها إثر وصوله إلى ريف إدلب الجنوبي لغارة جوية، تسببت بمقتل ثلاثة مدنيين، لكن المرصد أفاد أنهم من مقاتلي المعارضة.
ولم يتمكن الرتل - قرابة 50 آلية من مصفّحات وناقلات جند وعربات لوجستية إلى خمس دبابات على الأقل - من إكمال طريقه إلى مورك بعد تعرض مناطق قريبة منه للقصف، مما دفعه الى التوقف منذ بعد ظهر الإثنين على الطريق الدولي في قرية معر حطاط شمال خان شيخون.
وتعرضت طرقات مؤدية إلى المنطقة الثلثاء لغاية جويّة.
وإدلب مشمولة باتفاق روسي - تركي لخفض التصعيد واتفاق آخر وقّع في سوتشي في أيلول نصّ على إنشاء منطقة منزوعة السلاح تفصل بين قوات النظام والفصائل على أن ينسحب الجهاديون منها. وجنّب الاتفاق الأخير إدلب هجوماً لطالما لوّحت دمشق بشنّه، وإن يكن لم يُستكمل تنفيذه.
واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "الجهاديين" بخرق الاتفاق "على مرأى من المراقبين الأتراك"، مشيراً إلى انتشار القوات الروسية في المنطقة المنزوعة السلاح وإلى "تواصل مستمر" مع الجيش التركي.
وغداة تنديد دمشق بالتعزيزات التركية، أكد الرئيس بشار الأسد عزمه على استعادة كل الأراضي الخارجة عن سيطرته. واعتبر لدى استقباله وفداً روسياً أن "المعارك الأخيرة في إدلب كشفت لمن كان لديه شك عن دعم أنقرة الواضح وغير المحدود للإرهابيين".
وأوردت صحيفة "الوطن" المقربة من دمشق أن الجيش السوري وجّه الإثنين "إشارات تحذير واضحة لأي محاولة إنعاش تركية جديدة للإرهابيين".
وقال الباحث المتابع للشأن السوري سامويل راماني إن هدف دمشق من اتهام أنقرة بـ"التدخل" العسكري هو أن "تُظهر تركيا وليس الجيش السوري، وكأنها المنتهكة الأبرز لاتفاق" سوتشي.
وتنشر أنقرة بموجب هذا الاتفاق عدداً من نقاط المراقبة في إدلب. وتتهمها دمشق بالتلكؤ في تطبيقه.
ولاحظ الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر أن "دمشق وحليفها الروسي أثبتا أن نقاط المراقبة التركية قد تعقّد التقدم العسكري على الأرض، في ظل رغبتهما في تجنب إيقاع ضحايا في صفوف الجنود الأتراك، إلا أنّ هذه النقاط لا تكفي لردعهما عن المضي قدماً".
ومن غير الواضح، استناداً إلى هيلر، ما إذا كانت دمشق بدعم روسي ستواصل تقدمها ميدانياً أم ستكتفي بثبيت مواقعها الجديدة.
وأرسى اتفاق سوتشي بعد توقيعه هدوءاً نسبياً، قبل أن تكثّف قوات النظام قصفها في نهاية نيسان وانضمت إليها الطائرات الروسية لاحقاً. وفي الثامن من الشهر الجاري، بدأت تتقدم ميدانياً في ريف إدلب الجنوبي.
وأمس، استهدف القصف مناطق عدة شمال خان شيخون بينها قرية بينين، حيث شاهد مراسل "وكالة الصحافة الفرنسية" أفراد من الدفاع المدني وهم ينتشلون رجلاً من تحت الأنقاض بعد نجاته بأعجوبة.
وتسبّب التصعيد بمقتل أكثر من 860 مدنياً، استناداً إلى المرصد، ونزوح أكثر من 400 ألف شخص إلى مناطق أكثر أمناً وخصوصاً قرب الحدود التركية، كما قالت الأمم المتحدة.
وحذرت "لجنة الإنقاذ الدولية" في بيان من "كارثة إنسانية" بدأت تظهر في محافظة إدلب. | |
|