|
|
التاريخ: آب ١٨, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
مرحلة سياسية جديدة مع عودة الحريري والأولوية للوضع الاقتصادي |
لقاء ترحيبي برئيس الجمهورية في بيت الدين بدعوة من جنبلاط |
بيروت: محمد شقير
يستعد لبنان للدخول في مرحلة سياسية جديدة مع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من واشنطن بعدما أجرى محادثات ناجحة شملت وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ومسؤولين أميركيين آخرين وانتقال رئيس الجمهورية ميشال عون إلى المقر الصيفي للرئاسة في قصر بيت الدين، ويُفترض كما يقول مصدر وزاري مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن تفتح الباب أمام الالتفات إلى الوضع الاقتصادي باعتباره أولى الأولويات التي تستدعي إخراجه من التأزّم الذي يلاحقه ولو على مراحل.
ويلفت المصدر الوزاري إلى أن انتقال الرئيس عون إلى بيت الدين تلازم مع بداية انفراج يدفع في اتجاه إعادة تفعيل العمل الحكومي بدءاً من معالجة الأزمة الاقتصادية التي كانت حاضرة بامتياز في محادثات الحريري في واشنطن، التي أبدت حرصها بلسان بومبيو على الحفاظ على الاستقرار في لبنان ودعم الجهود الرامية إلى إخراج الوضع الاقتصادي من التأزّم مع أن هناك من بادر إلى التشكيك بها إلى أن فوجئ بأن حملات التشكيك لم تكن واقعية.
ويؤكد المصدر أن انتقال عون إلى بيت الدين تلازم أيضاً مع بوادر انفراج في علاقته برئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في ضوء تقديره بأن هذه العلاقة تشكّل عنصر الاستقرار في الجبل وتحمي المصالحة الدرزية - المسيحية فيما الاختلاف معه سيرتد سلباً ليس على الجبل فحسب، وإنما على كل لبنان. ويرى أن وقف تعطيل جلسات مجلس الوزراء انعكست إيجابياً على مجمل الوضع الداخلي، ويقول إن التسوية التي تم التوصل إليها لوقف السجال حول حادثة الجبل قوبلت بعدم ارتياح من قبل رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل، لشعوره بأنها جاءت من خارج حساباته السياسية.
ويعتبر المصدر الوزاري أن مجرد الدخول في خلاف مع جنبلاط والرهان على محاصرته يعني أن الجبل لن ينعم بالاستقرار وأن التعويض عنه بتقوية موقع النائب طلال أرسلان سيقود حتماً إلى تهديد المصالحة لافتقادها إلى الشريك الدرزي القوي للمسيحيين في توفير الحماية لها وتحصينها.
ويكشف المصدر نفسه أن الرئيس عون لم يتردد في اتخاذ موقف داعم للمخرج الذي ابتدعه رئيس المجلس النيابي نبيه بري من دون التريث في حسم موقفه ريثما يجري مشاورات مع بعض الأطراف تمهيداً لإبداء موافقته النهائية. ويعتقد أن عون أراد من خلال موافقته على اقتراح بري الذي كان وراء وقف مسلسل تعطيل جلسات مجلس الوزراء، تمرير رسالة لمن يعنيهم الأمر بأنه هو صاحب القرار وأنه لا ضرورة للتشاور مع باسيل الذي يتهمه خصومه بأنه يتصرف وكأنه «الرئيس الظل».
ويؤكد المصدر الوزاري أن لمسات بري كانت وراء إعادة التواصل ولو بحدود معينة بين «التقدمي» و«حزب الله» والذي تجلى في اتصال المعايدة الذي أجراه مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا بكل من الوزيرين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور والوزير السابق غازي العريضي، أعقبته مشاركة وفد من «التقدمي» في الاحتفال الذي أقامه الحزب لمناسبة الذكرى الثالثة عشرة للعدوان الإسرائيلي على لبنان.
ويضيف أن بداية التواصل بينهما تدفع في اتجاه التعويل على دور بري في فتح قنوات الحوار بينهما وبرعايته أيضاً، ويؤكد بأن هذا الحوار سيعيد التفاهم بينهما إلى ما كان عليه في السابق لجهة تنظيم الاختلاف ووضع آلية سياسية لصموده وعدم العودة بعلاقتهما إلى نقطة الصفر.
ويوضح المصدر الوزاري أن قيادة «حزب الله» لعبت دوراً في توفير الغطاء لإنجاح مبادرة بري بدعم غير مشروط من الحريري، ويؤكد أن تحرك بري لدى عون وأرسلان أدى إلى معاودة مجلس الوزراء لعقد جلساته، وإن كان الأخير اضطر للموافقة على مضض واعداً نفسه بأنه سيحصل على «جائزة ترضية» مع طرح التعيينات على جدول أعمال الحكومة.
أما لماذا أبدى «حزب الله» كل هذه المرونة وضغط لعقد جلسة مجلس الوزراء، مع أن طرح حادثة الجبل على جدول الأعمال لإحالته على المجلس العدلي غاب كلياً عن الجلسة؟
يجيب المصدر الوزاري: «إن الحزب ضغط على أرسلان لسحب شروطه لعقد الجلسة، وفي نيته توجيه رسالة من خلال موقفه هذا إلى المجتمع الدولي أنه لا صحة لما يقال بأن الحزب يضع يده على البلد، وبالتالي فهو الذي يسيطر على القرار ويقف وراء تعطيل جلسات مجلس الوزراء. ويؤكد أن الحزب أراد أن يرد على هذه الاتهامات من زاوية أنه يشكّل عامل استقرار في المعادلة السياسية وكانت له اليد الطولى في الضغط على حلفائه لتهيئة الأجواء أمام انعقاد جلسة هادئة للحكومة».
ويضيف: «إن الحزب يريد الالتفاف على الدفعة الجديدة من العقوبات بإدراج اسمَي رئيس كتلة (الوفاء للمقاومة) النائب محمد رعد وزميله في الكتلة أمين شري على لائحة العقوبات، إضافة إلى الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة لوقف التمييز بين جناحيه العسكري والمدني، وبالتالي انتهز فرصة وقف تعطيل الجلسات ليقول للمجتمع الدولي بأن من يُتّهم بالإرهاب ويُدرج اسمه على لائحة العقوبات كان وراء إعادة تفعيل العمل الحكومي.
ويرى المصدر الوزاري أن «حزب الله» بادر إلى التحرك في أكثر من اتجاه لإعادة الروح إلى مجلس الوزراء لأن استمرار تعطيل جلساته سيوفر مادة سياسية وإعلامية دسمة لخصومه في الداخل والولايات المتحدة الذين كانوا يتحضّرون لإلقاء المسؤولية عليه في شل العمل الحكومي في ظل التأزم الاقتصادي وتفاقم الأوضاع المعيشية التي تدفع بالبلد إلى الانهيار ما لم يتم تداركها في إيجاد الحلول لكل هذه الأزمات. كما أن «حزب الله» بحسب المصدر الوزاري لا يريد التفريط بالحماية السياسية التي يتمتع بها والتي لا يزال في حاجة إليها لمواجهة الضغوط التي تستهدفه.
عون: مصالحة الجبل لن تهتز... و«الاشتراكي»: ستبقى عنواناً للعيش الواحد
لقاء ترحيبي برئيس الجمهورية في بيت الدين بدعوة من جنبلاط
بيروت: «الشرق الأوسط»
شكل انتقال رئيس الجمهورية ميشال عون، إلى المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين في منطقة الشوف، مناسبة لإعادة تصويب العلاقة مع «الحزب التقدمي الاشتراكي»، بعد أيام على المصالحة واللقاء الذي عقد في قصر بعبدا لإنهاء الأزمة السياسية الناتجة عن حادثة الجبل بين «التقدمي» و«اللقاء الديمقراطي اللبناني»، على خلفية زيارة وزير الخارجية جبران باسيل إلى المنطقة.
وأكد عون من بيت الدين بعد لقائه وفداً من «الاشتراكي»، «أن المصالحة التي حصلت لن تهتز، وإن اختلفنا سياسياً، وجميعنا مدعوون لنضافر جهودنا مع بعضنا البعض والاتفاق على إعمار لبنان»، معلناً عن وضع ورقة مالية اقتصادية واجتماعية «نتطلع إلى وضع خطط لتنفيذها».
من جهته، أكد وزير التربية أكرم شهيب، أن «المصالحة كانت وستبقى عنواناً ساطعاً للعيش الوطني الواحد الراسخ في الجبل، ولتعزيز الحياة المشتركة ومعاني الشراكة الوطنية»، معلناً أنه سيكون هناك لقاء بين وليد وتيمور جنبلاط مع الرئيس بعد عودتهما من الخارج.
وعبر عون عن سعادته لوجوده في الشوف وبيت الدين، وقال: «أنا سعيد أيضاً، لأننا تمكنا من أن نخرج من الحادث المؤسف الذي حصل في قبرشمون. ويعز علينا كثيراً ما حدث. وقد سعينا كثيراً لإزالة آثاره الجارحة التي نتطلع إلى أن تزول كلياً في وقت قصير». وأكد «أن المصالحة الأساسية التي حصلت لن تهتز، وإن اختلفنا سياسياً. وأن الاختلاف السياسي طبيعي في النظام الديمقراطي، ولكنه ليس اختلافاً على الوطن. والإنسان يغتني في حق الاختلاف الذي يتيح المجال للاغتناء المتبادل والالتقاء على ما هو صحيح والابتعاد عمّا هو خطأ».
كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله وفداً من منطقة الجبل، ضم أكثر من 300 شخص، جاء بدعوة من رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب والوزير السابق وليد جنبلاط، ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط، اللذين مثلتهما داليا جنبلاط، ابنة رئيس «التقدمي»، للترحيب برئيس الجمهورية في بيت الدين.
وفي كلمة له، قال شهيب باسم الوفد «إن وجودكم هو تكريس للمصالحة الراسخة التي أرساها طيب الذكر الراحل البطريرك نصر الله صفير وكرسها البطريرك بشارة الراعي. وكذلك عززتها زيارتكم إلى المختارة عام 2010. والمصالحة كانت وستبقى عنواناً ساطعاً للعيش الوطني الواحد الراسخ في الجبل وعنواناً لتعزيز الحياة المشتركة ومعاني الشراكة الوطنية في هذه المنطقة من الوطن».
وأضاف: «فخامة الرئيس اطمئن فالمصالحة فعلُ وعيي يمارس يومياً عن قناعة وخيار ثابت، ووجودكم اليوم في بيت الدين تأكيد على نهج هذه المصالحة».
ورد الرئيس عون بكلمة قال فيها: «إن لبنان يمر اليوم بظروف قاسية، حيث تراكمت عليه الأزمات، من الأزمة المالية العالمية إلى الحروب التي طوقتنا، إضافة إلى النزوح السوري الكبير، حيث بات عدد النازحين السوريين يوازي نصف سكان لبنان تقريباً، بالإضافة إلى إرث اقتصادي معين. لكننا اليوم منصبون على معالجة نتائج هذه الأحداث، ونأمل في التوصل قريباً لحلول تتيح لنا الصعود من الهوة». وأضاف: «رئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة وأنا مع نخبة من رجال المال والاقتصاد المعنيين مباشرة بالأمر، وضعنا ورقة مالية، اقتصادية واجتماعية، نتطلع قريباً إلى وضع خطط لتنفيذها، ونحن نود أن نقول لكم هذه الكلمة لكي نخرج من الأجواء الإعلامية التي كانت تبشرنا لأكثر من سنة بتخفيض سعر الليرة وانهيار الليرة والوطن، وما إلى ذلك».
وأكد الرئيس عون أن الجميع مدعوون لتضافر الجهود «وعلينا أن نتفق على إعمار لبنان، مهما اختلفنا في السياسة». |
|